مع الناشط السوري الدكتور بسام العبدالله

الناشط السوري الدكتور بسام العبدالله:

حراك الانتفاضة عميق ومصمم لاقتلاع نظام حزب البعث بشكل جدي

النظام في دمشق جنس عشرات الآلاف من الإيرانيين بالتنسيق مع طهران

النبأ: حوار - ناصر البهدير

من الصعوبة بمكان إجراء حوار مع شخصية وأنت لا تعرف عن صاحبها الكثير سوى ومضات عبرت محيط الذاكرة ولامستها على عجل، وأنت في الطريق إليه لمقابلته في موقع الحوار. هذا ما كان، ولكن أزيح العبء عن الكاهل بمجرد انطلاق العبارة الأولى من مجريات الحوار مع الناشط السوري الدكتور بسام العبدالله العامل بمجال الدعوة الإسلامية في قارة أوروبا، والمحيط بالشأن السوري على مدى أربعين عاماً والمنشغل بوطنه السوري أينما حط رحاله بعيداً عنه، فلقد خرج مكرهاً يتأبط حبه وانتماءه الكبير لوطنه مما أكسبه قامة وهامة ارتسمت على محيا حديثه الجم والواضح مع صحيفة (النبأ) إبان زيارته الأخيرة لمملكة البحرين، فكان حديثاً بعمق غاص في تفاصيل الشأن السوري بشكل عام، وما يجري في سوريا الآن من انتفاضة شعبية عارمة بشكل خاص وبتفصيل شامل، فأفصح وأبان أكثر مما كنا نتوقع، على مدار ساعة من الزمان تفضل بها مشكوراً دون كلل وملل من سيل أسئلتنا والتي لم نرد لها أن تتوقف لولا ارتباطات أخرى له يود أن يمضي إليها. فإلى لقائنا معه..

ما توقعاتك لمآلات الأوضاع في سوريا على المدى القريب؟

كل مجريات الأحداث تشير إلى تغيير النظام إن شاء الله، والشعب كله بجميع شرائحه تقريباً الأمور واضحة لديه بأن النظام لا يستطيع أن يقدم شيئاً لإصلاح الأوضاع المتردية في البلاد ولا يمكنه إيجاد حلول للمآسي التي توجد الآن على كل الأصعدة، وهناك تصميم على التغيير والثورة من كافة شرائح الشعب.. من المواطن العادي إلى الطلاب والموظفين وأصحاب الأعمال الحرة الأخرى، وحتى في الجيش هناك حراك عميق وشديد ومصمم لتغيير الأوضاع بشكل جدي بعون الله.

هل هناك تجمع أو وحدة تضم المعارضة أو الانتفاضة المستمرة منذ شهر مارس وحتى الآن؟

لم يتبلور حتى الآن تجمع يضم كل أطياف المعارضة وإنما هناك تجمعات وحراكات لديها الاتجاه ذاته والهدف عينه، وسبق تنظيم لقاءين في هذا الإطار أحدهما في أنطاليا بتركيا والثاني في بروكسل ببلجيكا، وتم فيهما حشد الكثير من أطراف المعارضة من الداخل والخارج، وتسعى المعارضة الآن لبلورة معارضة متحدة لديها برنامج عمل وأتوقع تمام ذلك خلال الأسابيع المقبلة.

على صعيد التدخلات الدولية، هل الوضع الآن في سوريا بمأمن من ذلك؟

منذ بداية المعارضة في ثمانينيات القرن الماضي ونحن كمعارضة نرفض أي نوع من التدخلات الدولية ولا نقبل أن يكون هناك تغيير للحكم بمعونات أجنبية، إنما نريد من العالم كله من العالم الحر سواء بالمحيط العربي أو الإسلامي أو العالمي أن يقف مع الشعب السوري المطالِب بحريته وبكرامته وبأن يكون له حكم ديمقراطي يلبي احتياجاته الحالية والمستقبلية، أما على هيئة تدخل عسكري على أي شكل كان فإننا نرفضه بكافة الوسائل وبكافة الطرق ولن نشجع على ذلك بل ولا نقبل به.

