لقاء مع رئيس نقابة العاملين د.غنيم

في لقاء مع رئيس نقابة العاملين

د. كمال غنيم

بمناسبة مرور ثلاثين عاما على تأسيس الجامعة

·  رفعنا شعار تجنيب الجامعات للخلافات السياسية

·  هدفنا الرئيس: مصلحة الجامعة وخدمة العاملين

·  استطعنا كسر التابو بفتح كادر التعليم الموحد

·  نريد أن نطرق أبواب الجنة بنظام التأمين والمعاشات

غزة – زينات عيّاد

نقابة العاملين... لماذا؟

نقابة العاملين ركن حيوي في الجامعة الإسلامية، يعبر وجوده عن روح الجامعة الحضاري في المتابعة والنهوض بكافة جوانبها، ففي زحمة الأحداث تسير النقابة جنبا إلى جنب مع العاملين وهي تتحسس حاجاتهم، وتشق الطريق معهم لتفعيل دورهم، وصون حقوقهم، وتشكيل بيئة عمل أكثر تحفيزا وحيوية ودفعا إلى العطاء والشعور بالأمان.

ما أهداف نقابة العاملين؟

تهدف نقابة العاملين في الجامعة الإسلامية إلى الدفاع عن حقوق أعضائها الأكاديمية والإدارية والمالية، ومصالحهم؛ وفقاً لمعايير الشرع والعدالة والأنظمة الجامعية بما يحقق المصلحة العامة للعاملين والجامعة. كما تهدف إلى تحقيق المستوى اللائق للعاملين وأسرهم عن طريق التأمين الصحي والتكافل والضمان الاجتماعي. بالإضافة إلى رفع المستوى العلمي والأكاديمي والإداري للعاملين.

كما تعمل على مساندة الجامعة ومؤسساتها علمياً ومعنوياً. وتتعاون مع نقابات العاملين في الجامعات والمعاهد العليا في الميادين العلمية والثقافية والاجتماعية. وتحافظ على مكتسبات الجامعة والعاملين فيها والعمل على رفعتها وصون سمعتها الأكاديمية والإدارية. وتتبنى مشروعات تحقق المنفعة للعاملين، مثل: الجمعيات الاستهلاكية، وجمعيات الإسكان، ومشاريع الاستثمار والمرابحة. وتضع في أولوياتها القيام بالأنشطة الثقافية والاجتماعية والرياضية للعاملين بما يتفق وفلسفة الجامعة. وتعمل على غرس روح المحبة والتآلف والاحترام المتبادل بين العاملين، وتقوية الروابط الاجتماعية بينهم.

متى تم تأسيس نقابة العاملين في الجامعة الإسلامية؟

تمّ انتخاب أول نقابة في تاريخ 6/1/82، وكان أول رئيس لنقابة العاملين الدكتور عبد الكريم نجم، وأول نائب فتحي صبح، وتشكّلت أول نقابة من أمين الصندوق عبد الكريم الجعبير، والأعضاء: معين رجب، ومحمد أبو عمارة، وغازي عودة، ومحمد عبد الواحد، وموسى دبور، وأحمد رزق.

من هم أول رؤساء للنقابة؟ ومن العاملون فيها؟ وكيف يتم اختيارهم؟

كانت وما زالت طريقة اختيار النقابة تعتمد على الانتخاب، حيث يختار العاملون تسعة أعضاء منهم خمسة أكاديميين وأربعة إداريين، حيث ينتخب هؤلاء الأعضاء 0رئيس النقابة ونائبه وأمين السر وأمين الصندوق.

وقد تمّ انتخاب النقابة الثانية بتاريخ 3/6/83، برئاسة: غازي عودة، ونيابة موسى دبور، وأمين السر محمد نوفل، وأمين الصندوق عبد المطلب العجوري، والأعضاء: يونس الأسطل، ومحمد الكحلوت، وفؤاد العاجز، وعبد الكريم نجم، وأحمد رزق.

بينما تشكّلت النقابة الثالثة في العام الدراسي (1983-1984) برئاسة حيدر عنان، ونيابة: نبيل أبو علي، وأمانة صندوق عبد الكريم الجعبير، وأمانة سر عاطف اليازجي، والأعضاء: على النجار، وفؤاد العاجز، وجلال العطار، وأحمد أبو زايد، وعلم الدين أبو عاصي.

