تركيا : بين عنق الزجاجة ، وأنياب الذئاب !

(هذا السيناريو العدواني الرهيب: مادرجة احتماله !؟ وكيف تحسَب درجات احتماله واستبعاده.. على ضوء النسق الدولي الراهن : نسق الغابة !؟) .

مادامت تركيا في عنق الزجاجة ، ستظلّ الذئاب المسعورة ، تلهث ، حولها، ساعية إلى تمزيقها!    وستظلّ تركيا–حسب النسق الدولي القائم- في عنق الزجاجة، حتى تحقق أمرين ، فيما نحسب:

 السلاح النووي الرادع !

 الحليف الإسلامي القوي النووي .. باكستان ، مثلاً !

وإلاّ فهي معرضة ، لأن يطْبق عليها الجيران! الأمريكان: من سورية وأوروبّا.. والروس: من روسيا وسوريا.. والفرس: من إيران والعراق وسورية.. وإسرائيل: من جوارها.. وأوروبّا: من حولها!

 مطبّقين مبدأ الحرب الاستباقية : إذا لم ندمّرها ، اليوم ، فستدمّرنا ، غداً ! أيْ: المثل الشعبي الدارج ( نتغدّاها ، قبل أن تتعشّانا) !

 ( أمّا خونة الداخل ، فلا تحتاج إليهم ، عملية الهجوم المفاجئ الصاعق ، إلاّ في تقديم البديل السياسي ، لحزب العدالة والتنمية .. لاستلام مقاليد السلطة ، كيلا تدخل البلاد ، في خالة فراغ دستوري !) .

 هل تغيب هذه الهواجس ، عن القادة الأتراك !؟ لانظنّ !

هل لديهم أولوية ، أهمّ من تلافي هذا الخطر!؟ لانعلم !

 ونحسبهم قادرين، على حساب الكلفة ، عليهم وعلى الآخرين، وكيف يحسبها الآخرون!؟

 كلفة : تدميرهم ، اليوم ، على : أمريكا ، وروسيا ، وأوروبّا ، وإيران ، وإسرائيل.. مقارنة بكلفة تأخير تدميرهم ، حتى تتعملق تركيا ، وتستعصي على التدمير! (إلاّ إذا كان متبادلاً ، بينها وبين أعدائها، أيْ : الردع المتبادل ، على غرار تبادل الردع الأمريكي الروسي !) .

 وكلفة : تدميرهم ، غداً ، عليهم .. مقارنة بكلفة إسراعهم ، اليوم ، بامتلاك القوّة الرادعة، والحليف القويّ النوويّ ، الموثوق به !

 وكلفة : أن يدمّروا ، هم ، ما يستطيعون تدميره ، من أعدائهم .. مقارنة ، بكلفة تدمير مايدمَّر من قوّتهم !

وكلفة : تحييد أصدقائهم الصغار، بالتهديد القويّ ؛ كيلا يؤازروا تركيا ، في الحرب ! أيْ : إبقاء تركيا وحيدة ، في ساحة الصراع ، ضدّ القوى المذكورة.. وتأثير ذلك ، في حساب قوّتها الذاتية !

وتبقى أسئلة ، لابدّ من الإجابة عليها :

أيٌّ مِن هؤلاء الأعداء المذكورين ، تطمئنّ له تركيا ، وتأمن عدم مشاركته ، في الانقضاض عليها ، وهي تعلم ، أنهم ، جميعاً ، ينظرون إليها ، نظرة عداء وحقد ، وتوجّس إزاء طموحاتها العظيمة ، وكونِها الدولة السنية الوحيدة ، المؤهّلة لقيادة العالم الإسلامي ، وجمع شتاته المبعثر، وتشكيل قوّة ، تعيد، إلى أذهانهم ، ذكريات الفتوح الإسلامية الماضية ! وهذا ، كله ، ممّا لايخفيه الكثيرون ، من الغربيين ! والعصاباتُ الإجرامية ، المحسوبة على الإسلام ، شكّلت لدى الغرب، عقدة (الإسلاموفوبيا!)، فكيف تفعل بهم تركيا، الصاعدة نحو القمّة، وهم النازلون إلى الهاوية!؟

 هل تعتقد القيادة التركية ، أن ثمّة روادع ، لدى الأعداء المذكورين ، تردعهم عن الانقضاض المفاجئ ، عليها، وشلّ قدراتها الدفاعية ، قبل التمكّن من استخدامها، كما شُلّت قدرات صدّام، قبل احتلال العراق !؟

 نعلم أن قادة تركيا، أفذاذ، في الحساب السياسي! لكنا نعلم، أيضاً، أن ثمّة هوامش، بين : التوقّع ، والتمنّي ، والاستطاعة ! وهذه الهوامش ، لايستطيع تقديرها، بشيء من الدقّة ، سوى صاحب القرار! وبعض أصحاب القرار، يملؤها بالتوهّم، وبعضهم يملؤها بالتوكّل، وبعضهم لايقدر، على ملئها بشيء ؛ فيظلّ خائفاً ، متوجّساً، متوتّرا !

ذرائع العدوان كثيرة، وابتكارها سهل، وسدّ أبوابها شبه مستحيل، في وجه من ينوى العدوان ، ويصرّ عليه ، إذا رأى خسائره ، أقلّ من مكاسبه _ وقد رأينا كيف ابتُكرت، ولُفّقت ، ذرائع العدوان ، على العراق ، لاحتلاله وتدميره ! – ولا بدّ ، من تحدّيه، بطريقة تقنع أصحابه ، بأن خسائرهم ، ستكون باهظة جدّاً ! وتأجيجُ مشاعر الشعب، جزء أصيل ، من عملية التحدّي ؛ لكنه غير كاف ! فهل ثمّة أساليب معيّنة، تساعد على إقناع العدوّ، بألاّ مصلحة له ، في العدوان!؟

 لكلّ دولة نفوذ ، في الدول الأخرى ، عبر علاقاتها ، مع قوى بشرية ، داخل تلك الدول .. فهل تعوّل تركيا ، جدّياً ، على أبنائها ، المجنّسين بجنسيات أوروبية وأمريكية ، في أن يوظّفوا طاقاتهم ، ضدّ  العدوان ، لو حصل !؟

وهل تعوّل تركيا ، على الشعوب الإسلامية ، ونخبها الواعية .. في تقديم عون ما ، إزاء العدوان عليها!؟

 وفي الختام ..

لنقرأ – بعمق- هذا الكلام التحريضي ، لأعداء تركيا ، جميعاً ، صبيحة اليوم التالي للاستفتاء:

 دعَت صحيفة "آفتاب يزد" الإصلاحية ، إلى مواجهة تركيا ، والردّ عليها ، وعلى سياساتها ، إقليمياً ودولياً ، بعد تأييد التعديلات الدستورية ، قائلة : "إن الأمن والاستقرار الاستراتيجي ، في : تركيا ، وجنوب شرق أوروبّا ، وجبهة الشرق المتوسط ، ومنظمة حلف الشمال الأطلسي ، والسلام والأمن الإقليميين..أصبحت، الآن ، لعبة ، بيد أردوغان والحكومة التركية! ولهذا السبب ، لا يمكن أن يكون الجميع ، غير مبالين ، أمام نوايا وأهداف أنقرة، والتسامح ، في مثل هذه الحالة ، سوف يكون خطيراً جداُ، وغير معقول!"