قاطع طريق

مشهد - مسرحيات قصيرة

علي محمد الغريب

المشهد الأول

(حافلة تقل ركاباً) يصعد سائق الحافلة، ثم يحيي الركاب ويذكرهم بدعاء السفر. تتحرك الحافلة بهدوء. نسمع همساً متداخلاً، وصراخ بعض الأطفال من آن لأخر ينطلق.

راكب: (يمشي داخل الحافلة بحذر حتى يصل إلى السائق) متى سنصل؟

السائق مبتسماً: مستعجل؟

الراكب: جداً.

السائق: بماذا أستطيع أن أساعدك؟

الراكب: (متوتراً) لدي موعد مهم أريد اللحاق به، وعندما ذهبت إلى المطار لم أجد حجزاً... الأمر لا يحتمل التأخير.

السائق: اهدأ وكن مطمئناً.. سأجتهد للوصول بكم مبكراً إن شاء الله (ينظر بعض الركاب إلى الرجل في إشفاق).

المشهد الثاني

الحافلة تصل إلى إحدى الاستراحات الخاصة بها، يتوقف السائق، ويذكر الناس بأنهم وصلوا الاستراحة، ويطلب منهم الاستعجال وعدم التأخر. (يتمطى بعض الناس في مقاعدهم)

السائق: ألا تريدون الاستراحة قليلاً؟

بعض الركاب: ليتنا نكمل الطريق.. لا حاجة لنا في الاستراحة الآن (الرجل المستعجل ينظر إليهم في امتنان).

السائق: كما تشاءون.. توكلنا على الله. (يدير الحافلة. وقبل أن يتحرك يلمح رئيس الحافلات يشير إليه من الخارج ليتوقف).

الرئيس: (يصعد): إلى أين؟ أتذهب هكذا دون أن يستريح الناس؟

الركاب: نحن الذين طلبنا منه التحرك.

الرئيس: أنتم بحاجة إلى الاستراحة.

بعض الركاب: نحن مستعجلون.. دعنا نمضي ولا تعطلنا.

الرئيس: هل تفهمون عملي أكثر مني؟! هذه استراحة يعني استراحة.. انزلوا من فضلكم. (للقائد) وأنت لماذا دخلت من هذه البوابة ألا ترى أنها ستدخلك الطريق الشرقي إجبارياً؟

السائق: أنا قصدت دخول الطريق الشرقي، ولم أدخله بالخطأ.

الرئيس (مندهشاً): هكذا؟!

السائق: إنه أقرب.. والناس مستعجلون كما ترى.

الرئيس: لا دخل لي بالناس!

السائق (بإصرار): نحن نخدمهم قبل كل شيء.

الرئيس (بلهجة تقريرية): العمل بالطريقة الصحيحة أهم من خدمة الناس.

السائق: وما الخطأ في هذه الطريق؟

الرئيس: ليس مألوفاً.

السائق: لكنه يؤدي الغرض ويخدم الناس، وهذا هدفنا أولاً وأخيراً.

الرئيس: أوووف.. أنت مجادل.

بعض الركاب للرئيس: اتركنا يا هذا، ولا تعطلنا.

الرئيس: أخرج من البوابة، وعد من الطريق الصحيح.

السائق (موضحاً) تغيير الطريق سيستغرق وقتاً طويلاً.

الرئيس (يشير بيديه): ليستغرق يوماً كاملاً.

السائق: والناس.

الرئيس (بعصبية): لا يعرفون مصلحتهم!

الركاب (بانفعال): لسنا غنماً يا هذا.

الرئيس (للسائق): غيّر طريقك الآن.

السائق: لا أستطيع..

الرئيس: إذاً.. دع الحافلة وانتظرني في مكتبي. (يهم السائق بالنزول)

الركاب (للسائق): دعك منه.. امض بنا حتى لا نتأخر.

ينزل السائق، ويشير إلى الركاب من خارج الحافلة: في أمان الله أيها الأصحاب.

الرئيس للركاب: لا تنزعجوا.. سنحل المشكلة، ولن يتأخر أحد.

الركاب: تحرك أنت بالحافلة.

الرئيس بارتباك: لا أستطيع قيادة حافلة بهذا الحجم، لكنني أعدكم بأن السائق البديل سيصل من الفرع الرئيسي.. يوم أو يومان على الأكثر وتتحرك الحافلة في طريقها الصحيح!