الشيخ أويس

رئيس تحالف إعادة تحرير الصومال جناح أسمرة

الإسلاميون الصوماليون لن يتقاتلوا

علي عبد العال

صحفي مصري/ القاهرة

[email protected]

منذ أن بدأت إثيوبيا في سحب قواتها من الصومال، وفي ظل سيطرة شبه كاملة من الحركات الإسلامية المسلحة على الأوضاع في البلاد، ترددت مخاوف بشأن احتمالية وقوع الاقتتال بين أبناء الوطن ورفقاء السلاح، وطفت إلى سطح الذاكرة الهواجس من تكرار التجربة الأفغانية في ظل حالة من الغموض والارتباك الذي يهيمن على المشهد الصومالي مع إخلاء القوات الإثيوبية الغازية لمواقعها داخل العاصمة مقديشو، كما تزداد الأمور تعقيدا في ظل ما يتردد عن دعم إثيوبي لبعض الميليشيات وأمراء الحرب السابقين الذين شرعوا في الاشتباك مع القوى الإسلامية في بعض المناطق هناك.

وفي محاولة للوقوف على حقيقة الأوضاع في الصومال وما تتحضر له الساحة الصومالية وخاصة من قبل مكونات الحالة الإسلامية تحدثنا هاتفياً مع الشيخ حسن طاهر أويس رئيس تحالف إعادة تحرير الصومال المقيم في العاصمة الإرتيرية أسمرة.

مؤتمر عام لجميع الصوماليين

* بعد خروج القوات الإثيوبية كيف تقيمون الأوضاع الآن في الصومال؟

- الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. دعني أولا أقدم تعازي لإخوتنا من أهل غزة، ثم الإشادة بهذا الصبر والثبات الذي امتن الله عليهم به، ثم أقول لجميع المسلمين ولجميع الصوماليين إن النصر مع الصبر كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأقول أيضا إن العزة تكمن في القتال.

وبالعودة لسؤالك أقول: إن المشكلة الكبرى للصومال تكمن في الوجود الإثيوبي، الذي مازالت قواته لم تخرج من البلاد حتى الآن.. هم خرجوا فقط من مقديشو لكنهم موجودون في أنحاء متفرقة من الوطن.. أما بالنسبة لباقي المشاكل فأمتنا قادرة على حلها، وهذا سيكون قريبا بإذن الله.

* ما الذي يمكنكم أن تفعلوه بعد خروج الاحتلال من البلاد؟

- الصوماليون أمة واحدة.. وبمجرد خروج جميع القوات المحتلة سوف ندعو جميع الصوماليين إلى مؤتمر عام يكون المجتمع الصومالي بتفاصيله وأقسامه ممثلا فيه بجماعاته وهيئاته كافة، يجتمعون ليتشاوروا ويختاروا برلمانا وطنيا يمثلهم أو ما يسمى بمجلس الشورى في النظام الإسلامي.. وهذا فقط هو الطريق لإنهاء مشاكل الصومال، فالمشكلة الأساس التي أججت صراعات هذا البلد هي الحكم الذي إذا ما نظم بالعدل فستنتهي كل هذه المشاكل.

* أحدثت خلافاتكم مع جناح جيبوتي بقيادة الشيخ شريف شرخا كبيرا داخل الحركة الإسلامية في الصومال، كيف تنظرون إلى هذه الحالة من الانقسام؟

- هؤلاء انضموا إلى الحكومة العميلة، وليس هناك ما يمكن أن نتكلم فيه لأنهم خالفوا المبادئ الأساسية للتحالف الذي كان يجمعنا بهدف تحرير البلاد من المحتل وعملائه.

* ألا تفكرون في إيجاد حل لما بينكم وبين الشيخ شريف؟

- لعلك تعلم أننا أبناء قبيلة واحدة، وكنا في فترة من الفترات متفقين في كل شيء، ولما كنا معا في المحاكم الإسلامية جعلت كل شيء في يده من مناصب وغيرها، كما فعلت ذلك أيضاً ونحن في التحالف، حتى لا يقال إن الشيخ حسن يريد المناصب، ولكن عندما علمت أنه انحرف عن الطريق، واختار مسلك الحكومة العميلة الذي لا يمكن أن نسلكه، تركته، والمسألة عندنا مسألة مبادئ، والآن لا يمكننا أن نجتمع إلا في المبادئ، نحن أولاد قبيلة واحدة، المبادئ التي اتفقنا عليها هي الإسلام وحده.

* هل من جهود للوساطة تجرى بينكم من أي جهات عربية أو غير عربية؟

- هذا غير موجود، ولسنا جاهزين؛ لأن الذين انضموا إلى الحكومة لسنا وهم على رأي واحد، أما عن الوساطة وغير ذلك فالإخوة العرب لم يفلحوا في جمع الفلسطينيين وهم الأقرب لهم منا، فما بالك بالصوماليين الذين في الأطراف، هم لا يبالون بهم أصلا.

