مع بشار أمين

ملف المعارضة السورية

بشار أمين لنشرة سوبارو

سوريا نحو التغيير والتحول الديمقراطي عاجلا أم آجلا

استمراراً للاستطلاع الذي اجريناه  في أوساط  المثقفين بغية  سبر آراء أكبر عدد ممكن من النخب الثقافية والسياسية والنشطاء لتبيان وجهات نظرهم حيال أهم القضايا وأكثرها حساسية في الشارع السوري

الرجاء  الضغط هنا

و سننشر على التوالي و بحسب تاريخ ورود الاجوبة

الاستاذ  بشار امين عضو اللجنة السياسية لحزب ازادي قال كلمته  :

- غالبية الشعب السوري في جوهرها تعد من المعارضة ، لكنها لم تعلن عن نفسها لأسباب عديدة 

- الاعتراف الدستوري بواقع التعددية القومية في المجتمع السوري واعتبار  الكرد ثاني أكبر قومية في البلاد وعلى أنه يعيش على أرضه التاريخية  

- طبيعة النظام السوري وممارساته وجملة سياساته المتبعة هي التي تعزز صفوف المعارضة وتقويها على الدوام

- مستقبل سوريا ، فأعتقد أنه سوف يسير أسوة بدول العالم الأخرى نحو التغيير والتحول الديمقراطي إن عاجلا أم آجلا  

نشرة سوبارو : هناك عدة تسميات وأشكال للمعارضة، أي منها برأيك ينطبق على المعارضة السورية؟

مع كل التقدير لموقع / سوبارو/ الموقر ، ولشخصكم الكريم الأستاذ جوان على مبادرتكم تناول موضوع السلطة والمعارضة كأحد أهم الملفات الساخنة في هذه المرحلة وخصوصا في بلدنا سوريا ، مع شكرنا الجزيل على دعوتكم لنا للمساهمة في هذا الملف من خلال الإجابة على الأسئلة التي نحن بصددها .. وعودة للإجابة على السؤال الأول :

معلوم أن المعارضة بشكل عام لا تقتصر على إقليم بعينه أو بقعة جغرافية بذاتها وهي ليست وليدة ظرف سياسي معين أو مرحلة تاريخية محددة ، وإنما وجدت ( المعارضة ) مع نشوء الدول وقيام أنظمة حكم ، أي أن لكل نظام سياسي معارضة سياسية تناسبها عبر التاريخ ، بمعنى أن طبيعة الأنظمة تكون الأساس لتحديد طبيعة المعارضة في كل دولة ، مع الأخذ بعين الاعتبار مستوى التطور السياسي والمعرفي للمجتمع ..

ففي الدول الديمقراطية يأتي نشاط المعارضة على شكل منافسة للموالاة أو للقائمين على السلطة من أجل تعميق الديمقراطية والمزيد من التطور والتقدم ، وذلك عبر التداول السلمي للسلطة من خلال صناديق الاقتراع و المؤسسات التشريعية الفاعلة للدولة ، حيث المعارضة تصعد إلى السلطة ، والجهة القائمة على القرار تتحول إلى معارضة وهكذا ، وعلى قدر مستوى الحياة الديمقراطية السائدة في البلد المعني تتحدد طبيعة العلاقة بين المعارضة والقائمين على السلطة والقرار ، أما في الدول ذات النظم غير الديمقراطية فتتحول المنافسة إلى الصراع ، تزداد حدته مع حدة الممارسات السلبية للنظام ..

