أوركسترا الحيوانات 17

(أوركسترا الحيوانات)

(17)

أ.د/ جابر قميحة

[email protected]

من قصص الأطفال

 الغربية

من كتاب :

(The Big Story Book)

موسيقا الفئران

كان جيرماي  Jeremy  " الفأر الرمادي اللون يعيش على يخت ضخم من يخوت ( سفن ) السياحة .

وكان كل يوم يجري في جوانب اليخت هو وصديقه  جيني  " Jenny " الذي يماثله في لونه الرمادي . وأحيانا ــ بعد الجري في أنحاء اليخت ــ يجلسان للراحة تحت الشمس فوق السطح يمتعان نظرهما بالمناظر الجميلة التي يشاهدانها ، واليخت يقطع الخليج جيئة وذهابا .

وفي المساء كان يحلو لهما أن يتجولا بمحاذاة سور السفينة ، يمتعان نظرهما بالأضواء الممتدة على الشاطئ ، أو يستمعان إلى أوركسترا الموسيقى يعزف موسيقى الجاز على ظهر السفينة ، إنهما ينصتان إلى الموسيقى باهتمام شديد ؛ لأن متعتهما الحقيقية تبدأ بعد انتهاء فريق الموسيقى من عزفه . فهو الوقت الذي يبدأ فيه الاستيلاء على الجبن اللذيذ . وكان جيرماي قديرا دائما على تحديد الأماكن التي يبحث فيها عن الجبن .

وذات ليلة انطلق جيرماي وجيني عبر ظهر المركب تحت الكراسي ، وحول البراميل ، ثم هبطا السلم وتسللا من تحت باب المطبخ ، ثم تسلقا إلى الخزانة التي تحفظ فيها المؤن والأطعمة ، ثم وصلا إلى الرف الذي رصت فوقه قوالب الجبن ، وصاح جيرماي :

ــ " آه ... هنا الجبن اللذيذ إنه من نوع الشدر ثم قضم قطعة من الجبن وواصل كلامه قائلا ما ألذ هذا الجبن يا جيني  " .

وابتسمت جيني وأغمدت أسنانها في قطعة الجبن .

قال جيرماي :

ــ " هناك نوع من الجبن السويسري أيضا ، إننا نستطيع أن نأخذ منه أجزاء نأكلها بالقرب من جحورنا " .

. وهم جيرماي أن يذوق الجبن السويسري ولكنه سمع وقع أقدام فصاح :

ــ " أوه  ... أوه ... إنه الخادم جاء ليأخذ مزيدا من الجبن والشراب ، هيا بنا نغادر هذا المكان يا جيني " .

واندفع الفأران من ثقب في الحائط ، وانطلقا إلى ظهر السفينة ، واختبئا تحت البراميل .

وفي ساعة متأخرة من الليل سمعا الخادم يتحدث إلى ربان السفينة وهو يقول :

ــ  "   لقد اعتدت الفئران مرة أخرى على الجبن ... وعلينا أن نحضر قطا لصيدها " .

فقال الربا ن :

ــ " وهو كذلك ... وفي الغد أعد الكافيار  من أجل حفل " الكوكتيل "  .

وفي اليوم التالي كان جيرماي وجيني يجريان كالعادة على ظهر السفينة ، وما كادا يقتربان من المطبخ حتى انقض قط كبير ذو نقط سوداء على جلده ( تابي )     " Tabby  " على جيرماي واستطاع أن يقبض على ذيله فصرخ جيرماي :

ــ " أوه ... أرجوك ... من فضلك لاتؤذنا  ، وإذا وعدتنا بعدم التعرض لنا فسأدلك على مكان الكافيار اللذيذ " .

قال القط :  أنا موافق . ومشى القط تبي يتهادى في تشامخ وتباه .

وبدأت فرقة الموسيقى عزفها ، فلما انتهت من العزف قاد الفأران القط تابي إلى حيث يوجد الكافيار . وهمس جيرماي في أذن تابي : ـــ اتبعني يا تابي .

