أخيراً نطق

أخيراً نطق *

بقلم الأديب الكبير: علي أحمد باكثير

المنظر: قاعة المحكمة العليا في واشنطن.

الرئيس: ماذا تريد أن تقول يا مستر ترومان؟

ترومان: يا سيدي الرئيس إني أقترح على المحكمة أن تطوي هذه القضية فهي قضية مفتعلة خلقها التطاحن الحزبي وأوشك أن يلطخ بها سمعة الدولة وبالتالي سمعة الشعب الأمريكي كله لدى شعوب العالم. وحيث أن شرف الدولة أهم عندي من أي اعتبار آخر فإني على استعداد للتنازل عن حقي في التهمة التي وجهها المستر برونل إلي إذا وافقت المحكمة على حفظ القضية وعدم إثارتها صوناً لكرامة الدولة والشعب.

المدعي: هذا جميل منك يا مستر ترومان لو لم يتقدم المتهم المستر برونل بصورة فوتوغرافية من أحد التقريرين اللذين بعثهما مكتب مكافحة الجاسوسية إليك في عهد رياستك.

الرئيس: أين صورة التقرير؟

المدعي: قد أودعها المتهم في المحكمة فهي عند الكاتب.

الكاتب: ها هي ذي عندي يا سيدي الرئيس "يقدمها له".

ترومان: لا يعقل يا سيدي الرئيس أن يكون هذا الدليل صحيحاً.

المدعي: أتطعن في صحته قبل أن تراه؟

ترومان: لأني متأكد تماماً أن شيئاً كهذا لم يصلني قط من مكتب مكافحة الجاسوسية في التاريخ الذي زعمه المتهم.

الرئيس: لكن هذه صورة فوتوغرافية منه وعليه تأشيرة بقلمك وإمضائك توصي فيها بحفظ التقرير.

ترومان: يا سيدي الرئيس.. لا ريب أن المستر برونل –ومن ورائه الحكومة القائمة- قد عز عليه أن يدان بتهمة القذف في حقي فحاول أن ينقذ نفسه بأي سبيل.

الرئيس: أتعني أنك تتهمه بتزوير هذه الصورة؟

ترومان: قد بينت للمحكمة أني لا أحب الاسترسال في كشف أمثال هذه الهنات فإن شرف الدولة ينبغي أن يصان بأي ثمن: إني قد أعلنت استعدادي للتنازل عن حقي عليه في تهمة القذف فلا يجدر بي أن ألصق به تهمة جديدة هي تهمة التزوير.

الرئيس: ما تقول في ذلك يا مستر برونل؟

برونل: كلا إني لا أقبل حفظ القضية الآن بعدما أحضرت للمحكمة الدليل القاطع على صحة ما اتهمت به المستر ترومان من إبقاء ذلك الجاسوس هاري هوايت في خدمة الدولة بل وترقيته بعدما وصله هذا التقرير من مكتب مكافحة الجاسوسية بزمن طويل إنه يومئ في كلامه إلى احتمال أن يكون هذا التقرير مزوراً فليثبت ذلك إن استطاع!

ترومان: ما دام المستر برونل لا يستطيع التخلص من الروح الحزبية التي أملت عليه اتهامي بما لا صحة له، ولا يبالي بصون كرامة الدولة في قليل ولا كثير فإني سأحتاج إلى محامي الدفاع من جديد ليتولى عني تفنيد هذا الدليل المزور.

الدفاع: أجل يا حضرات المستشارين لقد اطلعت على هذه الصورة التي أودعها المتهم في المحكمة فتبين لي بصورة قاطعة أنها مزورة.

برونل: هذا غير صحيح.

الدفاع: من حسن الحظ أن في هذا التقرير المزعوم تأشيرة من موكلي وهذه التأشيرة هي مفتاح التزوير.

برونل: لا نستطيع أن نثبت أنها ليست بخطه وإمضائه.

الدفاع: بل هي تأشيرة مزورة أتقن كاتبها تقليد خط الرئيس السابق. وما على المحكمة إلا أن تدعو خبير الخطوط بها ليثبت لها ذلك.

الرئيس: هاتوا الخبير!

ترومان: إني أكرر اقتراحي السابق بحفظ القضية صوناً لكرامة الدولة.

