clip_image002_584f6.jpg

ناتالي الخوري غريب أديبة لبنانية تمتلك عناصر الوعي النظري والفلسفي بالكتابة، حيث لفتت الانتباه بباكورتها الروائية "حين تعشق العقول" لأنها جاءت باحثة عن الحقائق في محاولة منها للخروج عن المألوف بنكهة صوفية.

تخصصت غريب في أدب اللغة العربية وحصلت على درجة الدكتوراه فيها، كما أنها ساهمت في العديد من النشاطات الثقافية والعلمية. صدرت لها العديد من الكتب والأبحاث في شتى المجالات. حول تجربتها في عالم الكتابة الروائية والقصصية والأكاديمية كان لنا معها هذا الحوار:

تكتبين في العديد من المجالات الأدبية كونك أكاديمية باحثة، فأين تجدين نفسك ولماذا؟

لكلّ نوع كتابي نكهته الخاصّة، فالكتابة البحثيّة عمل لا بدّ منه للأكاديمي من أجل تطوير عدّته النقديّة، والاطلاع على المناهج، والبحث عن الجديد لشعراء لم تتم الإضاءة عليهم، أو مقاربة أدباء بطريقة مغايرة، وهنا لذّة الكتابة البحثية في إظهار جديد لم تتمّ مقاربته من قبل نقّاد أو باحثين سابقين. كذلك تكمن متعة العمل البحثي في أنّك تجدّد أسلوبك بحيث تتأثّر بمن تدرسهم في إطار التراكمات التي تخلق جديدا، ليس تلك التي تجعلك مقلّدًا أعمى.

لكن في الكتابة الأدبية، أنت أكثر حريّة، لا تقيّدك المناهج، أنت حرّ في اختيار القالب، أكان مقالة أو قصّة أو رواية. ولكلّ من هذه الأنواع متعة خاصّة في الكتابة. لا أخفي انحيازي إلى كتابة الرواية أو القصّة، لأنّها تجعلني أحلّق في فضاءات التعدّدية، عند اختيار شخصيات متناقضة، تجعلني أجد مبرّرات لتصرّفات كلّ منها، وأغوص على أعماقها. في الرواية، القلم يسيّرك، وليس العكس، أنت تتعاطف مع أبطالك، تناضل معهم، تحزن حزنهم، تكون هم جميعًا، ويكونوا أنت. 

تثير البطلة "صوفي" اهتمام المتلقي كونها تبحث عن الحقيقة والحب وسط الغربة بالرغم من تناقضات الحياة وقسوتها، فمن أين تستوحي ناتالي الخوري غريب كل هذا الشجن لرسم ملامح شخصيتها؟

الشجن هو ما نراه كثيفا حولنا، في مآسي الناس ومآزمهم، وهذا ما ينعكس في عيونهم ونظراتهم، المظالم الكثيرة حولنا لا تحتاج إلى حسّ مرهف كبير لتشعر بالآخرين، يكفي أن تضع نفسك مكانهم، فينتقل إلى داخلك كلّ الحزن الساكن في عيونهم. أبطالي هم شخصيات من المجتمع الذي أعيش فيه.

clip_image003_c7262.jpg

هل يمكن أن نقول أن "حين تعشق العقول" رواية ذات بعد صوفي كرواية "قواعد العشق الأربعون" للمبدعة التركية إليف شافاق؟

لا شكّ في أنّ قراءاتي في التصوّف، جعلتني أرى إلى التصوّف على أنّه يشكّل درب الخلاص بطريقة ما، من ناحية الانفتاح على الجوهر الإنساني بابا للإيمان بالعدالة الإلهيّة وإيمانا بالجوهر الواحد الذي ينطلق منه مهب وحدة الأديان إذا كانت إليف شافاق اعتمدت على سيرة حياة مولانا جلال الدين الرومي وشمس تبريز لإظهار الحقيقة الصوفية، فإني آثرت أن يكون تصويري للحقيقة الصوفية من باب الواقع الإنسان المعاش عند الناس العاديين في ارتقائهم إلى هذا الفكر.

clip_image004_2c269.jpg

من الروايات التي أثارت جدلا روايتك الموسومة "هجرة الآلهة والمدائن المجنونة" لأنها جاءت مرآة عاكسة لتشريح أزمات الواقع العربي، فما خلفية القصة يا ترى؟

ربّما يكون العنوان هو أكثر ما أثار الجدل، فبعضهم يتوقّف عنده من دون الغوص على أعماق الرواية، العنوان بحدّ ذاته يحمل التباسًا في الدلالة، "من هجر من"؟ الناس هجروا الله أم هو الذي هجرهم؟ تحمل الرواية مأساة الإنسان العربي في ظلّ الحروب، انطلاقا من الحرب السورية تحديدا وصولا إلى معاناة الايزيديين، وصولا إلى افريقيا ومعاناة إيبولا. هي معاناة الإنسان في وقفته أمام الموت، ووصف مآزمه الإيمانية بين هجر الله أو التمسّك بإلإيمان به، من خلال وقفات مختلفة أمام الموت، لأعرض من خلال قصّة رجل دين فقد عائلته أمام عينيه في الحرب علاقته مع الله بين مدّ وجزر، وكيف تعاطى الماركسي والصوفي والعبثي والمؤمن مع هذه الفاجعة التي يعانيها جميعهم.

clip_image006_40620.jpg

كونك باحثة وقف اختيارك على أسماء أدبية مرموقة كميخائيل نعيمة وكمال جنبلاط في مشروع الدكتوراه. لماذا هذا الاختيار وما هدف الدراسة المقارنة؟

