روسيا تزود شريان الحياة العسكري للأسد

جوناثان ساول

رويترز

17/1/2014

في الأسابيع الأخيرة صعدت روسيا إمداداتها من العتاد العسكري لسوريا, لتشمل العربات المدرعة والطائرات دون طيار والقنابل الموجهة, وذلك لدعم الرئيس بشار الأسد في الوقت الذي شهد   فيه التمرد ضده  ضعفا بسبب قتال المتمردين فيما بينهم, وذلك وفقا لما ذكرته مصادر مطلعة.

موسكو التي تحاول زيادة نفوذها الاقتصادي والدبلوماسي في الشرق الأوسط, و التي تعتبر موردا رئيسا للأسلحة التقليدية لسوريا, قدمت للأسد دعما حاسما خلال السنوات الثلاث من الحرب الأهلية إضافة إلى عرقلتها للمحاولات الغربية الرامية إلى عقابه من خلال فرض العقوبات لاستخدامه القوة ضد المدنيين.

الإمدادات الروسية الجديدة تأتي في مرحلة حرجة من الصراع, حيث أنه و مع اقتراب موعد محادثات السلام المزمع عقدها الأسبوع القادم في سويسرا,فإن المعارضة المنقسمة تخسر لصالحه, والدعم الغربي للتمرد يشهد حالة من القلق المتزايد بسبب الدور الذي يمارسه المسلحون الأجانب. حتى أن سوريا أعلنت أن بعض الدول التي تعارض الأسد رسميا بدأت مناقشة التعاون الأمني مع الحكومة.

العديد من المصادر أخبرت رويترز أن قوات الأسد استلمت منذ ديسمبر شحنات من الأسلحة وإمدادات عسكرية أخرى, تتضمن عددا من طائرات التجسس دون طيار التي تعرف باسم يو أي في, التي تم ترتيب تسليمها إما من خلال روسيا مباشرة أو من خلال وكلائها.

مصدر أمني في الشرق الأوسط قال إن "عددا كبيرا من طائرات الشحن أنتونوز 124 الروسية أحضرت عربات مدرعة ومعدات مراقبة ورادارات وأنظمة حرب إلكترونية وقطع غيار للمروحيات وأسلحة مختلفة تتضمن قنابل موجهة للطائرات".

وأضاف المصدر الذي رفض الكشف عن هويته :"المستشارون وخبراء الاستخبارات الروس يشغلون طائرات يو أي في دون طيار على مدار الساعة لمساعدة القوات السورية على تعقب مواقع المتمردين, وتحليل قدراتهم وشن هجمات مدفعية وجوية دقيقة ضدهم".

وقال فياتشيسلاف دافيدينكو المتحدث باسم شركة روسوبورون اكسبورت التي تحتكر تصدير السلاح في روسيا إنهم يرفضون التعليق على شحنات السلاح إلى سوريا.

وقالت روسيا إنها لا تنتهك القانون الدولي بشحنات السلاح التي ترسلها إلى سوريا وأنها لا تبيع سوريا أي أسلحة هجومية.

ولم يتسن الوصول إلى المسئولين السوريين للتعليق على الموضوع.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها لا تملك أي تأكيدا مستقلا بأن روسيا زادت إمداداتها العسكرية إلى سوريا ولكنها قالت إن مثل هذا الإجراء سوف يكون مصدر قلق إن كان صحيحا.

المتحدثة باسم الخارجية جين بساكي قالت إنها ناقشت تقرير رويترز مع وزير الخارجية جون كيري صباح الجمعة.

حيث أضافت بساكي :"وجهة نظره هي أنه إن صحت هذه التقارير فإن ذلك سوف يزيد من المخاوف حيال الدور الذي تلعبه روسيا في استمرار تمكين نظام الأسد في قمع الشعب السوري بوحشية. ولكن ليس لدينا تأكيدات مستقلة حول هذه التقارير".

