الدكتور عزت النمر المحلل السياسي المصري للشرق: نظام السيسي وراء جميع تفجيرات أعياد المسيحيين

مصر تعيش حالة من السيولة وقائد الانقلاب نسف مفهوم الدولة

السيسي لن يخرج من الرئاسة طوعاً وسيسعى ليخلفه نجله

رعاة الثورة المضادة الخليجيون يستبقون أي بعث جديد للربيع العربي

التفجيرات تهدف لشغل الشعب المصري عن حراك السودان

الانقلاب يعيش هستيريا الهلع من حراك الشعب السوداني

نظام السيسي يقدم نفسه للغرب بالتفجيرات كمحارب للإرهاب

أمن الدولة منع محلات مواد البناء من بيع السترات الصفراء

شهادة مبارك في محاكمة مرسي تهدف لتحطيم أمل الشعوب والأحرار

إسرائيل صنعت مشهد المحاكمة لوضع الثورة والمقاومة في قفص الاتهام

أكد الدكتور عزت النمر المحلل السياسي المصري أن نظام السيسي يقف خلف جميع التفجيرات التي تحدث قبل أعياد المسيحيين، موضحاً أن مصر تعيش حالة من السيولة والفشل الأمني، لافتاً إلى أن التفجيرات الاخيرة تهدف لشغل الشعب المصري عن حراك السودان.

وشدد في حواره مع "الشرق" على أن السيسي نسف مفهوم الدولة، ولن يخرج من الرئاسة طوعاً بل سيسعى ليخلفه نجله، مشيراً إلى أن جهاز أمن الدولة منع محلات مواد البناء من بيع السترات الصفراء، معتبراً ذلك مؤشراً على هلع النظام. ورأى أن شهادة مبارك في محاكمة مرسي تهدف لتحطيم أمل الشعوب والأحرار، كاشفاً أن إسرائيل صنعت مشهد المحاكمة من أجل وضع ثورة يناير التي يمثلها الرئيس مرسي والمقاومة في قفص الاتهام.

وإلى نص الحوار..

*اختتم النظام المصري عام 2018 بتصفية 40 شخصا عقب حادث تفجير أتوبيس سياحي.. من برأيك يقف خلف الحادث؟

*بداية فإن المشهد بأثره يدمي قلب أي مصري حر، ويهتف في الجميع أن خلصوا مصر من هذا الكابوس وأنقذوا الوطن قبل فوات الأوان.

وفي الواقع، فإن الأحداث تقول إن مصر اليوم تعيش حالة من السيولة وغياب الأمن وتنفي أي حديث عن دولة القانون، لأن السيسي نسف مفهوم الدولة واقعاً بعد أن وصفها بأنها شبه دولة، وبالتالي أعتقد أن تفجير الأتوبيس كان مقصوداً ليتم التصفية كنتيجة وعقاب.

أعياد المسيحيين:

*لكن الداخلية اعتبرت تصفية الـ40 رداً على حادث الأتوبيس؟

*غير صحيح، فلا أحد في مصر يصدق الداخلية عبر تاريخها كله، فنحن لم نجرب عليها مصداقية ولو لمرة.. وحتى إن قبلنا تصريحاتها فالحادث يثبت الفشل الأمني الذريع، بل ربما يؤكد وجود تواطؤ في الإضرار بصورة مصر والوضع الأمني بها.

علماً بأن الواقع والتاريخ يشيران إلى أن نهايات شهر ديسمبر وأيام أعياد المسيحيين تظل في العادة موسم التفجيرات التي يقوم بها نظام العسكر، ولو تتبعنا التاريخ سنجد الأمر سيناريو مكررا خلال السنوات الماضية، ولعل الأبرز فيها حادثة كنيسة القديسين، والتي أكدت تحقيقات ما بعد ثورة يناير ضلوع حبيب العادلي فيها، ومن بعدها حوادث كثيرة في هذا السياق تكررت في مثل هذا التوقيت، لذا أعتقد أن النظام هو الفاعل الحقيقي وليس متواطئا وله من وراء ذلك عدة أهداف.

* ما هي هذه الأهداف؟

*الأهداف تتمثل في:

- التغطية على فضيحة شهادة مبارك وما حملته من فضائح واتهامات مباشرة لمبارك نفسه وللسيسي مسؤول الاستخبارات الحربية حينها.

- شغل الرأي العام الداخلي عن أزمات النظام وفشله الاقتصادي وعن ارتفاع الأسعار وحالة الاحتقان والغضب الشعبي من جراء ذلك.

- كذلك شغل الشعب عن حراك الشعب السوداني في الجنوب، خاصة وأن ما يحركه هو الأسباب نفسها التي يئن منها المصريون الآن.

- رسالة للغرب يريد فيها النظام التأكيد على تقديم نفسه كمحارب للإرهاب لمزيد من غض الطرف عن مآسي حقوق الإنسان والحريات.

- فرصة للنظام للتوسع في التصفيات الميدانية وتقديم نفسه في الداخل كنظام دموي سيواجه أي معارضة بالقتل المباشر في الشارع.

- استخدام هذا الحادث المفتعل للمزيد من الإفراط في أحكام قضاء التلفيق سواء بالاعدام أو إجراءات السجن المشدد القاسية الجائرة.

*هل يستغل السيسي هذا الحادث أيضا للإقدام على تعديل الدستور؟

*بداية لا نريد أن نضفي على دستور الانقلاب شيئاً من الشرعية أو الوقار، ونحن نعرف كيف كُتب هذا الدستور ومن كتبه، فهو جنين سقط وُضِعت نطفته سفاحاً في ظل دبابة.

