بوتين ... سُحقا ..وبُعدا، هذه سورية وليست روسية

بعد جولة أستانة السابعة ، ومن مؤتمر ( الشعوب السورية ) الذي لم ينعقد ، وربما لن ينعقد ، عاد بوتين إلى توجيه الدعوة ، على عجل ، إلى مؤتمر ( الحوار السوري ) ، لينعقد خلال 18 الجاري، في سوتشي الروسية ، وتحت إشراف روسي ، ليطبخ دستورا للسوريين ، يبصم عليه فرقاء سماهم بوتين الروسي سوريين ..

لم ينس بوتين الروسي أن يرفق ببطاقة التسمية والدعوة التهديد التالي : الذي لا يحضر من المدعويين سيعاقب بالتهميش والإقصاء ، والإخراج من الحياة السياسية ، وربما بنزع الجنسية ( الروسية ) عنهم لأن الأمر على ما يبدو قد اختلط على بوتين بين ( روسي وسوري ) .

الضامنون الآخرون في المعادلة السورية ، ولكل منهم مصلحة وهدف ، أصبحوا كما يقول المثل العامي ، مثل الذي ينفق من جيب غيره ، فليفعل بوتين بسورية وبإنسانها وشعبها هويتها وحاضرها ومستقبلها ما يشاء ، كيف يشاء ، بالطريقة التي لا يشاء ؛ مقابل ألا يتساقط بعض الغبار على حذاء أحدهم ..

( مازن ) العربي مات منذ قرون بعيدة ، واستباح بوتين في بلاد العرب ، ولاسيما في سورية ، كل شيء ، ولم تعد تسمع من الساسة العرب ، إلا حديثا ملحونا عن واقعية الانبطاح والاستخذاء والاستجداء . فالعرب المشغولون بهمومهم وصناعة أمجادهم الخنفشارية ، لم يعد يهمهم بحق ما يجري بباب دار أحدهم . وإذ كل واحد منهم مستعصم جديد يقول ( ما يظن أن هولاكو يبخل عليه بحكم بغداد ) .

( السوريون السوريون ) أبلموا ، فلا هم من عالم الفعل ، ولا هم من عالم القول في شيء ، فأي رأس سينتهض ليقول لبوتين : لا ، سيكتب عليه الحرمان من بركات بوتين ( المطموعة ) ، وربما صدر عليه حكم بقص الشعر أو ما تحت الشعر أيضا ..

إن الذي أطمع بوتين ، وزيّن له أنه المنتصر الواحد الأوحد في هذا العالم هو تواطؤ أعداء الإنسان في كل مكان على وجود السوريين ، وعلى حريتهم وعلى كرامتهم ..

إن تسعة قرارات فيتو اتخذها بوتين في مجلس الأمن ، لا تعفي بقية أعضاء المجلس من مسئولياتهم الإنسانية والقانونية الدولية ، فإن ادعوا ذلك فهم عند الله والناس الكاذبون ..

إن الذين كانوا بالأمس مسترخين على كراسي آستانة بجمعهم ، بينما شريكهم الأسدي يرتكب مجزرته المروعة في ( جسرين ) بحق أطفال أبرياء هم شركاء حقيقيون في الجريمة الروسية الأسدية مهما راوغوا وداوروا ..

إن مما حفظه الناس من معين الحكمة ، إن لم تكن قادرا على دفع الشر، فلا تكن غطاء له ، ولا شريكا فيه .

إن كل العقلاء يعلمون أن ما قبل أستانة منذ سقوط حلب وما رافقه ، وما بعد أستانة حتى اليوم ، والانخراط في مشروع ضمانة روسية كاذبة ، كان هو تاج النصر المزيف ، الذي توج به مجموعةٌ من الأغمار رأس بوتين القميء .

ولقد أعطى القابلون لضمانة بوتين الفرصة لهذا المحتل القاتل ليمضي بعيدا في مشروعه على الأرض السورية ، مكللا بأكاليل نصر مزيف ، مضمخا بريح نتنة سوداء ، يسمونها زورا ريح خفض التصعيد وإعادة الإعمار والبناء .

وها هو بوتين بعد أن مضى في مخططه الحاقد اللئيم ، الذي أخذ على عاتقه منذ أول يوم ، وعلى لسان وزير خارجيته لافروف : أن لا يحكم سورية أحد من أبنائها ، وحسب عبارته الطائفية التي نعف عنها (المسلمون السنة ) ؛ ها هو بوتين يمد يدا خبيثة مجذومة شلاء ، ليحدد من هو (سوري) ومن هو غير (سوري) في توجيه دعوة مشؤومة مردودة على أصحابها ، وليتدخل في الوقت نفسه إلى في فرض دستور زائف شائه على السوريين ، يحقق لبوتين ولكل عملائه في سورية المصالح التي يبتغون ..

ومن هنا ، أصبح من الحق الذي يجب على كل سوري حر شريف الجهر به :

ـ نعتبر بوتين وحكومته وجنوده قوة احتلال وعدوان في سورية ، ندين سلفا التعامل معها على أي صعيد ، سوى صعيد واحد : متى سيغادرون سورية ، وكيف سيدفعون ثمن جرائمهم فيها ..

ـ وعكس ما هددت الدعوة الروسية : يرسم كل الذين يستجيبون لهذه الدعوة ، في سوتشي وفي غير سوتشي ، علاماتِ الاستفهام على هويتهم ، وعلى مستقبلهم ، ويضعون أنفسهم في خانة الإعراض والازدراء الوطني .

ـ لقد تعود شعبنا على أن يستقبل كل سلعة كتب عليها ( صناعة روسية ) بالريبة والاستخفاف ، وهذا سيكون مصير أي دستور تصنعه اليد الروسية في موسكو أو في سوتشي ، مهما تكن أصابع المؤمّنين عليه .

ـ لا للاحتلال الروسي ...لا للفيتوات الروسية التسع ..لا للجرائم الروسية على أرضنا ..لا للدور الروسي ..لا للمتعاونين مع الروس ومشروعهم للنفوذ والهيمنة ..ولا للمشروع الروسي  الطائفي الحاقد بأبعاده الدينية والمذهبية ..

ـ لا لسوتشي ولا للذاهبين إلى سوتشي ..ولا للدستور الذي سيكتبه الروس للسوريين في سوتشي.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 744