الاغتيال بقرار رئاسي... المهنة الأساسية للعائلة الأسديّة

أعزائي القراء  

سأروي عن شخصيتين تم إغتيالهما في أوروبا من قبل أقذر نظام في العالم ظل محميا حتى الآن . 

العصابة التي اغتالت هي "عصابة الاسد" 

والشخصيتان اللتان تم اغتيالهما :

الأولى الشهيدة بنان الطنطاوي بنت الأستاذ العلامة الاديب المرحوم على الطنطاوي وزوجة الأستاذ عصام العطار.

والشخصية الثانية الأستاذ الشهيد صلاح البيطار وهو رائد من رواد العروبه.

إذن.. هذا النظام لم يترك تيارا إلا ونصب له مصيدة 

فالاسلاميون نال منهم (*)

والعروبيون نال منهم. 

حتى الشيوعيين نال منهم ورياض الترك واحد منهم حيث قضى 18 سنة في المعتقل .

فكل الشعب السوري متهم وملاحق عند عائلة المجرم الاسد.

إليكم أعزائي كلمة المرحوم الأستاذ على طنطاوي في كلمة يرثي فيها إبنته الشهيدة بنان الطنطاوي رحمها الله.

يقول الأديب الكبيرالأستاذ على الطنطاوي في قصة الغدر الكبيرة ببنته ( بنان الطنطاوي ) من رجال حافظ الأسد وهي في بيتها في ألمانيا، بعد أن طردها من سوريا هي وزوجها عصام العطار، قصة تُبكي الصخور المتحجرة قبل القلوب المرهفة.

 يقول: 

إن كل أب يحب أولاده، ولكن ما رأيت ، لا والله ما رأيت من يحب بناته مثل حبي بناتي... ما صدقت إلى الآن وقد مر على استشهادها أربع سنوات ونصف السنة( في حينه) ،، وأنا لا أصدق بعقلي الباطن أنها ماتت، إنني أغفل أحيانا فأظن إن رن جرس الهاتف، أنها ستعلمني على عادتها بأنها بخير لأطمئن عليها، تكلمني مستعجلة، ترصّف ألفاظها رصفاً، مستعجلة دائما كأنها تحس أن الردى لن يبطئ عنها، وأن هذا المجرم، هذا النذل .... هذا .......يا أسفي ، فاللغة العربية على سعتها تضيق باللفظ الذي يطلق على مثله، ذلك لأنها لغة قوم لا يفقدون الشرف حتى عند الإجرام، إن في اللغة العربية كلمات النذالة والخسة والدناءة، وأمثالها.

ولكن هذه كلها لا تصل في الهبوط إلى حيث نزل هذا الذي هدّد الجارة بالمسدس حتى طرقت عليها الباب لتطمئن فتفتح لها ، ثم اقتحم عليها على امرأة وحيدة في دارها فضربها ضرب الجبان والجبان إذا ضرب أوجع ، أطلق عليها خمس رصاصات تلقتها في صدرها وفي وجهها ، ما هربت حتى تقع في ظهرها كأن فيها بقية من أعراق أجدادها الذين كانوا يقولون : 

ولكن على أقدامنا نقطر الدما 

ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا 

ثم داس الـ .... لا أدري والله بم أصفه ، إن قلت المجرم، فمن المجرمين من فيه بقية من مروءة تمنعه من أن يدوس بقدميه النجستين على التي قتلها ظلما ليتوثق من موتها ،، 

ولكنه فعل ذلك كما أوصاه من بعث به لا غتيالها ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ 

دعس عليها برجليه ليتأكد من نجاح مهمته ، قطع الله يديه ورجليه ، 

لا ..

بل أدعه وأدع من بعث به لله ... لعذابه ... لانتقامه ... ولعذاب الآخرة أشد من كل عذاب يخطر على قلوب البشر ... 

لقد كلمتها قبل الحادث بساعة واحد ، قلت :أين عصام ؟ - يقصد عصام العطار زوجها – قالت : خبَّروه بأن المجرمين يريدون اغتياله وأبعدوه عن البيت ، قلت وكيف تبقين وحدكِ ؟قالت : بابا لا تشغل بالك بي أنا بخير ، ثق والله يا بابا أنني بخير ، إن الباب لا يفتح إلا إن فتحته أنا ، ولا أفتح إلا إن عرفت من الطارق وسمعت صوته ، إن هنا تجهيزات كهربائية تضمن لي السلامة ، والمسلِّم هو الله . 

ما خطر على بالها أن هذا الوحش ، هذا الشيطان سيهدد جارتها بمسدسه حتى تكلمها هي ، فتطمئن ، فتفتح لها الباب . 

