د. عبدالله الشمري لـ"الشرق": الأمير تميم رسَّخ قيادته في المنطقة بالسلام والحوار (2-2)

الأزمة الخليجية نقطة فارقة في تاريخ قطر

د. عبدالله الشمري المحلل السياسي المختص في شؤون الخليج لـ"الشرق":

مخطط لوضع مكة المكرمة تحت إدارة مشتركة مشابهة للفاتيكان

القيادة الإماراتية أصابها الغرور بعد الانقلاب العسكري المصري

بانون يعتزم تأليف كتاب جديد يكشف معلومات دقيقة حول الانتخابات الأمريكية

تغلُّب قطر على الحصار أعطى أملاً بعودة الاستقرار في المنطقة 

وزير الخارجية القطري تفوَّق على وزراء الحصار بدبلوماسيته المحنَّكة 

رفض القيادة القطرية الاستسلام لأطماع المحاصرين عزَّز صمود القطريين 

الغرب يقدِّر لقطر التزامها بتعهداتها واتفاقاتها حتى مع دول الحصار

أطماع أبوظبي تتقاطع مع المخططات الصهيونية والاستعمارية في المنطقة

 أشاد الدكتور عبدالله الشمري، المحلل السياسي المختص في شؤون الخليج، برؤية حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى لقضايا المنطقة، مؤكداً أن سموه رسخ قيادته في المنطقة بالسلام والحوار، وذلك على عكس غالبية القادة بالمنطقة الذين فرضوا زعامتهم بالحرب والدماء.

وأكد في الجزء الثاني من حواره مع "الشرق"، أن قطر صار لها نفوذ قوي ومتجذر في العالم العربي والإسلامي، وذلك من خلال شبكة العلاقات التي نسجتها في السنوات الماضية، لافتا إلى تقدير الغرب لها لالتزامها بتعهداتها واتفاقاتها حتى مع دول الحصار.

وشدد على أن القيادة الإماراتية انتابها الغرور بعد نجاح الانقلاب العسكري المصري، مشيرا إلى أن أطماع أبوظبي تتقاطع مع المخططات الصهيونية والاستعمارية في المنطقة.

وإلى نص الحوار ..

* تحدثنا في الجزء الأول عن أسباب الحصار.. برأيك كيف ترى تعامل قطر مع الأزمة الخليجية؟

- لا شك أن قطر صار لها نفوذ قوي ومتجذر في العالم العربي والإسلامي، وعلى صعيد المجتمع الدولي، وذلك من خلال شبكة العلاقات التي نسجتها في السنوات الماضية، والتي تأسست على المصالح الاستراتيجية المشتركة، سواء السياسية أو الاقتصادية، وقد مارست ذلك بذكاء شديد، وأعتقد أن هذه رؤية أرساها الأمير الوالد حمد بن خليفة "حفظه الله"، وسار عليها وعززها صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي رسخ قيادته بالسلام والحوار، عكس غالبية القادة بالمنطقة الذين فرضوا زعامتهم بالحرب والدماء.

وقد كانت الأزمة الخليجية نقطة فارقة في تاريخ قطر، ذلك أن رفض القيادة القطرية الاستسلام لأطماع دول الحصار، ووقوفها ضد الهجمة عليها بكل قوة وثبات، شجع الشعب القطري على أن يصمد أمام هذا الاعتداء السافر، وأن يلتف حول قيادته بكل شجاعة، كما دفع العالم العربي والإسلامي إلى التضامن مع قطر ومساندتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنابر المختلفة، وكأنهم، وبعد فترة يأس، وجدوا في الأمير تميم القائد الذي تتوافر فيه كل مواصفات القيادة والمروءة والشهامة، وذلك بعد أن وقف ضد المشروع الذي لا يستهدف قطر فقط، وإنما يستهدف الأمة جمعاء.

تقدير غربي لقطر

* كيف ترى نظرة المجتمع الدولي والعالم الغربي لقطر؟

- لقد حازت السياسة القطرية إعجاب وتقدير كافة الدول المهمة والمؤثرة حول العالم، لما حرصت عليه من التزام بتعهداتها واتفاقاتها، حتى مع الدول الساعية لزعزعة استقرارها والمساس بسيادتها.

كما أن التزام قطر باستمرار اتفاقية تصدير الغاز مع الإمارات، رغم أنها تقود الحصار، وتخطط لضرب المصالح القطرية داخل قطر وخارجها، أبهر العالم كله وجعل الجميع يقدر التزام قطر بتعهداتها، بل وبات ينظر للاتهامات الموجهة إليها، باعتبارها محض أكاذيب، ولسان حال العالم يقول: لا يمكن لدولة تلتزم بالاتفاقات والمعاهدات الدولية أن تدعم الإرهاب أو أن تسهم في زعزعة استقرار الدول الأخرى.

* برأيك هل استفادت قطر من الأزمة؟

- كما قلت لك، فقد استفادت قطر من الأزمة بشكل كبير، بينما خسر الجانب الآخر كل شيء؛ فقد تحررت قطر من القيود الأخلاقية والقانونية التي كانت تطوقها، وأصبحت الآن بمثابة دولة عظمى، رغم صغر حجمها، وأنا شخصيا عند بداية الأزمة كتبت: أمام قطر خياران لا ثالث لهما، إما أن تكون عظمة أو تكون عظمى، ويبدو أن القيادة القطرية أصرَّت على أن تكون .. قطر عظمى.