كان هدفي من الدراسة الإضاءة على شعر صوفي لم يدرس سابقًا، في محاولة لاستخراج منظومة صوفيّة متكاملة تحكم شعرهما، وفقا لمنهج البنوية التكوينيّة . نعيمة دُرس كثيرا في أدبياته، لكنّ شعره لم يدرس صوفيًّا، كذلك المعلّم كمال جنبلاط، دراستي هي الدراسة الأولى التي تناولت شعره كاملا، وقد حاولت وفاقا لمشاربهما المختلفة أقامة مقارنة بينهما.

clip_image008_0a9e0.jpg

ما الذي يغريك في الكتابة القصصية عموما؟ ولماذا اكتفيت بنشر مجموعة واحدة تحت عنوان "العابرون"؟ وماذا عن مضمون هذه الأخيرة باختصار؟

لم أبتعد في مجموعتي القصصيّة عن المنحى العام لروايتي السابقتين. بقيت شجون الإنسان في ظلّ الحروب مهيمنة، كما في أقصوصة "قوارب الموت" التي يخبّر عنوانها عن مضمونها،" وجبل الأماني" التي تتناول موضوع الاتجار بالأعضاء، و"كتاب الأسرار" التي تتناول الموروث الديني، كذلك "عودة الابنة الضالّة". أمّا "الغريبان"، فلها فضاء مختلف نسبيًّا لرومنسيتها وتوقها الى إلغاء الحواجز بين البشر التي افتعلوها، ولغتها الشعريّة. المختلف في هذه المجموعة القصصية، أنّها تجمع بين الأسلوب الواقعي والرمزي، يقترب من الأسطورة أحيانا لينقل الواقع إلى فضاءات عالم المثل. لست مكتفية بمجموعة واحدة، وآمل أن تطلّ أخوات هذه المجموعة قريبًا.

كيف تنظر ناتالي الخوري إلى حركة النقد في لبنان والوطن العربي اليوم؟

لست من المتشائمات في هذا الموضوع، أرى أنّ مستوى الحركة النقديّة يصوّر مستوى الحركة الأدبية، على صعيد الصفحات الثقافية ومنابر الندوات والإصدارات الجديدة، كذلك على صعيد الدراسات الأكاديمية والأعمال البحثية. كلّ يختار منهجه وفق اقتناعاته هذا حقّه. ونموّ حركة النشر في الأعمال النقديّة يعبّر عن عافية النقد في لبنان والعالم العربي.

أنت رئيسة حركة إصدار ونقاش، ومن مؤسسيها، وهي حركة نقدية. ما الهدف من هذه الحركة النقدية؟

في ظلّ المنتديات الشعرية الكثيرة في لبنان، كذلك المنتديات الثقافية، فكّرت بحركة نقدية لا تشبه أخواتها، بدأنا بإنشائها مع طلابنا وبعض الزملاء الجامعيين والإعلاميين، من حيث ضرورة حضور ثلاثة أجيال متخصّصين على المنبر الواحد لمناقشة الأعمال الأدبيّة،  ولقاء الأدباء. نعمل الآن على تمتين حضور الطلاب، أي الجيل الجديد من خلال لقاء الأدباء وعرض أبحاث ودراسات حول أعمالهم، ومن ثمّ نشرها في الصفحات الثقافيّة، ليتمّ الانطلاق لاحقا إلى الهدف الأساسي من حركتنا وفق مشروع نقدي يجمع بين الأكاديميّة وترغيب القرّاء غير المتخصّصين بالنقد.

هل أنصفك النقد؟

لا يمكن لأيّ عمل أدبي أن يكتمل أو ينصف من دون عمل نقدي يواكبه، وإعلام يظهره. وقد كنت محظوظة أن تناول الكثير من الأقلام الناقدة أعمالي الأدبيّة، بكلّ موضوعيّة إظهارًا لما فيها من مكامن فنية وتجديديّة. أحييهم جميعًا.

ماذا عن علاقة الناشر والمبدع  حاليا باختصار في رأيك؟

يجب أن تكون علاقة احترام متبادل وثقة متبادلة بين كلا الطرفين. فالنشر عمل رسولي، وإيمان بأهميّة الكتاب الذي ينشره بناء على قيمته وإفادته.

ما هو جديدك للقارئ العربي؟

أعمل الآن على رواية جديدة، تحمل خطًّا جديدًا مغايرًا لما كتبته سابقًا، تجمع بين التصوّف والأديان والحضارات، وتشبهني كثيرًا.

هل أضاف العالم الافتراضي شيئا جديدا إلى الأدب والثقافة في نظرك؟

لا يمكن لنا أن ننكر أنّ العالم الافتراضي جعل الأدباء العرب يقرأون نتاجات بعضهم ويتعرفون إلى بعضهم بعضًا، وهذا ما خلق توليفة جديدة ولو أنكر كثيرون ذلك. فالهواجس العربية واحدة، ما عادت الجغرافيا لتفصل بينهما، واللغة واحدة، والنبع الذي نستقي منه جميعًا واحد.

