الشيخ ربيع

الشيخ ربيع

للشاعر الفرنسي بروسبين بلانشمين

ترجمتها بتصرف: نازك الملائكة *

إنه الشيخ ربيع

ذلك الشيخ المرح

ذو الثياب الخضر والوجه البديع

والجبين المنشرح

كلما طافت خطا نيسان بالدنيا أطلا

من كوى غرفته عذباً طروباً

هاتفاً: "أهلاً، وسهلا..

مرحباً نيسان! قد حان لنا أن نظهرا

ونجوب الأرض ودياناً وبيداً وسهوبا

في رداء أخضرا".

*   *   *

أيها الشيخ ربيع

أيها الشيخ ربيع

عد إلينا وأطل مكثك فينا

عد إلينا أيها الشيخ ربيع

*   *   *

هذه خطوة نيسان على وجه الحقول

شربت أول بسمه

من شفاه الشمس، والفجر على صدر السهول

لم يزل يُسْقَى ندى الليل، وفي الغابات نسمه

نقلت إنشاد عصفور صغير:

"عم صباحاً أيها الضوء.." وردّ الآخرونْ

"حانت اليقظة فلنمرح رفاقي

في حمى الغاب النضير

ولنغن الفجر والشمس وأعناق الغصون

وظلال الغاب حتى تشتكي منا السواقي".

*   *   *

ويرد الشيخ من غرفته عذب المرح

"يا عصافيريَ لا تعجلنَ إني أتزينْ

بعد حين أرتدي ثوبي الملوَّنْ

كل لون فيه من قوس قزح

كل خيط وتر من أغنيه

كل زر وردة منتشيه

أمس أعطانيه خياطي، لماذا

تتعجلن خروجي؟ عجباً ما سر هذا؟

*   *   *

وأخيراً ها هو الشيخ ربيع

يتمطى قائماً ثم يسير

ويداه تنثران الورد في المرج البديع

فوق أعشاش العصافير، على شط الغدير

وله نعلان لا مسمار في كعبيهما

بل أزاهير وأوراق، ومن لونيهما

تشرب الشمس وتسقي المغربا

قبل أن تلوي خطاها وتضيع

في الذرا خلف الربا

         

    *( نازك الملائكة(1923-    ) شاعرة معاصرة، ولدت في بغداد، وهيئت لها أسباب الثقافة والدراسة، حتى أجيزت في آداب اللغتين: العربية والإنكليزية، كما تجيد الفرنسية والألمانية أيضاً.

   وهي شاعرة كبيرة، ورائدة مجددة طليعية في ميدان الشعر الحديث ودراسته ونقده، يتصف شعرها بالحساسية المفرطة وبالألم الحاد. ولها عدة دواوين، مثل عاشقة الليل، وشظايا ورماد، وشجرة القمر ) ، ومن الأخير اخترنا هذه القصيدة.