أما عن سؤالك فأعتقد أن السيسي لا يعرف معنى كلمة دستور ولا موقعه في الدول، فضلاً عن أن يحترمه أو يحسن التعامل معه.

فالسيسي يستخدم الدستور لحماية شخصه ونظامه فقط، أما ما سوى ذلك فالدستور لا يساوي عنده ورقة كلينكس غير نظيفة، خاصة وهو مطمئن لجوقة المنافقين وحملة المباخر في الاعلام وفي مجلس العار.

كما أن السيسي يعلم يقيناً أن مصيره الشنق أو السجون حال خرج من موقع الرئاسة المغتصبة، لذلك فقراره واضح أنه لن يخرج منها طوعاً مدى حياته، بل إنه سيسلك مسلك كل الطغاة والمستبدين وسيسعى أن يخلفه نجله بعد هلاكه. وهذه هي عقلية السيسي، وهي دليل آخر على غبائه لأنه لم يتعلم من سلفه مبارك أو مما لقيه المستبدون المعاصرون كالقذافي وصالح، لكنها مدرسة الاستبداد التي لا تعي ولا تفيق إلا تحت أقدام الجماهير، وهذا هو مصير السيسي القريب والأيام بيننا.

الحراك السوداني:

 *كيف ترى تأثير الحراك السوداني على وضعية النظام المصري؟

*لا شك أن العالم من حولنا وحتى أوروبا وأمريكا يعيش حالة من عدم التوازن، وطبيعة الأنظمة الشمولية والاستبدادية أنها تُبنَى على الخوف وتحيط بها الهواجس، لذا فأرى أن نظام السيسي يعيش حالة من الرعب والهلع مع كل صوت يعلو للشعوب والجماهير.

وبالأمس القريب منع نظام الانقلاب بيع السترات الصفراء وأضحت محلات تجارة مواد البناء مجبرة على التواصل مع أمن الدولة، وتم اعتقال محام لأنه أخذ صورة بسترة صفراء، وهذا كما نعلم حدث في فرنسا البعيدة وذات الديمقراطية العتيدة، فما بالنا والحراك وهدير الجماهير هذه المرة أتى من الجار الجُنب، والشعب الذي يربطنا به شريان الحياة ونشترك في الجوار والمصير.

لذا أجزم أن النظام يعيش هستيريا الهلع من حراك الشعب السوداني، وكعادة الأنظمة الديكتاتورية فإن العسكر في مصر سيشددون هذه الأيام من القبضة الامنية وتزداد حركة الاعتقالات، وربما تزداد حركة أحكام القضاء، وتتفجر قضايا تافهة للفنانين الساقطين وخلافات ملاعب الكرة، وتنشط في نفس الوقت جولات السيسي وفناكيشه وربما سقطاته الكوميدية من قبيل شغل الناس عن أي حراك للشعوب.

على الجانب الآخر سيسعى نظام السيسي بمشاركة رعاة الثورة المضادة في الخليج "السعودية- الإمارات" وربما بتواجد اسرائيلي في محاولات لتعويم البشير خوفاً من مجهول قد تأتي به الثورة السودانية، واستباقاً لأي بعث جديد للربيع العربي أو أن يعاود محطاته هذه المرة من السودان الشقيق. ثمة أمر أخير قد يسعى النظام في مصر عقد صفقة مع نظام البشير ليتسلم معارضي الانقلاب الموجودين في الداخل السوداني.

شهادة مبارك:

*ما شعورك عند رؤية حسني مبارك أثناء الإدلاء بشهادته على الرئيس مرسي؟

* كما قلت، فإن حضور مبارك للشهادة على الرئيس مرسي، هو إحدى تلك القضايا التي تستغل لصرف الأنظار عن فشل النظام داخليا وعن حراك الشعوب من حولنا، فقضاء شيرين فهمي وشركائه، ليس في حاجة للشهادة التي سيقدمها المخلوع، والجميع يعلم مقدماً زور شهادته، خاصة وأنه فاقد الأهلية والنزاهة والشرف باحكام نفس القضاء، خاصة في قضية القصور الرئاسية وغيرها.

*ألا ترى أن المشهد أثر في أنصار ثورة يناير؟

*لا شك أن المشهد كان محاولة لكسر وتحطيم الأمل لدى الشعوب والأحرار بتقديم صورة لانتصار الثورة المضادة، لكني أجزم أن مثل هذه المشاهد والقضايا لن تنال من عزيمة أحد، وقد رأينا الدكتور البلتاجي الذي أفسد عليهم المشهد وحاكمهم وألجمهم الخرص وهو في قفصه، وأنا شخصياً لم أر في المشهد إلا شيخوخة الاستبداد وتلعثمه في مقابل قوة حجة الثورة وحيوية الثوار، حتى وإن كانت ما زالت حبيسة القضبان والصدور.

دور إسرائيل:

*هل تعتقد أن لإسرائيل دوراً في مشهد المحاكمة؟

*نعم، فالمشهد برمته صناعة إسرائيلية حيث تريد اسرائيل بواسطة صبيانها في الأنظمة وكلابها في قضاء التلفيق أن تضع ثورة يناير ورموزها وأولهم أول رئيس مدني منتخب مع المقاومة في قفص الاتهام، وهذا طبعاً في ظاهره انتصار لاسرائيل.

 لكن الحقيقة والواقع أن ذلك يجمع الخبث كله في مزبلة واحدة، ويُفقد الشعوب أي ذرة صبر على أنظمة الخونة ويعريهم كأعداء للوطن وحلفاء وعملاء للعدو التاريخي إسرائيل.

وسوم: العدد 805