الشاعر والروائي العربي منير مزيد

عبد الهادي الشهري

"سفير الكلمة والإبداع"

منير مزيد

[email protected]

جدة – عبد الهادي الشهري / الحياة

أصدر أنطولوجيا للشعر العربي بـ «الرومانية» ضمت 7 شعراء سعوديين ... مزيد: الشعر السعودي الجديد صمد أمام تيارات الرفض

عن مؤسسة «آرت جيت للثقافة وحوار الحضارات»، وبدعم من «مؤسسة طيبة العالمية» في رومانيا، صدرت قبل شهرين أول أنطولوجيا للشعر العربي، أعدها وترجمها الشاعر والروائي العربي منير مزيد، في عمل يعدّ الأول من نوعه من حيث ترجمة الشعر العربي المعاصر إلى ثلاث لغات تصدر في كتاب واحد. حول فكرة المشروع، وواقع الترجمة في عالمنا العربي المعاصر، وطموحات جديدة في مشروعه الثقافي، وحضور الشعر السعودي في المشهد الشعري العالمي حاورته «الحياة». هنا نص الحوار.  

في البداية كيف ترى واقع الترجمة في العالم العربي من العربية إلى غيرها أو العكس ؟ 

منذ العصر العباسي وحتى اليوم لم يترجم العرب ما تترجمه إسبانيا خلال سنة واحدة، بهذه العبارة الثقيلة الوطأة يمكن استشراف ما تعانيه معرفتنا بالآخر ومعرفة الآخر بنا. كان العرب وعلى مر العصور رواد الترجمة خصوصاً إبان عهد الخليفة المأمون حين انشأ "بيت الحكمة" في بغداد عام 800م الذي أولاه عناية فائقة، ووهبه كثيرا من ماله ووقته، وكان يشرف على بيت الحكمة ، ويُختار من بين العلماء المتمكنين من اللغات. وقد استقدم المامون من قبرص خزانة كتب الروم . وبذلك كان بيت الحكمة خزانة كتب ، ومركز ترجمة ، والتاليف و مركز للابحاث ورصد النجوم ، ومن اهم ما ميز بيت الحكمة هو تعدد المصادر وهي الكتب القديمة و التراجم

 والكتب التي الفت للخلفاء والكتب التي نسخت من ما جعلها مجمعا علميا وظل بيت الحكمة قائما حتى اجتاح المغول بغداد سنة (656هـ = 1258م)حيث تم تدمير معظم محتويات بيت الحكمة في ذلك الوقت. ومن ثم "دار الحكمة" وهي جامعة أسسها الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله عام 1004ميلادية 395هـجرية في مصر وتذكر المصادر أنها حوت 1.600.000 مجلد ضمّت (6500) مخطوطة في الرياضيات و(18.000) مخطوطة في الفلسفة وكان الدخول إليها والاستنساخ والترجمة مجاناً. ، إلا أن واقع الترجمة ظلت وعلى مدى العقود القليلة الماضية بعيدة عن أنظار ورعاية الدول والمؤسسات العربية ، اللهم إلا بما ندر مما جعل جودة الترجمة تهبط إلى مستوى سيئ جداً.فالترجمة ركن أساسي في خدمة تنمية أي مجتمع ومفتاح لحوار الحضارات  وجسور لتبادل المعرفة والثقافات ، فهل أولتها الدول العربية اهتمامها اللازم عوضاً عن اتهام الغرب أنه عديم الاكتراث بثقافتنا؟

طبعا ، هناك تزايد بشكل رهيب واهتمام الغرب بالترجمة للخطاب السياسي والإعلامي، بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ، اما فيما يتعلق بالثقافة والادب فهي من ضمن مسؤليتنا  كعرب ومسلمين وللاسف لا يفي بالغرض المطلوب ..