برونل: كلا بل سيثبت الخبير أن التأشيرة بخطك وامضائك.

"يتقدم الخبير"

الرئيس: "يناوله صورة التقرير" ماذا ترى في هذه التأشيرة؟ هل هذا خط الرئيس السابق؟

الخبير: "يتأمل بمنظاره الصغير" هذا تقليد متقن لخط الرئيس السابق ولكنه ليس بخطه قطعاً.

برونل: هذا محال! هذه مؤامرة ضدي!

الرئيس: يا مستر برونل يجب أن تحترم المحكمة وإلا فعليك أن توكل محامياً ليترافع عنك.

برونل: لا لن أوكل أحداً عني..سأترافع بنفسي.

الرئيس: لقد أجزنا لك ذلك على شرط أن تحترم المحكمة. هذا خبيرها الخاص فلا يسوغ لك ولا لغيرك أن يطعن في رأيه.

المدعي: لقد رجعت الآن تهمة القذف على المستر برونل كرة أخرى وتضاف إليها تهمة التزوير في أوراق رسمية.

برونل: لو ثبت أن هذا التقرير مزور فلست أنا الذي زوره.

المدعي: ليس من الضروري أن تزوره أنت بخطك. يكفي أن توعز أنت بذلك.

المدعي: أنت الذي أودعته في المحكمة فعليك أن تخبرنا من أين حصلت عليه؟

برونل: لا أستطيع ذلك الآن.

المدعي: لقد زعمت من قبل أنك أطلعت على هذا التقرير المزعوم في خزانة الوثائق بالبيت الأبيض. وقد بحثت النيابة العامة عنه هناك فلم تعثر له على أثر. فزعمت حينئذ أن يداً أثيمة قد امتدت إليه فسرقته. فهل تريد اليوم أن تعترف بأن تلك اليد التي أشرت إليها هي يدك أنت؟

برونل: كلا إني لم آخذه من خزانة الوثائق وإنما اطلعت هناك ثم رددناه مكانه.

المدعي: أهذا هو نفس التقرير الذي اطلعت عليه هناك؟

برونل: هذه صورة فوتوغرافية منه.

المدعي: أنت الذي التقطت هذه الصورة الفوتوغرافية؟

برونل: لا.

المدعي: فمن الذي أعطاك إياها؟

برونل: لست في حل من ذكر اسمه الآن.

المدعي: إن كنت ترغب أن تدرأ عن نفسك تهمة التزوير في أوراق رسمية فعليك أن تذكر لنا اسم ذلك الشخص.

مورجنتاه: "في مقعده من القاعة" احم! احم!

برونل: كلا لا أستطيع. ولكنَّ في التقرير توقيعاً من المستر ادجار هوفر مدير مكتب مكافحة الجاسوسية فاحضروه ليشهد أن التوقيع توقيعه هو.

المدعي: وماذا يستطيع المستر هوفر أن يصنع لنا وقد انعقد لسانه فهو لا يقدر أن ينطق بكلمة.

برونل: إني أطالب المحكمة باحضاره.

الرئيس: لا بأس.. احضروا المستر هوفر!

مورجنتاو: ها هو ذا المستر هوفر يا سيدي الرئيس!

الرئيس: هل انطلق لسان صاحبك اليوم يا مستر مورجنتاو؟!

مورجنتاو: لا يا سيدي الرئيس إنه لم يزل محتبس اللسان من أثر تلك الصدمة العصبية التي أصابته. يا مستر هوفر.. تقدم إلى المنصة.

(يتقدم هوفر)

المدعي: انظر يا مستر هوفر.. هل هذا توقيعك أنت؟

هوفر: "يومئ برأسه علامة النفي"

المدعي: هذا التوقيع مزور عليك؟

هوفر: "يومئ علامة الإيجاب"..؟

المدعي: أرأيت يا مستر برونل؟ لقد ثبت الآن تزوير التوقيعين معاً في هذا التقرير المزعوم.

برونل: كلا لا ينبغي أن تأخذوا بهذه الشهادة الصامتة فإنها لا تقوم دليلاً على شيء.
المدعي: أنت الذي طلبت شهادته.

