الأصل والصورة

الأصل والصورة

محمد علي البدوي 

[email protected]

بين الأصل والصورة

والحقيقة والخيال .. ثمة خيط رفيع جداً !! هو .. ربَّما !!

( داخل قاعة الدرس وقد وقف المعلم أمام طلابه شارحاً لهم طبيعة المهمة التي تنتظرهم )

المعلم : اليوم يا أبنائي سنقوم بعمل رائع جداً !

طالب( 1 ) : وما هو يا سيدي ؟

المعلم : انتظر يا بني .. و لا تتعجل الأمور .

طالب ( 2 ) : إننا في شوق لمعرفة هذا الأمر .

المعلم : ولكن .. هل تستطيعون القيام به ؟

طالب ( 1 ) : بالطبع .. يا معلم .. وسترى .

المعلم : آمل ذلك .

طالب ( 2 ) : أخبرنا به أولاً .

المعلم : حسناً .. أنتم تعلمون جيداً .. الأوضاع الأخيرة التي تمر بها القلعة .

طالب ( 1 ) : وأيم الله .. لقد آلمنا ذلك .. وكدرنا أشد الكدر .

المعلم : جميل منكم هذا الشعور تجاه قلعتكم .

طالب ( 1 ) : إنهم يسرقون كل شيء في القلعة .

طالب ( 2 ) : لقد سرقوا الشوارع والحوانيت والدور .. حتى مدارسنا لم تسلم منهم !

طالب ( 1 ) : وقد أخبرني أبي أن المعدات والمكائن التي في دائرته سرقت أيضاً .

المعلم : يا للهول !!

طالب ( 1 ) : الأمر أكبر من ذلك يا معلمي .. إنهم يسرقون مخصصات المساجد ودور العبادة .

طالب ( 2 ) : وأموال الضعفاء وأراضي المسلمين .. وكل شيء .

طالب ( 1 ) : لقد أصبحنا نشك حتى في أنفسنا .. وكأن القلعة كلها سارقة !!

طالب ( 2 ) : إنها عملية منظمة .. ولا شك .

طالب ( 1 ) : ولا بد أن أياد خفية تقف وراءها .

طالب ( 1 ) : بل هي يد قذرة واحدة تمسك بخيوط اللعبة .

المعلم ( في فرح ظاهر ) : أحسنت يا بني .. أحسنت ..

طالب ( 1 ) : إذاً .. فأنت تريدنا أن نمسك بهذه اليد القذرة .

المعلم : بالضبط .. هذا كل ما أرديه .

طالب ( 2 ) : لا يمكننا القيام بذلك بمفردنا .

المعلم : ولما ؟!

طالب ( 2 ) : لا بد أن تشترك القلعة كلها في البحث معنا .

طالب ( 1 ) : هذا صحيح .. لا بد أن نشترك جميعنا في دفع هذا المنكر . 

المعلم : سنحاول نحن أولاً يا أبنائي .

طالب ( 2 ) : ولكن يبدو أننا سنبحث عن سراب .. يا معلمي .

المعلم : تقصد هوية المجرم مثلاً ؟!

طالب ( 2 ) : هويته أو صورته .. أو أي شيء يدل عليه .

المعلم : لقد يسرنا لكم الأمر واستطعنا رسم صورة تقريبية له .

طالب ( 1 ) : جميل .. هذا سيساعدنا كثيراً .

المعلم : و .. ولكن الصورة سرقت منا هذا اليوم .

طالب ( 1 ) : فظيع .. إلى هذا الحد ؟!

المعلم : ولكني أستطيع أن أصفه لكم .

طالب ( 1 ) : وهل رأيته من قبل يا معلمي ؟

المعلم : في الصورة فقط !

طالب ( 2 ) : لا بأس .. صفه لنا .

المعلم : هو رجل ظاهره الصلاح والخير ولكن باطنه السوء والشر .

طالب ( 2 ) : أعوذ بالله .. هذا منافق .

المعلم : كلامه جميل .. وقعله أقبح من القبح .

طالب ( 1 ) : هذا إمام المسجد .

المعلم : لا تذهب بعيداً يا بني .

طالب ( 1 ) : ( محتداً ) ولما يا معلمي ألم يقم إمام المسجد بالسطو على مراجعات الجامع الكبير .

المعلم : فعلها بعض أعوانه .

طالب ( 2 ) : ألم يستغل الأموال التي جمعت للتوسعة لمصالحه الخاصة .

المعلم : ولكن المجرم أكبر وسلطته أقوى .

طالب ( 1 ) : وكيف ذلك يا معلمي ؟

المعلم : إنه يأمر بالسرقة هنا ويقوم بالسرقة هناك .. والإمام لا يفعل هذا بمفرده .

طالب ( 2 ) : إذن هو رئيس الجند ..

المعلم : لا .. لا .. لا يمكن .. مستحيل .

طالب ( 1 ) : إنه يفرض الإتاوات على الناس ثم يجعلها في أمواله الخاصة .

المعلم : رئيس الجند !

طالب ( 2 ) : كم هي التي حفظت عنده وقيدت ضد مجهول لأنهم يدفعون له ؟!

المعلم : رئيس الجند !

طالب ( 1 ) : بالتأكيد .. لقد استولى قبل أيام على الكثير من الحوانيت والدور .

المعلم : لا .. لا .. لا يمكن أن يكون حاميها .. حراميها .

طالب ( 2 ) : ولكنها سرقة بدعوى المصلحة العامة وحفظ النظام .

المعلم : وي !! وكيف ذلك ؟

طالب ( 1 ) : إنه يعتدي على دور الضعفاء وأراضي المسلمين ثم يعدو فيحوزها ويبيعها لصالح القلعة بالأموال الطائلة .

طالب ( 2 ) : هذه هي السرقة البيضاء .. يا معلمي .

المعلم : وكيف يرضى أمير القلعة بذلك ؟!

طالب ( 1 ) : إنه شريكه في الجرم المشهود .

المعلم : والقاضي وشهيد التجار .. وغيرهم .. وغيرهم ..

طالب ( 2 ) : إنهم في الهواء سواء ..  

طالب ( 1 ) : إيه يا معلمي .. لم تعد يد قذرة واحدة .. بل أياد كثيرة .

المعلم : ... حسناً .. انسوا الموضوع وعودوا إلى مقاعدكم ..

الجميع : ؟!!!

 ســــــــتارة