ومرّت الساعة ... فقرع جرس الهاتف ... وسمِعْتُ من يقول : كَلِّمْ وزارة الخارجية ... قلت نعم. 

فكلمني رجل أحسست أنه يتلعثم ويتردد ، كأنه كُلِّف بما تعجز عن الإدلاء به بلغاء الرجال ، بأن يخبرني ... كيف يخبرني ؟؟؟ ثم قال : ما عندك أحد أكلمه ؟ وكان عندي أخي . فكلّمه ، وسمع ما يقول ورأيته قد ارتاع مما سمع ، وحار ماذا يقول لي ، وأحسست أن المكالمة من ألمانيا ، فسألته : هل أصاب عصاماً شيء ؟؟ قال : لا ، ولكن .... قلت : ولكن ماذا ؟؟ قال : بنان ، قلت : مالها ؟؟ قال ، وبسط يديه بسط اليائس الذي لم يبق في يده شيء .... 

وفهمت وأحسستُ كأن سكيناً قد غرس في قلبي ، ولكني تجلدتُ وقلت هادئاً هدوءاً ظاهرياً ، والنار تضطرم في صدري : حدِّثْني بالتفصيل بكل ما سمعت. فحدثني ... وثِقوا أني مهما أوتيت من طلاقة اللسان ، ومن نفاذ البيان ، لن أصف لكم ماذا فعل بي هذا الذي سمعت .... 

كنت أحسبني جَلْداً صبوراً ، أَثْبُت للأحداث أو أواجه المصائب ، فرأيت أني لست في شيء من الجلادة ولا من الصبر ولا من الثبات....

رحم الله الشهيدة وعوضها جنات الفردوس وانتقم من قاتليها أن الله لايهمل كل قاتل مجرم ولكنه يهمله ليوم معلوم هو آت لاريب فيه.

(*) 

   اغتيلت السيدة بنان الطنطاوي بتعليمات صادرة من حافظ الأسد شخصيا ومعه أخوه رفعت الأسد .

وحيث أن رفعت الأسد كان صديقا للعقيد عدنان حمداني فوضعه في منصب مدير المخابرات الخارجية بعد أن كان مسؤول المخابرات العسكرية في حلب.

عدنان حمداني من معرة مصرين وكان معي في نفس الفصل في ثانوية المأمون . كان يتصف بالغباء وكان كثيرا مايستعمل يده ورجله في المزاح الثقيل والسمج .فاختيار رفعت الأسد له كان في محله.

إلا أن وحشيته قادته لاغتيال سيدة لأنه لم يجد زوجها حاضرا. 

هذا هو النظام وهذه كفاءاته.

أعزائي القراء 

نكمل اليوم الحلقه باغتيال رائد عروبي ابن دمشق ومن عائلة على قدر من العلم والاحترام هو الشهيد صلاح البيطار  

ففي صبيحة الإثنين 21 حزيران 1980 اغتيل صلاح الدين البيطار، في باريس، على باب صحيفته «الإحياء العربي»، التي لم يغفر لها حافظ الأسد جراتها في انتقاده وكونها تنكر عليه عروبته ، وأنّها تفضح الطابع الفئويّ والإجراميّ لنظامه. مثلما لم يغفر للبيطار، بما يمثله من ثقل رمزيّ، حيث أنّه بالإضافة إلى كونه مؤسس تاريخي لتيار عروبي ، تميّز بأنّه ابن عائلة دمشقية برجوازية سنيّة عريقة، وكان على رأس حكومات متتالية بين العامين 1963 و1966، أي قبل أن يأخذ «البعث» وبشكل نهائيّ الطابع الفئويّ الشموليّ الذي لا رجعة فيه. 

إذاً، ففي صبيحة 21 حزيران 1980، يقتل حافظ الأسد ثاني مؤسّسي الحزب صلاح الدين البيطار، في باريس، بعد سنوات من فشل الجهود التي بذلها الأسد لإقناع البيطار بتأمين تغطية رمزية عقائدية لنظامه، بما يمثّله البيطار سواء على صعيد التاريخ الحزبي، أو على صعيد الانتماء المناطقيّ والمذهبيّ، أو على صعيد التاريخ الوطنيّ السوريّ من قوة شعبية لايستهان بها.

ولد صلاح البيطار عام 1912 في حي الميدان بالعاصمة السوريّة، حفيد الشيخ العلامة سليم البيطار . وقد شارك عفلق عام 1939 في تأسيس منظمة «الإحياء العربي»، التي ستتخذ لاحقاً اسم «البعث العربي» إلا أنّ حافظ الأسد وعائلته اعادوا كتابة الحزب بشكل ينحّي فيه كلّ هذه الأسماء ذات الثقل في الحزب ، لصالح «فرض» مؤسّس من نوع آخر، هو زكي الأرسوزي العلويّ من لواء الإسكندرون. 