برونل: يجب أن يفحصه خبير الخطوط.

المدعي: الخبير الذي طعنت في حكمه أنفاً؟

برونل: كلا لم أطعن في حكمه.

الرئيس: أحضروا الخبير!

(يتقدم الخبير ثانية)

الرئيس: أتعرف خط المستر ادجار هوفر؟

الخبير: نعم.

الرئيس: انظر هذا التوقيع.. هل هذا خطه؟

الخبير: "يتأمل التوقيع" كلا ليس هذا بخطه. هذا تقليد له أيضاً..

المدعي: إني أطالب المحكمة بتوقيع أقصى عقوبة القذف على المتهم حيث أنه لم يقذف رجلاً عادياً بل رئيساً سابقاً له مكانته عند شعبنا وعند شعوب العالم.

ترومان: إني ما زلت على استعداد للتنازل عن حقي إذا وافقت المحكمة على حفظ القضية صوناً لكرامة الدولة.

المدعي: حتى لو تنازل المستر ترومان عن حقه في تهمة القذف الثابتة على المتهم فإني أطالب المحكمة بأن توقع عليه عقوبة التزوير في أوراق رسمية.

ترومان: هل لي أن ألفت نظر المحكمة مرة أخرى إلى أن المتهم إنما دفعه إلى هذا التزوير –إذا ثبت ذلك عليه- رغبته في تبرئة نفسه من تهمة القذف فهذه التهمة الجديدة فرع من التهمة الأولى. ولذلك فإني أقترح على المحكمة أيضاً أن تدرج التهمة الفرعية في التهمة الأصلية فتحفظهما معاً.

مورجنتاو: "ينهض" هذا كرم عظيم من المستر ترومان أن ينزل عن حقه ويعفو عن خصمه في سبيل حفظ الكرامة لوطنه. وقد ضرب بذلك مثلاً عالياً في التسامح والتسامي بمصالح الوطن العليا عن المهاترات الحزبية والاعتبارات الشخصية ولي وطيد الأمل في المحكمة الموقرة أن تقدر له هذه الأريحية المنقطعة النظير فتعمل باقتراحه وتعينه يذلك على أداء رسالته!

المدعي: إني أخالف المستر مورجنتاو فيما ذهب إليه من تأييد اقتراح المستر ترومان. فللمستر ترومان أن يعفو عمن يشاء كما يشاء، ولكن ليس للقضاء أن يتخلى عن واجبه في تحقيق العدل وحفظ حقوق المواطنين والضرب على أيدي المعتدين. لصاحب الحق أن يتساهل في حقه ولكن ليس للقضاء أن يتساهل في توقيع الجزاء على من يقع منه اعتداء.

مورجنتاو: ولكن شرف الدولة ينبغي أن يعطى الاعتبار الأول والأخير. وهذا هو المعنى الذي نظر إليه المستر ترومان في اقتراحه الكريم النبيل!

المدعي: إن شرف الدولة لا يحفظ بمثل هذا الأسلوب، فهيئة القضاء جزء من شرف الدولة التي يجب أن يحفظ أيضاً. وإذا كان شرف الدولة لا يحفظ إلا بحفظ القضايا الهامة والتستر على جرائم القاذفين والمزورين وغيرهم من المعتدين الخارجين على قوانين الدولة. فذلك اعتراف ضمني بأن الدولة ليس لها شرف يستحق أن يصان. إني أطالب المحكمة بتوقيع عقوبتي القذف والتزوير على المتهم لنصون بذلك شرف القضاء ونصون بالتالي شرف الدولة!

الرئيس: التهمة الأولى قد ثبتت على المتهم إذ اعترف بها ولم يقدر أن يثبت التهمة على المستر ترومان. أما التهمة الثانية فلم يعترف بها بعد.

المدعي: فعليه أن يخبرنا كيف وصل هذا التقرير المزور إلى يده.

الرئيس: أخبرنا يا مستر برونل.. اذكر لنا اسم الشخص الذي أعطاك إياه.

مورجنتاو: "يتنحنح" احم! احم!

برونل: كلا لا أستطيع.

الرئيس: لا ريب أن ذلك الشخص عدو لك أراد بإعطائك هذا التقرير المزور أن يوقعك في تهمة التزوير فوق تهمة القذف.