في الختام، ما هي رسالة المبدعة ناتالي الخوري غريب لجيل الرواية الجديد من الشباب؟

أتمنّى على من يكتبون الرواية، أن يكتبوا نصوصًا تشبههم، تعبّر عن هواجسهم، وتحمل رسالة تجعل الآخرين يؤمنون بالتعدديات،  ويقبلون على الحياة وجمالاتها بكلّ إنسانيّة وانفتاح وحسّ كوني، وألا يهملوا متطلّبات الروح وصوتها، وذلك بلغة عربيّة أنيقة وصحيحة.

clip_image001_ac340.jpg

الأستاذ عبد الله لالي بن محمّد أديب جزائري معروف ، تناول فنّ القصّة القصيرة منذ حداثة سنّه فأبدع فيه وأمتع، ثمّ أحكم الصّنعة في هذا اللّون من الأدب إلى أن صار أحد روّاد القصّة في الجزائر.

نشر إبداعاته القصصيّة في مختلف الصّحف الجزائريّة ، ثمّ تمكّن من نشر مجموعته القصصيّة الأولى "فواتح " سنة 2007 م ، أتبعها بمجموعة قصصيّة أخرى للأطفال سنة 2013 م ، تحت عنوان "أحلام العصافير " ، وبعد ذلك أصدر مجموعته القصصيّة الثالثة " بقايا " سنة 2014 م.

كان الأستاذ عبد الله لالي يزاوج بين لونين من الكتابة : الأوّل فنّ القصّة القصيرة ، والثاني نقد الأعمال الأدبيّة.

وقد قام بنشر عدد كبير من المقالات النّقديّة على صفحات الجرائد الوطنيّة وفي مواقع عديدة من شبكة الأنترنت.

ثمّ وفقه الله تعالى خلال المدّة الأخيرة لطبع أوّل عمل له في النّقد الأدبي أسماه ( متن وحاشية.. قراءة نقديّة في متون إبداعيّة  ).

وبمناسبة صدور كتابه هذا التقينا به في مدينة بسكرة وأجرينا معه الحوار الآتي:

عبد الحليم صيد:

متى بدأتَ تنشر المقالة النّقديّة ؟

عبد الله لالي : ترجع بداية اهتمامي بالنّقد الأدبي إلى مطلع تسعينيّات القرن الماضي ، وقد نشرت قراءات نقديّة مختلفة في بعض الصّحف الوطنيّة ربّما تكون بالتحديد في سنة 1992 م إذ عندي نصّ منشور في جريدة ( النّبأ ) عن فنّ المقامات بتاريخ 10 ماي 1992 م عقّبت فيه على أحد القرّاء ، وقد تكون هناك نصوص أخرى في بعض المطبوعات المحليّة، لكن أهمّ دراسة نشرتها في النقّد الأدبيّ طويلة إلى حدّ ما ؛ هي قراءتي في المجموعة المسرحيّة (العبور ) للأستاذ عماد الدّين خليل ( العراق ) ونشرت في جريدة ( الجزائر اليوم ) عام 1993 م في أربع حلقات .. 

عبد الحليم صيد:

كيف استطعت المزاوجة بين فنّ الإبداع القصصي وكتابة النّقد الأدبي ؟

عبد الله لالي :

هي الحالة الإبداعيّة التي تفرض ذلك ، أحيانا أكتب القصّة بشكل متّصل ولا أجد أية رغبة في كتابة غيرها ، ولكن تمرّ بي أوقات أقرأ نصوصا جميلة مثيرة أشعر برغبة عارمة أن أشارك القرّاء معي في تملّي جوانبها الجماليّة والفنيّة، فأترك القصّة إلى حين وأكتب النّقد الأدبي ، وأحيانا أكتب الاثنين معا في وقت واحد ، أكتب النّقد الأدبي ، وأخطّ ملامح قصّة جديدة اختمرت في الذّهن وألحّت أن تتربّع على العرش الأبيض ( الورق ) .. قبل أن تظهر مملكة الشابكة العالمية ، لتوصل كلماتنا إلى كلّ بقعة في الأرض ..

عبد الحليم صيد:

ما هي موازين النّقد الأدبي التي تعتمد عليها ؟

عبد الله لالي :

منذ بداياتي الأولى وأنا أهتمّ بالنّقد الأدبي فكنت أقرأ كتبه وأطلع على مدارسه المختلفة بشكل مفصّل ومعمّق ، وكانت تستهويني كثيرا المعارك الأدبيّة التي جاءت بها النهضة الأدبيّة في القرن العشرين لاسيما في مصر ، ومن خلالها اكتشفنا كثيرا من المناهج النّقديّة التي كانت في الغالب مناهج غربيّة ، نشأت في بيئة غير بيئتنا ، وكانت لها أسبابها التي ساهمت في ظهورها، ولم تكن تلك الأسباب نفسها متوفّرة في عالمنا العربي ولا في أدبنا العربي، لكنّ المثقّفين المتأثرين بالثقافة الغربيّة بشكل استلابي تشرّبوا هذه المناهج وتغلغت في كتابتاتهم حتّى ما يحيدون عنها قيد أنملة ، فكانوا في البداية يتخذون مناهج الرومانسيّة والوجوديّة والعبثيّة والكلاسيكية والجديد والقديم ، في دراساتهم وأبحاثهم ، فلما ظهرت الحداثة تبنّوها، ثمّ تبنوا ما بعد الحداثة ، وكذلك البنيويّة وما بعد البنيويّة ، والشكلانيّة ، ومدرسة الفنّ للفنّ ، وغير ذلك من مسميّات أفرزها الأدب الغربي ، في بعضها ما يفيد وينفع ، وأغلبها غثاء كغثاء السيل ، أو هو سراب إن جئته لم تجده شيئا ..

