أيّها أجدى للمعارضة الكردية السورية : الشعارات الكردية ، أم الشعارات الوطنية !؟

 *) الإخوة الكرد السوريون ، فصيل وطني ، بامتياز ، مستوفٍ لسائر معاني الوطنية ومقوّماتها .. يعانون من حكم آل أسد ، مايعانيه سائر أبناء الوطن ! وقد تواترت الأخبار أن المجرمين ، من سدنة النظام ، قتلوا بعض شبابهم ، الذين يؤدّون خدمة العلم .. ممّا لم يفعله نظام حكم في العالم !

 *) لم يكن أيّ مواطن سوري ، يعرف الفرق ، بين كردي وغير كردي ، من أبناء سورية .. أو حتّى يفكّر في هذا الفرق ، أو يخطر في باله !

 *) لو عرِضَت على أيّ مواطن سوري عادي ، اليوم ، لائحة المسؤولين الكبار، الذين حكموا سورية ، من رؤساء جمهورية ، ورؤساء وزارة ، ووزراء ، وقادة جيش ، ورؤساء أركان للجيش ، ونواب ، ورؤساء لمجلس النواب .. لَما عَرف أياً من الأسماء ، الواردة في هذه اللائحة ، من أصل كردي ، وأيّها من أصل عربي !

 *) حين حكمت سورية قيادة بعثية ، شوفينية متطرّفة ، حاقدة على الأمّة بأسرها..باشرت بتفكيك الأمّة ، بدءاً بتفكيك الشعب السوري ، إلى أعراق وإثـنيّات .. بين كردي وعربي وتركماني .. وغير ذلك ، من مكوّنات الشعب السوري ! فباشرت باضطهاد الكرد ، أولاً ، لأنهم أكبر عرق غير عربي ، من أبناء الشعب السوري . ووقع الظلم والاضطهاد ، أكثر ما وقع ، على أكراد الجزيرة ، الذين حرِم كثير منهم ، من الوثائق التي تثبت جنسيتهم ، كما حرِم كثير منهم من أراضيهم !

 *) حين حكَم أل أسد ، سورية ، زادوا في الطنبور نغماً.. فباشروا بمعاملة أبناء سورية ، على أساس طائفي واضح ؛ فميّزوا بين من ينتمي إلى طائفتهم ، ومن ينتمي إلى أيّة طائفة أخرى ، في المعاملة ، على كل صعيد ، بما في ذلك : القبول في الكليات العسكرية ، والوظائف العامّة ، والبعثات الدراسية ، والترقيات ، وسائر حقوق المواطنة الأخرى ! وإن كان الكثيرون ، من أبناء الطائفة نفسها ، قد ظلّوا كسائر المواطنين ، مهمّشين .. لأسباب عدّة ، من أهمّها : عدم الولاء لآل أسد ..!

 *) شعب سورية ، بأسره ، عانى من التفرقة ، والتمييز بين أبنائه ! وقد نال بعضَ الشرائح السياسية والاجتماعية ، منه ، من الأذى ، ما لم ينل أيّة شريحة أخرى ! فالإخوان المسلمون ، الذين ينتمون إلى الأغلبية الساحقة ، من شعب سورية ، بسائر مكوناته العرقية ، بما فيها الكرد والتركمان والشركس ، وغيرهم .. نالهم من الاضطهاد ، على أيدي الأسرة الأسدية ، مالم ينل أيّ شعب من حكامه ، على مدار العصور! وحسبهم قانون الإعدام ، الذي يحكم على كل فرد منهم ، بالإعدام ، لمجرّد انتمائه إلى جماعة الإخوان المسلمين ، مهما كانت قوميته ، عربياً كان ، أم كردياً ، أم غيرذلك ! وانسحب هذا القانون ، على أبناء المنتمين إلى الإخوان ، أو المشتبه بانتمائهم إلى الإخوان .. حتّى لو كان هؤلاء الأبناء ، لايعرفون الإخوان ، ولاصلة لهم بالسياسة ، أصلاً ، من قريب أو بعيد ! 

 *) الشعب السوري ، يناضل ، منذ سنوات عدّة ، بسائر فصائله ومكوّناته ، العرقية والمذهبية والطائفية.. لتحرير سورية ، من الاستبداد الأسدي المقيت ، والتسلط البشع، المنصبّ على رؤوس أبنائه ، من قِبل آل أسد ، وزبانيتهم وأزلامهم ! ويرفع شعارات وطنية جامعة ، لإعادة اللحمة بين أبنائه ، بعد أن عبث بها آل أسد ، على أساس طائفي ، واستمرّوا في العبث على الأساس العرقي ، الذي بدأه أسلافهم ، من رفاق نضالهم !

