رسالة إلى أبي الطيب المتنبي
                        14كانون12004                    
                            
                            محمد الجهني                        
                                            رسالة إلى
أبي الطيب المتنبي
الدكتور محمد الجهني
إن زرت حمصاً فحقاً أن ترى حلبا
وأن تمر إذا غادرتهـا كســبا
وزر علـي بن حمـدان بمجلسـه
وقـل لحاجبه إن كان محتجبـا
| إنـي رأيـت جـيوش الروم غازية | وحـثـت الـسـير ليلاً تبتغي حلبا | |
| كـان الـدمـستق يحدوها فغادرها | و ورث الـحقد قسطنطين و الغضبا | |
| فـمـا يـمـر بـعـرب لا تحالفه | إلا و يـقـطع منها الرأس و الذنبا | |
| يـسـتخبر الريح عنها وهي غافلة | مـتـى رأى غـرة مـن دونها وثبا | |
| و مـا يـمـر بـأرض من ديارهم | إلا ويـسـتخلف الرهبان و الصلبا | |
| قـد كـان يـحـذر للأهوال منقلباً | والـيـوم لـيـس يـبالي أيها ركبا | |
| وسـل أبـا الطيب الجعفي عن نفر | وشـوا بـه يـبتغون المال و الرتبا | |
| وسـلـه هـل أدركوا جاهاً و منزلة | وهـل قضى عند سيف الدولة الأربا | |
| و لا تـغـادره حـتـى تلتقي زمناً | بـه وخـذ عـنه ما أملى و ما كتبا | |
| وقـل لـه لا تـزر مصراً فإن بها | عـلـجاً قد امتهن الإخلاف و الكذبا | |
| تـمـلـك الـمـلك لا ديناً ولا أدباً | ولا حـيـاءً ولا عـلـماً ولا نسبا | |
| ولا الـعـراق فـإنـي قد رأيت بها | غـويـهـا فـاتـك الضبي مرتقبا | |
| يـروع الآمـنـيـن الـغافلين بها | ويـهـلك الحرث والأرواح و النشبا | |
| و عج إلى الشام حيث الأكرمون يداً | والأكـثـرون نـدىً والطاهرون أبا | |
| فـإن رأيـت بـهـا خـيلاً مسومة | وعـسـكـراً ورماحاً أشرعت وظبا | |
| فـاعـلم بأن بني مروان قد عزموا | عـلـى جـهاد يرد المجد و السلبا | |
| وبـشـر الـقدس نصراً تستريح به | وأن آخـر وعـديـهـا قـد اقتربا | |
| وقـف بـجـامعها الميمون منكسراً | واسـتنطق الباب والمحراب والقببا | |
| وسـلـه عـمن بكى ليلاً بروضته | ومـن أقـام ومن صلى ومن خطبا | |
| ولا تـخـبـره مـن أخبارنا خبراً | وإن ألـح بـتـسـآل وإن غـضبا | |
| ولا تـخـبـره أنـا أمـة جـهلت | فـبـاعـت الدين والأخلاق والأدبا | |
| وإن أشـار إلـى الأقـصى بمسألة | فـلا تـحـدثـه عمن باع واغتصبا | |
| ولا تـحـدثـه عـمـن خان أمته | ومـن تـهـود مـن أقوامنا وصبا | |
| ولا تـخـبـره أن الـسـلم غايتنا | مـع الـيـهـود وأن العهد قد كتبا | |
| ولا تـرق دمـعـة فـي ساحه أبداً | فـإن فـعـلت رأيت الويل والعجبا | |
| فـلا تـلـمـني إذا اهتزت منارته | وارتج من حولك المحراب واضطربا | |
| بـلـى وحـدثه عن صيد غطارفة | بـيـض ومـا لبسوا بيضاً ولا يلبا | |
| تـمـنـطـقوا بحزام الموت طيبة | نـفـوسـهـم يقذفون النار واللهبا | |
| فـقـبـلـهـم ما رأى شارون نائبة | ومـا دعـا قـبـلهم ويلاً ولا حربا | |
| يـا نـاقـمـين على الإسلام ويحكم | إلـيـكـم الـقول مبسوطاً ومقتضبا | |
| سـلـوا الـمـمالك والأفلاك قاطبة | والـبـر والـبحر والهندية القضبا | |
| سـلوا النصارى وهل خنا لهم ذمماً | وهـل نـقضنا لهم في أرضنا طنبا | |
| سـلوا المكارم والأخلاق هل عرفت | لـنـا مـثـيلاً سلوا الأقلام والكتبا | |
| سـلـوا الـممالك كم دانت لنا رهباً | مـن الـسيوف وكم دانت لنا رغبا | |
| وهـل قـتـلـنـا بها شيخاً وأرملة | وهـل هـتكنا بها عرضاً لذات خبا | 
 
   
 
   
 
   
