بين شمولية الفهم وشمولية التطبيق

إن الاعتقاد عند المسلم ان هذا الدين شامل وأن القران نزل تبيانا لكل شيء للناس _ نصا او استنباطا _ من صميم عقيدته وقطعياتها وليس امرا ظنيا يحتمل عددا من الوجوه وخاضعا للنقاش والأخذ والرد

فالمسلم يفهم ويعتقد يقينا ان الاسلام يشمل المسيرة البشرية:

من أصل الخلق وحكمة الوجود والى أين المصير

ومن الشهادتين الى يوم القيامة والجنة والنار

والدنيا والآخرة

والعقل والقلب

والروح والجسد

ومن منزلة (اقرأ) الى منزلة (اليوم اكملت لكم دينكم)

لكن الاشكال عادة ما يحدث في مفهوم التطبيق وشموليته 

إن التطبيق (أمر فقهي لا عقدي) خاضع لعوامل القدرة والاستطاعة والأولويات والحاجة

وقد وقع الاشكال عند الأفراد والمؤسسات في التصور الحاصل ان شمولية الفهم تعني شمولية التطبيق وان التخصص في الدور والوظيفة والتطبيق يعارض مبدأ الفهم الشمولي للدين

شمولية التطبيق لا يستطيعها الا مجموع الامة ووجود مقومات الدولة 

اما الافراد والمؤسسات فان التكليف الشرعي لها منوط بامكاناتها واستطاعاتها التي تختلف زمانا ومكانا وشخوصا وأحوالا وموارد مادية وبشرية

وحتى الامة والدول تحكمها عوامل القوة والضعف والتوازنات والممكنات الداخلية والخارجية

الشمول في التطبيق يأتي من عملية التكامل بين جهود الافراد والمؤسسات المتخصصة في عالم يفرض  على واقع الحياة كل يوم ولحظة تغييرا ومواكبة ومشكلة وحلا ومزيدا من طلب التخصص ليحصل الاتقان ثم الحضور والتأثير

لو أفترضا ان الاسلام (100 درجة ومنزلة )...

فمن حيث العقيدة والفهم فالايمان بالدرجات والمنازل المائة جميعها واجب

ومن حيث الفقه والأحكام العملية التطبيقية فان الواجب هو ما استطيع فعله من هذه الدرجات والمنازل 

واجبات وتكليفات المسلمين في العهد المكي غيرها في العهد المدني 

إن على الفرد والمؤسسة والدولة والأمة ان تجتهد فيما تستطيعه وفق الممكن

والفهم الشمولي للدين ينبغي أن لا ينزل للتطبيق الا وفق هذا الضابط وهو الاستطاعة

والا كانت النتيجة هي:

_ الفشل 

_ وتحميل ما لا يطاق

_ والقفز فوق سنة التدرج في التطبيق 

_ ثم الاساءة للاسلام نفسه واتهامه أنه غير قابل للتطبيق والتنزيل على واقع الناس

وسوم: العدد 763