العالم الكبير الدكتور زغلول النجار في حوار شامل

العالم الكبير الدكتور زغلول النجار

في حوار شامل

حوار: بدر محمد بدر

[email protected]

· لو علم حكامنا بأن حل مشكلاتنا يكمن في حمل راية الإسلام، نكون قد بدأنا السير على الطريق الصحيح

· وحدة الأمة الإسلامية كفيل بإخراجها من جميع أزماتها، وعلينا أن نعيد توحيدها من جديد ولو على مراحل

· الحكم على أن الحضارة الغربية في حالة انهيار سابق لأوانه، وسعادة البشرية في نجاح المسلمين في تقديم ما عندهم من خير

الدكتور زغلول راغب النجار هو واحد من كبار علماء الجيولوجيا المعروفين في العالم، وأحد أبرز من كتبوا في الإعجاز العلمي للقرآن والسنة، وهو أيضا واحد من دعاة الإسلام الكبار في هذا العصر، الذين يجوبون الدنيا شرقا وغربا شمالا وجنوبا، بالرغم من أنه في السابعة والسبعين من العمر، للدعوة إلى الإسلام، والذود عن حياضه، وإيقاظ الأمة.

حاورناه في الكثير من القضايا والموضوعات المطروحة على الساحة الدولية والإسلامية والعربية، وجاءت إجاباته صريحة وواضحة ومحددة كعادته دائما، فإلى تفاصيل الحوار:

 

· سألناه في البداية: هل مازال الغرب يحتفظ بمؤهلات لقيادة الحضارة الإنسانية الآن؟

ـ لا.. الغرب تقدم تقدما علميا وتقنيا مذهلا، ولكنه تخلف تخلفا مزريا في النواحي العقائدية والأخلاقية والسلوكية وسيدمر ذاته، والغرب غير مؤهل أبدا لقيادة الحضارة الإنسانية، ولكنه يحتاج إلى فهم عقيدة الإسلام وحضارته، وفهم الرؤية الإسلامية الصحيحة للحياة، حتى يحقق بما أنجزه من تقدم علمي وتقني، الإعمار الحقيقي للأرض، لكنه الآن يدمر الأرض.

· ولكن بالرغم من هذا فالمسلمون يلهثون وراء هذه الحضارة وتقليدها فما السبب؟

ـ طبعا هنا تكمن المأساة العجيبة، لأن الذين يملكون الحل الصحيح، وعليهم أن يقدموه لأصحاب التقدم العلمي والتقني، هم المسلمون المتخلفون تخلفا علميا وتقنيا، في كل مناحي الحياة، وبالرغم من ذلك فلا تزال سعادة البشرية في نجاح المسلمين في أن يقدموا ما عندهم, ولذلك أقول إن كلا الجانبين منهار, فالغرب منهار لأنه فقد الدين، وفقد مع فقده للدين القيم الأخلاقية والسلوكية، والشرق الإسلامي أيضا منهار لأنه ترك دينه وراء ظهره، وبدأ يلهث وراء التقدم المادي والتقني، ولم يصل إلى هذا ولا إلى ذاك.

· ما الحل من أجل إنقاذ البشرية من الضلال من وجهة نظرك كمفكر وعالم كبير؟

ـ أعتقد أن إنقاذ البشرية الآن يتلخص في جملة بسيطة "أن يفهم الإنسان حقيقة رسالته في الحياة"، وهي أنه عبد لله سبحانه، وخلقه لرسالة ذات وجهين: عبادة الله بما أمر، وحسن القيام  بواجب الاستخلاف في الأرض وعمارتها وإقامة شرع الله وعدله، والغرب نجح في إعمار الأرض المادي، ولكنه فشل في إعماره الديني والأخلاقي، ولذلك أمريكا وأوربا وحليفاتهم يدمرون في الأرض تدميرا ليس له أول ولا آخر، لأنهم مغرورون بتقدمهم العلمي والتقني، وبالآلة العسكرية القوية التي عندهم، فيدمرون العالم ولا يعيقهم شيء، لأنهم لا يؤمنون بالبعث ولا بالحساب ولا بالجنة أو النار ولا بالعرض الأكبر أمام الله سبحانه وتعالى، لذلك أقول: إذا أراد المسلمون أن يستيقظوا من رقدتهم وأن يعيدوا لأنفسهم دورهم الرائد، ليس في التقدم العلمي والتقني، بل في نجاحنا في أن نقدم لغيرنا ما عندنا، بكلمة طيبة وحجة واضحة وفطرة سوية، ومن غريب الأمر الذي يدهش الغرب الآن لأن المسلمين في ذيل العالم، والغرب يتخيل أننا في قبضة يمينه، والذي يزعجه أن يرى الإسلام ينتشر عنده الآن بذاته بين أعلى المستويات العلمية والفكرية، الإسلام ينتشر لأنه هو الحق الوحيد الموجود بين أيدي الناس اليوم.

