الأرض.. عقدة ( إسرائيل )

غسان مصطفى الشامي

[email protected]

مثلت أرضنا المباركة فلسطين، حلما كبيرا  للصهاينة بهدف السيطرة عليها،

وتهجير وطرد أهلها الأصليين منها، وهذا ما تم فعله على الأرض، ففي نكبة

عام 1948م قام الاحتلال (الإسرائيلي) بتهجير أكثر من 800 ألف فلسطيني،

وتدمير حوالي 531 قرية ومدينة و 11 حي، ونفذت العصابات الصهيونية خلال

النكبة العشرات من المجازر في القرى الفلسطينية؛ بهدف تهجير الفلسطينيين

ليحتلها الصهاينة وتصبح لهم وطنا قوميا.

وظل الصهاينة يرددون شعار " أرض بلا شعب لشعب بلا أرض " ويعملون على

تحقيقه، فبدؤوا يرسمون الخطط الخبيثة للسيطرة على أرض فلسطين، في إطار

سعيهم الدؤوب منذ المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة " بال " السويسرية عام

1897م للحصول على وثيقة ضمان دولية من الإمبراطورية العثمانية تمنحهم أرض

فلسطين وطن قومي لهم.

وقد ظهرت أفكار وكتابات  يهودية تدعو للعودة إلى أرض فلسطين منذ الحملة

الفرنسية على بلاد الشرق عام 1798م، ووصول جيوش نابليون إلى عكا التي

هزمتهم بعزيمتها وصمود رجالها المخلصين، كما أصدر الصهيوني النمساوي (

تيودر هرتسل ) عام 1896م كتاب يدعو إلى إقامة دولة يهودية، فيما دعا مؤسس

الاشتراكية الصهيونية ( نحمان سيركن ) خلال مؤتمر بال الصهيوني إلى أن

(فلسطين يجب أن يتم إخلاؤها لليهود ).

ومنذ المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897م الذي حضره المئات من اليهود، أقر

المؤتمر خطط احتلال أرض فلسطين،  ودعا مؤسس الحركة الصهيونية ( تيودور

هرتسل ) إلى البحث عن الوسائل المثمرة التي يجب أن تتخذ للنهوض بالحركة

الصهيونية، والعمل على إنشاء قرى ومستعمرات خاصة باليهود تكون حائزة

للحقوق العمومية في أرض فلسطين .

مثلت أرض فلسطين بما تتميز به من؛ خصائص مكانية، وموقع استراتيجي،

وجغرافية وتاريخ، وأهمية دينية-  أهمية كبيرة لليهود الذين بذلوا جهودا

كبيرة مع سلاطين الإمبراطورية العثمانية للحصول على أرض فلسطين وطن قومي

لهم مقابل حل مشاكل الإمبراطورية العثمانية آخر زمانها ودفع الديون

المتراكمة عليها كافة.

والتاريخ يسطر بأحرف من نور رفض السلطان العثماني عبد الحميد الثاني طلب

اليهود أرض فلسطين وطنا لهم قائلاً " أنصحوا الدكتور هرتزل بألا يتخذ

خطوات جدية في هذا الموضوع؛ فإني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من أرض

فلسطين، فهي ليست ملك يميني، بل ملك الأمة الإسلامية، ولقد جاهد شعبي في

سبيل هذه الأرض ورواها بدمه"؛ لكن رغم الرفض العثماني إلا أن  اليهود

واصلوا مخططاتهم الماكرة، وبدأت الهجرات اليهودية إلى أرض فلسطين منذ عام

1878م  و قاموا بتأسيس المستوطنة اليهودية الأولى على أرض قرية ملبس

الفلسطينية، حملت اسم " بتاح تكفا ".

وأذكر هنا ما أورده الصهيوني ( تيودر هرتسل ) في يومياته عندما تحدث عن

أهمية المؤتمر الصهيوني الأول  لدى اليهود قائلا : " لو طلب مني تلخيص

مؤتمر بال في كلمة واحدة _ وعليّ أن أحرص على عدم تلفظها بصوت عالٍ-

لكانت هي : في بال أسست الدولة اليهودية، ولو قلت بصوتٍ عالٍ لضحك الجميع

مني، ولكن ربما خمس سنوات على وجه الاحتمال، وبعد خمسين سنة على وجه

التأكيد، وسيعلم كل واحد بالأمر "، ومنذ المؤتمر المشؤوم واليهود يخططون

للسيطرة على أرض فلسطين إلى أن تم تنفيذ ما عرف بالخطط الأربعة لنكبة عام

1948م وتنفيذ المخططات العسكرية لإخلاء الأرض واستقبال المهاجرين اليهود

وتسكينهم في أرضنا المباركة.

ذكرى يوم الأرض تبعث في النفوس الكثير من الشجون، والآلام، والحرقة على

أرض فلسطين التي تضيع يوما بعد يوم .. وما زاد مأساتنا التنازلات اليومية

التي تقدمها جماعة أوسلو واللقاءات المتواصلة من أجل تحقيق المشاريع

الأمريكية الصهيونية وتنفيذ خطط تبادل  الأراضي وخطة  الإطار الصهيونية

التي تقوم بالأساس على الاعتراف بــــــ ( إسرائيل) كدولة يهودية وتبادل

الأراضي، وتهجير فلسطينيي عام 1948م إلى الدولة الفلسطينية الجديدة.

ذكرى يوم الأرض التي ثارت فيها الجماهير الفلسطينية في 30/3/1976م على

مخططات الصهاينة للاستيلاء على 60% من أراضي الجليل وتقليل نسبة

الفلسطينيين العرب فيها، مأساة تتكرر معنا باستمرار فقد ظهر حديثا مخطط (

برافر ) الصهيوني للسيطرة على النقب المحتل، وهو مشروع خطير جدا ومن أكثر

المشاريع الصهيونية خطورة في تاريخ فلسطين، حيث قدمت ( إسرائيل) خطة

مشروع ( بيجين برافر )؛ بهدف الاستيلاء وفرض السيطرة على أكثر من (

850,000) دونم من أراضي النقب المحتل، وهذا مشروع ينفذه الصهاينة، بصمت

كبير؛ حتى لا يثور الفلسطينيون عليهم ويقفوا في وجهه، في حين يواصل

الاحتلال بناء آلالاف الوحدات الاستيطانية في القدس والضفة المحتلة

وتجهيزها لاستقبال المهاجرين الصهاينة الجدد وإسكانهم فيها.

 على مدار سنوات احتلال أرض فلسطين، لم يهدأ اليهود في السيطرة على

المزيد من الأراضي الفلسطينية، من خلال المشاريع الاستيطانية في القدس

المحتلة والضفة، ومشاريع التطوير في أراضي عام 1948م، وذلك في إطار تنفيذ

المخططات الصهيونية للاستيلاء على أرض فلسطين والاستئثار بخيراتها

وثروتها إلى أن ينتهي بهم الأمر في هدم المسجد الأقصى المبارك وإقامة

الهيكل المزعوم ..