مع فاروق شوشة

إبراهيم خليل إبراهيم

فاروق شوشة:

الشعر هو فن العربية الأول والكتاب عميد الثقافة

حوار: إبراهيم خليل إبراهيم

[email protected]

الشاعر والإعلامى الكبير فاروق شوشة من عشاق اللغة العربية ولذا يعد برنامجه  لغتنا الجميلة  والذى يقدمه بالشبكة الرئيسية ( البرنامج العام ) بالإذاعة المصرية من أجمل البرامج الإذاعية وقد تميز المبدع فاروق شوشة  فى العمل الإذاعى وتولى رئاسة الإذاعة المصرية فى فترة من تاريخها الممتد كما تفوق أيضا فى فن العربية الأول .. الشعر .. وقدم للعقل العربى والمكتبة العربية مجموعة من الدواوين الشعرية والدراسات الأدبية ومن هنا كانت لنا هذه المحاورة فترى ماذا قال الشاعر والإعلامى الكبير فاروق شوشة  ؟ :

حوار :إبراهيم خليل إبراهيم

_ فى البداية ماذا تقول بطاقة فاروق شوشة ؟

فاروق محمد شوشة ولدت في التاسع من شهر يناير عام 1936 بقرية الشعراء بمحافظة دمياط بجمهورية مصر العربية .

_مسمى القرية من أين جاء ؟

تسمية قريتي بهذا الاسم ( الشعراء ) بسبب وجود شعراء الربابة الذين كانوا يتغنون بالأبطال الشعبيين و التراث الشعبي المصري .

_ كتاب قرية مادوره فى سنى عمرك الأولى؟

حفظت القرآن في كتاب القرية وتلقيت تعليمي الابتدائي والثانوي في دمياط .

_ ماهو دور الأسرة فى حياتك خلال تلك الفترة؟

فى عام 1947 اجتاحت الكوليرا مصر ونالت بأذاها الكثيرين ومنهم جدي لأمي وخوفا من العدوى مكثت فى البيت ومن هنا قرأت كل ماتضمه مكتبة أبى ووجدت مجلة ( الرواية ) و قرأت فيها الكثير من الإبداعات العالمية المترجمة وجذبتنى ( الأوديسا ) و ( الإلياذة ) التى ترجمها ( دريني خشبة ) رحمه الله .

_ لمن قرأ فاروق شوشة من الشعراء ؟

مكتبة البلدية في دمياط تعد من مناهل ثقافتى فمن خلالها تعرفت إبداع الشعراء على محمود طه وإبراهيم ناجي وعلى الجارم ومحمود حسن إسماعيل وسيرة عنترة بن شداد .

_ هل اخترت الدراسة بما يناسب موهبتك؟

بعد حصولي علي الثانوية العامة التحقت بكلية دار العلوم جامعة القاهرة ضمن أول دفعة تلتحق بالكلية من حملة ( التوجيهية ) وهى الثانوية العامة الآن وحصلت علي الليسانس عام 1956 كما حصلت على دبلوم كلية التربية جامعة عين شمس عام 1957 .

_ بعد التخرج أين عملت؟

عملت مدرسا بمدرسة النقراشي الإعدادية النموذجية في عام 1957 .

_ كيف جاء التحاقك بالإذاعة؟

في عام 1958 تقدمت إلى مسابقة الإذاعة المصرية الخاصة بالمذيعين ومقدمي البرامج ووفقني الله ونجحت في المسابقة وعملت مذيعًا ومقدمًا للبرامج وتدرجت في المناصب الإذاعية حتى أصبحت رئيسًا للإذاعة المصرية في عام 1994م وقد شغلت هذا المنصب حتى عام 1997بعد بلوغي سن المعاش القانوني بعام .

_ برامج الإذاعية ماذا تقول عنها؟

من أشهر البرامج الإذاعية التي قدمتها وكتبتها برنامج ( لغتنا الجميلة ) وهذا البرنامج بدأته فى أول شهر سبتمبر عام 1967 كما قدمت في التليفزيون البرنامج الأسبوعي ( الأمسية الثقافة ) وبدأته فى أول شهر يناير عام 1977 .

_ هل تنوعت موضوعات قصائد؟

كتبت قصائد الغزل كما كتبت القصائد الوطنية والاجتماعية .

_ هل تتذكر أول ماكتبته؟

نعم أتذكر أول محاولة أدبية كتبتها فقد كنت في ذلك الوقت ادرس العلم في المدرسة وكتبت مسرحية شعرية بعنوان ( هكذا مرة واحدة ) وفكرت في عرضها على أستاذ الفصل وعندما قرأها اندهش متعجبا من أسلوبي الجميل بل قامت المدرسة بعرضها وأخذت مكافأة قدرها ( 17 ) جنيه وهذا المبلغ يعد كبيرا في ذلك الوقت .