عقود مربحة:

مصدر من داخل قطاع صناعة الأسلحة الدولية مطلع على تحركات الأسلحة في الشرق الأوسط أكد من جانبه أيضا شحنات الإمداد لقوات الأسد, التي تتضمن طائرات ال يو أي في دون طيار.

وأضاف المصدر :" المعدات نقلت إلى سوريا, وتقوم روسيا إما بنقل الأسلحة بنفسها أو تنقلها من خلال بلدان مطلة على البحر الأسود مثل بلغاريا ورومانيا أو أكرانيا, حيث هناك فائض في المخزون هناك. والمزودون في تلك المنطقة لا يسعهم إغضاب الروس".

متتبعو حركة السلاح يقولون إن بلغاريا ورومانيا  وأكرانيا لديهم مخزون من الأسلحة الروسية الخفيفة أنتجت في تلك البلاد إبان الحقبة السوفيتية, عندما كانت  تنشأ المصانع هناك بمساعدة من موسكو.

المتحدث باسم وزارة الخارجية البلغارية قال إن المجلس الحكومي البلغاري الذي يشرف على تجارة الأسلحة, لم يصدر أي شهادات لصفقات سلاح متجهة إلى سوريا.

وأضاف :"لدينا بيانات تظهر أن بلغاريا لم تصدر أي أذن بمبيعات السلاح لسوريا".

وزير الخارجية السابق سولومون باسي قال إنه من المستبعد أن تكون بلغاريا كعضو في الناتو والإتحاد الأوروبي متورطة في مثل هذه الشحنات.

المتحدث باسم وزارة الخارجية الأكرانية قال إن الجمهورية السوفيتية السابقة نفت إدعاءات إمدادات السلاح وشحنها العام الماضي, وذلك عندما قال إن كييف أوقفت طوعا وكليا أي تعاون عسكري وفني مع سوريا منذ مايو 2011.

وزير الخارجية الروماني قال إن قسم مراقبة الصادرات لم يسجل أو يأذن بأي عمليات تجارة خارجية تتضمن منتجات عسكرية تشمل أسلحة خفيفة مع سوريا خلال 2013 أو 2014.

وقال مصدر في صناعة الأسلحة :"المعدات دخلت دون شك إلى سوريا, وروسيا تدرك أن عليها أن تبقي الأسد في السلطة إذا كانوا يريدون الحفاظ على ما لديهم هناك, خصوصا مع وجود احتياطيات النفط والغاز كلقمة سائغة ".

شركة سويزنيفت غاز الروسية وقعت عقدا بقيمة 90 مليون دولار أمريكي مع وزارة النفط السورية في ديسمبر للتنقيب وانتاج النفط في 2190 كيلومتر مربع في مياه البحر المتوسط على الشواطئ السورية بين طرطوس وبانياس.

مسئولون سوريون في قطاع النفط قالوا إنهم واثقون أن مياههم تحوي على احتياطيات من الغاز والنفط, مشيرين إلى اكتشافات كبيرة حصلت في شرق البحر المتوسط قبالة مياه إسرائيل وقبرص  إضافة إلى المسوحات الواعدة التي أجريت في المياه اللبنانية.

تقول موسكو إن دبلوماسية الشرق الأوسط التي تتبعها تقوم على مبادئ القانون الدولي والحفاظ على دور الأمم المتحدة.

كما أن الوضع يوفر لروسيا فرصة لتظهر أنها لا زالت تشكل ثقلا  على الساحة الدولية للفوز بعقود مربحة ما إن ينتهي القتال في سوريا والنزاع حول برنامج إيران النووي.

روسيا حريصة كل الحرص على إنشاء والحفاظ على موطئ قدم لها في الشرق الأوسط من خلال سوريا وإيران لأنها خسرت خلال ثورات الربيع العربي, لا سيما في ليبيا, حيث كانت تدعم معمر القذافي.