ولذلك تجدني اطّرحت كلّ تلك المناهج جانبا – إلا ما ندر – واتخذت لي طريقا وسطا ، ينهل من المدرسة العربيّة الإسلاميّة الأولى ، وهي مدرسة معتدلة في النّقد الأدبي ، بلا شطط ولا تفريط ، إذ تهتمّ بعنصري الإبداع الأساسيين وتوليهما العناية القصوى وهما البناء الفنيّ والبناء الموضوعي للنّص ، وتبدأ بالبناء الموضوعي ( المضمون ) أوّلا ، إذ أنّ أيّ نصّ مهما بلغ من الجمال والكمال الفنّي ، فإنّه لا يساوي شيئا بلا مضمون ، ثمّ يأتي بعده مباشرة البناء الفنّي ، وأساسه اللّغة والأسلوب والصّور الجمالية ، مع الاستفادة من بعض تقنيّات المدارس الغربيّة ، التقنيات النقديّة وحسب بغض النظر عن أفكارها التنظيريّة.. وهناك عنصر ثالث في عمليّة النّقد الإبداعي والذي حفلت به المدرسة النقدية العربيّة أيما احتفال ، وهو ( المبدع ) نفسه ، صاحب المتن الإبداعي فلا يمكن أن يكون خارج النّص الذي أنتجه كما تدّعي نظريّة موت المؤلّف التي جاء بها الفيلسوف الفرنسي ( رولان بارت 1915 م / 1985 م ) ، فالمتن الإبداعي متربط ارتباطا وثيقا بصاحبه ، وكثيرا ما تفسّر بعض النّصوص وتُفهم دلالاتها من خلال معرفة شخصيّة صاحب ( المتن ) ومعرفة السياق الذي كتبه فيه..وإلا كان عملُنا النّقدي مجرّد تخمين أو تخرّص لا طائل من ورائه غير التكهّنات والتّشدّق اللّفظي..

عبد الحليم صيد:

هل بإمكانك تحديد النّقّاد الذين تأثرت بهم ..؟

عبد الله لالي:

تأثرت بنقّاد كثيرين من أهمّهم في المدرسة العربيّة القديمة الجاحظ وابن قتيبة وابن الأثير، وفي الحديث تأثرت بالرّافعي والعقّاد ولكن تأثّري بالرّافعي كان أكثر ، خصوصا في كتابه ( تحت راية القرآن ) الذي يعتبر من أروع الكتب النّقدية التي قرأتها وكذلك كتابه على ( السّفود ) وبدرجة أقلّ تأثرت بالدّكتور زكي مبارك من خلال كتابه ( النثّر الفنّي في القرن الرّابع الهجري )، والدّكتور عماد الدّين خليل في تنظيراته الدّقيقة والواضحة للأدب الإسلامي المعاصر ، والدّكتور حسن بن فهد الهويمل من خلال كتابه ( الحداثة بين التعمير والتدمير ) والدّكتور حسن الأمرّاني في كتابه ( جماليّة الأدب الإسلامي ) وكذلك أعجبت كثيرا بشوقي ضيف وتأثرت أيضا بشيخ النّقاد الجزائريين بلا منازع الدّكتور عبد المالك مرتاض، ونقّاد غيرهم كثيرون..

عبد الحليم صيد:

كيف يكون أثر النّقد الأدبي في نفسيّة الكاتب المبدع ؟

عبد الله لالي:

المبدع يريد من خلال نصّه أن يوصل صوتَه وأفكاره إلى القرّاء ، بل إلى أكبر فئة منهم ، وقد يَسمع من يقول له منهم بين آن وآخر : أحسنتَ أو أجدتَ ..فلا يفرّق في ذلك بين المجامل والمعبّر عن شعور حقيقي نتج عن تأثره بالنّص، لذلك فهو دائما في انتظار النّاقد الذي يقول كلمة الفصل في نصّه ، فإمّا يكون الحكم لصالحه فيحفّزه ذلك على مزيد من الإبداع والتجويد ، أو يكون غير ذلك فيثبّطه ويوهن من عزيمته ، وقد يحدث أحيانا العكس ، فلربّما كانت الإشارة إلى مكامن الضّعف والوهن في النّص الإبداعي عامل تحدٍّ ومحاولة للتجديد والتجويد عند المبدع ، لكن أثر النّاقد في الغالب يكون إيجابيّا على المبدع ، لأنّ نصّه حاز اهتمام جهة مختصّة وتفرّغت لدراسته فترة من الزمن وبذلت في ذلك الجهد والوقت ..

ومن هنا يمكننا القول أنّ عمليّة النّقد هي مساهمة فعّالة في إحياء النّص الإبداعي والترويج له بين القرّاء ، أمّا غض الطّرف عنه وإهماله فهو حكم نقديّ قاسٍ ومسبق على المتن الإبداعي بتركه في مجاهيل النسيان..