· هل ترى أن الأزمة الاقتصادية الأخيرة هي إحدى مظاهر انهيار الحضارة الغربية أم أن هذا الحكم سابق لأوانه؟

ـ طبعا هذا الحكم سابق لأوانه، لأن الغرب ما زال يحكم الكرة الأرضية، ولكن لو أحسنا توظيف هذه الأزمة الاقتصادية بتقديم منهج الإسلام الشامل للغربيين، لكنا نجحنا نجاحا كبيرا, فالمشكلة عندهم تكمن في الربا، وكبار الاقتصاديين الغربيين يقولون الآن إن سبب هذا الانهيار الاقتصادي هو "الربا"، وتلك الفوضى المالية الموجودة في أسواقهم.. أنا كتبت مقالا بعنوان "يمحق الله الربا ويربي الصدقات" أتحدث فيه عن ثلاثة علماء كبار من فرنسا وايطاليا، قالوا كلاما صريحا في أن مشكلتهم تكمن في إباحة الربا، الذي هو محرم عندهم في المسيحية، وأيضا في اليهودية وأجمعوا على أن الحل الحقيقي للأزمة الأخيرة يكمن في تطبيق الضوابط الإسلامية للتعاملات المالية، ومنهم من يتحدث وكأنه فقيه مسلم! وبرغم هذا فنحن كمسلمين لم نستغل هذا الوضع لعرض مبادئنا الإسلامية.

إقصاء الإسلاميين وتمكين العلمانيين

· ما سبب هذه الغفلة عند المسلمين، وخاصة في الأزمات؟

ـ الغفلة سببها أن أعداء الأمة في زمن الاحتلال الذي تعرضت له الدول الإسلامية، قاموا بإقصاء الإسلام بالكامل عن مقامات اتخاذ القرار، وقدموا كوادر علمانية لا تعرف دينها ولا إسلامها، فأغلب أصحاب القرار عندنا لا يعرفون قيم الإسلام ويعادونه بجهل، وخلاص هذه الأمة في عودتها إلي كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) ولا خلاص لنا بغيرهما، الإسلام يريد أن يصلح من شأن هذه الأمة والإسلاميون لا يريدون الكرسي ولا السلطة، وإذا جاء من يحكم بكتاب الله وسنة رسوله، سيكون كل الإسلاميين وراءه، لأنهم أصحاب رسالة في هذه الحياة، وليسوا طلاب مراكز ولا حكومات ولا رئاسات ولكن يريدون الحكم بكتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) لقيادة هذه الأمة.

· هناك من يرى أن استمرار السيطرة الغربية على العالم، دليل نجاح.. فما تعليقك؟

ـ طول عمر التاريخ ينتصر فيه الظالم والمتجبر والمنعدم الأخلاق، فكل الصالحين لا ذكر لهم، ولا تجد أثرا لنبي من الأنبياء على وجه الأرض إلا محمد (صلى الله عليه وسلم) لأنه خاتم الأنبياء، فماذا ترك إبراهيم ونوح وغيرهم من الأنبياء عليهم السلام، والصالحين لأنهم لم يسعوا إلى أن يذكروا ويسجلوا في التاريخ، لأنهم يسعون إلى الله، أما الفئة الظالمة تؤرخ، وتسجل بالتاريخ ما يريدون، ولهذا لهم وجود واستمرار، فانظر إلى الفراعنة بنوا الأهرامات وأبو الهول والمدافن، وحنطوا الأجساد، لأنه خائف والدنيا عنده كل شيء، أما المسلم يريد أن يؤدي دوره في هذه الحياة، يعبد ربه بما أمره ويعمر الأرض، ولذلك التاريخ قائم على الفاسدين من البشر، ولهذا يعتقد البعض أن استمرار الرأسمالية دليل نجاح، وهذا بالطبع غير صحيح.