_ الغزل فى شعرك هل جاء بسبب؟

بعد كتابة محاولتي الأولى ( المسرحية الشعرية ) كتبت قصائد الغزل فقد كانت هناك فتاة في قريتي شغلتني وأحببتها ومن هنا كانت إلهامي بقصائد الغزل وعندما التحقت بكلية دار العلوم كتبت القصائد الوطنية والاجتماعية .

_ هل العمل الإعلامى أفادك كشاعر أما الشعر أفاده؟

نعم العمل الإعلامي أفادني كشاعر والشعر أفادني أيضا في العمل الإذاعي .

_ ماهى شهادتك عن لغتنا الجميلة؟

نعم كنت أمينا عاما لمجمع اللغة العربية .. واللغة العربية تتعرض لأزمة فيجب القضاء علي الأمية والدفاع عن اللغة العربية .. لغتنا الجميلة .

_ هل تتابع كتاب شباب الشعراء؟

نعم أتابع كتابات الشعراء الشباب ومنهم نخبة من المبدعين .. ومنهم أيضا من يكتب بعض الأشياء الغير مفهومة ذات الاغتراب الثقافى بدعوى التجديد وأتمنى منهم الاهتمام بالوعي اللغوي والحفاظ علي تراث الشعر العربي .

_ القصة والرواية والشعر ماذا تقول عن هذه الفنون الأدبية؟

القصة أو الرواية تتحول إلى عمل درامي ومن هنا كان انتشارها الأوسع وقد ينصرف الجمهور عن النصوص الشعرية ولكن يبقى الشعر هو فن العربية الأول وفي معارض الكتب نجد ارتفاع نسبة توزيع الدواوين الشعرية وهذا يدلنا على بقاء هذا الفن الجميل في المقدمة .

_ هل الكتاب الورقى يتوارى فى زماننا هذا؟

مع تعدد وانتشار وسائل القراءة والنشر إلا أن الكتاب يعد عميد الثقافة ونرجع إليه وقتما نشاء ومتعة قراءة الكتاب لاتضارعها متعة .

_ هل مازلت بالجامعة الأمريكية؟

نعم أتشرف بأستاذية الأدب العربى القديم والحديث بالجامعة الأمريكية ورئاسة جمعية المؤلفين والملحنين وعضوية لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة .

_ عرفنا على ماقدمته للمكتبة العربية؟

قدمت للقراء والمكتبة العربية أكثر من خمسة عشر ديوانًا شعريًّا بالإضافة إلى عدة دراسات ومختارات ففى عام 1966 أصدرت ديوانى ( إلى مسافرة ) ثم توالت بعد ذلك دواوينى وصدرت أعمالى الشعرية في مجلدين .. ولى أربع مجموعات شعرية للأطفال  .

_ هل كتاباتك تمت ترجمتها للغات أجنبية؟

تُرجمت أربعة من دواوينى الشعرية إلى اللغة الإنجليزية وهى :

لغة من دم العاشقين ووقت لاقتناص الوقت ووجه أبنوسي والجميلة تنزل إلى النهر بالإضافة إلى قصائد عدة ترجمت إلى  اللغات الفرنسية والإسبانية والروسية والصينية واليابانية .

_ متى بدأت الكتابة فى مجلة العربى؟

أكتب فى بابى الشهرى بمجلة العربي الكويتية عن ( جمال العربية ) منذ عام 1991 .

_ القصيدة المغناه هل تفيد الشاعر ؟

غنى كلماتي مجموعة من كبار المطربين والمطربات والقصيدة المغناه تساعد فى الانتشار للشاعر .

_ نود التعرف على الجوائز فى حياة الشاعر الكبير فاروق شوشة؟

حصلت على جائزة الدولة التشجيعية فى الشعر عام 1986 ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى وجائزة الشاعر اليونانى كافافيس عام 1994 وجائزة مؤسسة يماني عام 1995 وجائزة الدولة التقديرية عام 1997 .

_ هل الجائزة تصنع شاعرا؟

الجائزة لاتصنع شاعرا بل الجوائز تكريمات لإبداع الشاعر والمبدع .

_ متى جاء دورك فى مجمع اللغة العربية؟

انتخبت عضوًا في مجمع اللغة العربية فى عام 1999م .. في المكان الذي خلا بوفاة الكاتب الصحفى الكبير مصطفى أمين وانتخبت أمينا عاما لمجمع اللغة العربية فى عام 2005م .

