الهدف الروسي وقف الربيع العربي وليس الإرهاب

لم نكن بحاجة إلى أدلة وبراهين وتسريبات ورجم بالغيب لإثبات أن الهدف الروسي الإجرامي من التدخل في الشام لا علاقة له بالقضاء على داعش ولا على ما وصفوه ظلماً وزوراً بالإرهاب بديلاً عن الثورة، تماماً كما لم نكن بحاجة إلى سنوات وعقود حتى تظهر وثائق الخارجية الروسية والأميركية لتتحدث عن برقياتها وتخبرنا أن هدف الاحتلال الروسي والإيراني للشام لا علاقة له بالأهداف المعلنة، لمن نكن بحاجة لهذا كله فقد كفانا وزير دفاع الاحتلال الروسي سيرغي شويغو مؤونة ذلك كله حين كشف  أن التدخل الروسي في سورية حقق هدفاً جيوسياسياً بوقف الثورات الملونة كما أسماها، وأوقف الربيع العربي، ومنع حصول ثورات جديدة...

ما كشفه المسؤول الروسي ليس جديداً على من يعرفون كذب وخطل ودجل السياسة الروسية، وليس بجديد على من تابع القصف الروسي الذي استهدف منذ اليوم الأول الثوار وليس تنظيم الدولة، وقد ثبتّت هذا تحقيقات لوكالات عالمية رويترز تبين لها أن أكثر من سبعين بالمائة من القصف الروسي كان لا علاقة له بتنظيم الدولة ولا بالمنظمات التي صنفتها روسيا إرهابية، ولذا كان توجه الاحتلال الروسي منذ اليوم الأول كما هو الحال مع الاحتلال الإيراني إلى حلب وحواضر الثورة الشامية الحقيقية فهي المهدد الحقيقي للعصابة الطائفية وللنظام العالمي المجرم بحق شعوب المنطقة، ما دام الروس وعلى لسان وزير خارجيتهم سيرغي لافروف أعلنوها منذ اليوم الأول أن لا مكان لحكم السنة للشام..

الإرهاب في العرف الروسي هو نفسه الإرهاب في عرف الأنظمة الديكتاتورية والمستبدة، الممثل بحق الشعوب في التحرر من الظلم والاستبداد، ولذا ليس غريباً أن نرى روسيا موالية لكل ما له علاقة بالاستبداد، وما له علاقة بالثورات المضادة من حفتر إلى ذيول الأنظمة الاستبدادية ورؤوسها في الشام ومصر وليبيا واليمن والعراق، فالمستبدون كالمجرمين بعضهم أولياء بعض، وسقوط أحدهم سقوط للآخر، ولذا فإن المسعى الروسي تركز على  وقف تسونامي الثورات العربية الذي تخشاه روسيا وتخشاه معها إيران المهددة هي الأخرى بربيع إيراني على غرار الربيع العربي...

لقد امتد التزوير والتزييف الروسي إلى غزو الإعلام الجديد في الفيس بوك والتويتر عبر نشر الإشاعات والأكاذيب التي تؤثر على السياسة الغربية كما حصل في السويد وكذلك على العمليات الانتخابية وهو ما حذرت منه تقارير إعلامية غربية بصحف مثل النيويورك تايمز والاندبندنت، وهو الأمر الذي لن يجني منه  الغرب إلا حنظلاً بعد أن تهاون وتساهل في كذبه وخطله بالشام وثورتها..

منذ الثورة الشامية والعصابة الطائفية في الشام تسعى إلى الترويج لإرهابية الثورة وتركز على اختزالها بكونها مجموعات إرهابية، ما دام هذا المنتوج هو الوحيد الرائج في سوق الإجرام العالمي، لحرف المسار والبوصلة عن طموحات وآمال الشعب السوري في التشوق للحرية والعدالة، وكسر السجن السوري الكبير الذي فرضته العائلة الأسدية على السوريين لعقود، ونسيت أو تناست معه اعتراف كبار قادة العصابة في مقابلات صحافية مسجلة من أن بداية الثورة كانت سلمية وأنها استمرت لستة أشهر كذلك ، وأنهم كانوا يبحثون عن مسلحين بل على رصاصة واحدة  لتحميلها صفة الإرهاب كما قال نائب الرئيس السوري يومها فاروق الشرع، وقد عرفت العصابة الطائفية الفجوة السوقية حين روجت لإرهاب الثورة الشامية فاصطف الجميع من غرب وشرق في طوابير خلفها ليقصفوا الثوار بحجة الإرهاب والتطرف والتشدد.

وسوم: العدد 709