من هنا ، أعتقد أن العبرة ليست في التسمية ، بقدر ما تكون في جوهر التناقض بين النظام القائم ومجمل القوى والجماهير التي تقف في الصف الآخر المواجه للنظام والتي تعبر بهذا الشكل أو ذاك عن رفضها لكل أو بعض ممارساته وسياساته ، وفي بلدنا سوريا ، وكما يعلم الجميع ، فإن النظام القائم هو امتداد لقوى الانقلاب العسكري الذي حصل عام 1963 ، حيث حكم منذ البدء بقانون الطوارئ والأحكام العرفية والمحاكم الاستثنائية واتخذها قاعدة أساسية ، ورغم ذلك شهد عبر مسيرته انقلابات عسكرية أخرى من داخله عززت دور الفرد باستمرار ، لتتواصل فصول استكمال نظام استبدادي صارم ، شدد القبضة الأمنية على مقدرات البلاد وعلى رقاب الناس ، واحتكر السلطة والثروة ، وصادر الحريات العامة ، وفرض سياسة جائرة بحق ألوان الطيف الاجتماعي السوري ، إلى جانب تعميق السياسة الشوفينية تجاه الشعب الكردي وتطبيق القوانين والمشاريع العنصرية بحقه ، وقمع الحراك السياسي الكردي وصولا إلى القتل والتنكيل ، وقمع عموم الرأي الآخر بمختلف جوانبه السياسية والحقوقية والمدنية ، والزج بالمناضلين والوطنيين الديمقراطيين في غياهب السجون والمعتقلات الرهيبة وفرض بحقهم أحكاما قاسية بالسجن لسنين طويلة ، كل ذلك إلى جانب استشراء الفساد في دوائر ومؤسسات الدولة ، وتزايد البطالة ، وتدني دخل الفرد والوضع المعيشي لعموم أبناء المجتمع السوري وصل إلى حد المجاعة في بعض المناطق من البلاد ، أي أن النظام لم يستثن أحدا من ظلمه ولو بنسب مختلفة ، لذلك فإن عموم شرائح المجتمع السوري تتضمن على المعارضة ، وصفوفها طويلة وعريضة على مساحة الوطن ، بمعنى أن هذه المعارضة قوية لكنها بحاجة إلى تنظيم صفوفها ، ولئن كان هناك مجموعات وكتل منظمة من المعارضة إلا أنها ليست في المستوى المطلوب ، والمعارضة بمجملها المنظمة منها وغير المنظمة هي معارضة سياسية سلمية ، تحافظ على اتزانها رغم أن النظام دفعها غير مرة إلى مواقع العنف ، أو العنف المضاد لممارسات وسياسات النظام الجائرة ..

نشرة سوبارو : أغلبية الشعب السوري مستاءة من النظام ولا تنضم للمعارضة، فما سبل إشراك الناس واستقطاب الشارع للعملية السياسية المعارضة؟

نعم ، غالبية الشعب السوري في جوهرها تعد من المعارضة ، لكنها لم تعلن عن نفسها لأسباب عديدة منها :

- انقسام المعارضة ذاتها وتوزعها بين عدد من الكتل ، وضرورة أن توحد أجندتها وصفوفها وخطابها السياسي ..

- ضبابية ومحدودية برامج وسياسات كتل المعارضة ، حيث تحتاج إلى حوار ونقاش ، بغية توحيدها والانتقال بها إلى مستوى طموح الجماهير بحيث تعبر عن التطلعات المشتركة لكل الاتجاهات أو الانتماءات السياسية أو القومية أو الدينية .. ويرى فيها كل نصيبه من الحقوق والواجبات ، ولاسيما أبناء الانتماءات القومية الأخرى غير العربية ، وخصوصا الشعب الكردي وما ينبغي له من حل ديمقراطي عادل كونه يشكل ثاني أكبر قومية في البلاد ..

من هنا ، ينبغي مد جسور الثقة بين مختلف الاتجاهات بغية تجاوز قضايا الخلاف قدر المستطاع ، والتركيز على العناوين البارزة والتي يجب الاتفاق عليها وتوحيد الفهم تجاهها ولاسيما في:

1. طبيعة النظام , كي لا يكون تشخيص النظام كيفيا ..