عبد الحليم صيد :

 الملاحظ على غالب كتاباتك النقديّة الميل إلى إبراز الجانب الإيجابي للنّصّ الأدبي مع إغفال الجوانب السّلبيّة فيه، هل هو منهج جديد ترى ضرورة اتّباعه وتعميمه ؟

عبد الله لالي :

لا ، هو ليس منهجا جديدا ، بل هو اختيار ومنحى أنحوه أثناء التعرّض للنّصوص الأدبيّة بالقراءة، فالسّاحة الأدبيّة تعجّ بالغث والسّمين كما هو معلوم ، والأوقات لا تتسع لدراسة كلّ شيء ، ربّما إذا أطال الله في أعمارنا فعلنا ذلك، أقصد أن أعرض لبعض النّصوص التي جاءت بالغثّ وروج لها الإعلام وغشّ القرّاء بها، لكن الآن عندما أختار نصّا لقراءته ( نقديّا ) فالاختيار في حدّ ذاته أو عدم الاختيار هو حكم نقديّ أوّلي ، فأنا لا أختار إلا ما يعجبني من النّصوص ، فبمجرّد أن أضعها نصب عيني لأقراها فقد حكمت لصالحها مُسبقا ، وبالتّالي عندما أتعرّض لتفاصيل القراءة النّقديّة فأنا أنبش عن مشاهد الجمال والإدهاش والتفوّق في ذلك النّص..

هذا جانب ، وهناك جانب ثان وهو اختيار بعض الأسماء التي عانت من التّهميش وعدم العناية بها قصدا بسبب توجّهها الإبداعي الأصيل ، فأنا حين أعرض لهذه الأسماء أريد أن أبرزها وأظهر ما عندها من قوّة إبداع ، ولا يعنيني هنا مكامن الضّعف أو نقاط الوهن فليس المقام مقامها حينها ..

وقد أضطر – وأقول أضظر قصدا – للإشارة إلى بعض الخلل أو الوهن فيما أدرسه من نصوص بشكل فيه لطف ولين ، وبأسلوب اللّحن – كما قلت ذات مرّة – وأنا هنا أستنجد بقول الشاعر : مَنْطِقٌ صَائِبٌ وَتَلْحَنُ أَحْيَانًا* * وَخَيْرُ الْكَلامِ مَا كَانَ لَحْنًا ( على تفسير أنّ اللحن هنا هو التلميح )،

ليفهم اللّبيب وتبلغ إشارتي إلى الأديب دون تشهير أو فتّ في العضد، وتفويتا على ذوي الدَخَن والضّغينة أن تُشفى صدورهم ، وحرصا أن تُشفى صدور قوم محبّين ..

وربّما عرضت لمبدع – أعرفه – في بداياته وانطلاقته البكر ، فأنا آخذ بيده ، وأشجّعه على المضيّ قدما وأنا على يقين أنه سيجوّد ويبدع أفضل في المستقبل ، فالنّقد ليس مجرّد غربلة وتصفية وحسب ، بل هو مشاركة في عمليّة بناء الإبداع الأدبي الجميل أيضا ..

عبد الحليم صيد:

نركّز الآن على كتابك الجديد " متن وحاشية.. قراءة نقديّة في متون إبداعيّة "، لماذا اخترت هذا العنوان بالذّات " متن وحاشية " ؟ .

عبد الله لالي:

هذا العنوان استهواني بشدّة وأنا أبحث عمّا يدلّ على مضمون كتابي الجديد قبل إخراجه للنّاس ، وهو مقصود في حدّ ذاته ومقصود لما يدلّ عليه ، فمن جهة أريد إحياء الصيغ التراثيّة في كتابة العناوين ، إذ كانت التسمية بالمتون والحواشي شائعة جدا في عهد الازدهار العلمي والأدبي في الحضارة العربيّة الإسلاميّة ، ونحن نعتزّ بها ونفخر بالانتماء إليها ، ومن جهة أخرى فعلا أنّ النّصوص عبارة عن متون من الإبداع المختار ، وقراءتي فيها حاشية إضافيّة لها تحاول أن تكون نصّا إبداعيّا ثانيا يستهوي القارئ ويجتذبه ، فيشعر وهو يقرأه أنّه يقرأ نصين يجريان في مضمار واحد قد نسمّيه ( مضمار الفنّ والجمال)..

وفي هذه التسمية أيضا نوع من التحدّي لأدعياء الحداثة ، الذين يزعمون حمل راية التنوير الفكري والأدبي ، ويصاعرون خدودهم لتراثنا الأدبي الغني السّني ، بزعم التجديد والحداثة، ولكنّهم لا يتورّعون عن تسوّل المطلحات والتيمات والاقتبسات من الأدب اليوناني أو الإغريقي الوثني القديم ، قسمة ضيزى .. وميزان جائر ، وإنا وإيّاهم على هدى أو ضلال مبين ..

عبد الحليم صيد :

في كتابك المذكور سبع قراءات نقديّة لمتون إبداعيّة ، هل هذا العدد هو كلّ ما في جعبتك من القراءات ؟

عبد الله لالي:

في حقيقة الأمر هذه القراءات السّبع هو كلّ ما تمكّنت من طبعه في هذه النّسخة ، وفي الأصل هذا هو الكتاب النّقدي الرّابع لي بحسب ما كنت أخطّط له ، فقبله كتاب ( قراءات نقديّة ) وكتاب (على ضفاف الإبداع ) وكتاب ( المدرسة الكعبيّة ) ، ولكن سبق هذا الذي هو آخرها ترتيبا من حيث التأليف .. وتجري الرّياح بما تجود به الأقدار، لي في رصيدي عشرات القراءات النّقدية وأرجو أن يوفقنا الله إلى طبعها جميعا ..