وتشكّلت النقابة الرابعة في العام الدراسي (1984-1985) برئاسة جواد وادي، ونيابة نبيل أبو علي، وأمانة سر منير العشي، وأمانة صندوق موسى أبو حسين، والأعضاء: فؤاد العاجز، وتاج الدين الحزندار، وعاطف اليازجي.

وتشكّلت النقابة الخامسة في العام الدراسي (1985-1986) برئاسة الشيخ محمد قوصة، ونيابة أحمد بحر، وأمانة صندوق موسى أبو حسين، وأمانة سر خليل الحية، والأعضاء: صقر الحروب، وعبد العظيم المصدر، وعبد الله الهبيل، ومحمد الأطرش، وجميل الطهراوي.

وتشكّلت النقابة السادسة في العام الدراسي (1986-1987) برئاسة: الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، ونيابة عبد المنعم لبد، وأمانة سر خالد السعيد، وأمانة صندوق رياض العيلة، والأعضاء: يوسف صرصور، ورياض قاسم، ومازن هنية، ووائل أبو شعبان، وعبد العظيم المصدر.

وتشكّلت النقابة السابعة في العام الدراسي (1987-1988) برئاسة موسى أبو حسين، ونيابة محمد زقوت، وأمانة سر خالد سعيد، وأمانة صندوق صلاح الدين عودة، والأعضاء: إسماعيل الأسطل، وإسماعيل عبد العزيز، ورياض قاسم، وحسن المبحوح، وعوني المقيد.

ثم توالى على رئاسة النقابة منذ عام 1992 حتى الآن مفيد العشي، وخليل الحية، وعاطف عدوان، وجاسر صرصور، وعلاء الرفاتي، وماهر الحولى، ثمّ كمال غنيم.

ما هي الأعمال التي تقوم بها النقابة؟

بعض الأنشطة والإنجازات التي تقوم بها النقابة:

- صندوق التكافل الاجتماعي، الذي يقدم مساعدة عاجلة في الحوادث الكبيرة التي تصيب بعض العاملين، مثل: حالات الحريق، والمرض، وحوادث السير.

- الجمعية التعاونية، التي تشكّل خدمة تعاونية بين فئتين من العاملين: فئة القادرين الذين يشاركون بأسهمهم، وفئة المحتاجين للمساعدة في بناء بيت أو شراء شقة أو سيارة أو ما شابه.

- تفعيل القروض الحسنة من مدخرات العاملين، حيث تمنح النقابة قرضا حسنا يصل كحد أقصى إلى ألفي دينار، يتم تقسيط سدادها على مدار عشرين شهرا.

- القيام بعدة أنشطة رياضية في أكثر من مجال، منها: التنس والشطرنج وكرة القدم.

ماذا قدمت النقابة للجامعة وللعاملين فيها ؟

من الأنشطة والفعاليات التي قدمتها نقابة العاملين في دورتها الحالية دورة 2007-2009 بالإضافة إلى تفعيل الصناديق السابقة:

- تفعيل التواصل الاجتماعي، من خلال المناسبات الخاصة والعامة، واستثمار البريد الالكتروني في متابعة المناسبات الاجتماعية مما شكّل رافدا قويا للتواصل الاجتماعي، خصوصا مع تزايد عدد العاملين وصعوبة متابعتهم لأخوال زملائهم دون إعلام اجتماعي من النقابة.

- تغطية نفقات الرحلات التي تقوم بها الكليات والدوائر والأقسام.

- تكريم المميزين والحاصلين على الدرجات العلمية والترقيات والجوائز العلمية.

- تكريم أبناء العاملين المتفوقين مع نهاية كل عام دراسي، وتقديم الجوائز التشجيعية لهم، وتقديم البرامج الترفيهية والتثقيفية لهم.

- وقف تدهور الرواتب من خلال تفعيل علاوتي غلاء معيشة وربط الدينار على الشيكل.

- فتح الملفات الكبرى لتحسين واقع العاملين من خلال العمل على تعديل كادر التعليم الموحد، الذي تمّ الاتفاق على بعض بنوده مؤخرا، وما زالت البنود الأخرى قيد التفعيل والتفاوض مع مجلس التعليم العالي.

- السعي إلى تحسين نهاية خدمة العاملين من خلال العمل على تفعيل نظام التأمين والمعاشات، الذي يكفل لهم ولأسرهم ضمانا اجتماعيا، في حالتي التقاعد أو الوفاة.

- إصدار مجلة (تواصل) الثقافية، التي وصلت أعدادها اليوم إلى العدد الثاني والعشرين.