- عدم وجود تجمع الآن يضم كل الأحزاب والتنظيمات السياسية في سوريا قد يفضي إلى تدخلات دولية كما حدث في ليبيا وغيرها من المناطق التي تشهد حراكات ضد الحكومات؟

الشعب السوري شعب واعٍ، وثورة سوريا تختلف عن ثورة ليبيا وعن ثورات الدول الأخرى، إذ كل بلد له خصوصياته، ومعارضتنا متفقة على الخطوط العريضة، والحدث في سوريا كان مفاجئاً للمعارضة لأننا لم نتوقع أن تتفجر الأمور في هذا الوقت، وهذا مما أثَّر على استجابة المعارضة لهذا الحدث، وعلى أية حال فالحدث في الداخل يتطور بسرعة على يد من يقوم بالثورة في الداخل، ومن جانبنا نحن في تواصل مع الداخل ومع الخارج ومع كل القوى العاملة في هذا المضمار لبلورة معارضة تمثل جميع مكونات الشعب السوري.

- هل ما يجري في سوريا هو حركة شعبية فحسب بمعزل عن التنظيمات السياسية والتجمعات الأخرى؟

الحدث في سوريا حدث شعبي عفوي 100%، ولم يكن أحد يتوقع أن يحدث هذا هكذا، ولكن ظلم النظام وصلَفه جعل الأمور تنفجر بهذه الطريقة السريعة، فالظلم مُورِسَ على الشعب برمته وشرائح المجتمع كلها، والذين قاموا بهذه الثورة هم من عامة الشعب وليسوا محسوبين على أية تيارات سياسية أو تنظيمات حزبية لها ضِلع في المعارضة التقليدية.

- وهل من تدخلات إقليمية لدعم الثوار داخل سوريا؟

لا توجد تدخلات إقليمية وغيرها بمعنى التدخلات، ولكن مهما كان فإن الشعب السوري لا يستطيع أن يعيش بمعزل عن الشعوب المحيطة سواء كانت عربية أم غير عربية لِما له من صلات وعلاقات معها، وكل هذه العوامل تتسبب في نشوء عدم ارتياح في الدول المجاورة وكذلك في الدول الصديقة مما يعانيه الشعب السوري من عنت وقهر واستبداد، فهي تريد أن تقف معه فيما يريد تحقيقه وما يصبو إليه من عيش بحرية وكرامة كما ينبغي.

- ما طبيعة ما يتردد عن تدخلات إيرانية ومن تدخل حزب الله اللبناني في سوريا؟

تدخل إيران ليس بجديد في سوريا، فلدى إيران منذ زمن برنامج عقائدي يعمل في الدول الإسلامية كافة لزعزعة البِنى الاجتماعية في الدول المحيطة والقريبة وخاصة في سوريا، وهناك حملة غير عادية لتشييع المجتمع السوري بالرغم من أن الإخوة الشيعة في سوريا هم قلة، كما شرعت إيران في السيطرة على الكثير من المرافق الاقتصادية والمرافق السياحية، وعملت بالتعاون والتنسيق مع النظام السوري بتجنيس عشرات الآلاف من الإيرانيين بالجنسية السورية، ولذا فإيران غير مرحب بها في عملها هذا لا في سوريا ولا في الدول الأخرى، ورجل الشارع العادي يشعر الآن أن لإيران أهدافاً غير نبيلة وغير صادقة في سوريا وفي الدول الأخرى.