  برأيك ما هي صفات المترجم الجيد ؟ وهل نضع كل من أجاد لغة معينة  في قائمة المترجمين ؟

إنّ الخطوةَ الأولى قراءة شاملةُ مِنْ الترجماتِ المختلفةِ للأنواعِ المختلفةِ للنصوصِ، خاصة وأن الترجمة تتطلب معرفةً نشيطةً ، وتطوير المهارات، والمترجم الجيد هو الشخص الذي عِنْدَهُ معرفة شاملة لكلا المصدر ولغات الهدف ويجمع ما بين العلم والثقافة والأمانة فهو بمثابة رسول بين حضارتين بكل ما يجب ان يتحلى به من صفات ومهارات وعلوم ومواهب... ومن هذا المنطلق لا يجوز ان نضع كل من اجاد لغة معينة في قائمة المترجمين.على سبيل المثال ، أنا اتقن اللغة الإنجليزية ، وليس هذا فقط ، بل اكتب بها في مجال الشعر والقصة والرواية والمقالة الا انني لا استطيع ترجمة مادة علمية فالترجمة تحتاج إلى شخص يمتلك المعرفة الكافية في المجال الذي يريد ترجمته..

تعتبر ترجمة الشعر من أصعب الترجمات من حيث نقل الفكرة والصورة الشعرية وغيرها كيف تجد ذلك بالنسبة لك 

كما اشرت سابقاً  الترجمة تحتاج إلى شخص يمتلك المعرفة الكافية في المجال الذي يريد ترجمته.. وأنا لي 8 مجموعات شعرية باللغة الإنجليزية و 3 روايات والعديد من المقالات والابحاث المتعلقة بالادب كلها كتبت  بالإنجليزية بهذا يصبح ترجمة الشعر بالنسبة لي ليس بتلك الصعوبة التي قد تواجه مترجم  آخر... ربما أنا  لست الشاعر العربي الوحيد الذي يكتب بالإنجليزية ولكن الأكثر انتاجا وشهرة واشعاري ترجمت إلى الفرنسية والرومانية والاسبانية والالبانية والفارسية ولغات عديدة آخرى من اللغة الإنجليزية وليست من العربية.. أنا من جديد بدأت بترجمة قصائدي إلى العربية...   

صدر كتابك بوابة الشعر العربي المعاصر "انطولوجيا الشعر العربي المعاصر " مترجما إلى ثلاثة لغات الرومانية والانجليزية بالإضافة للغة العربية الأصل وضم نخبة من الشعراء العرب حدثنا عن فكرته وترجمته لثلاث لغات دفعة واحدة

بالحقيقة اثبات هوية الثقافة العربية، وهذا شيء ليس بالقليل، انها عملية صرخة وسط الآف الصرخات، لتثير الانتباه، نستطيع القول بأن مشروعنا هذا لن يكون الاول ، وبالتأكيد لن يكون الاخير، دعني اقص عليك رؤياي وأحلامي من تجارب خضتها، حتى يقف القارئ العربي على مأساتنا كعرب في الألفية الجديدة، ومنها يستنبط قصة الانطولوجيا، في بداياتي عندما غادرت الأردن إلى بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية، لغرض الدراسة، كان أكثر مايؤلمني صورة الانسان العربي المشوهة في الاعلام الغربي، ومن خلال معايشتي للواقع، أدركت أن فكرة استهداف الشعوب وهم، من هنا بدأ تتضح لي الصورة جلية لإخراج هذه الانطولوجيا، كنت أقول كيف نتخلص من تلك الصورة المشوهة عنا؟!،، أذاً لا بد من عرض إرثنا الثقافي والابداعي الانساني، في أبهى صورة، فكان اتباع المشروع الثقافي ليفتح طريق للحوار الانساني بيننا وبين الشعوب الاخرى لكي يقرأوا ويشاهدوا وجهنا من الجانب النظر، حينها نكون قد قمنا بواجبنا تجاه أبناء جلدتنا العربية، ثقافياً واعلامياً وانسانياً.  

