أسرار الحياة 58

انت كالسُّلّم.. وأنا الجبل

ترجمة: د. خالد السيفي

الفيزياء الحديثة تتكلم عن تحوّل الطاقة إلى مادة، أو تحويل المادة إلى طاقة. في الحقيقة كلا المادة والطاقة من طبيعة واحدة، وهي تتمظهر في شكلين مختلفين أو تؤدي وظيفتين مختلفتين، ويبقيان مظهران لواحد.

تنترا اكتشفت هذا المبدأ منذ آلاف السنين، وهو أساسي في تعاليمها. الوضيع يمكن له أن يتحول إلى رفيع، والقمة الشاهقة امتداد للقاع السحيق، الاتصال بينهما غير منقطع. هما في الحقيقة متحدان مع بعضهما في واحد "الجبل".

القمة والقاع، لم يكونا أبدا منفصليْن، لا في أي زمان ولا في أي مكان، لا يوجد فجوة بينهما، إنهما على اتصال متواصل.

الإنسان في جوهره كالسُّلّم، تستطيع فيه التحرّك من أسفل درجة إلى أعلى واحدة. تستطيع أن تكون في أحطّ مستوى وهذا راجع إليك، أو أن ترتفع إلى أرقى درجة وهذا قرارك. لا علاقة لهذه القرارات بعلمك أو مالك أو بالآخر. تستطيع أن تكون وحشا أو حملا، وديعا أو مفترسا. الخصلتان فيك الضِّعة أو الرِّفعة، السفالة أم السقالة.

لك أن تنحدر إلى قاع اللاوعي فتصبح صخرة أو ترتقي فيه إلى القمة  فتغدو إﻵها....... لكنّهما.. الوضيع والرفيع... ليسا منفصلين...هذا هو جمال التنترا!

ولأن تنترا مع الاتصال وضد الانفصال أصبحت طريق اللاشقاق ومذهب التسامح والوفاق.

تنترا هي اللا-شقاق. هي "الدين" الوحيد الموحِّد، هي "الدين" الوحيد الذي لم يدعُ لحرب ولم يسبب لا ألما ولا كربا. هي "الدين" الموحَّد الذي لا يعاني انفصام الشخصية. وهي "الدين" العقلاني الأوحد. هي اعقل دين لأنها لا تشرخ ولا تفرّق ولا تقسم ولا تصنّف.

كل تصنيف تمييز، وكل تمييز يَتْبعه تفضيل، وكل تفضيل يليه إقصاء للطرف الآخر، وكل إقصاء يثير شقاق. وكل الأديان حاربت وقتلت وحرقت وغزت ودمّرت واستعمرت..........إلاّ تنترا.