كيف تتم معالجة مشاكل العاملين في الجامعة ؟

تتعامل نقابة العاملين مع قضايا العاملين بروح المسئولية العالية، لذلك تمّ تشكيل لجنتين لهما علاقة بهموم العاملين وقضاياهم، تتكون اللجنة الأولى من هيئة مكتب نقابة العاملين ممثّلة برئيس النقابة ونائبه وأمين السر، وتهتم هذه اللجنة بالقضايا الكبرى، مثل: كادر التعليم الموحد، ونظام التقاعد، ومسألة ربط الدينار على الشيكل، وعلاوات غلاء المعيشة، ومتابعة قضايا لم يتم تطبيقها في الكادر القديم. ومجال عملها يتعلق بالتواصل مع إدارة الجامعة والأمناء واتحاد نقابات العاملين ومجلس التعليم العالي، والهيئات ذات العلاقة مثل هيئة التأمين والمعاشات.

أما اللجنة الثانية فتتكون من ثلاثة أعضاء من النقابة يتابعون القضايا اليومية، والمشاكل التي قد تطرأ في أثناء العمل، بعد استكمال تلك القضايا رحلتها في دوائرها الخاصة، وعلاقة هذه اللجنة بنواب الرئيس والدوائر ذات العلاقة.

وهناك قضايا عامة مثل مشكلة أزمة الوقود، وصعوبات بعض المعاملات مثل فواتير الجوال والكهرباء، التي يحمل ملفها في الغالب سكرتارية نقابة العاملين، التي تجتهد في توفير خدمة أفضل للعاملين، وتبذل طاقة كبيرة في ترتيب مفردات تلك القضايا بآلية تخلق بيئة جامعية أفضل وأرقى.

مع مرور ثلاثين عاما علي تأسيس الجامعة ما هي التغييرات التي قامت بها نقابة العاملين خلال هذه المدة؟

قدمت نقابة العاملين على مدار سنوات عمرها نموذجا رائعا للعلاقة المتينة بين هيئات الجامعة: أمناء وإدارة وعاملين، حيث سار الجميع على قناعة بدور كل منهم في تسيير سفينة الجامعة إلى بر الأمان والنهوض، ولعل ما يلمسه الناس اليوم من تميز وعراقة في الجامعة الإسلامية دليل كبير على روعة تلك العلاقة بين هيئات الجامعة تلك.

تفخر نقابة العاملين بأنها اجتهدت على مدار السنوات في صناعة بيئة جامعية أفضل للعاملين، مما ينعكس بشكل إيجابي على الطلبة والمجتمع المحلي، فقد كانت الجمعية التعاونية وصندوق القرض الحسن وصندوق التكافل من الإنجازات الكبيرة التي خدمت بشكل فعّال على مدار السنوات الماضية، وتطورت تدريجيا نحو صورة أفضل وأرقى... فقد استطاعت النقابة الحالية أن تتوج صندوق القرض الحسن بحالة مثلى لم تكن ميسورة سابقا تتمثل في الوصول إلى وضع يسمح بإعطاء القرض لمن يشاء فورا دون انتظار على الدور كان يطول قبل سنة ونصف ليصل إلى خمسة شهور أو أكثر، مما منح العاملين أمانا وظيفيا نسبيا، يساعد في إقالة العثرات أو مواجهة الأزمات الطارئة. أما الجمعية التعاونية فقد اتسع مجال عملها بشكل مشهود، وشهدت في الفترة الأخيرة تضاعف المعاملات المقدمة. أما صندوق التكافل، فقد تحول من مساهمات مستردة للعامل عند تقاعده، ومحدودية ما يحصل عليه العامل عند الأزمة وخصم ذلك من مساهماته عند تقاعده، ليصبح صندوق مستثمرة أمواله في الجمعية التعاونية مما يسمح بالوقوف إلى جانب الموظف عند الأزمة، دون الحاجة إلى خصم ما أخذه من مجمل مساهماته عند التقاعد.

ونقابة العاملين اليوم تقف على رأس المساهمة في تغيير كادر التعليم الموحد بعد ما يقارب عقد ونصف من الزمان، كما أنها تقف مع زميلاتها النقابات في الاتحاد وراء قرب تحقيق إنجاز تاريخي للعاملين في الجامعات، يتمثل في تطبيق نظام التأمين والمعاشات وفق روح الإسلام في الضمان الاجتماعي للعاملين وعدم تضييعهم في شيبتهم بعد الأخذ منهم في شبابهم... وقد قطع ذلك الموضوع شوطا طويلا، وصدر مرسوم رئاسي من أجل تطبيقه، وأقر مجلس التعليم العالي تطبيقه حال جاهزية قوانينه التفصيلية.