· هل تعتقد أن المشروع الإسلامي يمكن تطبيقه، وسط هذه الصراعات والأزمات التي تمر بها البشرية؟

ـ في ظل كل هذا العداء الشديد للإسلام في العالم، تخرج علينا كل وسائل الاستخبارات العالمية لتؤكد أن الإسلام هو الأسرع انتشارا بين الأديان في عالم اليوم، فالإسلام قادم قادم بإذن الله بنا أو بغيرنا، كما يقول رب العالمين "وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم"، فنسأل الله أن يستعملنا ولا يستبدلنا.

· في تقديرك ما هي العوامل التي تساهم في قيام نهضة عربية إسلامية؟

ـ "رسالة إلى الأمة" هذا هو عنوان كتابي الذي وضعت فيه تلخيص مشاكل الأمة وحلها، فأنا أرى أن سبب مشاكلنا كلها نابع من تفتيت الأمة، لأننا نعيش الآن في عالم التكتلات، وكل علماء الاجتماع الآن يقولون لم يعد هناك مجال لتجمع بشري أقل من 300 إلى 400 مليون نسمة، أن تكون له بصمة على مجريات الأحداث في العالم، ويقولون في عالم التكتلات هذا، ستبقى الكيانات الصغيرة تابعة ذليلة للقوى الكبرى، لا رأى لها، تؤمر فتطيع، ومن يريد أن يعيش ذليلا فله ما يريد، إذن حل مشاكل وأزمات هذه الأمة في التوحد، أن نعيد توحيدها من جديد ولو على مراحل، كما فعلت الأمة الأوربية: 28 دولة شعوبها مختلفين في اللغات والأعراق والمعتقدات والمستويات الاجتماعية، وتوحدوا وأصبح لهم علم واحد، وعملة واحدة، وبنك مركزي واحد، وبرلمان واحد، وقيادة عسكرية واحدة، وقيادة سياسية واحدة، فالحل لنا أن يعي حكام العالمين: العربي والإسلامي أن خلاصهم في وحدتهم، لقد توحد الأوربيون على مدى نصف قرن، ونبدأ كما بدأوا بسوق واحد وانفتاح اقتصادي بيننا، كما كان ينادي رئيس وزراء تركيا الأسبق (نجم الدين أربكان)، نبدأ بالمنافع المادية والسوق المشتركة وإلغاء التأشيرات بين دولنا.

· هل تعتقد أن الشعوب العربية والإسلامية مؤهلة لتحمل المسئولية في قيادة العالم الآن؟

ـ لو شعر حكام الأمة العربية الإسلامية بأن مصلحتنا وخلاصنا، وحل مشاكلنا: السياسية والاقتصادية والاجتماعية، في حمل راية الدعوة، نكون قد بدأنا الطريق الصحيح، وقد مرت علينا مؤخرا أزمتان: أنفلونزا الخنازير والأزمة الاقتصادية، وتأثر بهما العالم تأثيرا كبيرا، والله سبحانه وتعالى أنطق أناسا من غير المسلمين بالحلول الإسلامية لها، ولا يوجد عندنا نحن المسلمين ـ مع الأسف ـ أحد يتكلم برؤية الإسلام العظيم في حل هذه المشكلات! لقد جاءني عبر البريد الإلكتروني مقطع مصور (فيديو) تم إعداده في أمريكا يتحدث عن أكل لحوم الخنازير، ويقول إن ثلث الشعب الأمريكي مصاب بأمراض مزمنة بسبب أكل لحم الخنازير، أي 30 في المائة ما يمثل 90 مليون نسمة، مصابين بأمراض مزمنة من لحم الخنازير، كما أن معدة الخنازير هي مخزن للديدان والفيروسات والميكروبات، وهناك أناس لم يتحملوا رؤية هذا الفيلم، فهل عجزنا كأمة تملك الحق أن نقدم هذه الحقائق للعالم، حتى في وسائل الإعلام؟! هل عجزنا أن نطلق قناة فضائية تسمع العالم صوت الإسلام؟! والإسلام يشوه في كل وسائل الإعلام هناك، اليهود يشوهون صورة الإسلام ليل نهار في كافة وسائل الإعلام الأمريكية والغربية، وهم بارعون في قلب الحقائق وفي تزوير التاريخ.

الأمل في الشباب المسلم

· الأمة الإسلامية تملك أسباب النهضة الحقيقية فكيف يمكن تفعيل ذلك، خاصة لدى الشباب؟

ـ بدون شك الأمل في الشباب المسلم الملتزم، والثقة في الله سبحانه وتعالى، ولو أن بيننا مجموعة مؤمنة، صالحة استطاعت أن تفهم هذا الدين فهما جيدا، وأن تطبقه في حياتها واقعا قائما، سيتنزل علينا النصر إن شاء الله رب العالمين، لكن المشكلة أن غالبية المسلمين لا يزالون جهلاء بدينهم وأمتهم وحضارتهم وتاريخهم، وكثيرون منهم يجمعون بين المتناقضات في حياتهم.

