محاولات أعداء وخصوم الإسلام النيل منه مصيرها الفشل بوعد ناجز من الله عز وجل

محاولات أعداء وخصوم الإسلام النيل منه

مصيرها الفشل بوعد ناجز من الله عز وجل

محمد شركي

[email protected]

تعهد الله عز وجل في محكم التنزيل برفع شأن الإسلام في كل عصر ومصر وإلى قيام الساعة ونهاية العالم إلا أن هذه الحقيقة يغفل عنها كثير من الناس أو يتعمدون تجاهلها خصوصا أعداء وخصوم هذا الدين سواء كانت عداوتهم ظاهرة أم مبطنة كما هو الشأن بالنسبة للمحسوين على الإسلام وما هم منه بل هم طوابير أعدائه الخامسة المسخرة للنيل منه . ولقد كان الإسلام منذ ظهوره مستهدفا من طرف الذين قوض شرائع أهوائهم بشريعته السمحة . وإذا كانت أشكال التآمر على الإسلام تختلف من عصر إلى آخر، فإنها في نهاية المطاف تهدف إلى تحقيق غاية واحدة هي النيل من هذا الدين الذي جعله الله عز وجل خلاصا للبشرية من طغيان شرائع الأهواء . ومعلوم أن الإسلام منذ كان في غابر الأزمنة كانت غايته هي إخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد . ومن عبادة العباد الخضوع لشرائع أهواء هؤلاء العباد . ولا يختلف عصرنا عن غيره من العصور فيما يتعلق بمحاولة النيل من الإسلام عن طريق إقصائه وتعطيل شرعه . وازدادت وتيرة محاولة النيل من الإسلام بعد ثورة الربيع العربي ، وهي ثورة لا زال المعاندون يتعمدون عدم الاعتراف بأنها عكست بشكل واضح رغبة الشعوب العربية في الرهان على الإسلام من أجل التخلص من كل أشكال الفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي ، وهو فساد نتج عن فترة الاحتلال الغربي للبلاد العربية وعن الفترة التي أعقبتها ، والتي كرست كل أشكال فسادها وزادت في تعقيداته . وعلى رأس أشكال الفساد الناجم عن فساد فترة الاحتلال الغربي الاحتلال الصهيوني للأرض العربية ،والذي جاء كنتيجة للاحتلال الغربي الذي رحل عن البلاد العربية عسكريا دون أن يرحل اقتصاديا وسياسيا وثقافيا . ويعتبر الاحتلال الصهيوني سفير الاحتلال الغربي في الوطن العربي ، ولا يمكن القول بأن البلاد العربية نالت استقلالها من المحتل الغربي ما دام الاحتلال الصهيوني موجودا . ومعلوم أن الاحتلال الصهيوني لا يختلف عن الاحتلال الغربي لأن الحركة الصهيونية حركة عنصرية تقوم على أساس الاعتقاد بالتفوق العرقي للعنصر اليهودي تماما كما كان الاحتلال الغربي حركة عنصرية تقوم على أساس الاعتقاد بالتفوق العرقي للعنصر الصليبي . ولقد كانت الحربان العالميتان الأولى والثانية بسبب التيارات العنصرية المتصارعة فيما ينها حيث نشأ الصراع في بلاد الغرب بين الحركات العنصرية المختلفة والتي تنادي بالأفضلية العرقية لجنس على آخر كما كان الحال بالنسبة للحركة العنصرية النازية والفاشية . ولا تختلف الحركة العنصرية الصهيونية عن النازية والفاشية ، فهي تقول أيضا بأفضلية الجنس اليهودي على غيره من الأجناس خصوصا تلك التي تشاركه في الانتماء إلى السامية . ولم تكن الحركات التي حاربت النازية والفاشية في الحربين العالميتين الأولى والثانية مختلفة عنهما في القصد والتوجه حيث رأى ما يسمى بالحلفاء أنهم أفضل عرقا وجنسا من عرق وجنس النازيين والفاشيين. ولا تخلو النزعات العنصرية العرقية من خلفيات عقدية ودينية وإديولوجية . ومع أن الغرب يموه على العقيدة الصليبية الصهيونية بالإديولوجيا العلمانية ، فإن الأواصر الرابطة بين الصليبية والصهيونية والعلمانية قوية ولا ينكرها إلا جاحد ومعاند. ومع أن الحركة الصهيونية عنصرية تعتمد المرجعية الدينية اليهودية لتبرير توجهها العنصري وشرعنته دينيا كما جاء في كتاب الفيلسوف الفرنسي رجاء جارودي : " الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائلية " فإن الغرب الذي حارب العنصرية النازية