وقاده إلى أحد الرفوف في المطبخ حيث كان الكافيار خلف قوالب الجبن مباشرة .

وسحب تبي أطباق الكافيار ، ومزق غطاءها الورقي الفضي بمخالبه ، ةالتهم تبي الكافيار ، وبعدها أخذ يلعق فكيه من الداخل والخارج بلسانه . وساعده جيرماي وجيني  فأخذا يلعقان ما علق في الأطباق من بقايا الكافيار .

وصاح تابي بعد انتهى من أخر مضغة من الكافيار :

ــ أه .... لذيذ ... لذيذ .

وهكذا أصبح تابي صديقا مخلصا للفأرين جيرماي وجيني .

 وفي اليوم التالي اكتشف الخادم ما حدث فجرى في غضب وثورة إلى الربان وهو يصيح :

ــ " إن القط الذي أحضرناه لم يؤدّ واجبه ؛ فمازالت الفئران في السفينة .... الجبن انتهى ، وأكثر من ذلك التهم القط ما عندنا من الكافيار ، ولم يّبق منه شيئا لحفل الليلة " .

قال الربان :

ــ " حسنا ... فما رأيك في أن نحضر بعض فطائر الكبد لحفل الليلة ؟ وحاول أن تحضر كلبا ليخلصنا من هذا القط الخائن " . 

ونزل الخادم إلى الشاطئ ليشتري مستلزمات الحفل ، واشترى فطائر الكبد ، وفي طريقه إلى السفينة شاهد كلبا ضالا ينبح ويمشي على رصيف الشاطئ .

وصاح الخادم :

ــ " تعال هنا يا بونز  "   Bones   "  .

وقفز الكلب إلى ظهر السفينة ، ورمى إليه الخادم بقطعة من بقايا اللحم ، أخذ بونز يلتهمها في نهم ، ثم أخذ يلعق فكيه بعد ذلك   .

وسرعان ما شتم الكلب أن هناك قطا بالسفينة ، فأخذ يمشي خلسة في جوانب اليخت بحثا عن القط ، وفجأة اندفع تابي عبر سطح السفينة فاكتشفها بونز وانطلق وراءها ، فلما أدركها فتح فكيه ليعضها ولكنها بادرته قائلة في فزع :

ــ " سأدلك على مكان الفطائر اللذيذة ... فطائر الكبد إذا وعدتني بألا تؤذيني ". وأظهر بونز موافقته .

 وقالت القطة  :

ـ " إذا فلتنتظر حتى يحل المساء وسأريك المكان " .

وفي ساعة متأخرة من الليل ... وبعد أن عزفت الأوركسترا أخر قطعة لها من موسيقى الجاز هم تابي في أذن بونز :

ــ  هيا بنا كن حريصا حتى لا يراك واحد منهم .

وتسلل تابي وبونز من تحت الكراسي ، وخلف البراميل ، ثم هبط السلم ، وتسللا إلى داخل المطبخ ثم صعدا إلى الرفوف التي عثر فيها تابي على الكافيار من قبل ، وكان على أحد هذه الرفوف فطائر الكبد مغـلفة ... فاندفع تابي نحوها أسقطها على الأرض وأخذ بونز يلتهمها في سعادة ، وتابي يساعده ، وحينما كانا منهمكين في الأكل كان جيرماي وجيني مشغولين بالتهام قطع الجبن ، لقد كانت حفلة حقيقية .

وبعد أن انتهو من هذه الوجبة الشهية انطلقوا إلى ظهر السفينة ، وأخذوا يلعبون لعبة الاستغماء ( الاستغماية ) . وفجأة توقف جيرماي عن اللعب وصاح :

ــ انظروا إن الربان قادم وبصحبته الخادم .

