حي الوعر أخيرا وليس آخرا .. التهجير القسري جريمة حرب ينفذها ويشرف عليها المجتمع الدولي

يمثل مشهد عشرات الآلاف من مواطني حي الوعر في حمص ، يقتلعون من أرضهم وديارهم ؛ جريمة حرب مستعلنة موثقة بنص القانون الدولي ومفهومه.

تتم الجريمة في حي الوعر في حمص ، كما تمت من قبل في وادي بردى وفي غوطة دمشق وفي حلب وغيرها وغيرها من المدن السورية ،  على الهواء مباشرة ، وتحت سمع المجتمع الدولي وبصره ، وبحضرة ، بل وبإشراف وحضور الدولتين الأعظم في العالم ، المسئوليتين عن حماية الأمن والسلم الدوليين .  فإذا كان الروس قد شاركوا في الجريمة عضويا ، وهددوا سكان حي الوعر مباشرة : اخرجوا وإلا كان مصيركم مصير حلب وسكانها ، فإن القوات الأمريكية ، والدبابات الأمريكية ، تتبختر وتخطر على بعد أقل من مئتي ميل من موقع جريمة الحرب التي يرتكبها ويسكت عنها أولئك الذين زعموا أنهم ما جاؤوا إلا لحرب الإرهاب. وهل الإرهاب إلا شكل من أشكال جريمة الحرب التي وصّفها وسماها القانون الدولي ، وجرّم مرتكبيها والمشاركين فيها ؟!

هل ما يتم في حمص اليوم هو تهجير قسري وجريمة أو خروج من وطن طلبا للنزهة والسياحة ؟! وهل ما تم في مدن الغوطة وفي وادي بردى وفي حلب وأخواتها هو خروج سياحي إرادي أو تهجير قسري يقول عنه القانون الدولي إنه جريمة حرب ، وجريمة ضد الإنسانية ، وبمعنى ثالث عمل إرهابي مدان مرتكبه ومدان المشترك فيه ؟!  

 التهجير القسري في القانون الدولي: 

وصّف القانون الدولي التهجير القسري بأنه "ممارسة تنفذها حكومات أو قوى شبه عسكرية أو مجموعات متعصبة تجاه مجموعات عرقية أو دينية أو مذهبية بهدف إخلاء أراضٍ معينة وإحلال مجاميع سكانية أخرى بدلا عنها. أليس هذا ما حدث في بلدات غوطة دمشق وفي حلب وفي حمص وقراها وأحيائها من قبل ؟! 

و تندرج جريمة التهجير القسري كما ينص القانون الدولي  ضمن جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.

 ويعرّف القانون الدولي الإنساني التهجير القسري  بأنه "الإخلاء القسري وغير القانوني لمجموعة من الأفراد والسكان من الأرض التي يقيمون عليها" وهو ممارسة مرتبطة بالتطهير وإجراء تقوم به الحكومات أو المجموعات المتعصبة تجاه مجموعة عرقية أو دينية معينة وأحيانا ضد مجموعات عديدة بهدف إخلاء أراضٍ معينة لنخبة بديلة أو فئة معينة، وتعتبر المواد (6)، (7)، (8) من نظام روما الأساسي، التهجير القسري جريمة حرب.

وتعرّف اتفاقيات جنيف الأربع المؤرخة في 12 أغسطس/آب 1949 والبروتوكولان الملحقان بها لعام 1977 جرائم الحرب بأنها الانتهاكات الجسيمة للقواعد الموضوعة إذا تعلق الأمر بالتهجير القسري، فالمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 حظرت النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص أو نفيهم من مناطق سكناهم إلى أراضٍ أخرى، إلا في حال أن يكون هذا في صالحهم بهدف تجنيبهم مخاطر النزاعات المسلحة.

كما أن المادة (٧-١- د) من نظام روما الإنساني للمحكمة الجنائية الدولية، تجرم عمليات الترحيل أو النقل القسري، حيث تنص على أن "إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان، متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين، يشكل جريمة ضد الإنسانية". وبموجب المواد 6 و7 و8 من نظام روما الأساسي، فإن "الإبعاد أو النقل غير المشروعين" يشكلان جريمة حرب، وتعتبر المادة المتعلقة بحظر نقل السكان من مناطقهم جزءً من القانون الدولي الإنساني العرفي.

يبدو أننا حين نقتبس هذا النصوص من مصادرها في مدونات القانون الدولي ، الذي يظل ( منفذوالجريمة في سورية ورعاتها ) يرددونها ، ويلهجون بها ، إنما نقتبس لغوا ، أو نقول في حضرة ضحايا جريمة الحرب الدولية من السوريين هجرا ..

في ظل التواطؤ الدولي من قبل جميع القوى الدولية والإقليمية ، ليس على السوريين فقط بل على القانون الدولي ، والحضارة الإنسانية ؛ لا نملك إلا أن نحذر الذين يزرعون الشوك ، أنهم لن يجنوا غيره ..

وأن نشد على أيدي أهلنا من أبناء حي الوعر : إن مع العسر يسر ، ثم إن مع العسر يسرا ..

وأن نقول أخيرا لمن رشحوا أنفسهم لمواقع القيادة في صفوف المعارضة والثورة :  لقد أسفر الصبح لذي عينين ، وإن سياسات التأميل والاسترسال والتسويف قد سقطت وانكشفت وكشفت فاحذروا أن يكتتبكم التاريخ في شركاء الجريمة ...

  وإن المشهد ،الجريمة بكل أبعادها ، يقتضي رجالا ، يضعون أعينهم في أعين أطفال حي الوعر المهجرين إلى المجهول ، كما هُجر من قبلهم ، ثم الاستعانة بالله ، والعزيمة على الرشد ..

إلى حي الوعر وأهله تحية وتحية وتحية  ..

وإلى عودة قريبة بإذن الله ...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 712