 *) الكرد السوريون المعارضون ، يشكّلون ـ بأكثريّتهم ـ معارضة حقيقية ، وطنية مخلصة ! بَيد أن بعضهم ، يرفعون شعارات خاصّة ، تبعدهم عن طبيعة الانتماء ، إلى شعب سورية الأصيل العريق .. لأنها تستند إلى أحلام عرقية ، غريبة على الشعب السوري وثقافته ! وهي الوجه الآخر لعرقية البعث ، التي فكّكت المجتمع .. لكنها نقيض للوجه البعثي ، الذي يزعم الانتماء إلى العرب والعروبة ، ويرفع شعارات وهمية ، تتضمّن توحيد الأمّة العربية كلها .. بينما هو يفكّك الدولة التي يحكمها ! فالإخوة الكرد يريدون ، بردة فعلهم القويّة ، على شوفينية البعث .. يريدون تفكيك المجتمع السوري ، من منطلق شوفيني كردي !

 *) المطالب الكردية المعتدلة ، المنادية بالإنصاف ، والمعاملة العادلة ، بين أبناء الوطن ، جميعاً ، بما فيها مراعاة المكوّنات العرقية ، بين أبناء الوطن ، وما فيها من عادات وتقاليد ولغة ، ومدارس وصحافة .. وغير ذلك ، مما يتضمّن حقوقاً مشروعة ، لكل مكوّن وطني .. هذه المطالب ، هي مطالب شعب سورية ، كلّه !

 *) والسؤال الهامّ ، والحسّاس ، هو: أيّهما أجدى وأنفع ، للمعارضة الكردية : تبنّي مطالب وشعارات وطنية ، تتضمّن حقوق المواطنين ، جميعاً ، بما فيها الحقوق المشروعة للأقليات ، والتي ذكرت آنفاً ، وتحظى بموافقة أبناء الشعب السوري ، كلّه، ودعمه وتأييده ومناصرته .. أم تبنّي شعارات ومطالب ، مغايرة لشعارات الشعب السوري ، ومطالبه وتوجّهاته ؛ بل مناقضة لأهمّ مطلب من مطالبه ، وهو المساواة في الحقوق والواجبات ، بين أبناء الوطن الواحد.. ليترسّخ ، على أساس مطالبهم هذه، تفكيك المجتمع ، الذي بدأه الرفاق البعثيون ، قبل نصف قرن ، واضطهَدوا الإخوة الكرد على أساسه .. وهو ما يكافح شعب سورية ، اليوم ، كله ، للتخلص من ويلاته ! فيكون الإخوة الكرد ، قد وضَعوا أنفسهم ، في الدائرة ذاتها ، دائرة الزمرة الحاكمة .. وقدّموا لها ، دعماً هائلاً ، وخطيراً ، يرسّخ مذهبَها في تفكيك المجتمع ، ويعطيها حجّة ، أمام الناس ، بأنها على حقّ ، في العسف والاضطهاد .. ويَدفع إلى دائرتها ، بصورة تلقائية ، ومجّانية .. أنصاراً ، من أبناء الشعب السوري ، الحريصين على وحدة المجتمع والوطن والدولة .. ويضعف ، بالتالي ، المعارضة الوطنية ، بسائر فصائلها ، في مواجهة الاستبداد الأسدي الشرس ، ويطيل عمر هذا الاستبداد ، إلى أمد لا يعلمه إلاّ الله .. فيَحرم أبناء الوطن ، جميعاً ، بسائر مكوّناتهم ، من نعمة الحرّية ، ومن نعمة المطالبة بالحقوق المشروعة ، في مناخ ديموقراطي حر!؟

هذا السؤال ، مطروح على الإخوة السوريين الكرد .. ليجيبوا عليه أنفسَهم ، بهدوء ورويّة ، وتفكير سياسي منهجي ، مخلص عميق .. قبل أن يجيبوا غيرهم عليه !

 ولله درّ القائل :

 ومَن لا يقـدّمْ رجـلَه مطمئنّـةً فـيثْـبِتَها في مستوى الأرض .. يَزلقِ

وسوم: العدد 744