2. التغيير ، كيفية التغيير ، أو التغيير نحو ماذا ؟ وذلك بالاستفادة من أشكال التغيير التي حصلت منذ بدئه من الاتحاد السوفييتي وبلغاريا وأوربا الشرقية وحتى الآن ، أي أن هناك أسلوب التغيير من داخل النظام ، وآخر تحت ضغط الشعب والجماهير ، وثالث بتدخلات خارجية ..

3. العمل المشترك ، لاسيما العمل الجماهيري وفي الشارع السياسي السوري ، والعمل ما أمكن من أجل ممارسة النشاطات العامة ..الخ . أي أن تلتزم المعارضة ببرنامج عمل دائم ويومي ، والمقصود هو النشاط الجماهيري بكل أشكاله وصولا إلى التظاهر والاعتصام المستمر لكي يعم ويشمل كل المدن والبلدات السورية ، واستثمار المناسبات الوطنية والقومية في هذا الاتجاه وصولا إلى العصيان المدني ..

4. وضع الترتيبات والخطوط التوافقية العريضة كي ترى الجماهير وقواها السياسية ما يعكس تطلعاتها وخصوصا في برامج التغيير ، عبر الاعتراف المتبادل بالحقوق والواجبات ، وطرح مشروع دستور توافقي يراعي مكونات المجتمع السوري وحقوقه وتسهيل سبل ممارسة الواجبات والمساهمة في الإنتاج والبناء ، وكذلك مشاريع قوانين أساسية مثل قانون عصري للانتخابات وآخر للأحزاب وثالث للصحافة والمطبوعات ..الخ ، والتأكيد على سيادة القانون واستقلالية القضاء ..

5. الحريات الديمقراطية ، وما ينبغي من تحديد لشكل وأسس الديمقراطية المنشودة ، وكيفية السبيل إلى تحقيقها وبيان سبل ممارستها كهدف أساسي وحقيقي لكل ألوان الطيف السياسي والقومي والديني..

6. المسألة الدينية ، وموضوع المساواة بين الأديان ومدى إمكانية فصلها عن السلطة والسياسة ..الخ .

7. و أخيراً ، أن تكون كافة الخطوط العريضة والمفاهيم الأساسية واضحة ومتفق عليها ومفهومة لدى الجميع .

نشرة سوبارو : إن كان توظيف الضغوط الدولية والرأي العام العالمي من أساسيات النشاط المعارض، فما الذي فعلته المعارضة لهذا الغرض؟

الواقع أن مسألة الموقف من الجانب الدولي لا زال ملتبسا لدى معظم أطراف المعارضة ، فهي من جانب لا تميز بدقة بين الضغوط على البلاد والضغوط على النظام ، ومن جانب آخر فإن التعاطي مع الوضع الدولي لا زال مشوبا بحذر بالغ ، إذ أن النظرة أو الموقف بهذا الصدد لدى شرائح واسعة يستند على معايير مرحلة الحرب الباردة أو إلى مرحلة ما قبل المتغيرات الكونية ، بمعنى أن هناك تباين حتى في فهم التغيير بمفهومه الواسع والعميق ، وكيفية التغيير ووسائل وحوامل هذا التغيير ، تلك التي ترتبط بعملية الوعي ومستوى المعرفة ، وتتعلق بمدى القدرة على التحرر من رواسب العصبيات والعقليات المتزمتة التي تراكمت عبر المراحل الغابرة ، ومع كل ذلك فيلاحظ أن وتيرة النشاط في المجال الدولي ليست جامدة بل تسير ولو ببطء نحو الصعود وليس العكس ، وينبغي تنشيطه ودفعه إلى الأمام وفق توجهات متزنة وخطوات مدروسة وواقعية ، حيث بات واضحا لدى أوساط أخرى كيفية استثمار النظام لهذه المعادلة بشكل ابتزازي ..

