الماضي الكهل والحاضر الفتي

ماجد بن سليمان

[email protected]

صالة جانبية.. طاولات صغيرة.. يبدو رجل كهل بجانبه فتىً يافع..

الكهل: أين أباك يا فتى؟

الفتى: ذهب إلى السوق ليشتري بعض الحاجيات.

الكهل: هل ذهب للتو؟

الفتى: لا يا جدي خرج قُبيل الظهر.

الكهل: يسر الله أمره فأبوك رجلٌ كادح منذ أن خلقه الله على هذه البسيطة.

الفتى: كادح!؟.. ما معنى كادح يا جدي؟

الكهل: كادح يا بني تطلق على الرجل الساعي بجهدٍ زائدٍ عن الحد المعقول في أمور الحياة.

الفتى: آآآآ.. وأنت يا جدي هل كنت كادحاً في حياتك؟

الكهل: نحن الجيل الأول مررنا بظروف أصعب من ظروفكم هذه، فلم نعرف من الحياة إلا القليل من الراحة فقد كان طلب الرزق يتطلب الكثير من العناء والتعب.

الفتى: وهل كنتم تملكون المال الوفير؟

الكهل: يا بني المال لم يكن بالنسبة لنا إلا وسيلة نقضي بها لوازمنا المتواضعة ليس مثل هذا الوقت فالمال بالنسبة لأهل هذا الوقت هو الهدف الأول والأخير.

الفتى: إذا مالحياة يا جدي بدون المال فلولاه بعد الله ما حيينا.

الكهل: أعلم يا بني ولكن ليس باللهث وراءه، وقهر الناس من أجله، وأخذه بغير الحق، وأكله بالباطل.

الفتى: لم أفهم يا جدي كلامك غريب!!

الكهل: لا غرابة في كلامي فأنت لم تريد توضيحاً أكثر مع أن كلامي واضح.

الفتى: وضح يا جدي وضح.

الكهل: اللهث وراء المال أي تضييع الصلوات والعبادات المفروضة من أجله وقهر الناس وأخذه بغير الحق أي سرقته أو إرغام الضعيف على دفعه، وأكله بالباطل كأخذه بالربا وبالحيلة.

الفتى: يا إلهي أهناك أناس يفعلون كل هذا.

الكهل: وأكثر يا بني، سترى أمثلة كثيرة ومشاهد عديدة إن أطال الله في عمرك.

الفتى: رباه اللهم استر علي وعلى إخوتي وأهلي، هذا أمرٌ جدُّ خطير ياجدي.

الكهل: هذا غيض من فيض لكن التقوى التقوى يا بني فما خاب من اتقى.

.... يدخل الأب وبيده بعض الأغراض...

الكهل: أهلا يا بني.

الأب: أهلا  يا أبي يا نوراً في هذا البيت.

الكهل: النور نور الإيمان الذي نعمر به بيوتنا يا بني، وأنت من المؤمنين إن شاء الله.

الأب: أطال الله في عمرك على الطاعة.

الفتى: طبت مساءً يا أبي.

الأب: طاب مساؤك يا بني، ما صنعت اليوم؟

الفتى: أتممت صلواتي في وقتها، وأنهيت دروسي كما يجب، وجلست مع جدي للتو.

الأب: بارك الله فيك نِعم الفتى أنت.

الكهل: أسأل الله أن يبارك فيه ويجعله ذخراً لك على الطاعة وفعل الخير.

الأب والفتى: ولك مثلها يا أبا الجميع.

 .... ســـتار...