· إلى أي مدى تعتقد أن الغرب مسئول عن قضية فلسطين؟ وهل تراه مؤهلا لحلها حلا عادلا؟

ـ طبعا الغرب هو الذي صنع مشكلة فلسطين بقيادة فرنسا وبريطانيا وإيطاليا، وتبنى اسمها من بعدهم أمريكا وكندا، واليهود استطاعوا أن يقنعوا الغرب بأن قيام هذا الكيان في المنطقة العربية ضرورة مسيحية، ومن الطبيعي لو لم نعرض القضية من المنظور الإسلامي الصحيح لن يسمع لنا أحد، والغرب غير مؤهل إطلاقا بوضعه الحالي لحل القضية الفلسطينية، بالعكس الغرب هو من يقف وراء هذا الكيان الصهيوني بنسبة 100 في المائة، ماديا ومعنويا وسياسيا واقتصاديا وعسكريا.

· وماذا عن الدور العربي والإسلامي إزاء هذه القضية؟

ـ علينا أن نشرح القضية للشعوب الغربية شرحا صحيحا، فاليهود يقولون للغرب أنهم وحدهم أحفاد إبراهيم وإسحاق ويعقوب، وهذا الكلام غير صحيح، وهناك آية قرآنية  تقول "أن الأرض يرثها عبادي الصالحون"، واليهود عندهم نص قريب من هذا، فحولوه إلى أن هذا عهد من الله أن يعطي أرض فلسطين ملكا أبديا لأبناء يعقوب وهم اليهود، ولا أدري من أين أتى هؤلاء ليكونوا أبناء يعقوب، فهم حثالات الأمم ونفايات الشعوب، الذين حضروا من بولندا ورومانيا وانجلترا وغيرها من البلاد، ما هي صلتهم بيعقوب عليه السلام، والإسلام لا يحاسب على العرق، فمثلا عندنا أبناء أنبياء كانوا كفارا كابن نوح عليه السلام، وزوجات أنبياء كن كافرات كزوجة لوط، وزوجة فرعون كانت مؤمنة صالحة، فالقرآن يوضح لنا أن العرق والدم لا علاقة لهما في حساب رب العالمين.

· لكن من المؤهل إذن لنصرة فلسطين؟

ـ اليهود الذين يتعاملون بعقلية اللص الذي سرق هذه الأرض، لن يتنازلوا عن شبر منها إلا بالقتال، وقضية فلسطين لن تحل إلا بالجهاد، وليس لها حل إلا بذلك، وهم يريدون أن يوقفوا كل صوت ينادي بالجهاد، ويحاربونه ويعتبرونه إرهابا، وكلمة الإرهاب أصبحت مثل الموضة الجديدة، فأي إنسان يدافع عن حقه، وهذا حق مشروع في قوانين الأمم المتحدة، في الدفاع عن الحق والحريات وهم ما يطلق عليهم "المدافعون عن الحريات" كما يسمونهم هناك، والمفروض أن العالم كله يقف من ورائهم، لأنهم يحررون أرضهم المغتصبة، لا يتخيل أحد أن المفاوضات مع اليهود ستعطينا شيئا، ومن يتخيل ذلك فهو واهم، واليهود يستغلون الوقت في الحديث عن السلام، وهم يعدون للحرب ويمكنون أنفسهم في الأرض أكثر، ويقتلون المسلمين أكثر وهكذا.

· هل أوشكت رياح التغيير أن تهب على المنطقة أم مازال أمامنا وقت طويل؟

ـ إن شاء الله رياح التغيير قادمة قادمة، والمبشرات كثيرة فنحن كنا في لبنان، التي تعتبر كقطعة من أوروبا في الحرية والانفتاح، وعقدت ندوة لمناصرة القدس في مدينة طرابلس في الشمال، وأقسم بالله وكأني في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم (قال هذا وهو يبكي وأكمل) والاحتفال فيها وكأننا في زمن الرسول، ومعنويات الشباب والنساء والأطفال شيء بديع حقا.