برونل: صدقت يا سيدي الرئيس لقد تحقق عندي الآن أنه أراد أن يكيد لي.

مورجنتاو: "يتنحنح بشدة" احم! احم!

برونل: أتدرون من ذلك الشخص؟

الرئيس: من؟

برونل: ذاك الذي يتنحنح لا لتسليك حلقه كما يزعم دائماً بل ليحذرني أن أبوح باسمه! "يشير إلى مورجتناو".

الرئيس: المستر مورجنتاو؟!

برونل: نعم؟

مورجنتاو: "ينهض" ما سمعت في حياتي أغرب من هذا الاتهام. لا ريب أيها السادة أن المتهم قد جن!

برونل: كلا ما جننت. أنت الذي أعطيتني هذا التقرير في منزلي مساء السبت 7 نوفمبر الماضي.

مورجنتاو: انظروا إلى جرأة هذا المتهم كيف لم يكتف بالكذب علي حتى عين المكان والزمان. لقد اقتنعت الآن بأن المدعي العام كان على حق إذ حذر من تساهل القضاء في مثل هذه الجرائم فإن الجريمة تلد الجريمة ولنا في هذا المتهم أكبر شاهد على ذلك. لقد بدأ بقذف الرئيس السابق فلما خشي من عقوبة القذف زور هذا التقرير فلما خاف من عقوبة التزوير ادعى أن شخصاً أعطاه إياه فلما طولب بذكر اسمه ورآني اتنحنح لتسليك حلقي استغل هذه الفرصة فادعى أنني ذلك الشخص!.

برونل: يا لك من كذاب أثيم!

الرئيس: يا مستر برونل ألفت نظرك مرة أخرى إلى احترام المحكمة!

المدعي: زعم المتهم أن المستر مورجنتاو هو الذي أعطاه التقرير المزور فعلى المتهم أن يأتينا ببينة على صحة دعواه وإلا حقت عليه عقوبة التزوير في أوراق رسمية.

مورجنتاو: يا سيدي الرئيس يا حضرات المستشارين إنكم تعلمون جميعاً مبلغ الصداقة التي تربطني بالرئيس السابق المستر ترومان ولكنكم لا تستطيعون أن تتصورا مبلغ اعتزازي بصداقته وكيف أني اعتبره من أعاظم رجال التاريخ الذين قلما يجود بهم الزمان. ومن أجل المستر ترومان وحده تركت أعمالي الكثيرة وحرصت على حضور جلسات المحكمة ومتابعتها لعلي أستطيع أن أعين المحكمة بشيء في تبرئة هذا الرجل العظيم من تلك التهمة الباطلة التي وجهت إليه. فهل يعقل أيها السادة –على فرض وجود هذا التقرير عندي –أن أسلمه للمتهم ليشهره سلاحاً ضد صديقي العظيم.

ترومان: هلا اختار المتهم شخصاً آخر غير صديقي المستر مورجنتاو ليلصق به هذه التهمة؟

برونل: أنا لست مزوراً ولا كاذباً حتى أتهم شخصاً غيره. إنه هو الذي أعطاني التقرير وزعم لي أنه بالرغم من صداقته الشخصية للمستر ترومان فإن مصلحة الوطن عنده فوق كل اعتبار. وقد عاهدني ألا أبوح باسمه لئلا يفسد ذلك ما بينه وبين صديقه.

مورجنتاو: لا عجب أن اخترت الترافع عن نفسك بنفسك فإنك حقاً لمحام بارع!

ترومان: إن صح هذا الذي يزعمه المستر برونل فإني لن أثق يا مستر مورجنتاو بأي صديق بعدك!

مورجنتاو: اطمئن يا صديقي فإن أقواله هذه من ذلك الفن الذي كان يجيده جوبلز في الدعاية لسيده هتلر!

برونل: لا تحاول أن تجعل من صداقتك للمستر ترومان حجة لك في إنكار الحقيقة. إن هذه الصداقة نفسها لتؤيد ثبوتها عليك إن كان ثبوتها يحتاج إلى تأييد. لقد تواطأتما معاً على تقديم هذا التقرير المزور إلي لأقدمه أنا إلى المحكمة حيث ينكشف تزويره فتقع علي أنا تهمة التزوير وينتفي بذلك كل شك في صحة التهمة الأصلية التي وجهتها للمستر ترومان.