عبد الحليم صيد:

أثناء مطالعتي لكتابك ( متن وحاشية ) لاحظت فيه سلاسة الأسلوب وعذوبة الألفاظ مع تماسك العبارات ، حتّى خيّل إليّ  أنّني أقرأ نصّا فنيّا وليس نقدا أدبيّا ، كيف تطوّر أسلوبك في النّقد إلى أن صار بهذا الشكل الجميل ؟

عبد الله لالي:

أشكرك الأستاذ عبد الحليم صيد على هذا الثناء اللّطيف ، الذي يزيدني ثقة فيما أكتبه ويحفّزني على مزيد من الإتقان والتجويد ، وقد كنت في ريب من أمري حتّى لاحظ هذا الأمر في أسلوبي كثير من القرّاء غير ما مرّة ، منهم من أعرفهم معرفة مباشرة ومنهم من لا أعرف ، وهذا جعلني أنا نفسي أحاول تأمّل أسلوبي بمنظار خارجي ، فوجدت ذلك التوفيق يرجع – بحمد الله تعالى – إلى عدّة أسباب ربمّا يكون أوّل أسسها ؛ افتتاني بأسلوب القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف ، الذي يقدّم أروع المعاني بألفاظ مباشرة سهلة يفهما كلّ من أوتيَ حظّا من العربيّة ، ثم تأثري بالتراث العربي الأصيل بدءا بمدرسة ابن المقفّع والجاحظ وابن قتيبة ثمّ الأغاني للأصفهاني ، ومدرسة الرّافعي أكثر من تأثرت به في العصر الحديث وتشرّبت أسلوبه إلى درجة تقليده في بعض الجمل أو الصور الفنيّة على سنة قولهم :

فَتَشَبّهوا إِن لَم تَكُونوا مِثلَهُم, * *  إِنَّ التَّشَبّه بِالكِرامِ فَلاحُ. 

وأمر آخر هو أنني أحاول أن لا يكون نقدي نصّا علميّا جافا ، لا يدرس إلا في مخابر القارءات العلميّة ، وإنّما أجعل منه نصّا متاحا لكلّ طبقات القراء كما يقول الدّكتور محمّد مصايف رحمه الله تعالى .

عبد الحليم صيد:

كيف ينظر الأستاذ عبد الله لالي إلى حركة النّقد الأدبي في الجزائر ؟

عبد الله لالي:

حركة النقد الأدبي بدأت تعرف شيئا من الحراك المحتشم في السنوات الأخيرة ، لكنّها لا تزال دون مواكبة الحدث الأدبي ، ومسايرة الإبداع الفنّي ، ذلك لقلّة النّقاد المتفرّغين لهذا الشأن فجلّ النّقاد المعروفين يجمعون بين النّقد والإبداع ، وفي كثير من الأحيان العمل الأكاديمي الرسمي الذي يستنزف القوّة والجهد ، ويذهب بصفوة الوقت ، لكن من الضروري أن يظهر نقد تفاعلي سريع يشبه النّقد الإعلامي الصّحفي الذي يقدّم المادّة الأدبيّة للقارئ ويقرّبها منه ثمّ يأتي لاحقا النقد المعمّق ..

عبد الحليم صيد :

هل يمكن عدّ الدّكتور الجليل عبد الملك مرتاض أكبر ناقد جزائري في الوقت الحالي ؟

عبد الله لالي:

هو شيخ النّقاد في الجزائر حاليا بلا شك ، وله تاريخ في النّقد عريق ، ورغم ظهور نقاد كثيرين في السّاحة الأدبيّة مثل السّعيد بوطاجين ومخلوف عامر والدّكتور حسين مونسي والأستاذ الأمين بحري ، وغيرهم ، إلا أنّ الدّكتور عبد الملك مرتاض مايزال يفرض سلطانه ( النقدي ) وحضوره الأدبي بكل اقتدار ، ولا أدلّ على ذلك من اختياره في لجنة التحكيم في شاعر المليون بالإمارات وناقد حصّة شاعر الجزائر التي نظمتها قناة الشروق ، وأبدى فيها من القدرة والسلطان النّقدي ما خلب الألباب ..

عبد الحليم صيد :

بعيدا عن مجال النّقد والقصّة ، هل كتب الأستاذ عبد الله لالي سيرته الذّاتية ومذكراته الشخصيّة ؟

عبد الله لالي:

لقد حاولت مرارا أن أكتبها كاملة لما فيها من متعة استرجاع الذّكريات أوّلا ، ولذّة النظر إلى الوراء بعد مضي سنيّ العمر ، ولما قد يصلح أن يكون فيها من عبرة ودرس للأجيال ، لكن في كلّ مرّة أكتب فيها شيئا تأتي الشواغل الإبداعيّة الأخرى وتحول دون إتمامها ، لكن كتبت فيها – بحمد الله نتفا متفرّقة من هنا وهناك ، شيئا من الطفولة ومشاهد من مرحلة الشباب ، وبعض اليوميات التي أكتبها أحيانا في وقتها ، حتى لا أنسى تفاصيلها ، وقد يمنحنا الله سبحانه وتعالى فرصة من العمر كي نكتبها كاملة .. 

عبد الحليم صيد :

لقد تابعت باهتمام وتابع معي قرّاؤك سلسلة مقالاتك الأدبيّة المتدفّقة المعنونة بـ " من أحلى الأيّام "  ما هو عدد حلقات هذه السّلسلة ؟ وهل تنوي طبعها في كتاب ؟

عبد الله لالي:

هذه السّلسلة كتبت فيها 104 حلقات ، وقد ضمّنتها شيئا من ذكرياتي ومذكراتي الثقافيّة ، وأيّامي الجميلة التي قضيتها في البحث عن الكتاب أو في قراءته وكانت بحقّ من أحلى الأيّام ، كنت جمعتها في كتاب يربو على الثلاثمائة صفحة ، وإذا يسّر الرّحمن سيتم طبعها ..