أما بخصوص حزب الله فقد كان الموقف واضحاً، كنا نأمل أن يكون له موقف مساند لحرية الشعب ومساند لطموحات الشعب السوري، وكان هناك تناقض غريب وغير مقبول منه، فبينما تظاهر حزب الله بأنه يسند الحراك في تونس ومصر واليمن، فإنه بالنسبة لسوريا وقف بشكل كامل منحازاً للنظام وللأجهزة القمعية فيها، وللأسف هناك تدخلات بشكل واضح من الحزب ومن إيران في الشأن السوري الداخلي، وهذا سيكون له ردود فعل مناوئة من كافة شرائح الشعب السوري تجاههما، بل سيكون له رفض وعزل لهما في سوريا والمنطقة العربية والإسلامية، لأن جرائم النظام في سوريا استفزت مشاعر كل عربي وكل مسلم وكل إنسان حر.

- هل يؤدي تدخل إيران وامتلاكها لناصية الملف السوري ودعمها للنظام إلى انقسامات طائفية في سوريا؟

لم تعرف سوريا الانقسامات الطائفية وهذه التكتلات قبل مجيء نظام حزب البعث ونظام بيت الأسد، فقد عاش الشعب السوري دائماً دون أن تظهر أية خلفية طائفية في كيانه، وهو أكثر شعوب المنطقة من حيث النسيج المجتمعي تنوعاً، فهو يضم السنة والعلويين والدروز والإسماعيليين والأكرادً والأشوريّين والمسيحيين واليزيديين، وكلهم عاشوا دائماً إخوة وبخير وسلام من دون أن يتفشى بينهم أي شعور آخر، ومن يعزف على الأوتار الطائفية هو النظام، والحراك الآن ليس مقتصراً على طائفة معينة أو شريحة بذاتها، وإنما كل شرائح المجتمع السوري بمن فيهم الطائفة العلوية التي ينتمي إليها بيت الأسد هي في حراك مستمر وفي تنسيق متواصل للخلاص من هذا النظام الذي أذاق الشعب السوري الأمرَّين على مدى خمسين عاماً.

- يتردد أن ثمة عدم ارتياح عند الصهاينة من رحيل بيت الأسد عن سدة السلطة، ما تعليقك؟

سواء كان هناك ارتياح عند الصهاينة أو عدم ارتياح فهذا لا يعني الشعب السوري، فالشعب معول على ما هو معتقد فيه ومقتنع به وعامل لأجله بشأن رحيل هذا النظام، أما بالنسبة للصهاينة فقد نعموا بفترة زمنية طويلة جداً من الاستقرار والهدوء على الجبهة السورية منذ عام 1973 وإلى الآن نظراً لأنه لم تطلق أي طلقة ضد الصهاينة، ولم يشكل نظام البعث الطائفي أي إزعاج لهم، وغزو العراق من القوات الأمريكية والتدخلات الصهيونية فيه تمت من ناحية سوريا، لذا كان هناك دائماً وقوف ومساندة غريبة لهذا النظام لاستمراريته ودعمه من الشرق والغرب.

هل من الممكن رحيل النظام رغم تلقيه الدعم من حزب الله وإيران وربما من دول عربية والكيان الصهيوني؟

سيزول النظام الأسدي إن شاء الله وسيرحل، وكل هذا بتصميم من الشعب السوري، ومن يقف مع النظام ضد الشعب سيجني على نفسه لأنه وقف مع القتلة والمجرمين ومع من لا يؤمنون بالديمقراطية، ومن لا يسمحون لوسائل الإعلام والصحفيين وللعاملين في المجال الإنساني لتغطية ما يحدث في سوريا، والذين باتوا معزولين الآن عالمياً وهو ما تورده وكالات الأنباء وما تردده منظمات المجتمع الدولي في كل العالم، ولا يفوتني هنا أن أؤكد أن الثورة في سورية تعتمد على إمكانياتها الذاتية وأنها هي التي سترسم مراحل التغيير بمشيئة الله.