كيف تساهم النقابة في تقوية الروابط مع العاملين في الجامعات الأخرى؟

يمثّل اتحاد نقابات العاملين الرابط الكبير بين نقابات العاملين في جامعات الوطن المحتل جميعها في الضفة الغربية وقطاع غزة، وقد شهد الاتحاد لقاءات نقابية متبادلة بين محافظات الوطن هنا وهناك، وعلى الرغم من الظروف الصعبة في السنوات الأخيرة ظل التواصل عبر الفيديو كونفرانس متوفرا في كثير من المناسبات والاجتماعات الرسمية والمؤتمرات العلمية، مثل مؤتمر الجودة في الجامعات.    ولم تؤثر التجاذبات السياسية سلبا على طبيعة العلاقة الحميمة بين النقابات، بل كان الجسم النقابي الأكاديمي من الأجسام المميزة التي حافظت على روح الوحدة الوطنية والتماسك الوطني والاجتماعي.

وقد شكّلت الدورة الحالية لاتحاد النقابات النموذج الأروع في سجل تلك العلاقة، خصوصا مع صعوبة الظروف السياسية المحيطة، حيث رفعنا شعار تجنيب الجامعات للخلافات السياسية، مع الاتجاه نحو العمل السياسي الذي يخدم مجمل القضية بعيدا عن الخلافات الداخلية، واتجهنا نحو تكريس أولوية الهموم النقابية المتراكمة من سنوات، مما انعكس إيجابا على روح التلاحم وإنجاز أشياء كثيرة، مثل علاوتي غلاء المعيشة، وربط الدينار على الشيكل، وإعادة صياغة كادر تعليم موحد جديد، وفتح ملف نظام التقاعد بشكل فعّال وحيوي، على الرغم من تقلبات الحياة السياسية، التي عشناها عبر السنة والنصف الماضية، حيث تمّ التعامل فيها على سبيل المثال مع أربعة وزراء تعليم عالي. لكن تلك التغيرات لم تؤثر على منجزات الاتحاد فقد تمّ تحصيل الإنجازات مع كل وزير بروح مكابرة تتحدى الصعاب.

أنا أحب اتحاد النقابات الذي يمثل بوابة واسعة للعلاقة الإيجابية مع الزملاء في الجامعات الأخرى، وأشعر على الصعيد الشخصي بمنجزات اجتماعية وإنسانية مع أعضاء الاتحاد، وقد تمثّل ذلك جليا في وقفته مع الجامعة الإسلامية في قضية حرمانها من مخصصات التعليم العالي حيث اعتبر الاتحاد حرمان الجامعة منها خطا أحمر، قد يدفع باتجاه إجراءات نقابية عامة، وطرح تلك كمطلب نقابي للاتحاد على مجلس التعليم العالي في جلسات المفاوضات وعبر وسائل الإعلام.

وقد أصبح دعاؤنا مع نهاية كل مكالمة جوال أو هاتف أو لقاء فيديو كونفرانس يتمحور حول تغير الأحوال إلى الأفضل باتجاه كسر الحصار وسهولة التواصل الإنساني المباشر مع الزملاء في جامعاتنا المختلفة بمحافظات الوطن المتعددة.

لقد كانت لقاءاتنا عبر الفيديو كونفرانس على الرغم من محدوديتها الزمنية منطلقا لجدولة هموم العاملين منذ البداية، والعمل على تحقيقها واحدة بعد الأخرى، لقد عملنا معا بشكل موضوعي وعلمي أسهم في إنجاح جهودنا وتحقيق إنجازات رائعة في فترة زمنية قصيرة.