الصوماليون ومخاوف الاقتتال

* هناك مخاوف عبر عنها الكثيرون من أبناء الصومال من وقوع التقاتل بين رفقاء السلاح من الإسلاميين، خاصة بعد اشتباكات جرت مؤخرا بين حركة الشباب وعناصر من الصوفية، من وجهة نظرك هل مسلسل أفغانستان قابل للتكرار في الصومال؟

- الذين وقع القتال بينهم وبين حركة الشباب ليسوا صوفية، الصوفية نفوا عنهم ذلك، هؤلاء كانوا قطاع طرق يؤذون الناس، اتخذوا من الصوفية شعارا لهم حتى يمكن قبولهم في الصومال، وقد استعملهم الاحتلال الإثيوبي لأنهم رفعوا له الأعلام عند قدومه، ثم مدهم الإثيوبيون بالمال والسلاح من أجل مقاتلة المجاهدين نيابة عنهم، وليكونوا لهم أداة طيعة حتى بعد رحيلهم من الصومال، فهم ليسوا من الإسلاميين ولا المجاهدين.

* بعيدا عن هؤلاء، كيف ترى إمكانية أن يتقاتل الإسلاميون فيما بينهم؟

- هناك نوع من الخلاف تأجج فقط لأن العدو كان موجودا في البلاد.. وأنا أشير هنا إلى أن المناطق التي لا يوجد فيها جنود إثيوبيون لا يتقاتل فيها المجاهدون، وسيجري نوع من التوحد في الصومال بإذن الله، وقد أرسلنا وفدا لتوحيد الصفوف وحل الخلافات، ولن يحدث مكروه إن شاء الله؛ لأن الإخوة متنبهون لما حدث في أفغانستان ولا يريدون تكرار هذه المأساة، وإن شاء الله يأتي النصر مع التوحيد.. الأخوة وصلوا إلى الداخل والآن الحالة قريبة من التوحد ولم يبق إلا التوقيع فيما بينهم بالوحدة.

* كيف تنظر إلى حركة الشباب في ظل ما يلصق بها من شبهات التشدد، خاصة بعد إقدامها على هدم عدد من الأضرحة في البلاد؟

- هؤلاء فيما نعلم - وإن كان فيهم نوع من الشبابية - لهم الفضل الكبير في قتال الإثيوبيين وخروجهم وهذا الانتصار الذي جرى على الأرض، وإن كان لهم أخطاء فمن الممكن أن تصحح، إلا أن التدخل الأمريكي والتهم التي يروجها ضدهم من خلال دعايته التي تلصق بهم كثيرا من التهم الظالمة الباطلة.. فهؤلاء يضعونهم في قائمتهم السوداء، ويظلمونهم بغير دليل، فلا ينبغي على العالم العربي والإسلامي أن ينصت لمثل هذا الترويج الظالم، بل على العكس ينبغي على الإخوة أن يدافعوا عنهم ويردوا مثل هذا التشويه.

أما بخصوص الأضرحة فقد أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بهدم القبور والتماثيل وجميع كتب الفقه والسنة تدعو إلى ذلك، فهذه سنة نبوية ثابتة، وقد جاء بها الحديث في صحيح مسلم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.. نعم ربما يحتاج الأمر إلى وقت وحكمة وحتى يتم التمكين، لكن في الأول والأخير هذا الأمر لا يعاب على من فعلوه.

* التقارير التي ترد من العاصمة مقديشو الآن تتحدث عن أن الحركات المسلحة ليس لها من هم سوى السيطرة على القواعد التي أخلتها القوات الإثيوبية، كيف ترى ذلك؟

- هذا شيء طبيعي، لأن كل الحركات الإسلامية في الصومال كانت يدا واحدة في قتال المحتلين، وقد ساهم كل منها بطاقته، والآن تريد هذه الجبهات أن يكون لها مكان، لكن الحمد لله نطمئن إخوتنا أنهم جميعا متفقون، ومتفهمون للظروف التي تمر بها البلاد، ونحن نعمل على جمعهم في خانة واحدة، وهذا قريب بإذن الله.

* لماذا لا يفكر الإسلاميون الصوماليون وهم الآن القوة الرئيسة في البلاد في تشكيل مجلس سياسي موحد أو جبهة متحدة أو منبر يعلنون من خلاله مطالب واحدة بشأن مستقبل البلاد؟

- نعم.. هذا أمر هام، ونحن في الطريق إليه بإذن الله تعالى، وسيكون قريبا إن شاء الله.

الأمور بمقاصدها

* ألا تفكرون في مشاركة الحكومة الحالية بإدارة البلاد، أو المساهمة فيما يعد له من انتخابات رئاسية؟

- هذه الحكومة بنتها إثيوبيا واستعملتها لمصالحها وأهانت بها الشعب الصومالي، وهي كما نعتقد تدخل ضمن الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} المائدة : 51، فهؤلاء مثل العدو تماما، لأنهم تعاونوا معه وينفذون سياساته في الشعب الصومالي، ومن ثم لا ينبغي لهم أن يتولوا أي مسئولية أو منصب في هذه البلاد، وأنا من الذين يتشددون في مثل هذه العبارة.