- ما توقعاتك للتغيرات السياسية في منطقة الشرق الأوسط، فبعض المحللين يقولون إن سوريا هي النقطة المركزية في حل الكثير من المشاكل بالمنطقة من ضمنها الملف الفلسطيني؟

نعتقد اعتقاداً جازماً أن البعد الحقيقي والداعم الحقيقي للقضية الفلسطينية دائما هو سوريا مع الدول المجاورة، وعندما أقول سوريا أقصد الشعب في سوريا والدول المجاورة مثل الأردن ولبنان، فهذه الدول هي التي تمثل البعد الحقيقي للقضية الفلسطينية، وعندما أراد اليهود إقامة (إسرائيل) كان لابد من إيجاد هذا النظام في سوريا حتى يستطيع الكيان الصهيوني أن يقوم على أرض فلسطين، فالشعب السوري منذ بداية إعلان قيام (إسرائيل) لم يكن راضياً عن هذا الوضع وكان مدافعاً ومجاهداً في سبيل إحقاق الحق لأن القضية الفلسطينية ليست قضية الفلسطينيين وحدهم بل هي قضية كل العرب والمسلمين.

هنالك خيوط متشابكة للنظام السوري فإلى جانب روابطه الوثيقة مع إيران وحزب الله فإنه يظهر دعمه لحركة (حماس) بالإضافة لعلاقته الحسنة مع الدول غير المعترفة بـ(إسرائيل)؟

العلاقات السياسية لا تخفى على من لديه خلفية بحقيقة الأمور، فالنظام السوري ذهب إلى أوسلو وإلى مدريد، وهم ليس لديهم اعتراض على أن يكون هناك صلح مع العدو، وأن تكون هناك تسوية للأمور.. هذه كلها مزايدات، السماح بتواجد قيادة (حماس) في سوريا وحركات المعارضة الأخرى هو تكتيك سياسي امتطاه النظام في سوريا، ونحن نعذر الإخوة في حماس والمنظمات الفلسطينية الأخرى، فهم الذين يستطيعون تقدير ظروفهم، وإن كانت تلتقي أحيانا مع مصالح النظام السوري بتبنيه القضية الفلسطينية شكلياً وليس جوهرياً لأنه لو كان يتبنى القضية الفلسطينية جوهريا لكان الموقف الفلسطيني غير هذا الموقف الذي نراه الآن.

- ألا يفجر رحيل النظام صراع قوميات داخل سوريا مثلما حدث في بعض الدول المجاورة؟

الشعب السوري واعٍ، وعنده من الوضوح في العلاقة بين الطوائف المختلفة ما يجعله يتجاوز هذا الصراع المزعوم، فالمعارضة تضم الآن مختلف الأطياف من المسلمين والمسيحيين والعلويين والأكراد والدروز والآشوريين واليزيديين وكل مكونات المجتمع السوري بمن في ذلك الإسلاميين، وهناك تكاتف وتعاضد وتآخٍ، وما يحدث الآن من قيادة التنسيقيات والمعارضة في الداخل والخارج والمظاهرات والحراك في كل القرى والمدن والتجمعات دليل كبير على ما أقول.

- هل يُتوقع أن تختطف هذه الثورة لصالح قومية محددة، فقد رأينا أن الأكراد كانوا الأكثر حركة في الفترة الماضية، بينما هناك ضعف لبعض التنظيمات؟

الشعب السوري حريص على أن يكون هناك تمثيل لكافة الطوائف وشرائح المجتمع، والتجربة الديمقراطية ليست جديدة عليه، وعندما نال استقلاله طُلِب من الشيخ صالح العلي وهو علوي أن يشكل الحكومة ولكنه رفض، وعندها طُلِب من الأستاذ فارس الخوري ذلك وهو مسيحي، فقام بتشكيل الحكومة آنذاك، فشعبنا شعب واعٍ وعنده من الانفتاح ما يستطيع استيعاب الآخر دون أية عُقَد، والذي يروج لمثل هذه الأمور هو النظام نفسه وحاول في الفترة الأخيرة أن يعزف على هذا الوتر ولكن كل هذه الطروحات المشبوهة باءت بالفشل.