والفاشية غض الطرف عن العنصرية الصهيونية ومكن لها في البلاد العربية من أجل سيطرة العنصر اليهودي على العنصر العربي . ويلعب الصهاينة دور دركي الغرب في البلاد العربية . وكل مظاهر الفساد بكل أشكاله السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية سببها الاحتلال الصهيوني الذي استطاع التحكم عن طريق توظيف الغرب وامكاناته من أجل تكريس الفساد في البلاد العربية لتسهيل استغلال ثرواتها وامكاناتها المتنوعة . ولقد خلق الاحتلال الصهيوني شرخا كبير في المجمعات العربية التي انقسمت أنظمتها على نفسها بخصوص الموقف من هذا الاحتلال . ومعلوم أن مواقف الأنظمة العربية من هذا الاحتلال كانت في بداية الأمر خاضعة لإرادة شعوبها إلا أنه بعد التأكد من أن بقاء الأنظمة العربية بالنسبة للمجتمعات الغربية أو بالأحرى للحركة العنصرية الغربية رهين بتغيير الموقف من الاحتلال الصهيوني ، وذلك من خلال قبوله كأمر واقع أدارت الإنظمة العربية ظهرها لإرادة شعوبها ، ودخلت في رهان ما يسمى السلام مع المحتل الصهيوني ومن ثم مع المتحكم الغربي حرصا على بقائها في مراكز السلطة والقرار . وعاقب المتحكم الغربي الشعوب العربية الرافضة للاحتلال من خلال تسليط الانظمة العربية الفاسدة الخاضعة له على رقابها ، وهو ما خلق الاحتقان لدى هذه الشعوب ، وانتهى الأمر إلى ثورات ربيع عربي أنكره البعض ونسبه لمجرد خطة غربية مدبرة بليل ، والحقيقة أنه ربيع صحيح لا غبار عليه بالنسبة للشعوب العربية إلا أن الحركات العنصرية الغربية تدخلت بكل ثقلها لتحويله إلى خريف ، ونسفه عن طريق الثورات المضادة التي وظفت لها الطوابير الخامسة المتربصة خصيصا بالإسلام والذي راهنت عليه الشعوب العربية في ثورات ربيعها بشكل جلي لا غبار عليه . ولم تمهل الحركة العنصرية الغربية الشعوب العربية لتحقيق إرادتها في الرهان على الإسلام فأجهزت على نتائج الانتخابات الديمقراطية التي أوصلت أحزابا إسلامية إلى مراكز صنع القرار ، وبدأ الإجهاز بالتجربة الديمقراطية في مصر على اعتبار مصر قاطرة البلاد العربية مخافة انتشار هذه التجربة في كل روع العالم العربي . ودبر انقلاب عسكري بليل على التجربة الديمقراطية في مصر لأنها تعتبر مصدر تهديد للاحتلال الصهيوني بسبب وجود عنصر الإسلام في هذه التجربة . ومارست العنصرية الغربية ضغوطها على أنظمة عربية تلعب دور طوابيرها الخامسة من أجل الاجهاز على التجربة الديمقراطية في مصر ، وأرغمتها على تمويل ودعم الانقلاب مقابل بقائها من أجل تعطيل قاطرة التغيير في الوطن العربي وكان لها ما أرادت . وعمدت العنصرية الغربية إلى خلق الفوضى العارمة في طول وعرض البلاد العربية، وجندت لذلك طوابيرها الخامسة بكل أشكالها بما فيها طوابير العصابات الإجرامية التي صنعت مخابراتيا من أجل تشويه الإسلام والتمويه على الإجهاز على التجربة الديمقراطية في مصر وعلى كل تجربة تحذو حذوها في الوطن العربي . وتحت غطاء مواجهات العصابات الإجرامية المصنوعة مخابراتيا من قبيل "داعش" وغيرها تم للعنصرية الغربية ما أرادت من إجهاز على إرادة الشعوب العربية في الرهان على الحل الإسلامي للتخلص من كل أشكال الفساد . وموازاة مع الحرب الساخنة الدائرة في الوطن العربي تستعر نيران حرب باردة على المستوى الفكري حيث تنشط الطوابير الخامسة التي توظفها العنصرية الغربية للنيل من الإسلام تحت الشعار الذي ترفعه هذه العنصرية وهو مواجهة ما تسميه الإسلام السياسي . وبين عشية وضحاها انقلبت الموازين فأقصيت الأحزاب الإسلامية الفائزة في اللعبة الديمقراطية بشكل أو بآخر في بعض البلاد العربية كما هو الحال في مصر و تونس بينما لم يسمح لغيرها بالوصول إلى مرحلة خوض اللعبة الديمقراطية عن طريق النفخ في ما يسمى الفوضى الخلاقة كما هو الشأن في ليبيا وسوريا واليمن والعراق حيث فضلت العنصرية الغربية غض الطرف عن أعتى الأنظمة العربية الفاسدة ووظفتها للقضاء على ما تسميه الإسلام السياسي. وهكذا تم الإجهاز على هذا الإسلام السياسي ، وهو عبارة عن قطع الطريق على الأحزاب الإسلامية التي تحمل المشروع الحضاري الإسلامي المهدد لمصالح العنصرية الغربية وعلى رأسها المصالح المرتبطة مباشرة بالاحتلال الصهيوني.