* تتحدث تقارير عن مخطط صهيوني غربي لتقسيم السعودية.. إلى أي مدى يمكن تنفيذ هذا الأمر؟

- أعتقد أن الغرب قد خطط لتقسيم السعودية، لكنه يخشى تنفيذ هذا المخطط في الوقت الحالي خوفاً من انتشار الإرهاب، لكنه في الوقت ذاته يسعى لتطويق المملكة عن طريق فصل بعض المناطق عنها إداريا، فمكة المكرمة قد تصبح تحت إدارة مشتركة إقليمية وإسلامية، وتكون مشابهة للفاتيكان، ومناطق النفط قد تصبح تحت سيطرة دولية خوفا من وصول الإرهابيين إليها.

* كيف ترى أداء الدبلوماسية القطرية؟

- في الحقيقة لقد وضع الشيخ محمد بن عبدالرحمن في بداية الأزمة العالم أمام مسؤولياته واستحقاقاته، واستطاع أن يتفوق على وزراء خارجية دول الحصار بدبلوماسية رائعة، وهدوء متزن أربك قادة دول الحصار، وكسب بذلك تضامن الدبلوماسية العالمية مع قطر، وفي المحصلة وجدنا دول الحصار محاصرة دولياً.

*وماذا عن القيادة السعودية الجديدة التي فيما يبدو أنها في معاداة مع الجميع، بما في ذلك المؤسسات الأمريكية؟

* لا شك أن القيادة السعودية الجديدة راهنت فقط على ترامب، وتجاهلت المؤسسات الأمريكية الأخرى المسيطرة على القرار الأمريكي "الدولة العميقة"، والتي تتمثل في وزارتي الدفاع والخارجية والاستخبارات، إضافة إلى بعض الأعضاء النافذين في الكونجرس، ومن خلال قراءة متأنية للتاريخ، سنكتشف بكل سهولة أن من وقف ضد الدولة العميقة الأمريكية خسر في النهاية، وشاه إيران والسادات والملك فيصل وصدام وبن علي ومبارك، خير دليل على ذلك، فلذلك لا أستبعد بدرجة كبيرة أن يعود بن نايف مرة إلى قيادة المشهد السعودي.

خيانة الشعب السوري:

*هل تتفق مع بعض الآراء التي وصفت الدور السعودي في سوريا بأنه كان دوراً لصالح النظام وليس لثورة الشعب السوري؟

- من خلال اطلاعي على محاضر اجتماع بين الأمير مقرن بن عبدالعزيز "المبعوث السعودي إلى سوريا" ومسؤولين سوريين، وجدت أن السعودية كانت حريصة على مصالحها الشخصية في سوريا ولبنان، خاصة أنه لم يتحدث نهائيا عن مطالب الشعب السوري، أو عن إصلاحات سياسية تجريها الحكومة السورية، كما طالب بذلك المبعوث القطري، لذلك أرى أن الموقف السعودي كان خيانة لدماء الشعب السوري.

غرور القيادة الإماراتية:

* لماذا تصر القيادة الإماراتية على السير عكس اتجاه التاريخ وتحرص على معاداة الشعوب العربية؟

- للأسف الشديد، فبعد نجاح الانقلاب العسكري في مصر، وما تبع ذلك من انقلابات، حيث لعبت الإمارات الدور الأبرز في انقلاب مصر، ومن ثم سيطرت على القرار المصري، حدث لها نوع من الغرور، ورأت أن بإمكانها السيطرة على المنطقة العربية بأسرها، بعد أن سيطرت على مصر، قلب العالم العربي وأم الدنيا وأبو المنطقة العربية، وقد تقاطعت أطماع القيادة الإماراتية مع المخططات الصهيونية والاستعمارية الخبيثة في المنطقة، وغدا كل طرف يدعم الآخر لتحقيق أهدافه، كما أن القيادة الإماراتية وجدت أن إسرائيل هي بوابة أمريكا والعالم الغربي، فحاولت استرضاءها وتقديم فروض الطاعة إليها، على حساب ثوابت الأمة.

* هل بمقدور الرئيس الأمريكي مواصلة تنفيذ أفكاره ومشاريعه في المنطقة بعيدا عن المؤسسات الأمريكية؟

- أتصور ان ترامب لم يعد بطة "عرجاء" فقط، وإنما فقدت رجليها كاملة، خاصة أنه يقترب يوما بعد يوم من المحقق روبرت مولر، كما أن هناك حقائق أخرى لم تُكشف بعد، وستيف بانون يعتزم تأليف كتاب آخر يكشف فيه عن معلومات دقيقة حول الانتخابات الأمريكية وكيفية وصول ترامب للرئاسة، وبالتالي أعتقد أنه لن يستطيع أن يستمر في صراعه ومواجهته مع المؤسسات الأمريكية النافذة (الدولة العميقة).

الاستقرار في المنطقة

* ما انعكاس الأزمة الخليجية على الشارع العربي وخاصة دول الثورات؟

- في اعتقادي أن الفترة الماضية شهدت انحسارا واضحا للربيع العربي، وصعود حلف الثورات المضادة بقيادة زعماء دول الحصار، وربما كنا سنشهد غيابا تاما لرموز ومؤيدي الثورات العربية والإصلاح في المنطقة، لكن بعد اندلاع الأزمة الخليجية وتفوق قطر، وانتصارها تغيرت المعادلة وبدا هناك أمل بعودة الاستقرار في المنطقة وتحقيق طموحات الشعوب العربية وتطلعاتها.

وسوم: العدد 756