- خمسون عاماً تقريباً من الحكم الشمولي قد تكون غيرت الكثير من البنية الاجتماعية للمجتمع السوري، هل تتوقع أن تتفجر الصراعات الداخلية المكبوتة وغيرها مثلها مثلما حدث في الدول التي غابت عنها الديمقراطية؟

وعي الشعب وثقافته وخلفيته الحضارية هي العوامل التي فجرت هذه الثورة وعلى يد شباب لا تتجاوز أعمارهم 30 سنة، أي إنهم نشأوا وتربوا في المدارس وفي الجو الإعلامي الأحادي المسيَّر من قبل الدولة، وهو الذي أحس وشعر بأنه يحتاج للحرية، إذاً هناك وعي كامل لدى السوريين بهذه القضية ونحن مطمئنون بأن الثورة بمكونات العاملين فيها سلمية وبأهدافها نبيلة، وأن القائمين عليها أناس شرفاء، بالإضافة لوعي الشعب السوري لمرحلة ما بعد بيت الأسد.

مرحلة ما بعد إسقاط النظام مرحلة مهمة، فهل بدأت حركة تنظيمية واعية للتعامل معها في حينه؟

يضم المجتمع السوري تيارات إسلامية وقومية وتيارات أخرى تضع الآن مسودة للدستور لِما بعد زوال نظام بيت الأسد، وكذلك تضع تصوراً لفترة انتقالية ولانتخابات ديمقراطية، وبعدها ليس مهمّاً من يحكم سوريا في ظل الدستور الجديد.

- هل من المحتمل وقوع صدامات بين الإسلاميين والقوميين في سوريا بعد رحيل الأسد؟

ليس من المحتمل وقوع ذلك، وما فجر الصراع بينهما في فترة الستينيات والسبعينيات من كان يستفيد من هذا الصراع، والإسلاميون تحاشوا هذا الصراع بشكل واضح، وأعتقد الآن أن تشكل لدى القوميين والإسلاميين والتيارات الأخرى وضوح في الهدف ولن ينجروا لخلافات جانبية.

- هل يمكن أن نصف ما حدث في سوريا بأن سوريا لحقت بثورة الربيع العربي، أم أن الأمر يتعلق بمشاكل اجتماعية ومعيشية وسياسية خاصة بها؟

ما حدث في سوريا لم يكن عفوياً، ولم يكن وليد اللحظة إنما التوقيت جاء مفاجأة كما أسلفت، فالظلم والاستبداد والتهميش والضغط والمجازر التي حدثت في سوريا في الثمانينيات، ناهيك عما يقارب 16 مليون مغترب عن سوريا فيما عدد سكان سوريا يبلغ حوالي 22 مليون أي إن أكثر من نصف الشعب السوري مغترب، منهم ما يقارب مليون و600 ألف محسوبون على المعارضة سواء الإسلامية أو القومية أو اليسارية لا يتمتعون بحقوقهم الإنسانية والمدنية، ومحرومون من جوازات السفر، ومن الحقوق المدنية وأملاكهم مصادرة، وبالتالي فقد عانى الشعب الأمرَّين من هذا النظام.

- ما تقويمك لما تقدمه تركيا للشعب السوري حالياً؟

وقوف تركيا هذه الوقفة المشكورة مع الشعب السوري وهذا الدفاع عن حقوق الفارِّين من القتل والإبادة الهمجية واستيعاب المشردين والمبعدين الذين هاجروا وتركوا أولادهم وبيوتهم وأملاكهم توقياً من بطش هذا النظام هو موقف إنساني لا يُنسى للشعب التركي الذي يقف حقيقة وراء حكومته لمساعدة شعبنا، علماً بأن هناك علاقات نسب ومصاهرة بين الشعبين وهناك عوائل واحدة موزَّعة عند الحدود التركية السورية، وكذلك بالنسبة للأردن والعراق، ولذلك لا تستطيع تركيا ولا أي بلد مجاور أن يقف مكتوف الأيدي لفترة طويلة بعيداً عن هذا الصراع.