عبد الحليم صيد:

أنا أرى أنّ من أمتع سلسلتك المذكورة ما جعلته تحت عنوان ( كرّاستي القديمة ) هل تستطيع إخبارنا في عُجالة عن هذه الكرّاسة القديمة ؟

عبدالله لالي:

أنا أشاركك الانطباع نفسه هي من أجمل الذّكريات عندي ، إنّها لحظة تذكّر.. لحظة شاعريّة امتزجت فيها العاطفة بالتحصيل العلمي العميق ، راودتني عندما كنت أفتّش في مكتبتي ذات يوم ، وظهرت فجأة تلك الكرّاسة وظهر ما فيها من معلومات قيّمة سجّلتها بخطّ يدي ، ثمّ تبيّن لي فيما بعد أنّها عدّة ( كرّاسات ) ، وكان من عادتي قديما أثناء المطالعة أن أدوّن أهمّ المعلومات التي أقرأها في الكتاب الذي أكون بصدد قراءته ، فإذا وجدت عبارة جميلة أو بيتا شعريّا أو مقولة لعالم أو حكيم أو فكرة سديدة سجّلتها وربّما علّقت عليها أحيانا ، فأخذت كلّ مرّة أقلّب صفحات هذه الكرّاسات وأتملّى ما دوّن فيها من معلومات علميّة وثقافيّة، وأكتب ما يخطر لي حولها من أفكار وما يمدّني به الماضي من ذكرياته الذهبيّة وأسجّلها في سلسلة ( من أحلى الأيّام ).

عبد الحليم صيد:

الحديث معك أستاذ عبد الله لالي ماتع نافع لكنّه قارب النّهاية ، هل من كلمة أخيرة تختم بها هذا الحوار ؟

عبد الله لالي :

أشكرك على هذا الحوار الجميل أخي الأستاذ عبد الحليم صيد ، وأحيّيك على أسئلتك الدّقيقة ، وأتمنى أن يكون نافعا ومفيدا للقرّاء .

إخواني..

قابلت اليوم بالصدفة وفي محل إعتدت شراء قهوتي الصباحية من عنده قابلت صديق اًمريكي هو بروفوسور بالفيزياء ذو ذاكرة قوية.

سلم علي وجلسنا على طاولة نرشف القهوة .

ذكرني بموضوع نسيته تماماً كنا تكلمنا عنه في آخر مرة تقابلنا معا.

قال لي بجدية : مستر نجار إلى أي مدى وصل مشروع الهيئة السورية للفضاء الذي كلمتني عنه منذ عام؟

تذكرت الموضوع فأحببت ان اجاريه فأجبته:

توم..

المشروع انتهى بشكل ناجح جداً والعلماء يدربون الآن رجال الفضاء لإرسال مجموعة منهم للقمر قريبا 

قال : عظيم نشاط جيد.. هل بالامكان ان يذهب صحفي لسوريا ليغطي هذا الموضوع الهام ؟ 

قلت له: بالتأكيد بإمكانك إرسال اي صحفي وسيستقبل هناك باحترام شديد.

قال وما زال جاداً : عظيم ، إذا توجه الى هناك فمن يقابل.؟

قلت له: توم .. العنوان سهل جداً اي سوري تسأل عن العنوان فسيدلك عليه فوراً..

 العنوان ياسيدي هو المخابرات العسكرية .

 فور وصولك لهناك سيرافقك مخلوق في وجهه شنب كبير متسخ وعلى رأسه خوذة معدنية وفي يده رشاش عيار 500 سيدخلك الى داخل مبنى محاط بأكياس رمل تسمع من داخل المبنى اصوات مخنوقة تستشف منها مداعبة من نوع خاص تجري في احد اقبية المبنى والتي هي غرفة الكونترول وفيها علماء الفضاء والتي يتم الاتصال فيها مع القمر .

يجلسك صاحب الشنب المتسخ على مقعد بانتظار مخلوق اخر على كتفه كمشة نجوم .

يجلس قبالتك على المقعد اشخاص يرتجفون، بعضهم ينتظر ان يحصل على ترخيص لفتح دكان حلاقه.. وآخر سيحصل لحماره على ترخيص ليبيع عليه شوية بصل.. وغيرهم..وغيرهم وصاحب كمشة النجوم يفاوضهم للعمل معهم كمخبرين قبل تزويدهم بالرخصة.

عزيزي توم.. هذا المخلوق العسكري صاحب الشنبات القذرة هو زميلك البروفسور ابو علي الذي سيزودك بمشروع الهيئة السورية للفضاء ويقدمك الى اشباح مفتولي الزنود بيدهم كرباج هم رجال الفضاء الذين سيرسلون الى القمر لإجراء ابحاثهم .

هنا تغير كل شيئ في وجه توم بعد ان كان جادا .. رفع حاجبيه بدهشة وتوقف عن شرب القهوة ..

قال لي.. ماذا....ماذا..ماذا!! ...هل تمزح.؟

قلت وهل مع النظام الاسد يوجد مزح.!!

قال: اذن علي ان اهرب منهم قبل ان يجندوني مخبر لديهم.

ضحكنا بألم.. وانهينا قهوتنا وودع كل صديقه..

