حدث في بلاد الأقدام

حدث في بلاد الأقدام

محمد علي البدوي 

[email protected]

  - أي زمن هذا الذي نعيشه .. زمن العقول أم زمن الأقدام ؟!

المشهد الأول

المنظر : مجلس الوالي .

المشهد : يدخل الحاجب مسرعاُ .

الحاجب ( فزعاً ) : مولاي .. مولاي .

الوالي : ماذا هناك ؟ ماذا دهاك ؟ وماذا وراءك ؟

الحاجب : السلام عليكم ( يصافح الجميع ويعانق الوالي )

الوالي ( في ضجر ) : اووووه .. قل ماذا أصابك يا حاجبي ؟

الحاجب : أبداً .. أبداً .. وفد بني عمنا .. على الباب .. يستأذنون بالدخول .

الوالي : ماذا ؟ أبناء عمومتنا يستأذنون .. يا للعار والشنار .

الحاجب : هل تأذن لهم يا مولاي ؟

الوالي : أحمق !! فليدخلوا فوراً .. فوراً .

الحاجب : وفد بني عمنا ...

( يدخل الوفد فيستقبلهم الوالي بكل حفاوة وترحيب )

الوالي : يا مرحباً .. يا مرحباً ..  بابن العم ووفده الكريم .

الشاعر : أشرق النور وبانا ... مرحباً بمن أتانا

           أيها الزائر أهلاً ... لك في القلب مكانا

الوالي : أحسنت .. أحسنت أيها الشاعر .. امنحوه عشرة آلاف درهم .

الشاعر : مرحباً بمن وصل          في العيون واتصل

           دارنا هي المحل            في القلوب والمقل

الوالي : عظيم .. عظيم .. امنحوه عشرة آلاف أخرى من بيت مال المسلمين .

الشاعر : اووووه .. هذا كثير .. كثير يا مولاي .

الوالي : حسناً .. اجعلوها ألف درهم فقط .

الشاعر : لا .. لا .. لقد كنت أمزح .. أمزح فقط .. يا مولاي .                    ( يخرج )

الوالي : مرحباً  بابن عمنا .. وفده الكريم .. مرحباً بكم جميعاً .

ابن العم : أكرمك الله .. يا مولاي .. وأدام عزك .

الوالي : أيها الحاجب .. أيها الحاجب .

الحاجب : السلام عليكم ( يعانق الجميع والوالي أيضاً ) .

الوالي ( في ضجر ) : حاجبي .

الحاجب : واجب الضيافة يا مولاي .

الوالي : أحسنت .. فلتقم الأفراح .. والليالي الملاح .

الحاجب : الأفراح والليالي الملاح .

الوالي : وزيدوا في أجور العمال .. وارفعوا المكوس عن الناس .

الحاجب : المكوس .. والناس .. الأفراح والليالي الملاح . ( يخرج )

الوالي : أهلاً .. وسهلاً بالجميع .. حياكم الله وبياكم الله .

ابن العم : ما شاء الله .. لقد بسط الله لك في الملك والسلطان .

الوالي : ما شاء الله ولا حول ولا قوة إلاّ بالله .

ابن العم : ولقد أحببنا زيارتكم حتى .. حتى .. تقوى العلاقة .

الوالي : العلاقة !! نعم .. نعم .. أهلاً وسهلاً بالعلاقة .. ولكن أين هي ؟!

ابن العم : من يا ابن العم ؟

الوالي : العلاقة ! لماذا لم تأتي معكم !

ابن العم : ها .. ها .. أقصد القربى والرحم .. الرحم يا مولاي .

الوالي : ها .. ها .. أعرف ذلك .. أعرف .. حياكم الله .. حياكم الله .

ابن العم : وإن عندنا لرأي .. نرجوا أن توافقنا عليه .

الوالي : قل يا ابن العم .. فرأيك سديد .. وأمرك مطاع .

ابن العم : أنت تعلم يا ابن العم .. أن شعوبنا تحب لعبة الأقدام .

الوالي : بالطبع .. شعبي كله يلعب هذه اللعبة ويجيدها .

ابن العم : جميل .. جميل .

الوالي : والذي لا يلعب عندنا يشجع .. الحمد لله .. الأمة كلها تلعب ..

ابن العم : فما رأيكم .. دام عزكم .. أن نقيم مباراة بيننا وبينكم .

الوالي ( مطرقاً ) : مباراة وبيننا وبينكم !!

ابن العم : الرياضة .. تقرب الشعوب وتزرع المودة بين الناس .

الوالي : الرياضة تفعل كل هذا !!

ابن العم : وأكثر .. وأكثر يا ابن العم .. ما رأيكم دام فضلكم ؟

الحاجب ( مقاطعاً ) : نوافق .. نوافق .. ونبارك هذا الرأي .

الوالي ( مقاطعاً ) : أيها الحاجب ..