بالنسبة للإضراب الأخير الذي قامت به النقابة ما هي مطالبكم؟

تمثلت مطالبنا قبل أكثر من عام بفتح كادر التعليم الموحد من أجل تحسين أحوال العاملين عبر أكثر من صعيد، منها: سلم الرواتب، ونهاية الخدمة، والإجازات، وسن التقاعد، والتمهيد لنظام التأمين والمعاشات، وبنود أخرى.    وقد قلت سابقا عن كادر التعليم الموحد: "العقلاء يضعون القوانين لتضبط حياتهم, ويجتمعون لها فترة من الزمن, يتوافقون ويختلفون على حيثياتها, ثم يرتاحون نسبياً من خلال إقرار المتوافق عليه, حتى يتبين فيما بعد وجود متغيرات كبيرة تسمح بإعادة النظر والتعديل والاستفادة من التجربة الماضية.  والحقيقة إن  كادر التعليم الموحد القديم كان خطوة وطنية إيجابية وعاقلة وحضارية وضعت أرضية صلبة لحياة جامعية أمثل, وتركت مجالاً منطقياً لتعديل الحال واستدراك المتغيرات الطارئة من خلال علاوة غلاء المعيشة السنوية التي تُدرس كل عام وتُقر في بدايته, لكننا اليوم وبعد فترة من الزمن أصبحنا أمام تعديلات علاوات وصلت خلال عدة سنوات إلى 15% على الأقل وربط دينار على شيكل وصل إلى 20% في الغالب مع وجود علاوة غلاء معيشة جديدة في شهر يونيو الماضي. مع مراعاة أن علاوات غلاء المعيشة السابقة جاءت ضمن مفاوضات صعبة كان فيها التنازل من الطرفين. كما اتضحت مطالب وحقوق أخرى ينبغي إدراجها ضمن الكادر الجديد, وكل ذلك استلزم تفعيل ملف فتح كادر التعليم الموحد الذي كان أشبه بالتابو أو المحرمات لدى مجلس التعليم العالي".

ماذا تحقق من مطالبكم بعد الإضراب الأخير؟

لا أحد يحب الإضرابات لما فيها من انعكاسات سلبية على مسيرة الحياة الجامعية، لذلك كان الإعلان عن الإضراب هو آخر سهم يمتلكه اتحاد نقابات العاملين بعد فترة طويلة من المطالبة والمراسلة دون فاعلية...، حتى عندما تمّ الإعلان عن الإضراب ترك الاتحاد فترة زمنية تتجاوز الثلاثة أسابيع من أجل إتاحة المجال لمجلس التعليم العالي لاتخاذ مسئولياته تجاه مناقشة المطالب بجدية، لكنه لم يفعل، بل كان اجتماعه الطارئ بعد انتهاء الإضراب الأول ليوم واحد والإعلان عن إضراب ليوم آخر، وجاء اجتماع وفدهم مع وفد اتحاد النقابات مساء يوم الإضراب الثاني في مطلع سبتمبر. وقد ظهر حرص الاتحاد على المسيرة التعليمية من خلال تأكيده على خطوط عريضة للاتفاق تسمح بإيقاف الإضرابات الأخرى. وقد تمّ الاتفاق بيننا وبين مجلس التعليم العالي على النقاط التالية:

أولاً- تثبيت صرف الدينار على 6 شيكل لحين الاتفاق على الكادر المعدل بحيث تتم التسويات اللازمة بذلك كجزء من تحسين الكادر.

ثانياً- صرف نسبة 10% كجزء من التسوية وتحسين الكادر.

ثالثاً- إدخال غلاء المعيشة السابق 15% ليكون ضمن الراتب الأساسي الحالي.

رابعاً- يتم تطبيق الكادر المعدل بأثر رجعي اعتباراً من بداية العام الأكاديمي الحالي 1/9/2008 أو حسب بداية العام الأكاديمي المعمول به في الجامعات الفلسطينية .

خامساً- الانتهاء من إعداد الكادر المعدل والاتفاق عليه حتى 31/10/2008 مع وضع جدول زمني من قبل أمين سر مجلس التعليم العالي لتعديل بنود الكادر.

سادساً- يتم تشكيل وفد مشترك من مجلس التعليم العالي وإدارات الجامعات واتحاد النقابات في الجامعات الفلسطينية للسفر إلى الخارج للبحث عن مصادر تمويل للجامعات الفلسطينية في ظل الأزمة المالية الخانقة التي تعانيها الجامعات

سابعاً- يشمل الاتفاق جميع الجامعات الفلسطينية (العامة والخاصة).

ثامناً- وقف وتعليق الإجراءات التصعيدية النقابية حتى تاريخ 31/10/2008 .