كشفت رويترز الأسبوع الماضي أن روسيا تتفاوض مع إيران للوصول إلى صفقة نفط مقابل بضائع تصل قيمتها إلى 1.5 مليار دولار شهريا وهو ما يهدد بتقويض العقوبات التي ساهمت في إقناع طهران بالموافقة على صفقة مبدئية للحد من برنامجها النووي.

الحاجة إلى الإمدادات

يقول توم والاس من مجموعة أبحاث الصراع غير الربحية في الولايات المتحدة :" الأسد بحاجة أكيدة إلى إعادة تجديد الإمدادات التي يحصل عليها. أذهان الناس تذهب بصورة واضحة إلى الرصاص, ولكنهم يقللون من شأن العبئ اللوجستي الثقيل للجيوش المؤللة الحديثة. إصلاح الدبابات وشفرات الطائرات المروحية ووقود الطائرات والطائرات دون طيار وكل مكون تقريبا من مكونات المعدات يمكن أن يتعرض للعطب دون أن يكون هناك صيانة أو/و استبدال".

كما قال جايمس بيفان من معهد بحوث التسليح الحديث الذي يعمل على تتبع شحنات السلاح المرسلة للحكومات والمنظمات الأخرى إن استخدام الذخائر كان عاليا جدا خلال العامين الماضيين.

وأضاف :"الدليل الإضافي على ذلك هو أنهم يستخدمون البراميل المتفجرة التي تسقطها المروحيات, والتي توحي أن هناك انخفاضا حادا في الذخائر التي تطلق عادة من الجو".

واتهمت بريطانيا الحكومة السورية بارتكاب "جريمة حرب أخرى" وذلك من خلال إطلاق البراميل المتفجرة على المناطق المدنية – وهي عبارة عن براميل أو اسطوانات تعبأ بالمتفجرات والشظايا المعدنية وتلقى من الجو.

جوا وبحرا

مصادر سورية معارضة قالت إن بعض الإمدادات وصلت إلى سوريا عبر مطار اللاذقية قبل ثلاثة أسابيع تقريبا, مع وصول المزيد من المعدات من خلال الموانئ الرئيسة للبلاد في طرطوس واللاذقية.

كما قال المصدر إن ميناء طرطوس, الذي يحوي قاعدة عسكرية روسية أيضا, أغلق لعدة ساعات قبل ثلاثة إلى أربعة أسابيع.

وقال المصدر أيضا إنه "وخلال ذلك الوقت, لم يتم السماح للأشخاص غير المصرح لهم بالدخول وهي إشارة أكيدة إلى وجود عملية استلام للشحنات. هذا الأمر يحدث من وقت لآخر عندما تصل الإمدادات, وعادة ما يتم ذلك خلال الليل".

وأضاف المصدر الأمني في الشرق الأوسط :" بالنظر إلى مخاطر هجوم المتمردين على مستودعات السلاح ومهابط الطائرات في القواعد العسكرية السورية, فإن روسيا تقوم بشحن كميات كبيرة من الأسلحة الخفيفة والذخائر إلى طرطوس واللاذقية, مما يسمح لقوات الأسد بمواصلة القتال إلى أجل بعيد".

يقول والاس من معهد بحوث الصراع إن الشحنات الأخيرة من البضائع العسكرية الروسية تأتي جوا وبحرا على حد سواء.

وأضاف :" المعدات الأقل وزنا وحجما يتم شحنها عادة عبر الطائرات, بينما تحمل الشحنات الأكير والأثقل على متن السفن".

ويضيف والاس الذي شارك في كتابة تقرير مؤخرا حول نقل الأسلحة من روسيا وأكرانيا :" المركبات ذات العجلات تحتاج إلى أن تنقل على رافعات لتصل إلى السفينة ولكن المعدات الأصغر يمكن وضعها في حاويات وتحميلها على شكل بضائع عادية".