نشرة سوبارو : تبنت شرائح المعارضة النشاط السلمي، فما الفرق بين العربية والكوردية منها؟

ما هو الحل الأمثل للقضية الكوردية في سوريا برأيك، هل هو: حقوق المواطنة أو الحكم الذاتي أو الفيدرالية؟

- من الواضح أن هناك توافقا بين كل أطراف المعارضة على النشاط السياسي السلمي لدرجة تكاد تكون من دون استثناء سواء كانت عربية أو كردية أو غيرها ، وهذا صحيح برأينا ، لكن ربما هناك تباين في مدى الاستعداد على الإقدام الفعلي على النشاطات الميدانية التي تحرك الشارع السياسي والجماهيري ، إذ أن معظمها تقتصر تقريبا على الجانب الكردي وهي الأخرى محدودة ومناسباتية تحتاج إلى تفعيل وتفاعل وطني واسع وينبغي أن يأخذ طابعا برنامجيا وبشكل مستمر كما ذكرنا أعلاه .

أما بالنسبة للشطر الآخر من السؤال وهو المتعلق بحل القضية الكردية في البلاد ، فأعتقد أن هناك جانبين في هذا الشأن ، الأول أساسي واستراتيجي لا ينبغي الحيد عنه وهو الاعتراف الدستوري بواقع التعددية القومية في المجتمع السوري واعتبار  الكرد ثاني أكبر قومية في البلاد وعلى أنه يعيش على أرضه التاريخية وهو شريك لهذا الوطن وليس دخيلا أو وافدا من مكان آخر ، والثاني هو جانب التفاصيل فيترك للواقع وللظروف ، وإذا كان ولا بد من التحديد ، فإننا قد طرحنا الرؤية السياسية المشتركة التي توافقت عليها أحزاب الحركة الكردية ، والتي اتخذها المجلس السياسي الكردي وثيقتها البرنامجية والسياسية في هذه المرحلة.. أما مسألة المواطنة فأعتقد لا أحد يستطيع إنكارها ، وهي من المسلمات الوطنية ، واعتمادها مرهون بالمستقبل وليس الآن ، كونها تعتمد في البلدان المتطورة التي قطعت أشواطا متقدمة من العملية الديمقراطية ، وبعد تثبيت خصوصيات المكونات الوطنية ومنها القومية ، ولعل بعض من يطرحها الآن كسبيل لحل القضية الكردية ، هو بقصد الالتفاف إلى الحقوق القومية والخصوصية الكردية ، واختزال العملية في موضوع الجنسية وموضوع الإحصاء الاستثنائي لعام 1962 ونتائجه..

نشرة سوبارو : ما السبيل برأيك لتقوية المعارضة، ومستقبل سوريا إلى أين؟

ج 5 : طبيعة النظام السوري وممارساته وجملة سياساته المتبعة هي التي تعزز صفوف المعارضة وتقويها على الدوام ، كما ينبغي تضافر جهود المعارضة ذاتها ، وذلك  بالحوار الجاد بين أطرافها بغية حل قضايا الخلاف فيما بينها  ، ومن ثم العمل على توحيد صفوفها وخطابها السياسي كما ذكرنا ، ووضع برنامج سياسي عريض يعبر عن طموحات الجماهير وقواها السياسية ومنظماتها الحقوقية ومؤسساتها المدنية ، والتوافق على الحلول العملية لمعضلات البلاد بما فيها القضية الكردية في إطار وحدة البلاد ، ومن ثم القيام بالنشاطات العملية التي تحرك الشارع وتستقطب مختلف الشرائح الاجتماعية المغبونة ..

أما مستقبل سوريا ، فأعتقد أنه سوف يسير أسوة بدول العالم الأخرى نحو التغيير والتحول الديمقراطي إن عاجلا أم آجلا ، سواء أكان هذا التغيير من داخل مؤسسات النظام ، أو تحت ضغط الجماهير وقواها الوطنية ، أو غير ذلك ..الخ ، حتى ولو كان هذا التحول في منحى تدريجي وقد يكون سريعا ..

في الختام ، نجدد تحياتنا مع خالص المودة والاحترام ..