مقاتل من الفلوجة

محمد علي البدوي

المنظر : جدار متهالك ينتصب وسط المسرح وقد كتبت عليه عبارات تشيد بالمقاومة وتتوعد المحتل ، تختلط أصوات المدافع بأزيز الطائرات ودوي القنابل وتكبيرات المساجد وتلاوات القرآن ودعوات المقاومة والجهاد التي تنبعث من كل أنحاء المدينة ..

المشهد : أحد المقاتلين وهو يهم بدخول المدينة ، بينما يتعرضه أحدهم وهو خارج من المدينة :

الرجل : إلى أين يا رجل ؟

المقاتل : إلى الأمام .

الرجل : إنه الموت الزؤام .

المقاتل : فليكن .. سأذهب إلى الموت إذن !

الرجل : وهل تسعى إليه بقدميك ؟

المقاتل : نعم .. إنني أشم ريح الجنة تنبعث من داخل المدينة .

الرجل : عد من حيث أتيت .. لسنا في قوتهم .

المقاتل : الله أقوى من الجميع .

الرجل : لقد أحكموا قبضتهم على كل شيء ؛ الأرض والسماء والهواء .

المقاتل : ليسوا في قوة الله .

الرجل : انفد بجلدك يا صديقي .. المدينة تحترق .

المقاتل : أأتولى يوم الزحف ؟! مستحيل لا يمكن .

الرجل : لم يبق في المدينة سوى الأشباح تقاتل .

المقاتل : ليسوا أشباحاً .. ولكنها أرواح المقاتلين تصعد إلى الجنة .

الرجل : لا فائدة .. لا فائدة من المواجهة .

المقاتل : بل كل الفائدة إنها إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة .

الرجل : إنك تمتم بكلام لا أفهمه .

المقاتل : ولم تفهمه أبداً .. لأن الإيمان لم يتمكن من قلبك بعد .

الرجل : بل أنا مؤمن .

المقاتل : لا يفر من يوم الزحف .

الرجل : وماذا أفعل في المدينة وقد قتلوا أفراد أسرتي في قصفهم العنيف .

المقاتل : ويحك !! مت على ما ماتوا عليه .

الرجل : لكني رجل أعشق الحياة .

المقاتل : حياة الذل والهوان ؟!

الرجل : أي حياة .

المقاتل : حياة اليهودي إذن .

الرجل : لقد خذلنا الجميع ، يشاهدون مأساتنا ويتواطؤون مع عدونا .

المقاتل : لسنا في حاجة إليهم .. نحن في حاجة إلى الله فقط .

الرجل : وماذا نفعل بمفردنا ؟

المقاتل : نقاتل حتى الموت .

الرجل : الموت مرة أخرى ؟!

المقاتل : الكثير من الناس يموتون تحت العجلات وفي المدرجات ؛ فنمت من أجل الله .

الرجل : لا .. لا .. لا أريد الموت .

المقاتل : هذا شأنك .

(يسمع صوت طائرة تقترب منهما ، يأخذ المقاتل موقعه في توجيه سلاحه نحوها )

الرجل : لا أرجوك لا تشعرها بوجودنا .. ستقصفنا .. ستقتلنا .. سنموت .

المقاتل : وسنذهب إلى الجنة إن شاء الله .

الرجل : لا أريد الموت .. قلت لك لا أريد الموت ..

المقاتل : مرحباً بالموت في سبيل الله .

الرجل : لا .. أرجوك دعني أهرب من هنا .

المقاتل : بسم الله .. الله أكبر ..

(إظلام وصوت صواريخ تنطلق يعم الظلام والصمت المكان)

ستارة