ومع ذلك تولّى البيطار رئاسة الوزراء أربع مرّات بعد أنّ نفّذت اللجنة العسكرية الطائفية مرادها بالاستيلاء الانقلابيّ على السلطة، إلى أن كان انقلاب 23 شباط 1966 على أمين الحافظ، وهو الانقلاب الذي أرسى بوضوح «الحكم الأقلويّ»، فتمكّن البيطار من الفرار إلى لبنان، وصدر حكم غيابي بإعدامه عام 1969.

وفي السبعينات، حاول حافظ الأسد استغلال التناقضات بين البيطار وعفلق، فاستدعى على هذا الأساس صلاح البيطار إلى خمس ساعات من المحادثات، يوم 25 أيار 1978، يسجّلها البيطار في مقالة له بعنوان «سورية مريضة مريضة وتعيش محنة ومأساة».

ويصل البيطار في سرده للمحادثات إلى لحظة التطرّق إلى الوضع الداخلي في سوريا، فيقول «حدثته عن أعباء سوريا القومية، وأن هذه الأعباء لا تستطيع سوريا أن تتحملها إلا إذا جرى داخلياً خلق مناخ ديموقراطي وانفتاح سياسي على الشعب»، فأجاب الأسد: «لسنا كإنكلترا ولا كالكونغو، والديموقراطية تحتاج الى مستوى ثقافي معيّن».

قلت هذا صحيح، ولكن كيف نبلغ هذا المستوى الثقافي إذا لم تكن هناك حرية فكر وإبداء رأي وحريّة صحافة ومعارضة ديموقراطية.

قال الأسد: هل تقرأ الصحف هنا؟ إنها تنتقد وتكتب بحرية لا تتمتع بها الصحف اللبنانية، صحيح أن هناك بعض القصور ولكن يمكن تفاديه. 

أجبت: قليلاً ما أقرأها، ولكن الموضوع الذي أطرحه هنا، يتعلق بمبادئ وباتجاه، فأنا انطلق من أن جانباً واحداً لا يملك الحقيقة حتى يفرضها على الجميع، وهناك حقيقة في سوريا وهي أن فيها تيارات فكرية وسياسية واجتماعية لا يجوز إغفالها. فالرأي الواحد، والحزب الواحد، وحكم الفرد، لا يمثل الواقع في شيء. بل هناك تيارات في هذا الواقع تريد أن تبرز لحيز الوجود عبر تنظيمات سياسية مستقلة وصحافة حرة، ومعارضة ديموقراطية لها شرعيتها».

وحاول البيطار الاستدلال على موقفه بما عرفته سوريا من فترة حريّات برلمانية وصحافية وجيزة في الخمسينات.

فردّ عليه الأسد «إن سوريا بالعكس، كانت منقسمة، وفي حالة صراع مع الدول العربية والأجنبية، واليوم لأول مرة قضينا على هذه الصراعات وحققنا الوحدة الوطنية». ومضى الأسد ليزعم أن ما هو قائم في سوريا في ظل حكمه هو الديموقراطية، «فهناك الحزب الذي يعد 550 ألف عضو، كل عضو منهم يقضي سنتين كنصير، وهناك الى جانبه المنظمات الشعبية والجبهة الوطنية ومجالس المحافظات».

يقول البيطار: «لقد أحسست بعقم الاسترسال في طرح النقطة الأساسية التي أردت أن تكون محور البحث في هذا اللقاء، أي محاولة النظام إجراء انفتاح شعبي صادر عن قناعة تامة بخطورة الظروف، وضرورة خلق مناخ ديموقراطي كمرحلة انتقالية يجري خلالها التحول بصورة سلمية من الحكم البوليسي العسكري الى حكم شعبي ديموقراطي». كما يخلص الى أنه «منذ ذلك الوقت قدّرت أن سوريا سائرة الى أزمة نظام، لن تحل إلا بالعنف ما دام النظام لم يرد حل الخلاف بينه وبين الشعب بصورة سلمية». 

كانت كلمات البيطار هذه استشراقية للغاية، لما سيحدث لاحقاً في شباط 1982، في مجازر حماه الرهيبة، ثم مع الجرائم ضدّ الإنسانية التي تنفّذها كتائب النظام ضدّ الشعب الثائر منذ 15 آذار 2011 وإلى اليوم بوتيرة لا تلين، بل تتصاعد، سواء من جهة الخروج على الطغاة، أو من جهة الدم الذي يسفكه الطغاة.