_ ومتى كان فى اتحاد الكتاب ؟

فى شهر مارس عام 1999 انتخبت رئيسا لاتحاد الكتاب مصر وبقيت حتى عام 2000 .

_ الشعر كيف يزدهر من وجهة نظرك؟

الشعر لن يزدهر فعليـــاً إلا إذا تحققــت أشياء عدة أولها ..القضاء على الأميــة وتعليــم النـــشء تعليــماً لغوياً سليماً لأن الشــعر فن لغوي صعب فلا يمكــن قـراءة قصيدة أو تذوقها الشخصي لا يحس اللغة العربية لأنني أعتبر الشعر كيمياء اللغة .

نحن في حاجة إلى تحويل الأميين إلى متعلمين ثم تحويل المتعلمين إلى متذوقـــين للغة العربيـــة ..وهنا يصبح الكتاب سهلاً وميسوراً وأن يـــروج للشعر في المحافل والندوات والأمسيـــات .. عند ذلك يزدهر الشعر ويصل إلى الناس ويحقق أهدافه .

_ شعر العامية هل هو تدمير للغة العربية الفصحى؟

شعر العامية هو الوجه الآخر من وجهي العملة الشعرية العربية .. ولا يمكن أن نتنكر له ولا يمكن أن نعتبره في صراع أو تضاد مع شعر الفصحى وأنا أعتقد أن الشعر معاً بين ما يتحاوران ويغذى كل منهما الآخر ويستلهم كل منهما صور الآخر .

لوأنك سألت شعراء العامية الآن عن ثقافتهم الشعرية ولمن يقرأون ؟  سيقولون لك بكل بساطة نحن نقرأ الشعر العربي الفصيح ونقرأ لكبار الشعراء العرب الذين يكتبون الفصحى ومن ضمنهم شعراء العامية فشعر العامية لم يكن محتاجاً لاعتراف فهو موجود ويملأ الساحة والناس تقرأه وتسمعه وتنفعل به فهو شعر الفصحى .

_ هل أنت معى فى الانفتاح على العالم؟

نعم أنا معك فلا ضرر من الانفتاح على كل ما في العالم  ولكن بشرط أن نكون واثقين بأنفسنا وبما عندنا محددين لما نريد أهدافنا واضحة أمام عيوننا وهذه الأهداف تتضح إذا امتلكنا ما نسميه ( القيم ) .

القيم هى الأشياء المفضلة لذاتها مثل الكرامة والاعتزاز بالشخصية والتواد والتقارب والتلاحم الاجتماعي فإذا كانت عندنا قيم تهدينا في اختيار ما نريد وترك ما لا نريد فلا خطر على الإطلاق من الأخذ من كل حضارات العالم ليس الغرب وحده وإنما الشرق أيضاً فأسلافنا العرب خرجوا وأخذوا من ثقافة اليونان ومن ثقافة الهنود والفرس ولم تضع الهوية العربية .

_ كيف تعانقت كلماتك مع حنجرة المطربة صباح؟

بعد فترة إقامة بمصر غادرت الفنانة صباح مصر واستقرت في لبنان بسبب غضبها من مطالبة الضرائب المصرية مبالغ كبيرة منها وهنا فكر الإذاعي جلال معوض في عودتها لمصر فطلبها بالتليفون ودعاها للمشاركة في حفلة أضواء المدينة وكان يجلس في مكتب الإذاعي جلال معوض الموسيقار محمد الموجي وعندما تحدث معها كان بيكي بشدة وهى تبكي أيضا وهنا قالت صباح  ماذا اغني بعد فترة غيبة عن الجمهور المصري ؟ فقال محمد الموجي : تعالي وكله تمام .. وسمعت بهذه المحاورة أثناء تواجدي بمكتب جلال معوض وبعد انتهاء عملي بالإذاعة ذهبت لزيارة صديقي حسين شاش بمصر الجديدة وأثناء قيادتي للسيارة وعند ميدان رمسيس وجدت نفسي اكتب ( والله واتجمعنا تاني ياقمر  ) .

في اليوم التالي أعطيت ماكتبته إلى الإذاعي جلال معوض فقال : هذه الأغنية سوف تغنيها صباح وسألني : من كتب هذه الكلمات ؟ فقلت : واحد صديقي .. فقال جلال معوض : لابد من ذكر اسم الملحن والمطرب والشاعر في الميزانية المالية .. وهنا قلت له : أنا الذي كتبت هذه الكلمات .. فأندهش لأنه يعلم إنني أكتب بالفصحى.