مع تحياتي...

clip_image002_42fe2.jpg

أميمة عز الدين واحدة من الكاتبات المتألقات في سماء الأدب المصري اليوم، فهي حاصلة على ماجستير إدارة الأعمال عن جامعة قناة السويس. سردها القصصي والروائي يمس قضايا جوهرية ومصيرية والذي يتسم عموما بالاختلاف والتجريب من خلال منجزها الأدبي المتعدد الأجناس، وقد صدر لها مؤخرا مجموعة قصصية تحت عنوان "يحلم بالموت" (2016) عن دار ألف ليلة وليلة، حيث تدور أجواءها حول العشق والموت.

هنا تفتح لنا صاحبة رواية "الكاتبة" (2013)، " وقصص "طرقات المحبة" (2011)  وكتاب الأطفال "أنفي كبير" (2011) بابها مشرعا للحوار كما يلي:

بعيدا عن الساحة الأدبية والثقافية: من هي أميمة عز الدين؟

أم وإنسانة مصرية مازالت تحلم.

أنت قاصة وروائية وكاتبة لأدب الطفل، في أي هذه التعابير الأدبية تجدين نفسك أكثر؟

لا تستطيع الفصل بين ما تريده في مسألة الكتابة وتقسيم وتصنيف ما تكتب، الكاتب يكتب ما يشعر به وأيضا ما يحفزه للكتابة، لا يخضع للتقسيم والتصنيف وقتها، غير أن القصة القصيرة مازالت أقرب لقلبي رغم أن بدايتي روائية من خلال روايتي (الحرير المخملي) عن دار الحضارة بالقاهرة 2007 ولقد طبعتها دار الكفاح بالسعودية الطبعة الثانية سنة 2015

ما هي أهم القضايا المهمة في قصص أميمة عز الدين عموما؟

الإنسان بكل تناقضاته وأحلامه، حتى العبث الذي يغلف حياتنا ويظهر لنا في صورة حروب ونزاعات يصبح شاغلا ومحركا للخيال.

هناك من يقول أنه لم يعد للقصة صدى لدى القارئ وهو يميل للروايات أكثر، فما تعليقك؟

زمن الرواية، تلك المقولة التي أصبحت قالبا يستدل به على رواج الكتابة الروائية، مازالت القصة القصيرة تشغل حيزا كريما لدى القارىء لكن دور النشر هى التى تروج لما تظنه أكثر انتشارا.

صدر لك حديثا مجموعة قصصية تحت عنوان "يحلم بالموت"، حدثينا عن هذه التجربة المختلفة في سطور؟

قصص تتحدث عن الموت والحياة، كما قلت سابقا لا أحد ينجو من الموت، ولا الحياة أيضا، نعيش حياة مقدرة بعمر وفى خلال هذا العمر نحلم ونحزن ونبكي ونفرح قليلا أيضا.

clip_image004_ec83f.jpg

ما هي قصدية عنوان هذه القصص يا ترى؟

العنوان لم يكن قصديا، فلقد اتفقت عليه مع الناشر وهو بالمناسبة كاتب روائي (عبد النبي فرج) في البداية كان الاختيار على عنوان آخر لكن بعد القراءة مرة بعد مرة والمناقشات وجدنا أن (يحلم بالموت) يعبر عن الحالة العامة للمجموعة وهي تيمة الفقد والعجز.

clip_image008_1dd28.jpg

حدثينا عن تجربتك الروائية المختلفة في عملك الأدبي "الكاتبة" و"نصف ساعة بالممر"؟

رواية (الكاتبة) تجربة مختلفة تماما عن (نصف ساعة بالممر)، فالشخوص والحالة الروائية مختلفة، فالأولى تتحدث عن كاتبة تعيش أواخر عمرها وحيدة تجتر ذكريات حياتها ومراحل تطورها ككاتبة، أما نصف ساعة بالممر فهي ترصد فتاة تتميز بجمال طاغ مع سذاجة غير عادية تورطها في مشاكل كبيرة.

clip_image010_30572.png

روايتك الموسومة "الحرير المخملي" تحتفي بتعدد الأمكنة، فماذا عن شخوصها باختصار؟

تتحدث عن موت الجد الذي يسيطر على البيت الكبير، الراوية عائشة فتاة صغيرة لكنها ذكية بما يكفي لملاحظة ما يدور حولها وتدوينه بل نقضه أيضا رغم تعرضها لتجربة زواج مريرة غير متكافئة.

لك العديد من الكتابات في أدب الطفل، فهل أنت راضية عن هذه التجربة؟ وكيف ترى أميمة عز الدين مستقبل الطفل العربي؟

الكتابة للطفل شغف مختلف بالكتابة لكائنات صغيرة أكثر ذكاء منا وحياة، متمردة وطاغية في كل شيء. أحببت الكتابة للطفل كثيرا وهذا النوع يتطور بصورة مذهلة ورائعة فالوطن العربي يزخر بالعديد من كتاب وكاتبات أدب الطفل.

شاركت في العديد من المسابقات الأدبية ونلت العديد من الجوائز، فما قولك؟

الجوائز تشجيع للكاتب، لا أحد ينكر هذا، لن ندعي ترفعنا عن الجوائز وسعادتنا بالحصول عليها.

هل أنصفك النقد؟

لا، لم ينصفني النقد لابتعادي عن الوسط الثقافي.

كلمة ختامية للقارئ؟

القارئ، أتمنى أن تصل كتاباتي إليه وينقدها، فالكاتب لا يشعر بسعادة حقيقية إلا حينما يشعر أن كتابته قد وصلت للقارىء الذى يتلهف لقراءة كتبه. 

المزيد من المقالات...