وقد دفع البيطار حياته ثمنا لمواقفه من حكم ديكتاتوري طائفي يقوده الأسد إلى المجهول .

حيث بدا اغتيال البيطار حلقة من سلسلة طويلة من الاغتيالات الأسدية، سيورثها الطاغية الأب لأبنائه لاحقاً.

فقبل البيطار، جرى اغتيال محمد عمران، أحد أفراد اللجنة العسكرية الانقلابية، التي كانت تضم حافظ الأسد وصلاح جديد، وكان وزيراً للدفاع عام 1963. وعلى الرغم من طائفيته الفصيحة، ودعوته إلى «تحالف فاطميّ» بين الأقليات في الجيش بوجه الأكثرية، إلا أنه كان معارضاً للتنكيل بأبناء حماه بالشكل الذي جرى عام 1964، وقد أبعد الى إسبانيا، ثم لم يغفر لأمين الحافظ استدعاءه منها، وأطيح بكل منهما في 23 شباط 1966، ليتم اعتقاله، ثم يفرج عنه ويقيم في طرابلس، إلى أن تمتد إليه أصابع المخابرات الأسدية في 14 آذار 1972، حيث هو في طرابلس فتغتاله . وبعد البيطار، جرى اغتيال بنان الطنطاوي، ابنة الشيخ علي الطنطاوي وزوجة الأستاذ عصام العطار الذي كان مراقباً عاماً لجماعة الإخوان، وجرى ذلك في مدينة آخن في ألمانيا. وقد تكلمت عن ذلك في حلقة الامس.

الاغتيال السياسيّ شكّل عموداً أساسيّاً من أعمدة استمرار النظام البعثي الطائفي بصيغته الأسديّة. 

لم يردعه في ذلك حاجز «جغرافي»، فمورس الاغتيال ضدّ معارضين سوريين سواء في لبنان أو في فرنسا أو في ألمانيا أو غيرها. كما لم يردعه في ذلك حاجز «ديبلوماسيّ»، حيث أنّ باريس عبّرت صراحة عن اتهامها للنظام السوريّ بحادثة اغتيال سفيرها لدى لبنان لوي ديلامار في 4 أيلول 1981. 

كل هذه المسيرة الدموية من الاغتيالات عرفها اللبنانيّون أكثر من سواهم طبعاً، سواء باغتيال الأستاذ كمال جنبلاط، أو الرئيس بشير الجميل، أو المفتي حسن خالد، أو الرئيس رفيق الحريري، وعشرات الأسماء الأخرى من المفكرين والمثقفين والصحافيين والمناضلين.

هذه المسيرة الاغتيالية تستند إلى «فلسفة أسدية» كاملة، قوامها أنّ الاغتيال هو الحل الأبسط لأي «عقدة»، وأنّه رسالة رادعة، وأنّ لا عواقب حقيقية له، وأنّ الذاكرة تبقى في هذا المجال قصيرة، بحيث يمكن لأي تبدّل في التوازنات والمصالح أن يجعل أهل الضحية في مقلب آخر، وأن يجعل قضيّتهم محفوظة، أو مبتلعة، في الأرشيف الطائفيّ الأسديّ. لكن الأمر الأساسيّ في لعبة الاغتيال الأسديّة، وهو ما يغفله كثيرون في تحليلاتهم، لكن تؤكّده شهادات كثيرة، هو أنّ قرار الاغتيال في النظام السوريّ هو «قرار سياديّ» بمعنى أنّ الرئيس هو الذي يصدره، بشكل مباشر، ولا لبس فيه، وليس فقط بشكل «إيعازي» أو «إيحائيّ». ليس هناك من قرار اغتيال يمكن أن يمرّر في سوريا إلا بقرار مباشر من الرئاسة. أكثر من ذلك، يمكن تعريف «رئيس الجمهورية» في النظام البعثيّ الأسديّ على أنّه صاحب القرار بالاغتيالات. 

طبعاً، لم يعترف هذا النظام بأي من «الاغتيالات» في أي يوم، مع أنّ الأب والابن كانا يعترفان في أي مقابلة إعلامية بحصول «أخطاء»، لكنها بقيت أخطاء مبهمة، وأخطاء يشيرون دائماً إلى مكان غامض لها، لا نعرف في أي جهاز، ولا تحت أي أرض. في المقابل، كانت بعض هذه الاغتيالات تسمّى «انتحارات»، وحتى لو بخمس رصاصات من الخلف. 

هذا هو النظام الاسدي صاحب التاريخ القذر في الاغتيالات.

وسوم: العدد 706