شعراء هذه الانطولوجيا تحمل عقولهم التقديس لمفاهينا العربية وخطانا التاريخية وحضاراتنا الباسقة، مسلحين بأدواتهم الواعية في قضية مصير انساننا العربي، يبحثون عن طريق تحفه الليالي المضيئة والنهارات المشمسة والساعات الغدية بروائح السعادة والمحبة، ذاكرين مواضيهم الحانية باتنصاراتها، هم الشعراء الذين يرسمون على ريش الصقر حكايات النعمان بن المنذر، ناحتين على جلود الغزلان فروسياتهم، يبسملون الايام بآيات رسولهم، يشهقون لعرس بطولاتهم، يسهرون تحت شبابيك أقمارهم، ينسجون قبعات أطفالهم من  براءة سنابلهم، يعلنون الفرح قائداً لهم حين يشع الفجر مع تلألأ الندى على وجوه خطواتهم في سيرهم وترحالهم، هم أبناء هذا الكوكب، أينما حلوا واستقروا، روح الانسان تسكنهم وحب المودة شرعهم، لا يعرفون سياسة غير النهوض بالامل والسعي وراء الخير من أجل جنين يولد والبسمة تشرق على محياه، ورغبة تنغرس في قلب ربيع صباه، لا يسعون وراء إرث أو جاه مكبل بالضحايا، أوسلطان لا خلاص فيه من ذنوب العباد، يتغذون على الكلمة، ومنها يملكون عالمهم، يجلسون على كراسي الاثر الطيب ويدخنون عطور مشاعرهم من عبير الحب، ناسين ومتذكرين، أن العالم لن يدوم لأحد غير خالقه، والجميع مسبح بحمده. 
 

كم عدد النصوص المترجمة في الكتاب وهل اشتملت على شعراء من جميع أنحاء الوطن العربي ؟

الكتاب انطولوجيا  لـ 136   شاعر و شاعرة , و 186 قصيدة , وبثلاث لغات: العربية لغة القصائد الاصل , والرومانية , والانكليزية..لشعراء وشاعرات من اوطان العرب, الشرق والغرب , من اجيال متتعددة , اختلفت مشاربهم الثقافية وبيئاتهم الاجتماعية وبطاقاتهم السياسية كاختلاف تجاربهم الشعرية...

من هم الشعراء السعوديون المشاركون في الكتاب

بداية اود تقديم اعتذاري للكثيرين، الذين لم أتوصل لهم، لأني أدرك تماماً بأن هناك المئات منهم في وطننا العظيم ولا استطيع وحدي كشخص ان احصي جميع الشعراء وترجمة نصوصهم

وبهذا حظيت السعودية 10 قصائد لـ 6 شعراء

ليلى ابراهيم

عـا ئـشة محمد

علي ا لزهر ا ني

عبد ا لهادي ا لشهري

هدى الدغفق

لطيفة قاري

كيف وجدت القارئ الروماني للكتاب

هناك استقبال كبير من الاوساط الاكاديمية والنخب الثقافية في رومانيا وخاصة وان هناك عطش كبير للشعر العربي .. الا ان سعر الكتاب سيكون عالي التكاليف على القارئ الروماني العادي ، لهذا سنقوم بانتاج نسخة للسوق الروماني أي طبعة للقصائد المترجمة إلى الرومانية دون إضافة القصائد العربية والانجليزية ، واذا توفر اي دعم يغطي جزء من تكاليف الطباعة سنخفض سعر النسخة لتكون ميسرة لكل القراء وخاصة طلاب الجامعات والمعاهد...

كيف ترى المشهد الشعري السعودي بشكل عام وأين موقعه في خارطة الشعر العربي 

حين تناول موضوع المشهد الشعري في السعودية علينا تناول المشهد الشعر العربي بشكل عام ، فالسعودية ليست منعزله عن محيطها العربي والاسلامي ، وخاصة وانها المصدر الروحي  ونقطة انطلاق لرسالة الاسلام و بفضل احتوئها على الحرميين الشريفيين . فالشعر العربي يشهد حالة مخاض جديد، فكانت الثمانينات مرحلة "حرب شعرية" بين قطبين مفروزين ، جبهة التقليديين لا تكل ولا تمل من هذه الحرب و حالة شعرية جديدة.