· يرى البعض أنه برغم زيادة نسبة الانهيار الأخلاقي في بلادنا فإن هناك في المقابل صحوة إسلامية قوبة أيضا، فهل تؤيد ذلك؟

ـ هذا صحيح طبعا، وعلى الرغم من كل المؤامرات التي يتعرض لها العالم الإسلامي إلا أن الإسلام ينتصر، وهذا هو الذي يدهش الغرب، وعلى سبيل المثال شاركت في مؤتمر في الهند، استمر في بومباي عشرة أيام على الهواء، وكان كل ليلة يسلم ما بين 20 إلى 30 فردا من مختلف الجنسيات، وكان يشارك في المؤتمر ما يقرب من 150 ألف شخص في ساحة مفتوحة، وتغطي وقائعه مئات الكاميرات التليفزيونية والشخصية، وقد كان هذا شيء بديع حقا ومظاهرة إسلامية عظيمة، نعم هناك صحوة كبيرة وإصلاح غير ظاهر في بعض الأحيان، ورغم المؤامرات هناك تقدم كبير للإسلام، وهذه مؤشرات للتغيير والإصلاح إن شاء الله.

الدور التركي عظيم

· كيف تنظر إلى المستقبل؟

ـ أعتقد أن الخوف ليس على الإسلام وإنما على المسلمين، فالإسلام بخير والحمد لله، ويتقدم تقدما كبيرا في أرجاء الدنيا كلها، فإذا لم ننتبه لدورنا ومسئوليتنا كعرب، فقد يعطي الله قيادة هذا الدين لغيرنا، كما قال رب العالمين "وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم"، والآن الدور التركي عظيم جدا، وهم يرفعون راية الإسلام عالية خفاقة، ويدافعون عن هذا الدين في كل ساحة، وقاموا بإصلاحات كثيرة في بلادهم، وأصبح اقتصادهم أقوى اقتصاد في المنطقة بعد أن مر بظروف صعبة، وصوتهم الإسلامي عال في كل قضية من القضايا، تركيا بها مد إسلامي كبير وأعرف الكثير من قادة هذا التيار، وعلى رأسهم "نجم الدين أربكان" فهو صاحب مدرسة إسلامية عظيمة.

· ما هي أحدث مؤلفاتك العلمية؟

ـ سوف يصدر قريبا بإذن الله كتابي (إسهامات الحضارة الإسلامية في مجال العلوم البحتة والتطبيقية)، استعرض فيه دور 250 عالما من علماء المسلمين في خدمة البشرية، وكان من جوانب العظمة في هؤلاء أنهم يعيشون في حدود شبه مفتوحة، إذا ضيق على أحدهم في أسبانيا ينتقل إلى المغرب، وإذا ضيق عليه في المغرب ينتقل إلى سوريا، وهكذا، وهذه الحركة المفتوحة أفادت فائدة هائلة، ولم نجد عالما يقول إنني مصري أو سوري أو تركي.. الخ، ولكن يقول فقط أنا مسلم.

· كيف تنتشر دعوة الإسلام بين الأجانب؟

ـ الأجانب حقيقة يتقبلون الدعوة إلى الإسلام بصدر رحب، إذا عرف الإنسان كيف يصل إليهم، لأن الإيمان فطري في النفوس، ولو قرأنا قصص بعض الذين دخلوا في الإسلام لتأكدنا من ذلك، فهناك مثلا كتابين أحدهما اسمه "حبي العظيم للمسيح قادني للإسلام" ومؤلفه من أمريكا الجنوبية، والثاني "قراءتي للإنجيل قادتني للإسلام"، فالإسلام ينتشر انتشارا عجيبا بذاتيته، وعندنا فرص هائلة لنشره في ربوع الدنيا كلها، وعندنا موضوعين مهمين؛ الأول: الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، والثاني: مقارنة الأديان، لو وضعناهم في اهتماماتنا فسوف تكون النتيجة عظيمة.

· ما رأيك في حوار الأديان؟

ـ حوار الأديان الحالي أشبه بحوار الطرشان، ولم ولن نصل فيه إلى نتيجة عملية، والسبب أن كلا الطرفين يجامل الآخر عندما يقابله، وبالتالي لا توجد مصارحة حقيقية أو حوار فعلي، وأخشى عند الحوار والمصارحة أن يحدث الصدام بينهما، وأعتقد أنه من الأفضل ألا يكون أطراف الحوار من علماء ورجال الدين، لأن كل واحد من هؤلاء سوف يتعصب لدينه أو لفكره، وأن يكون أطرافه من جمهور الناس العاديين، لأن الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها تستجيب للحق.