مع زهير سالم

وكالة (آكي) الإيطالية

إخوان سورية:

حزبنا ليس حكراً على الجماعة ولا ذراع عسكري لنا

زهير سالم

[email protected]

روما (14 تشرين الأول/أكتوبر) وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء

أكّد الناطق باسم جماعة الإخوان المسلمين في سورية أن الجماعة تنتظر الظرف المناسب للإعلان عن تشكيل حزب سياسي، وأعلن أن هذا الحزب لن يكون ذراعاً سياسياً للجماعة بل حاملاً وطنياً مفتوحاً ومستقلاً للأفكار والأهداف بمرجعية إسلامية، كما نفى وجود أذرع عسكرية للجماعة داخل سورية

وقال الناطق الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين في سورية، زهير سالم "بالنسبة لمشروع الحزب السياسي الذي أعلنت الجماعة عنه منذ أعوام من مرحلة ما قبل الثورة، ما زال مطروحاً بجدية على الأجندة الإخوانية، وهناك فريق إخواني على أعلى المستويات التنظيمية (نائب مراقب عام) متخصص في متابعة إخراج الفكرة إلى الواقع"

وأردف لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء "ربما من المفيد أن نضيف بأن الجماعة، وتفاعلاً منها مع معطيات الثورة والواقع، قد طوّرت فكرة هذا الحزب، بحيث لا يكون حزب واجهة أو ذراع سياسي، إلى حامل وطني مفتوح ومستقل للأفكار والأهداف إطار مدني متعدد ومفتوح بمرجعية إسلامية، وقد خطت الجماعة على طريق الإعلان عن هذه الحزب خطوات مهمة في تقرير الأدبيات وتجمع المشاركين واختيار بعض القيادات، وربما ينتظرون بعض الظروف السياسية المساعدة للإعلان عن هذا الحزب" وفق تأكيده

وفيما إن كانت الجماعة مازالت ملتزمة ببرنامجها السياسي السابق والذي يدعو لإقامة دولة دستورية مدنية ترفض حكم رجال الدين والتسلط والدكتاتورية والشمولية، قال سالم، الكاتب المقيم في لندن والقيادي البارز في الجماعة التي حظر عملها النظام السوري منذ 33 عاماً "إن مشروع الجماعة السياسي (2004) ومن قبله ميثاق الشرف الوطني (2001) ومن بعدهما وثيقة العهد والميثاق الوطني (2012)، كل هذه الوثائق هي تعبير عن رؤية إسلامية وفكرية وحضارية لجماعة الإخوان المسلمين ربما تميزها عن بعض الطروحات الإسلامية الأخرى". وأضاف "وربما تقرّبها أكثر من جمهور الشعب السوري الذي هو مدني ومنفتح بطبعه"

وقال "لا أذيع عليكم سراً أنه في إطار المداولات الداخلية، العديد من الإخوان الذين كانت لهم تحفظاتهم على الوثائق المذكورة في حينها لسبب أو لآخر، أصبحوا اليوم أكثر قناعة وتمسكاً بضرورة وبجدوى وبفائدة هذه الوثائق، المنتظر من رجال الشراكة الوطنية أن يعطوا الفرصة للغراس لتتحول دوحة وارفة تجمع وتحمي دائماً، ونحن نصرّ على أنه ليس في الإسلام رجال دين، ولا كنيسة ولا كهنوت، ودائماً نطالب بحكم مدني يتشاور فيه الناس على أمرهم ليحققوا الأصلح لشعوبهم ولمجتمعاتهم"

وتابع "إننا ننادي ليس بالدولة المدنية فقط، بل بالمجتمع المدني الموحد الذي يسقط فيه مفهوم الأقلية والأكثرية الموروثة ببعدها الطائفي المقيت ونبشر بمجتمع (أسنان المشط) في الحقوق والواجبات، ولا أدّعي أن الوصول إلى هذا المجتمع سهلاً وأنه سيواجه تحديات من ركام الماضي ومن محاولات أصحاب المصالح من كل الفئات لقطع الطريق عليه، ولكن العمل عليه يحتاج إلى حكمة وتعاون من كل الفرقاء" على حد تعبيره.