والسعودية تمر بنفس التجربة والصراع الا ان القصيدة الجديدة في السعودية صمدت بقوة امام تيارات الرفض والإلغاء وافرزت اصواتا لها حضورها وتأثيرها في الساحات العربية المختلفة، والى جانب ذلك، ظهرت كوكبة من النقاد السعوديين الجدد الذين أخذوا أيضاً بمؤازرة الشعراء الجدد في السعودية وهذا ولدت اصوات شعرية قادرة على المضي قدما في تمثيل الشعر السعودي من امثال  عبدالله الصيخان وخديجة العمري ومحمد جبر الحربي ومحمد الثبيثي وهدى الدقفق علي ا لزهر ا ني و عبد ا لهادي ا لشهري و لطيفة قاري وانا اكتشفت صوت شعري مميز سيكون له حضور قوي في الشعرية العربية عموما والسعودية خصوصا الشاعرة ليلى ابراهيم ...

علمنا مؤخرا انك بصدد ترجمة للقصة العربية تصدر في كتاب حدثنا عن هذا المشروع ؟ وهل سيضم قاصين سعوديين ومن هم

بداية أنا رئيس مؤسسة آرت جيت للثقافة وحوار الحضارات وهي تضم نخية من شعراء ومترجمين وادباء واعلاميين رومان يشاركون رؤيتي حول ايجاد أرضية حوار بين العالم الاسلامي والعالم الغربي، لهذا وقفوا إلى جانبي في تعريف الشعب الروماني بغنى حضارتنا العربية الاسلامية وتعاليم ديننا الحنيف وما تتمتع به من غنى ثقافي وانساني التي أنارت الكون وأخرجت الناس من الظلمات إلى النور والتي يحاول البعض سواء عن قصد او غير قصد اطفاء جذوتها وترسيخ صورة مشوهة ومغلوطة ومغايرة في اذهان البشرية . وما جاءت انطولوجيا القصة القصيرة الا استكمالا لمشروعنا الثقافي وطبعا ستكون القصة السعودية حاضرة في الانطولوجيا وقد وضعنا اسماء لقاصين سعوديين وقد نضيف اسماء آخرى اذا اقتضت الحاجة فالمشروع ما زال في مراحله الأولية اما الاسماء فهي :

حسن الشيخ/  يوسف المحيميد /   شمس علي/  محمد المنصور الشقحاء/  بثينة محمد نور إدريس/  بدرية البشر/  هدى فهد المعجل/  خالد اليوسف

  بما أنك روائي أيضا كيف ترى التجربة الروائية السعودية ؟ ومَن مِن الأسماء     تقرأ لها   ؟

لقد مضى الان أكثر من سبعين عاماً من التراكم الروائي السعودي وخلال تلك الاعوام مرت بمراحل مختلفة في تطورها، وهي مراحل توفر قدراً من الفهم لطبيعة التطور الفني المنجز في كل مرحلة، فكان الظهور الأول لرواية (التوأمان) لعبد القدوس الأنصاري في عام 1930م ، قد بدأ باهتا من الناحية الفنية والاسلوبية  واستمرت الرواية  بأدئها البطيء وقلة الإنتاج مع ضعف البنية الفنية وعدم القدرة على تقديم موضوعات  قادرة على كسر رتابة الطرح الروائي، وسرعان ما بدأ ايقاع الرواية في مطلع الثمانيات يتسارع بشكل ملحوظ بالتزايد وبدأنا نقرأ الروايات لتركي الحمد و عبده خال ومحمد المزيني و غازي القصيبي و محمد حسن علوان بالإضافة إلى تطور التجربة وجرأة الطرح وتناول قضايا تهم المواطن السعودي خصوصا والعربي والمسلم عموما ، وخاصة كما أشرت سابقا ، السعودية هي المصدر الروحي للعالم الإسلامي وبالتالي ما تنتجه من فكر وأدب وفن سيؤثر حتما ، سلبا أو إيجابا على العالم العربي الإسلامي.. وهذا يضع السعودية في موقع المسؤلية وتصبح مهمة الإشراف لها قيود غير مرئية او ضوابط  تتفق مع النسيج المكون للعالم الإسلامي...