اضحكي عليه

د. محمد رشيد العويّد

العلاقات الزوجية

قالت: أريد أن أشتكي إليك زوجي!

قلت: ماذا تشتكين فيه؟

قالت: لايقبل نصحي.

قلت: بم تنصحينه؟

قالت: بأشياء كثيرة.

قلت: وماذا يشتكي هو فيكِ؟

قالت: يزعم أني طويلة لسان.

قلت: عرفت إذن لماذا لايقبل نصحكِ.

قالت: لماذا لايقبل نصحي؟

قلت: لابد أنكِ تنصحينه بأسلوب غير حكيم وهذا يرفضه أكثر الرجال حين يصدر عن زوجاتهم.

قالت: ماذا تعني بالأسلوب غير الحكيم؟

قلت: ما عبَّر عنه زوجك بطول اللسان.

قالت: هل صدَّقته في أن لساني طويل؟

قلت: هل تنتقصينه في نصحكِ وتواجهينه بعيوبه وأخطائه؟

قالت: ماالذي جعلكَ تظن ذلك؟

قلت: اتهامه لكِ بطول لسانكِ.

قالت: هل تراني طويلة لسان بنصحي له؟

قلت: ليس بنصحكِ له ولكن بطريقتكِ فيه، لماذا لاتضحكين عليه؟

قالت: أنا لا أضحك عليه!

قلت: أعلم؛ ولهذا سألتك لماذا لاتضحكين عليه، ولم أقل لماذا تضحكين عليه!

قالت: تريدني أن أضحك عليه؟

قلت: قصدت لماذا لاتدارينه في نصحك بدلاً من مواجهته وانتقاده؟

قالت: وكيف يعرف خطأه إذا داريته؟

قلت: بالملاطفة والمودة.

قالت: لم أفهم! كيف أنصحه بملاطفة ومودّة؟

قلت: اذكري لي شيئاً مما تشتكينه فيه.

قالت: تأخّره المتكرر في العودة ليلاً.

قلت: وماذا كنتِ تقولين له في نصحك حتى يرجع مبكراً إلى بيته؟

قالت: أقول له أحياناً: أريد أن أعرف لماذا تُفضِّل أصدقاءك على زوجتك وأولادك؟

قلت: وماذا تقولين أيضاً؟

قالت: الأولاد يحتاجون متابعتك لهم وأنت تتركهم لي وحدي مع أن مسؤولياتنا تجاههم مشتركة.

قلت: وماذا أيضًا؟

قالت: أحيانًا ألومه وأتهمه بإهمال واجباته تجاه أسرته، وأنه لايصلح أن يكون أبًا.

قلت: هذه العبارات هي التي جعلته يصف لسانك بأنه طويل ومن ثَمَّ يرفض نصحك.

قالت: لكني أقول الحق..

قلت: لايكفي أن نقول الحق ليقبل منا الآخرون نصحنا لهم.

قالت: كيف؟

قلت: النبي (ﷺ) لايقول إلا الحق، ورغم هذا خاطبه الله سبحانه: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾ أي: لو كنتَ فظًّا غليظ القلب لتفرّقوا من حولك، وابتعدوا عنك، ولم يسمعوا كلامك، ولم يقبلوه.

قالت: وماذا كان عليّ أن أقول لأنصحه بترك السهر خارج البيت والعودة إليه مبكراً؟

قلت: الأولاد يسألون عنك كثيرًا ولايريدون أن يناموا حتى تأتي إليهم لتُقبِّلهم ويُقبِّلوك.

قالت: وماذا يمكن أن أقول له أيضًا؟

قلت: رغم أن الأولاد معي فإني أشعر بوَحْشة شديدة لأنك لستَ معي.

قالت: هذا جميل؛ لكن هل يجوز أن أقول له هذا إذا لم أكن أشعر به حقيقة؟ أليس هذا كذبًا؟

قلت: ليس كذبًا محرّمًا.

قالت: كيف يكون كَذِبًا ولايكون مُحرّمًا؟

قلت: عن أمّ كلثوم بنت عقبة قالت: (ماوجدتُ النبي (ﷺ) يُرخِّص في شيء من الكذب إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها). صحيح مسلم.

قالت: والعبارات التي نصحتني بقولها هي مما يُحدِّث به الرجل امرأته وتُحدِّث به المرأة زوجها.

قلت: نعم، بارك الله فيكِ.

قالت: جزاك الله خيرًا، سآخذ بنُصحك وأُغيِّر أسلوب نصحي لزوجي.

وسوم: العدد 759