مخاطر عدم التحرك في سوريا

ماكين وليبرمان وغراهام

جون ماكين

جوزيف ليبرمان

ليندسي غراهام

(أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي)

واشنطن بوست

مع تصاعد القتال داخل سوريا و تجديد طلب المساعدة من قبل المعارضة هناك, فإن أسلوب إدارة أوباما في كف اليد أصبح يمثل خلافا متزايدا مع كل من قيم الولايات المتحدة ومصالحها.

لقد قال البعض بأن المكاسب الأخيرة التي حققتها المعارضة – بما فيها الهجمات في كل من دمشق و حلب , و اغتيال مسئولين رئيسيين في النظام و العديد من الانشقاقات في الرتب العليا في الدولة -  تثبت أن المعارضة السورية تشكل أحد مسارات الانتصار و ليست بحاجة للمساعدة.

لسوء الحظ, و بينما تتنامى قدرات مقاتلي المعارضة داخل البلاد , فإن نظام بشار الأسد بعيد كل البعد عن نهايته و هو يطلق العنان الآن لعنف أكثر إجراما حتى ضد المدنيين, مستخدما الدبابات و المدفعية و الهليوكبتر و المسلحين و القناصين و لأول مرة الطائرات المقاتلة. 

إن كلا من إيران و حزب الله يدعمان هذا الهجوم بدعم مادي كبير بسبب أن قادتها يدركون أن سقوط الأسد سوف يكون بمثابة ضربة قاضية لهم. في هذه الأثناء فإن كلا من روسيا و الصين, مستمرتان في تقديم الغطاء الدبلوماسي لوحشية الأسد.

إننا نأمل في أن المتمردين سوف يحققون الانتصار في النهاية, و لكن يبقى أن هذا القتال غير متكافئ و وحشي, كما أن سرعة و أسلوب تحقيق النصر أمر في غاية الأهمية. إن جميع الأدلة توحي بأنه و بدلا من تسليم السلطة بشكل سلمي, فإن الأسد و حلفاءه سوف يقاتلون حتى النهاية المريرة, و هو ما سيمزق البلاد في هذه العملية.

إن عدم انخراط أمريكا في هذا الصراع يحمل تكاليف متزايدة, و ذلك بالنسبة للشعب السوري و لمصالح الولايات المتحدة.

بسبب أننا رفضنا تزويد المتمردين بالمساعدات التي يمكن أن تؤدي إلى توازن القوى العسكري بشكل حاسم ضد الأسد, فإن الولايات المتحدة أصبحت ترى على امتداد الشرق الأوسط على أنها صامتة على نهج القتل و الذبح المستمر للمدنيين العرب والمسلمين. إن رفض القيادة سوف , كما نخشى – كالفشل في وقف المذابح ضد الأكراد و الشيعة تحت حكم صدام حسين في العراق أو التوتسي في رواندا – يطارد أمتنا لسنوات قادمة.

إن افتقارنا إلى التدخل النشط على الأرض في سوريا يعني أيضا أنه عندما يسقط نظام الأسد في النهاية, فإن الشعب السوري سوف يشعر بالقليل من الود تجاه الولايات المتحدة, و ذلك على عكس ما جرى في ليبيا, حيث أن شعور الليبيين بالامتنان للمساعدة الأمريكية في الحرب ضد معمر القذافي أدى إلى فتح فصل جديد مشرق في العلاقات ما بين البلدين. 

أكثر بكثير من ليبيا فإن للولايات المتحدة مصالح قومية على المحك في سوريا. و هذه المصالح تتضمن منع استخدام أو نقل مخزون السلاح الكيماوي و البيولوجي الكبير لدى النظام – وهو ما يمثل خطورة متزايدة – و التأكد من أن القاعدة و فروعها العنيفة غير قادرة على تأمين موطئ قدم جديد في قلب الشرق الأوسط. إن قراراتنا و إجراءاتنا كانت غير كافية البتة لحماية هذه المصالح وغيرها.

إن تردد الولايات المتحدة في التدخل في سوريا أولا و قبل كل شئ سوف يسمح لهذا الصراع أن يطول و يصبح أكثر دموية, و أن يأخذ ديناميكية متطرفة. على نقيض الانتقادات التي تقول بأن دورا أكبر للولايات المتحدة في سوريا يمكن أن يعزز من وجود القاعدة, فإن الافتقار إلى مساعدة قوية من قبل الولايات المتحدة للمقاتلين داخل البلاد سوف يترك المجال أمام المتطرفين هناك.

إن الوقت لم يفت الآن أمام الولايات المتحدة لعكس هذا الأمر. أولا, يمكننا و علينا أن نقدم مساعدة مباشرة و مفتوحة و قوية للمعارضة المسلحة بما فيه السلاح و المعلومات الاستخبارية و التدريب. مهما كانت المخاطر التي مكن تنتج عن هذا العمل, فإنها لن تكون أكبر من المخاطر في الاستمرار في الجلوس مكتوفي الأيد على أمل تحقيق الأفضل.

إن المساعدات الأمريكية يجب أن تصل إلى تلك الجماعات التي ترفض التطرف و الطائفية قولا و فعلا. كما كان الحال في ليبيا, فإن العلاقة التي سوف يتم بناؤها مع الجماعات المسلحة داخل سوريا سوف تكون أمرا لا غنى عنه للمضي قدما.

ثانيا, بسبب أن المتمردين قاموا بإنشاء مناطق  آمنة بحكم الأمر الواقع في أجزاء من سوريا, فإن على الولايات المتحدة أن تعمل مع حلفائنا من أجل تقوية و دعم هذه المناطق, كما اقترحت وزيرة الخارجية هيلاري رودهام كلينتون الأسبوع الماضي. و هذا الأمر لن يتطلب أي قوات أمريكية على الأرض و لكنه قد يكون بحاجة إلى استخدام محدود لقوتنا الجوية و غيرها من المساعدات الأمريكية.

إننا نعلم أن هناك مخاطر مرتبطة مع تعمقنا في الانخراط في الصراع المعقد في سوريا. و لكن عدم القيام بأي شئ يحمل مخاطر أكبر بالنسبة للولايات المتحدة, في خسارة الأرواح و هدر الفرص الإستراتيجية و تعريض القيم للخطر. من خلال الاستمرار الجلوس كمتفرجين على الخطوط الجانبية للمعركة التي سوف تساعد في تحديد مستقبل الشرق الأوسط, فإننا نخاطر في كل من مصالح أمننا القومي و موقفنا الأخلاقي في العالم.