الدكتور خالد فهمي يرصد الواقع الثقافي الراهن

أبو الحسن الجمّال

الدكتور خالد فهمي

يرصد الواقع الثقافي الراهن

أبو الحسن الجمّال

الدكتور خالد فهمي، هو أستاذ علم اللغة بكلية الآداب جامعة المنوفية، حاصل على ليسانس آداب قسم اللغة العربية جامعة عين شمس بتقدير جيد جداً مع مرتبة الشرف عام 1991، ثم حصل على الماجستير من جامعة عين شمس عام 1994 ثم الدكتوراه من كلية الآداب جامعة المنوفية عام 1999 وعين مدرساً بها، ثم أستاذاً مساعداً ثم أستاذ، وله ستة كتب محققة وثلاثة عشر كتاب من تأليفه، وما يزيد عن ثمانين بحثا محكما نشرت فى مجلات فى هولندا والمملكة العربية السعودية والكويت والأردن ولبنان، وهو عضو لجان تطوير الكتاب المدرسي لعام 2013/2014 وعضو لجنة الأدب المركزي بثقافة القاهرة – مقعد الشخصيات العامة – 2010/2012 وعضو أمانة مؤتمر ذوي الاحتياجات الخاصة 2012/2013 وعضو مؤتمر أدباء مصر العام 2010 في دورته الخامسة والعشرين، ومقرر لأربعة مؤتمرات لليوم الواحد بثقافة القاهرة، وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، ومقرر لجنة إحياء التراث به، تولي رئاسة دار الكتب والوثائق القومية خلفا للدكتور عبدالناصر حسن ...

 

  نلتقيه اليوم لنناقش معه الواقع الثقافى فى مصر، والسبيل إلى إعادة مصر لريادتها الثقافية كما كانت فى الماضى، ودور الجامعة فى النهوض بالثقافة والأدب، وكيفية الاستفادة من تراثنا المجيد، ومستقبل الأدب الإسلامى، وأمور أخرى نجدها فى هذا الحوار :   

  1- كيف ترى الواقع الثقافى فى مصر فى الوقت الراهن ؟

- الواقع الثقافي الآن يشهد صراعا عميقا ومتجذرا ووصل إلى ذروته  ويوشك أن يكون حديُا ، ولاسيما من قبل غلاة العلمانيين واليساريين واللادينيين .

 وقد أطمعهم المناخ السياسي الفاسد بامتياز، لكن  على الجانب الآخر فإن شرائح الباحثين عن الثقافة الأصيلة المنتمية يزداد المنضمون إليها بفعل الممارسات الإقصائية للتيار الأساسي في الأمة، وبفعل تمدد أشكال العداء للرموز الإسلامية.

 

2- ما السبل التى ينبغى أن نتبعها لإعادة إبراز دور مصر الثقافى على المستوى العربى والعالمى؟

- وعن المسارات اللازمة لاستعادة مصر لدورها الثقافي فإن البداية يلزم أن تكون من استعادة مصر لدورها الإقليمي واتخاذ مواقف عادلة من القضايا السياسية ذات البعد الإنساني من حولها، ثم إعادة التخطيط لاستثمار مخزونها من أوعية التراث المادية من المخطوطات والبرديات والوثائق، وتطوير مؤسسة دار الكتب المصرية، وتفعيل الملحقيات الثقافية في الخارج وإلزامها ببرامج عملية للتذكير بما تملكه مصر في هذا الصدد، ووضع برامج عالمية للسياحة الثقافية ، والدعاية إليها في الأجندات السياحية العالمية ، وابتكار مناسبات في هذا الشأن كرحلة العائلة المقدسة إلى مصر ، وطريق الفتح الإسلامي لمصر ، وعيون موسى ، ومخازن يوسف... إلخ.

 

3- ما الدور الثقافى للجامعة فى النهوض بالثقافة والأدب وزيادة جرعات الوعي؟

- ويمكن للجامعة أن تسهم في هذا النهوض بما يلي :

أ- تفعيل محور خدمة المجتمع وهو أحد أضلاع ثلاثة لوظيفتها في الحياة.

ب- ربط ترقيات أعضاء هيئة التدريس ببرامج عملية لدعم الشأن الثقافي في المجتمع.

ج- ربط الكليات ذات الصلة بمشروعات ثقافية لخدمة الوعي الثقافي، ككليات الآداب و التربية النوعية والفنون.

 

4- متى تذلل العقبات التى تواجه المبدع كى عمله النور فى ظل هيمنة تيار أحادى على وزارة الثقافة الذى يستبعد كل معارض له؟

- مسألة مواجهة هيمنة التيار الأحادي الإقصائي تحتاج إلى عمليات كثيرة ، واستلهام تجارب متعددة ولا سيما أن المجتمع المصري بتراثه قابل لتوطين التعدد الثقافي، وتتمثل مسارات المواجهة فيما يمكن أن يسمى بالجهاد الثقافي أو النضال من أجل التعدد الثقافي، إن لمصر وجوها ، أو يمكن تشبيه الثقافة المصرية بقطار من عربات متعددة ، لكن القاطرة التي ينبغي أن تقود هي عربة الثقافة الإسلامية.وهو ما يلزم محاربة أشكال الحصار للأصوات المثقفة المنتمية ، وزيادة العناية بالمبدعين في برامج الحركات الإسلامية والتوسع في النشر.