وسمعوا الخادم يقول للكابتن :

ــ " لقد فعلتها هذه الحيوانات مرة أخرى ، لقد أكلوا كل شيء : الجبن ...  والكافيار ...  ثم فطائر الكبد . يجب أن نتخلص منها ، وعلينا أن ننصب المصائد للفئران " .

وأجاب الربان :

ــ نعم أنا موافق على ما تفعل .

وبدأ الخادم يبحث عن تابي وبونز ولكنه لم يعثر لهما على أثر في أي مكان وأخبر الربان بفشله في العثور عليهما .

قال الربان :

ــ " لم نواجه اليوم إلا المشاكل ... لقد ذهب أعضاء الفرقة الموسيقية .... هربوا ، وتركوا وراءهم بعض آلاتهم الموسيقية ، ,لست أدري ما الذي سنفعله الليلة بالنسبة للموسيقى ؟  " .

رد الخادم قائلا :

ــ على أية حال يمكن أن نقيم الحفل بلا موسيقا .

وغادر الرجلان ظهر السفينة ، وخرجت الحيوانات الأربعة من المخابئ ، وصاح الفأر جيرماي :

ــ إن الكابتن ، وخادم السفينة ينويان التخلص منا ، وعلينا أن نعمل شيئا بإيقافهما ، وقد خطرت لي فكرة عظيمة ... لقد راقبت فريق الموسيقى طويلا حتى تعلمت كيفية العزف ، وأستطيع أن أعلم كل واحد منكم الأن وبسرعة .

فصاح تابي :

ــ هائل ... عظيم ...  

واضاف بونز :

ــ فكرة رائعة .

وفي ذلك المساء استقر الجميع في الحفل على مقاعدهم وهم يتساءلون باستغراب عن السبب في عدم وجود موسيقا في الحفل .

وفجأة رنت موسيقى الجاز : كان جير ماي يعزف على أوتار الجيتار ، وكانت جيني تمسك بهذه الأوتار من أعلى الجيتار . وكان تابي على البيانو يثب وينزل على مفاتيح البيانو ، فيحدث النغم المطلوب ، أما بونز فكان يعزف على الكمان كأنه موسيقار حقيقي .

وعلا صوت الموسيقى ، وتردد النغم الجديد . وقال الناس بعضهم بالبعض الآخر :

ــ مع أعظم هذه الفرقة .

ونظروا ليرو العازفين فكادوا يسقطون على ظهورهم من شدة الضحك .

وصعد الربان إلى ظهر السفينة وهو يجري إلى حيث الحفل وصاح :

ــ ماذا يحدث هنا ؟ ! ... لقد ظننت أن أعضاء الفرقة ليسوا هنا .

وألقى نظرة فوقع نظره على الحيوانات .

ــ " يا إلهي ... إنه الكلب والقطة ، ولكن الجيتار يبدو وكأنه يعزف من تلقاء نفسه " .

ومشى الربان إلى الجيتار ونظر إليه من قريب ، وفجأة اكتشف الفأرين فقال :

ــ حسنا ... انظروا إلى ما أرى ... إنهما الفأران الكريهان !! .

فرد عليه الخادم الذي أسرع إليه :

ــ إنهما لن يعودا كريهين ابتداء من الآن ... .

وضحك الرجلان  .

وقال الربان :

ــ " كم هي مفاجأة سارة ... عليك أيها الخادم من الأن فصاعدا أن تطعم هذه الحيوانات : الجبن للفأرين ، والكافيار للقط ، وفطائر الكبد للكلب ، فنحن لا نستطيع أن نتحمل غياب هذه الفرقة الرائعة " .

ونظر جيرماي إلى جيني وغمز لها بعينه ، ثم نظر إلى تابي وبونز وغمز لهما بعينيه كذلك .

ولم تعد الحيوانات الأربعة في حاجة إلى سرقة طعامهم في الخفاء ، فألذ الأطعمة يقدم إليهم في أوقات منتظمة .

وتوافد الناس من البلاد البعيدة لمشاهدة أغرب فرقة موسيقى في العالم كله .