مورجنتاو: هذه براعة تحسد عليها في درأ التهمة عن نفسك وتوجيهها إلى غيرك. ولكن لو صح هذا الذي تدعيه لما أبدى المستر ترومان استعداده للعفو عنك وألح على المحكمة أن تحفظ القضية صوناً لكرامة الدولة. ولو صح ما تدعيه لما تطفلت أنا على المحكمة فوقفت مؤيداً صديقي المستر ترومان في اقتراحه هذا الذي ضرب به مثلاً عالياً في التسامح والسخاء وفي الوطنية الصادقة!

برونل: بل كان هذا الاقتراح منكما لأنكما تخشيان من انكشاف هذه الفضيحة الجديدة.

الرئيس: أي فضيحة تعني؟

برونل: فضيحة تزوير هذا التقرير.

المدعي: أتتهم المستر ترومان والمستر مورجنتاو بتزوير هذا التقرير؟

برونل: نعم!

المدعي: هذه تهمة قذف جديدة تضاف إلى التهمتين السابقتين! فإن عجزت عن إثباتها أيضاً عليك العقوبات الثلاث!

مورجنتاو: أخشى أيها السادة إذا استمرت محاكمة هذا المتهم على هذا الوجه ولم يوضع لها حد أن يتهم المدعي العام بعد قليل ثم يتهمكم معشر القضاة والمستشارين أيضاً!

ترومان: ثم في النهاية يتهم نفسه حين لا يجد أمامه شخصاً آخر يتهمه!

(ضحك)

برونل: "ينفجر غاضباً" أجل إني أتهمكم جميعاً! هذه مؤامرة ضدي!

الرئيس: ضد! ماذا تقول؟ أجننت؟

برونل: كلا ما جننت. إني أتهم الجميع!!

ترومان: قد بقي عليك أن تتهم نفسك؟

مورجنتاو: ألم أقل لكم أيها السادة؟

المدعي: أجل إني أرى يا سيدي الرئيس أن تصدروا الحكم عليه فوراً بهذه العقوبات الثلاث.

الرئيس: صدقت. سنصدر الحكم عليه بعد المداولة حالاً.

(ينهض ادجار هوفر من مقعده ويتقدم نحو المنصة في هدوء)

(ينظر الجميع إليه في دهش واستغراب)

الرئيس: هل عندك شيء تقوله يا مستر هوفر؟

هوفر: "بعد صمت يسير" نعم!

الرئيس: عجباً! أخيراً نطق!

(يسري تهامس بين الحاضرين في القاعة)

مورجنتاو: لعل الصدمة العصبية قد زالت عنه لما غمره السرور أخيراً بظهور براءة هذا الرجل العظيم المستر ترومان من تلك التهمة الدنيئة الباطلة!

هوفر: "بصوت عميق" كلا!

مورجنتاو: هيه.. ما خطبك يا مستر هوفر؟ ماذا بك؟

هوفر: سأثبت الآن للمحكمة براءة المستر برونل من هذه التهم الثلاث؟

مورجنتاو: ماذا دهاك يا صاحبي؟ ألا تعلم أنك بهذا تتهمنا أنا والمستر ترومان؟

هوفر: (موجهاً حديثه إلى القضاة) أجل يا حضرات المستشارين ويا قضاة الشعب. إني أتهم المستر ترومان هذا بالتستر على ذلك الجاسوس هاري هوايت وأتهم المستر مورجنتاو هذا بتزوير هذا التقرير الذي أعطاه للمستر برونل وبأنه وهو وعصابته الصهيونية يخونون وطننا هذا في سبيل وطن لهم آخر. ويضحون بمصالح دولتنا هذه في سبيل دولة أخرى!

(يضطرب المجلس ويتعالى الضجيج في القاعة)

الرئيس: (يصيح) السكوت السكوت! النظام النظام!

(يشتد الضجيج والاضطراب)

الرئيس: (بأعلى صوته) رفعت الجلسة!

(ستار)

          

*مجلة الدعوة في 15 ربيع الثاني 1373