* كيف ترى إصرار بعض الحركات الإسلامية على المضي في قتال القوات الإفريقية؟

- من القواعد الفقهية المعروفة في الإسلام أن "الأمور بمقاصدها" والقصد الذي جاء من أجله هؤلاء كان يتمثل في إزاحة المحاكم الإسلامية التي كانت تحكم الصومال حتى لا تعود ثانية، ولا يكون الإسلام في هذه البلاد، وهم يريدون بذلك أن يساندوا الدولة العميلة (الحكومة) التي خلقها العدو حتى تكون أداة له، وقد قاتلوا شعبنا ودمروا منازلنا وأحياءنا، حتى الأسواق الشعبية لم تسلم من هجماتهم، ومن ثم فالتصدي لهم ودحرهم واجب شرعي على كل مسلم.

رسالة أويس لأوباما

* بعد خروج إثيوبيا كيف ترى إمكانية استمرار التدخلات الأجنبية وخاصة الأمريكية في شئون الصومال؟

- الصومال تعب من هذه التدخلات بجميع أشكالها، ومازال يعاني، ولم يكن الإثيوبيون وحدهم هم من كانوا يتدخلون في شئونه، فها هي سواحل الصومال محاصرة من قبل الأمريكان والأوروبيين والروس والصينيين والهنود والكوريين، هذه القوى الأجنبية التي كان معظمها يحارب مع الإثيوبيين ويدعمونهم بالمال والسلاح.. كلهم كانوا مجتمعين على قتال الشعب الصومالي.

وإذا لم يتغير الأمر فمن الممكن أن يستمروا في تدخلاتهم، وهذا قد يشمل نواحي عديدة سياسية واجتماعية وثقافية، ولن يعجز هؤلاء عن وجود الجهة التي ينفذون من خلالها، وقد يأتون حتى من قبل جهات عربية ومسلمة.. وقد سمعنا أصواتا تنادي بإرسال قوات أجنبية، والبعض ينادي بقوات عربية وإسلامية، ونحن نرفض كل هذه التدخلات، وسنظل نرفضها حتى يتحرر الصومال، إلا أن تكون مساعي تهدف إلى مصلحة البلاد والعباد، فنحن نريد أن نكون أحرارا في مصالحنا، وتصالحنا مع الغير، وفي اتفاقاتنا وعهودنا نريد أن نكون أحرارا فيها.

* كيف ترى مستقبل الأوضاع بعد تولي أوباما؟

أوباما كنت قد أرسلت له رسالتين في السابق، واحدة في أيام الترشح، والأخرى أثناء العملية الانتخابية، وأحب أن أوجه له الرسالة الثالثة الآن لأن العالم كله ينتظره، وأشد الناس حاجة إليه كما أعتقد أهله من الأفارقة الذين أنهكهم الفقر، وأيضا المسلمون الذين أنهكهم القتال والفتن التي يزرعها الأمريكان، وأنا هنا أدعوه إلى أن يكون عادلا في قضاياهم، وخاصة قضية فلسطين والصومال والعراق وأفغانستان والشيشان، ثم قضايا المساكين من الأفارقة الذين ينحدر منهم، وأقول له إنهم أصلك كما أن أصلك الإسلام فأرجو أن تكون عادلا وأن تنظر في قضاياهم بالعدل والإحسان.

* شيخ أويس أنت مطلوب من قبل الأمريكيين، وهم يتهمونك بالإرهاب وغير ذلك، هل تمانع في إقامة علاقات معهم لو غيروا نظرتهم تجاهك وتجاه القضية الصومالية؟

- كل من لا يكن لنا ولبلادنا العداء ليس لنا مشكلة معه، وقد دعاني قبل ذلك لويس مشيل -مفوض الاتحاد الأوروبي - في مقديشو فقلت له: أعطونا فرصة كي نتعلم كيف نتعامل مع العالم ومعكم ثم نلتقي.. كيف تقاتلوننا ثم تدعوننا إلى الجلوس.. نحن جاهزون للسلام مع العالم كله ما دام يريد السلام.

* أنت الآن موجود في العاصمة الإرتيرية أسمرة، ما نوع الدعم الذي تقدمه لكم حكومة إرتيريا؟

- هؤلاء أصبحوا لنا كما النجاشي للمسلمين الأوائل، ونحن نشكرهم لأنهم آوونا لما أبى كل الناس حتى إخوتنا من العرب والمسلمين، ولن ننسى شكرهم أبدا.

* متى تنتقلون إلى مقديشو؟

- هذا فقط متوقف على الوضع الأمني في البلاد، وإن شاء الله قريبا.