 

ما يحدث في العراق من اضطراب وفوضى هل يمكن أن يؤثر على سوريا؟

اتهمت حكومة نوري المالكي بالعراق النظام السوري بتدمير وتفجير الوزارات قبل عام ونيِّف وطالبت الأمم المتحدة بأن تتدخل ضد النظام البعثي، بينما الآن عندما تعلق الأمر بحرية الشعب السوري وثورته نجد حكومة المالكي تقف مساندة للنظام في سوريا المرفوض من شعبه، ونحن نعوِّل على شعوب المنطقة بمن فيها الشعب العراقي وأحرار العالم بعدم الوقوف مع قتلة أبناء شعبنا، وهناك نزعة غير قابلة للتسويق في المنطقة، وهي النزعة التشييعية وتصدير الثورة إلى دول الجوار لتغيير ديموغرافيتها كما يحدث في سوريا وفي البحرين وباقي دول المنطقة، وكنا نتمنى من الإخوة الشيعة أن ينشطوا في الأوساط الوثنية الملحدة وليس لزرع الفتنة والفوضى في بلاد المسلمين الآمنة.

- الاتجاه لتكوين دولة الأكراد الكبرى، هل يمكن أن يؤثر على الحراك السوري ويعطل الكثير من الانتفاضة؟ 

نحن في سوريا ومع الإخوة الأكراد لم يطرح مثل هذا الطرح، الأكراد خلال فترة وجودهم كانوا شريحة من المجتمع السوري، وجزءاً من مجتمعات الدول الإسلامية الأخرى، فكان منهم الحكام والقادة كصلاح الدين الأيوبي الذي كان كردياً وقاد الجهاد في فترة من الفترات العصيبة. وعندما شعر الأكراد أنهم باتوا مهمّشين ونزعت عنهم جنسيتهم كما هو الحال عندنا في سوريا أصابهم من الظلم ما أصاب باقي شرائح المجتمع السوري، فهم اليوم يشاركون الشعب ثورته لنيل الحرية والديمقراطية وبناء دولة سوريا الحديثة والتي تضم كافة مكونات شعبها.

- كلمة أخيرة تود إضافتها؟

كلمتي الأخيرة أوجهها لكل القوى التي تدعم حقوق الإنسان سواء في المحيط العربي أو الإسلامي أو العالمي أن تقف مع الشعب السوري وضد تدخل إيران المذهبي في المنطقة لأنه يمثل بالفعل زعزعة للأخوة بين الطوائف التي تمثل المجتمع العربي بشكل عام، كما أوجه كلمتي لكافة القوى الداعمة للوقوف مع الشعب السوري وأن تطالب بإلحاح بدخول المنظمات الإنسانية ووسائل الإعلام والقنوات الفضائية لنقل صورة ما يحدث في سوريا، فما يحدث فيها أمر لا يتصوره الناس ولا يتوقعونه وسيذهلون عندما تظهر الحقيقة وتنكشف المجازر ويتبين الاستهتار بحقوق الإنسان وبمكانة الإنسان، وحينها سيصدم الكافة بهذه الحقائق.

كما أناشد وسائل الإعلام أن تسلط الضوء على أبعاد التدخل الإيراني الحقيقي والواضح في شؤون دول المنطقة وخاصةً في دول الخليج، وهو ما كشفته المحاكمات التي حدثت في الكويت من قريب، إلى جانب ما يحدث الآن في لبنان وفي سوريا، وأستحث الإخوة الذين يعملون في الإعلام إظهار الحقيقة وأن يقوموا بتسليط الضوء على المخطط التشييعي المدعوم من إيران في دول المنطقة وخاصةً في سوريا وفي دول الخليج وفي إثيوبيا وإريتريا والسودان، وفي غير هذه الدول.