عضو الائتلاف السوري عقاب يحيى

السوريون لن يقبلوا بحلول "ترقيعية"

العرب محمد خالد

يحيى يشير إلى أن الروس يعرفون أن النظام يعيش انهيارا متعدد الوجوه ولا مستقبل له لذا فمن مصلحتهم التلاقي مع مطالب الشعب السوري.

عقاب يحيى: لا أعتقد أن هناك بديلا لجنيف

في حوار شامل مع “العرب” تطرق إلى شتى الملفات المفتوحة في سوريا الآن، يتحدث عضو الائتلاف السوري عن الكتلة الوطنية الديمقراطية السورية، عقاب يحيى، عن مقومات الحل السياسي المطروحة، فضلا عن حديثه حول مستقبل الائتلاف المعارض في ضوء المتغيرات الحالية، وبينما يقف في مفترق طرق واضح عقب ثلاثة أعوام من تأسيسه ليمثل الشعب السوري.

في بداية حواره مع “العرب”، قال عقاب يحي، عضو الائتلاف السوري عن الكتلة الوطنية الديمقراطية السورية: “سمعت عمّا قاله الروس لمعاذ الخطيب (في إشارة إلى اللقاء الذي جمع رئيس الائتلاف السوري المعارض الأسبق معاذ الخطيب مع مسؤولين روس مؤخرا)، ولا يبدو لي جديدا في كلامهم، فقد سبق وتحدثوا علنا وسرا في الموقف من بشار الأسد، وأنه لا يعنيهم أمره، بل الشعب السوري”.

وفي تعليقه على ذلك، أردف يحيى قائلا: “هناك تفسيران يتداخلان، أولهما أن الروس بوضع صعب الآن، عبر إهمال الإدارة الأميركية لهم ولدورهم، بالإضافة إلى تورّطهم في أزمة أوكرانيا، وهناك هذا الفراغ الكبير في سوريا المتلازم مع مخاطر جدّية تتجاوز النطاق الإقليمي إلى الدولي، وبما له من آثار على الروس ومصالحهم، وهم يعرفون أن النظام، ورغم التظاهر بالقوة والتقدم إلا أنه يعيش انهيارا متعدد الوجوه ولا مستقبل له في سوريا، ومن مصلحتهم أن يتلاقوا مع مطالب الشعب السوري ولو عبر تعرّجات مختلفة، بعد كل الذي قدّموه للنظام”.

إيران تمسك بمفاصل القرار السوري وهي صاحبة اليد التي أنقذته من الانهيار

وتطرق عضو الائتلاف السوري، إلى الأنباء المتواترة حول اعتزام الجانب الروسي رعاية مفاوضات جديدة تحت شعار “موسكو 1” تكون بديلا عن “جنيف”، وتتضمن مساع لحل الأزمة، قائلا: “لا أعتقد أن هناك بديلا لجنيف، فكل ما يجري الآن مجرد كلام ومحاولات عامة أقرب إلى العلاقات العامة منها لبلورة مشاريع ومبادرات عملية، يغلب عليها محاولات ملء الفراغ؛ حيث لا توجد ظروف ناضجة لأي تفكير بحل سياسي يملك مقومات النجاح”.

واستطرد يحيى: “موسكو تلتقي بكافة أطياف المعارضة، وسبق لها قبل مدة قصيرة أن التقت -وعلى مرات عديدة- وفودا من الائتلاف، لاسيما وأن روسيا كدولة كبرى ومعنية بسوريا تحاول أن تُفعّل دورها بدعوة أطياف متعددة محسوبة على المعارضة، وعلى النظام أيضا، لكن وحتى الآن لم تتبلور لديهم مبادرة واضحة البنود، وقابلة للتطبيق”.

تدخل إيران في سوريا

انتقل الحديث من الموقف الروسي إلى التعاطي الإيراني مع الأزمة، وما إذا كانت هناك إمكانية لأن تراوح طهران مكانها من دعم الأسد إلى التخلي الجزئي عنه، حيث قال عقاب يحي: “أعتقد أن إيران هي التي تمسك بمفاصل القرار السوري، وهي صاحبة اليد الفاعلة فيه، والمتواجدة بقوة على الأرض، والتي أنقذته من الانهيار”. وتابع: “الأنباء التي يتمّ تداولها عن حكومة انتقالية برئاسة بشار، وبعض الاتصالات التي تجري هي في صلب مبادرة إيرانية يحاول الروس تبنيها، لكني أعتقد، ووفق الأوضاع الراهنة، وموازين القوى، وموقع حرب الإرهاب في الاهتمام الدولي، أنه لا توجد مقومات لحل سياسي يلبي الحد الأدنى المطلوب، والشعب السوري الذي دفع ضريبة غالية جدا لن يقبل بحلول “ترقيعية” تبقي على القاتل”.

ضربات التحالف الدولي ضد "داعش" لم تعط الثمار المرجوّة

وأوضح عضو الائتلاف الوطني السوري، أن “أي حل سياسي يستجيب للمعقول يجب أن يكون الأسد فيه وكبار رموز النظام خارج أي عملية سياسية، وكل هذا غير مطروح حاليا، وبيننا وبين واقعيته قضايا كثيرة بعيدة”.

ولفت في السياق ذاته إلى أن الجانب الإيراني لن يتخلى أبدا عن “حليف عضوي” له، يعني سقوطه أو رحيله سقوط مشروع طهران القومي ـ المذهبي، حتى لو حاولت إيران وضع ضمانات ما، لذلك تتمسك بالأسد وبالأجهزة الأمنية والعسكرية في أي تصورات تطرحها، وهي الآن طرفًا وليست وسيطا”.