الحاجب (  وقد خفض صوته ) : نوافق .. نوافق .. بعد موافقتكم السامية .. يا مولاي . ( يخرج )

الوالي : لا بأس .. نوافق . ولتكن المباراة على ملعبنا وبين جمهورنا .

ابن العم : لو أذن مولانا .. وابن عمنا .. أنتم أسياد هذه اللعبة ..

الوالي : نعم .. نعم .. نحن أسياد هذه اللعبة وأنتم الموالي .

ابن العم : فلو كانت المباراة على ملعبنا وبين جمهورنا..

الوالي : لا بأس .. لا بأس .. اتفقنا .. على بركة الله .

( يدخل رجال الإعلام ويلتقطون الصور التذكارية لهما )

مذيع1 ( للوالي ) : ماذا يقول مولاي بمناسبة اللقاء المرتقب ؟

الوالي : أقول أن اللقاء ودي والمباراة حميمة بين أبناء العمومة .

مذيع1 : ما هي أبرز استعداداتكم الجارية للمباراة ؟

الوالي : ليس هناك استعدادات .. فالمباراة كما أسلفت ودية وحميمة .

مذيع2 : ابن العم ماذا يقول بمناسبة لقاءكم مع بلاد الأقدام ؟

ابن العم : أقول أن الكلمة النهائية نتركها للميدان .. الميدان فقط .. وشكراً .

الحاجب ( رافعاً صوته ) : الطعام جاهز .. يا مولاي .

الوالي : تفضلوا .. تفضلوا أيها السادة على مائدتنا العامرة .. تفضلوا ..

ستارة

المشهد الثاني

المنظر : مجلس الوالي .

المشهد : يدخل الوالي مغضباً وخلفه الحاجب .

الوالي : ما هذا الكلام الذي تقوله أيها الحاجب ؟!

الحاجب : هذا الكلام الذي تقوله صحفهم ويردده إعلامهم .

الوالي : لا يمكن .. مستحيل .

الحاجب : عليّ بالصحف والمجلات .

( أحد الحراس يقدم له مجموعة من الصحف )

الحاجب : انظر .. اقرأ يا مولاي .

الوالي : احم .. احم ..

الحاجب : عفواً .. لقد نسيت أنت لا تعرف الكتابة والقراءة .. انظر .

الوالي : نعم ..

الحاجب : الخبر الأول : نحن أسياد لعبة الأقدام !! ورجالنا سيثبتون ذلك .

الوالي : هم أسياد اللعبة ..

الحاجب : الخبر الثاني : اشهد يا تاريخ واكتب يا زمن نهاية أسطورة بلاد الأقدام .

الوالي : الويل لهم ..

الحاجب : لقد جلبوا أمهر اللاعبين وأفضل المدربين العالميين من أجل هزيمتنا .

الوالي : لا .. لا .. لا يمكن .

الحاجب : وأخشى ما أخشاه .. أن يستعملوا السحر والشعوذة من أجل هزيمتنا .

الوالي : هذا كثير .. كثير .. نحن أسياد اللعبة ويجب أن ننتصر .

الحاجب : نعم يجب أن ننتصر .

الوالي : أيها الحاجب .. دونك بيت مال المسلمين خذ منه ما تشاء .. أريدها هزيمة نكراء .. نكراء 

الحارس ( مسرعاً ) : مولاي .. لقد بدأت المباراة .

الوالي : ماذا !! إنها خيانة !!

الحاجب : لقد فعلها الأوغاد .

الوالي : جهزوا لي ديوان المشاهدة .. أريد أن أشاهد المباراة .

الحاجب : لا يمكنك يا مولاي .. إنها مشفرة .

الوالي : مشفرة !!

( يدخل أحد الجنود مضرجاً بدمائه )

الجندي : مولاي .. مولاي .. النجدة يا مولاي .

الوالي : من هذا ؟ وما الذي حدث لك أيها الجندي .

الحاجب : إنه أحد أعضاء الوفد المرافق للبعثة .

الجندي : لقد هُزمنا يا مولاي .. سُحقنا .. كان التحكيم في صالحهم وحدث شغب جماهيري كبير..

الوالي : آه .. الويل لهم .

الجندي : اعتدوا على لاعبينا وهاجموا سفارتنا وحطموها يااااااااااامولاي               ( يسقط )

الوالي : إنه إعلان للحرب .. الحرب .. الحرب .

الجميع : الحرب .. الحرب .

الحاجب : ولكنهم أبناء عمومتنا !

الوالي : أصمت أيها الأبله .. ألم تقم حرب البسوس من أجل ناقة فلتقم حرب الأقدام من أجل لعبة .

الحاجب : الحرب .. الحرب .

الوالي : أعدوا العدة .. أيها الجنود .. هيا إلى الحرب .

( أصوات طائرات ودوي مدافع وطلقات رصاص )

ستارة