موهبة الطفل الأدبية.. كيف ننميها؟

حوار: هناء محمد

كل إنسان لديه موهبة كامنة بداخله، والبيئة المحيطة به تلعب دوراً أساسياً في إظهار هذه الموهبة أو كبتها، وعندما يجد الطفل البيئة التربوية الصحيحة تظهر مواهبه، وبالتالي على الأسرة والمؤسسات التربوية الأخرى العمل على تنمية هذه المواهب حتى يخرج جيل من الأدباء والمفكرين.

ولمعرفة دور وسائل الإعلام الخاصة بالطفل في تنشئة أطفال موهوبين، وأثر البيئة في إظهار الموهبة لدى الطفل، ودور اللعب والترويح في تنمية تلك المواهب، كان لنا هذا الحوار مع د. سيدة حامد عبد العال – مدرس أدب الأطفال بكلية الآداب جامعة حلوان-.

* سألت د. سيدة في البداية عن كيفية تنمية موهبة الكتابة عند الطفل؟

* التنشئة الاجتماعية الصحيحة تلعب دوراً كبيراً في تنمية مواهب الطفل، فهي تساعده على تنمية معارفه ومعلوماته، بمعنى أن تسهم الأسرة، من الأم، والأب، والجد، والجدة، كما يسهم المسجد والمدرسة ووسائل الإعلام وكل من له علاقة بالطفل، في تعريفه بمجتمعه وعاداته وتقاليده، وبالتالي تتسع مداركه وتظهر مواهبه.

وتؤكد الدكتورة سيدة حامد على ضرورة تشجيع الطفل على القراءة في مختلف أنواع المعرفة، وتعلم اللغة العربية الصحيحة وإتقانها، كما يجب أن تقدم لها نماذج لكبار كتاب الأطفال لينشأ نشأة سوية صحيحة، وبالتالي يستطيع أن يعبّر عما بداخله بلا خوف.

* هل تقدم برامج الأطفال المسموعة والمرئية النموذج المقبول لتنشئة أطفال موهوبين؟

* من الظلم التعميم بأن وسائل الإعلام لا تقدم ما هو مفيد للطفل، ولكن بعض البرامج تسطّح المعلومات، وتستهين بقدرات الطفل العقلية، ولا تراعي المراحل العمرية المختلفة، حيث إن لكل مرحلة عمرية حاجاتها المختلفة، سواء نفسياً أو ثقافياً أو اجتماعياً.

ولكن يجب أن ننظر إلى الطفل على أنه عقلية مفكرة، فالطفل العربي يتميز بالذكاء عن سائر أطفال العالم، طبقاً لبحوث الذكاء التي أجريت على بعض الأطفال من دول مختلفة، وكيف نستهين بعقلية الطفل، ونعتقد أنه لا يفهم بعض المعلومات والحقائق المبسطة، في حين أنه يستوعب عمليات الكمبيوتر المعقدة؟!.

وتوصي الدكتورة سيدة من يتعامل مع الطفل بأن يدرس علم نفس الطفل حتى يعرف ماذا يقدم له، وكيف يتعامل معه، وعلى الأسرة أن تراعي ما تقدمه للطفل، بحيث يكون مفيداً، وذا قيمة علمية أو ثقافية، ويضيف له جديداً في حياته، حيث إن الهدف الأساسي من أدب الأطفال هو تعليمهم.

* هل للترويح أثر في تنمية مواهب الطفل؟

* من أهداف أدب الأطفال الترفيه والترويح، لأن الطفل في مختلف مراحل نموه يحتاج – بجانب العلم والدراسة إلى الترفيه والترويح، وذلك عن طريق الرحلات وزيارة المتاحف، وارتياد الحدائق العامة، وزيارة الريف أو المصانع، كل هذه الأشياء تكسب الطفل خبرات، ويخرجه من الإطار الجامد إلى الحركة والتثقيف الذاتي، وهو هدف مهم يسعى إليه أدب الأطفال.

* هل للبيئة دور في تنمية مواهب الطفل؟

* نعم للبيئة دور مهم في تنمية المواهب، فطفل الريف أكثر حظاً من طفل المدينة، على عكس ما هو معروف، لأن طفل القرية عنده مساحات واسعة يلعب فيها، وينفّس عما بداخله في أجوائها، كما أن بساطة الحياة في الريف تجعل الأسرة أكثر قرباً وفهماً لأطفالها، أما طفل المدينة فإنه محبوس في مسكن ضيق، ويتنفس هواء ملوثاً، كما أن معظم الأسر تعمل فيها الأم والأب خارج البيت، والطفل لا يجد وقتاً لكي يقضيه مع والديه، ويقضي معظم الوقت بمفرده أو مع الخادمة، وبالتالي فإن كل هذه الأشياء تؤثر على طفل المدينة، وعلى مزاجه وتجعله أكثر عدوانية.

وتشير د. سيدة إلى أن معظم قمم الأدب والتاريخ والعلوم عاشوا في الريف، ولا زالوا مرتبطين به، حيث يجدون الهدوء والهواء النقي، والتجمع الأسري، ويجدون أيضاً وقتاً للتأمل.

* وكيف تستطيع الأسرة اكتشاف موهبة طفلها؟

* الطفل بطبيعته فنان موهوب بالفطرة، حيث إنه يستطيع أن يبكي ويضحك في آن واحد، ولهذا فمن المهم أن نتعامل مع الطفل على أنه فنان، لكن أي نوع من الفن يتقن؟

فالأسرة تستطيع أن تكتشف موهبة الطفل في القراءة مثلاً، إذا وجدت منه رغبة في شراء القصة أو المجلة، ويظل عاكفاً على قراءتها وحكايتها لأقرانه، وكذلك الطفل الذي يرسم أو يخطط على أي ورقة يجدها تكوّن عنده موهبة الرسم، وبالتالي فعلى الأسرة أن تنمي هذه الموهبة.

وتشير د. سيدة إلى دور وسائل الإعلام في إبراز أصحاب المواهب الحقيقية في برامجها ليست فقط موهبة الغناء – كما نرى.

* ما أمنيتكم لأدب الأطفال؟

* أمنيتي أن تضع الجامعات تدريس مادة أدب الأطفال في برامجها على اختلاف هذه الدراسات، لأنه لا يوجد هناك من ليست له علاقة بالطفل، فالجميع مرتبطون بالتعامل مع الطفل، سواء على مستوى الأمومة أو البنوة، أو حتى الدراسة والاحتكاك، وعلى هذا فدراسة أدب الأطفال يساعد الجميع على كيفية التعامل مع عقل الطفل الذي هو رجل المستقبل.