 

5-  متى نرى نظرية أدبية حقيقة تنبع من الثقافة المصرية العربية ولا تصطدم بالتربة المصرية التى تطرد كل غريب وشاذ؟

- مسألة نظرية أدبية مسألة كثر اللغط حولها ، وفكرة تمايز الأقاليم موجودة لكن ينبغي قبولها بحذر، فمذ دعا الشيخ أمين الخولي لكرسي الأدب المصري بتأثير من تمايز الأقاليم والأمر غير مقنع بالدرجة الكافية ولم نشهد علماء بارزين في هذا المجال بعده، وبعد محمد كامل حسين، وحسين نصار، والصاوي الجويني، وعوض الغباري، ذلك أن القواسم الاجتماعية والنفسية والفكرية المنتجة للأدب العربي في البيئات المختلفة تكاد تكون متشابهة اللهم إلا من فروق يسيرة.ومن ثم فإن بإمكان مصر أن تصدر نظرية حضارية في دراسة الأدب ونقده وتحليل ظواهره.

 

6- كيف نستفيد من تراثنا العظيم؟

هذا سؤال كبير ومتشعب وثمة فروع في النظرية الثقافية تهتم بالتخطيط الثقافي والتسويق الثقافي والعالم كله بحكم الطبيعة الإنسانية ميال لقبول أشكال التراثية لما لها من سحر خاص ، ومصر تعيينا تمتلك رصيدا مرعبا من الأوعية المادية التي يمكن استثمارها لأبناء الشعوب المختلف من المنتمين للثقافة المسيحية واليهودية وللثقافات القديمة اليونانية واللاتينية فضلا عن التمدد الرائع لتجليات الثقافة الإسلامية المبكرة والأموية والعباسية والفاطمية  والمملوكية والعثمانية.

 

7- كيف ترى مستقبل الأدب الإسلامى؟

- مسألة الأدب الإسلامي محتاجة للمراجعة وأرى أنها نتاج واقع حضاري أراد أن يواجه شبح الحصار فبحث عن حصن يتحصن فيه ،صحيح أن الإسلام غير رؤية الإنسان للعالم والكون من منظور متسامح وحضاري وإنساني .

ولكن عددا من الممارسات أساءت للفكرة في المؤسسات منها مثلا هيمنة مجموعة من الأزهرية غير المبدعين على فرع مصر.

 

8- مستقبل الترجمة من اللغات الأخرى وكيف تراها فى الوقت؟ طبعا نريد رأيكم دور الدولة متمثلة فى المجلس القومي للترجمة والنصوص المترجمة هل أدت الغرض أم هناك عوامل أخرى من الشللية والصداقة والأدلجة؟

مصر من أقدم دول المنطقة التي تنبهت لدور الترجمة في دعم تقدمها بدليل الدور الملهم الذي أسسه الطهطاوي رحمه الله ، وقد كان بمقدورها أن تحقق نقلة نوعية  على مستوى العالم في التنظير لنظريات الترجمة من جانل وفي المنجز الترجمي من جانب آخر . والمجلس يقوم بدور لكنه يحتاج إلى:

التخطيط. -

 توسيع قوائم اللغات المترجم منها-

التنويع المعرفي . -

 إضافة مشاريع تخرج لطلاب كليات الألسن والترجمة تقوم على ترجمة كتب بعينها -

- إقامة معاهد للترجمة التطبيقية.

 

9- مظاهر الفساد الثقافى فى كل مؤسسات الدولة منها دار الكتب وهيئة الكتاب وهيئة قصور الثقافة؟ وكيف السبيل إلى القضاء على هذا الفساد؟

مسألة الفساد الثقافي كثيرة وهي بنت للفساد الذي استشرى في مصر من أكثر من نصف قرن ، لكن العلاج ممكن:بالشروط التالية:

 اختيار القيادات الثقافية المنتمية ذات الكفاءة والنزاهة.-

 تعظيم الدور الرقابي .-

 ربط الترقيات للقيادات غير المنتدبة بالمؤهلات المناسبة للمكان والقطاع الثقافي.-

 التخطيط الطويل والمتوسط المدى.

 استمرار التدريب.

 

10- هل أدت وزارة الثقافة دورها على مدار ستة عقود؟ وهل يمكن الاستغناء عنها وإلغاؤها؟

- بطبيعة الحال لا يمكن لأحد أن يدعي أنها أدت دورها إلا إذا كان دورها هو الإضرار بالثقافة المصرية لمصلحة التيارات غير الأصيلة.ولأنها قصيرة العمر، وقضية الاستغناء أنا لا فضله ولاسيما وهذه الوزارة بها شرفاء ووطنيون ومهنيون وخبرات وكفاءات وتحتاج إلى تطوير ، وهذا طريق أفضله.

 

11- كيف ترى واقع تحقيق التراث العربى اليوم وما السبيل إلى التنسيق ومنع تكرار تحقيق الكتاب الواحد؟

واقع التحقيق سيء ويعيش حالة من أصعب المراحل التي مر بها ويوشك أن يصبح لما منقرضا لأسباب كثيرة.

ومما يحتاجه لينهض :

أ‌-     توطينه في الخطط البحثية في الجامعات.

ب‌-تأسيس معاهد خاصة بتحقيق التراث، أو دبلومات ملحقة بالتخصصات المختلفة.

ت‌-دعم معهد المخطوطات والاعتراف ببرامجه ومعادلتها.

ث‌-الدعوة للإعادة إحياء التنظير لعلم تحقيق النصوص ، توسع مباحثه وتفرعها ، وتنظمها.

ج‌-  التوسع في الدوريات المختصة بالتراث وتحقيقه ونقد المحقق المنشور.

ح‌-  إدراج بحوث التراث وتحقيقه ونقد التحقيق ضمن برامج الترقيات لأعضاء هيئات التدريس .

خ‌-  تأسيس كراسي تخصص رفيعة في الجامعات   ولو بواقع كرسيين اثنين (للعلوم الإنسانية والتجريبية) التراثية.

د‌-    إدراج مقررات تحقيق التراث ضمن برامج الماجستير والدكتوراه إجباريا.