وعن الاتهامات التي توجّه لجماعة الإخوان المسلمين بوجود ذراع عسكري لها داخل سورية، قال سالم، مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية "أولاً، ربما من المفيد أن تعلموا أن الجماعة لم تكن من المندفعين أو المؤيدين لعسكرة الثورة، وقد تمسكنا لأشهر طويلة من المعاناة بخيار سلمية الثورة، ولكن بشار الأسد استطاع أن يجر الثورة إلى الميدان الصعب بإصراره على اختيار العنف المبالغ فيه أسلوباً ومنهجاً، وقد أسكت جميع المعارضين لهذه الفكرة بلجوئه إلى الاغتصاب كطريقة متناهية في الإذلال والاستفزاز معاً، ومن الضروري أن أثبت هنا أن لامبالاة المجتمع الدولي وصمته ومد الحبل لبشار الأسد ليتمادى في العنف والقسوة كان العامل الثاني في دفع السوريين لحمل السلاح للدفاع عن أعراضهم وأنفسهم، باختصار شديد (حمل السلاح لم يكن خياراً للسوريين بل كان مركب اضطرار) ونحن نقدّر الآن تبعات الثورة المسلحة وحاجتها المستمرة إلى تعاون المانحين الذي قلما يخلو من شروط" حسب قوله.

وأضاف "لقد أعلنت الجماعة موقفها منذ الأيام الأولى بأنها ليست صاحبة القرار في هذه الثورة وأن دورها هو تجنيد كل ما لديها من طاقات لدعم الثوار السلميين على الأرض أولاً ثم تطور الوضع لتجد الجماعة نفسها مع المركب في وسط اللجة" وفق وصفه.

وتابع سالم "نعتقد أن هناك جهاز خاص لدى بشار الأسد لإطلاق حملة دعائية سوداء ضد الجماعة، في كل يوم نسمع من يلصق بها تهمة، أو يفتري عليها افتراء، أليس عجيباً أن فتوى من عيار (جهاد المناكحة) تجد من يرويها ومن يصدقها ومن يتحدث عن آثارها، قالوا لا دخان بلا نار، ولكن أمام حالة لا نار فيها ولا دخان ولا ضباب غير الإفك والافتراء هذا ونحن في عصر تكنولوجيا المعلومات في القرن الحادي والعشرين"، وشدد على أن الجماعة "في الوسط الثوري العام تحاول أن تكون وأشدد على كلمة ـ تحاول أن تكون ـ على مسافة واحدة من كل الفرقاء الثوريين والسياسيين أيضاً" حسب تأكيده.

وأضاف "لم تشكل الجماعة أي فصيل عسكري تابع لها، أقله لأنها لا تمتلك الإمكانات المسهلة لذلك، وإن كنا على مستوى القناعات بأن المتغيرات على الأرض تفرض في كل يوم تحديات جديدة، استراتيجيتنا أن السياق الوطني هو المقدم على الحزبي في هذه الأيام" وفق قوله.

وحول المشاركة في مؤتمر جنيف 2، قال سالم "بعيداً عن التجاذبات، نحن نؤمن بأن الحل النهائي في سورية يجب أن يكون سياسياً وتوافقياً بين السوريين أنفسهم، وعندما أقول السوريين أسمح لنفسي بأن أحذف بين قوسين زمرة القتل والعنف بمرتكزاتها العسكرية والأمنية"، وأوضح "الحل السياسي التوافقي في سورية أكثر تعقيداً من أن يُحل في صندوق انتخاب، الحوار بين مكونات المجتمع السورية (الأهلية والسياسية) هو مدخلنا لوضع أسس الدولة التي يطمح إليها الجميع في إطار وطني مدني سابغ".

وبالتزامن مع رفض المجلس الوطني السوري الذي تعتبر جماعة الإخوان أحد ركائزه الأساسية المشاركة بمؤتمر جنيف 2، أوضح سالم "المؤتمر غير واضح المعالم حتى بالنسبة إلى الذين يدعون إليه، وهو سيكون جسراً لمصالح أصحاب المصالح الدوليين والإقليميين، كسوريين مصالح هؤلاء لا تعنينا كثيراً، ونعتقد أنه قد حان الوقت للمجتمعية السورية الصامتة والمتخوفة والمتربصة والمترددة أن تحسم أمرها وأن تفصل نفسها عن زمرة القتل وأن تتقدم بثقة لتمثل نفسها وأن تعبر عن مخاوفها ومصالحها، هذا هو الحوار الذي نحتاجه وندعو إليه ونحب أن ندعى إليه، وتابع "جنيف 2 بما يكتنف أهدافه وأطرافه من غموض ليس مطباً للسوريين، وأي مفاوضات لا يكون هدفها الواضح والمعلن الانتقال إلى بناء جديد لدولة مدنية عصرية ترسي قواعدها على دستور مدني يستمد الفرد كما تستمد الجماعة قوتها وسلطتها منه لن يكتب له النجاح" وفق تأكيده.

وتابع "لا نعلن (لا) للحوار الوطني، وإنما نعلن (لا) للحوار العبثي، لا للحوار مع قتلة الأطفال ومجرمي الحروب و(نعم) للحوار الوطني الجاد الهادف القاصد الذي يجب أن يؤسَّس ليؤسِّس لدولة المستقبل التي يحلم بها جماهير السوريين".