الدور الأميركي

تطرق عضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة في معرض حديثه مع “العرب” إلى الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة الأميركية، مشيرا إلى أن واشنطن شاغلها الرئيس هو “الحرب على الإرهاب”، والذي تترجمه بمحاولة إنهاء وجود الدولة الإسلامية “داعش” وبقية القوى المتطرفة، وهي تعلن كل يوم أنها لا تستهدف النظام، وأنها تخطط لوقت طويل، بما في ذلك “إعداد قوات من السوريين” للحرب معها وملء الفراغ، وذلك يستغرق سنوات طويلة.

ولفت يحيى إلى أن الحرب وفق تقديرات واشنطن تحتاج لسنوات طويلة؛ ولذلك فإن الحل السياسي غير موجود الآن في مشاريعها، رغم ما يروّج عن اتصالات مع النظام، وعن إمكانية عقد صفقات مع إيران يتم ضمان بقاء النظام عبرها ولو لوقت ما، ويجب التذكير هنا أن السياسة الأميركية و”الحربجية” لن تنهي التطرف، بل إن الوقائع تقول إن الحاضنة الشعبية تتسع حول الدولة الإسلامية، وإن الصراع السني ـ الشيعي يشتدّ وكأنه الهدف المضمر من إطالة أمد النزيف السوري المفتوح.

الحرب وفق تقديرات واشنطن تحتاج لسنوات طويلة، لذلك فإن الحل السياسي غير موجود الآن في مشاريعها

فيما يتعلق بنتائج ضربات التحالف الدولي ضد “داعش”، أشار إلى أن “الضربات لم تعط الثمار المرجوّة، وأن العكس أقرب إلى الواقع؛ حيث ينمو “داعش” بقوة، وينتشر في وسط سني يتعاطف معه، وطالما أن الشعب السوري مغيّب عن المشاركة، وطالما اقتصرت تلك الحرب على داعش دون النظام، وطالما لم يساعدنا المجتمع الدولي في تأمين منطقة عازلة آمنة، وتسليح الجيش الحر بما يلزم، وتغيير ميزان القوى على الأرض، فليس يسيرا أبدا التخلص من داعش وأخواته، وقد ندخل حروبا مذهبية وأهلية وإثنية طويلة”.

وأشار إلى أن ما يقترحه المبعوث الأممي، دي ميستورا، مجرد نقاط صغيرة لملء فراغات في وضع خطير.

وأردف: “قصة التجميد أشبه بالهدن التي أقامها النظام واغتال العديد منها، وطالما أنه لا توجد معالم لاستئناف مسار جنيف بأية طبعة له، فالمندوب الأممي يحاول خلق نوع من الديناميكية ولو الكلامية، أو الهامشية”، وذلك ردا على مبادرة وقف إطلاق النار والمناطق المجمّدة التي طرحها المبعوث الأممي.

الموقف العربي

فيما يتعلق بالتعاطي العربي مع الأزمة السورية، قال: “الموقف العربي مقسم، فهناك أصدقاء لسوريا من دول الخليج، لكنهم مختلفون ويتنافسون، وهناك الذي حصل في مصر من تغيير وما تركه من أثر علينا، وعلى الوجود السوري في مصر.. سمعنا الكثير عن أن مصر ستتولى الملف السوري، وأنها في مرحلة التحضير والتهيئة؛ لطرح مبادرة ما، وكان هناك قبل مدة قصيرة وفد من الائتلاف برئاسة البحرة التقى وزير الخارجية سامح شكري، وعلمنا بأنه لا توجد مبادرة مصرية، وإنما جرى نقاش أفكار عامة، ما زالت في طور التحضير لا أكثر، أو الاستكشاف”.

ما يقترحه المبعوث الأممي دي ميستورا مجرد نقاط صغيرة لملء فراغات في وضع خطير

في سياق آخر، رصد المعارض السوري موقف الائتلاف المعارض الآن في ضوء المتغيّرات الحالية، وبعد ثلاث سنوات من تشكيله، بقوله: “الائتلاف يعاني مجموعة إشكالات بعضها يعود لتركيبته وطبيعة قوى المعارضة وما أصابها من ضعف على مدار العقود، واغتيال نظام الاستبداد للعمل السياسي وتكريس التصحر والخوف، وبعضها يرجع إلى تخاذل المجتمع الدولي وعدم تقديم العون المطلوب، وتفاعل العاملين مع ما جرى للعمل المسلح من تداخلات إقليمية وخارجية عديدة، وردود الفعل على ممارسات النظام الإجرامية واستقدام ميليشيات طائفية لنجدته، وممارسة أفعال طائفية شجّعت مناخ التطرف وسمحت لعديد القوى المتشددة بأن تسيطر على المشهد العسكري، وأن تزيح معظم القوى المحسوبة على الثورة”.

وحول التكهنات بإمكانية تخلي الدول الداعمة للائتلاف عنه، فضلًا عن مباحثات تشكيل ائتلاف جديد، قال: “نسمع الكثير من الكلام عن النيّة باستبدال الائتلاف، أو البحث عن بدائل، لكن الوضع السوري لا يتحمّل، كما أعتقد، مغامرة جديدة، ناهيك على أن العلة بالأساس ليست في الائتلاف حتى يتم تعويضه ببديل، فبعض تلك الحكايا تكريس لنوع من الضغوط التي يصل بعضها حدّ الابتزاز؛ لأننا رفضنا ونرفض أن نكون مجرد شاهدي زور على تحالفهم وسياساتهم، أو أن نبصم على ما يريدون في حين يتركون النظام حرا يمارس كل أنواع حرب الإبادة اليومية، وهذا لا يمكن ابتلاعه، ولا القبول به”.