وشغلت العنصرية الغربية العالم عموما والعالم العربي خصوصا بذريعة محاربة الإرهاب الذي أوكلته إلى عصابات صنعتها مخابراتيا للتمويه على حرب تخوضها في الحقيقة ضد ما تسميه الإسلام السياسي الذي من شأنه أن يطهر البلاد العربية من كل أشكال الفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي المترتب عن الاحتلال الصهيوني . وها هي العنصرية الغربية تحاول إضفاء الشرعية على الانقلاب العسكري في مصر وهو عبارة عن عودة لنظام فاسد ثار ضده الشعب المصري لأنه كان مجرد طابور خامس يعمل لصالح الكيان الصهيوني ، وتقحم هذا النظام في بؤر توتر خلقتها عمدا بغرض التمويه على أهدافها كما هو الشأن في اليمن ، علما بأن النظام الفاسد المنهار في اليمن حظي بحماية وحصانة على غرار حماية وحصانة كل الأنظمة الزائلة عقب ثورات الربيع العربي، الشيء الذي يؤكد أن الأنظمة الغربية العنصرية لم تتخل عن طوابيرها الخامسة التي كانت في خدمتها لعقود من السنين . ومن مظاهر الحرب الباردة على الإسلام إثارة بعض قضاياه المرتبطة بتشريعاته في المجتمعات العربية عن طريق المنتسبين إليه من الطوابير الخامسة العاملة لفائدة العنصرية الغربية. وتهدف إثارة هذه القضايا إلى زعزعة ثقة الشعوب العربية في دينها ومن ثم التخلي عن فكرة الرهان عليه كحل للتخلص من كل أشكال الفساد المستشرية في كل المجالات . ويبدو لمن لا يمعن النظر فيما يثار من قضايا مرتبطة بالإسلام في البلاد العربية أنها مجرد سجالات فكرية بين أطراف عربية مسلمة ، والحقيقة أن الغرب متورط في هذه السجالات عن طريق طوابيره الخامسة ، وتشهد على ذلك اللقاءات والمؤتمرات التي تعقد تحت ذريعة مواجهة ما يسمى التطرف الديني الذي يتبنى الإرهاب . ومن أجل الإجهاز على الإسلام فكريا تثار بعض قضاياه بدعوى تجديد النظرفيها وتطويرها لتنسجم مع القناعات الغربية. وتعمل المنابر الإعلامية المشبوهة في الوطن العربي جاهدة من أجل الدعاية للسجالات المرتبطة بقضايا الإسلام التي يراد إدخال تغييرات عليها بغرض خلق هوة بين هذا الدين وأتباعه . و لنا أمثلة كثيرة عن هذه السجالات من قبيل قضايا المرأة المسلمة المختلفة وقضايا الأحوال الشخصية والمعاملات الاقتصادية... وهلم جرا . وتلاحق تهمة الإرهاب والتطرف كل من يعارض النبش في هذه القضايا على ضوء التصورات الغربية التي تقدمها طوابيرها الخامسة المأجورة . وتحاول هذه الطوابير الظهور بمظهر من يريد ما يسمى تجديد الإسلام من خلال تمرير المقولات الغربية وإلباسها اللباس الذي من شأنه أن يخدع أتباع هذا الدين بأن الأمر يتعلق بتجديده لا بنسفه والإجهاز عليه . ولن نستغرب أن يثار المزيد من القضايا المتعلقة بالإسلام في شكل سجالات من أجل استكمال مخطط العنصرية الغربية التي تريد العلو والاستكبار في الأرض . ووصفنا لها بالعنصرية ليس مزايدة وإنما هو وصف للواقع ،ذلك أن العنصرية في جوهرها هي محاولة طغيان واستعلاء عنصر على غيره من العناصر، وإضفاء الشرعية على ما يعتقده ويراه و يقرره مقابل نسف ما لدى غيره . وعود على بدء نذكر مرة أخرى بأن الله عز وجل قد تعهد بنصرة دينه ولو كره أعداؤه وخصومه وطوابيرهم الخامسة التي باتت مكشوفة مهما حاولت التقنع بأقنعة خصوصا المتظاهرة منها بالتدين والتخصص في قضايا الإسلام وامتلاك مشروعة التحدث باسمه.