ماذا يعني لك العمل النقابي؟ وهل ستواصل المسيرة معه؟

يشكّل العمل النقابي حلقة قوية من سلسلة عطاء الخير التي اهتم المرء بالالتحاق بها من فترة زمنية بعيدة تعتمد في أساسها على حب عمل الخير والتنمية البشرية. بالنسبة لي كان العمل النقابي على مدار مسيرة طويلة حتى بعيدا عن الانتظام في سلكه الرسمي. أذكر أنني وأحد الزملاء ناضلنا من أجل اعتماد المواصلات الداخلية للعاملين في مدرسة خالد بن الوليد، وظل هذا الإنجاز في رؤيتي يحصّل أجرا وثوابا حتى يومنا هذا كلما التحق معلم جديد بتلك المدرسة على مرّ السنوات.

وأذكر أننا مع بعض الزملاء لم نقف نطلق الأمنيات بوجود مركز ثقافي يخدم المنطقة الوسطى؛ بل بادرنا إلى تأسيسه، حتى أصبح يمتلك مقرا ثابتا ومكتبة عامة ضخمة تصل كتبها وأوعيتها المعرفية إلى عشرين ألف بالإضافة إلى مرافق خدماتية أخرى

وأذكر أنني قلت لأخي الحبيب رئيس اتحاد نقابات العاملين الدكتور أمجد برهم: أريد أن نطرق أبواب الجنة بنظام التأمين والمعاشات الذي يحقق حياة كريمة للعاملين في نهاية خدمتهم، ولأسرهم في حال وفاتهم، وفق الرؤية الحضارية التي رسخها عمر بن الخطاب لمّا رأى الشيخ الكتابي يسأل الناس الصدقة، ففرض له راتبا شهريا.

وسعادتي الكبرى وأنا أتخيل حجم القروض الحسنة والمرابحات والتكافل الذي يحدث بشكل دائم ويخفف معاناة الناس ويفتح آفاقا أوسع لهم. ولم يقتصر عملنا هنا على العاملين وحدهم؛ بل امتد ليشمل طلبة الجامعة الفقراء في حملتين سنويتين رفعتا شعار "أروا الله من أنفسكم خيرا".

أتذكرُ جيدا يوم دخولنا في الدورة الحالية للنقابة، كنا قد عانينا من بعض القضايا، وتقلبنا في مقلاة البعض شهورا عدة، انتهت على خير والحمد لله...، اتصلت بالأخ الدكتور خالد حمدان، وقلت له: ما رأيك بعامين من التعب في سبيل الله ومن أجل خدمة إخواننا العاملين، قال: هذا ما كنت أود أن أعرضه عليك، ومن هناك كانت بداية دخولنا معا. وهما عامان من الخير الكبير، وبعدهما ينتقل المرء لأعمال خير في ميادين أخرى، نسأل الله التوفيق فيها جميعا هنا وهناك وفي كل ميدان.

هل تعتقد أنكم نجحتم في عملكم النقابي؟!

قلت ذلك قبل أيام في مقالة لي بعنوان "هجرة إلى الله ورسوله": إلى حد كبير (نعم)... وظّفنا بعض الأفكار البسيطة ذات الآثار الكبيرة جدا على صعيد التواصل الاجتماعي والنشاط الثقافي وإحقاق بعض الحقوق وتسليط الضوء على مواطن تستحق النهوض والسعي من الجميع. ونجحنا في تحقيق المعادلة بين إنصاف العاملين وعدم الاصطدام بالإدارة والأمناء، بل تعزيز ثقافة الاحترام المتبادل... فلم يكن أي منجز ليتم لو لم تنسجم علاقتنا بشكل فاعل بين أطراف معادلة السفينة الكبيرة التي نعشقها ونعشق الانتماء إليها والتقرب إلى الله بحبها والحرص على مسيرتها. وما زلنا وسنبقى نقول: كل الحب لأولئك الأمناء والعاملين على استمرارية ارتفاع معدّل النهوض والتطور في جامعتنا الغرّاء.

في آخر لقائنا... ما الذي تتأمله بعد كل ذلك؟

أكرر قولي: أملي أن يرضى الله عنا وأن يكتب لنا الجنة، وأن نكون قد نجحنا في تكريس مفهوم نقابي حضاري يعتمد آليات الحوار والتفاهم لا الخصام والتنافر، وأن نكون قد كتبنا سطرا جديدا على غرار ما قاله عمر بن الخطاب في حال توليه أمور المسلمين بعد أبي بكر، قال: رحم الله أبا بكر فقد أتعب من بعده. لأننا نعشق الاقتداء بهم والسير على منهاجهم، اللهم تقبّل منّا، اللهم آمين.