نافذة للوعي ودعوة للتفكير والنقاش

د. محمد عياش الكبيسي

حينما ينتشر الفساد في بلد ويدخل في كل مفاصله؛ السياسية والاقتصادية والقضائية والتعليمية والخدمية ...الخ فإن الناس أمامهم ثلاثة خيارات:

1- اجتماع القوى الفاعلة على خطة عملية للتغيير (انقلاب عسكري- ثورة شعبية- عصيان مدني عام) وهذا في الحالة العراقية غير وارد ..بسبب الانقسام العرقي والطائفي الحاد ..وغياب المشروع الوطني الموحّد، إضافة إلى التجارب القريبة كالحراك وغيره والتي لم يعد المزاج الشعبي قادرا على تكرارها ..

2- تشجيع الناس على الدخول في هذه المؤسسات ..والاشتباك العملي في كل مؤسسة مع عناصر الشر والفساد ..وهذا يقتضي وجود عمل جماعي ورصد إعلامي قادر على فضح الفساد والفاسدين وبالمعلومات والأرقام ..والرهان هنا دائما على إمكانية تطوير الوعي المجتمعي ..وتدريبه على تحمل المسؤولية ..وهذا الخيار يحتاج إلى صبر ومرونة ..وعدم الاستعجال في الحكم على الناس ..لإنه صراع مرير وإن بدا ناعما وليّنا، وستزل فيه أقدام وتضيع فيه ذمم، لكن هذه معركة ولكل معركة خسائرها واحتمالاتها.

3- اعتزال كل ما فيه شبهة بذريعة عدم إعطاء الشرعية للفساد وعدم مشاركة الفاسدين، والنتيجة معلومة وهي في الأغلب لصالح الفاسدين ..إلا إذا تمكن المجتمع من  تحويل هذا الاعتزال إلى رافعة باتجاه الخيار الأول، وهو في الحالة العراقية يبدو أقرب إلى المستحيل ..لأن اتفاق المكونات العراقية على قيادة موحّدة ليس واردا على الأقل في المدى المنظور.

أنا أعلم أن القدرة على مناقشة هذه الخيارات (البديهية) غير متوفرة بسبب حالة الإحباط العام الذي يكاد أن يشل التفكير ..ومن ثم يلجأ الشخص إلى أسلوب الانتظار السلبي أو (اللاخيار) أو (اللاتفكير) 

وربما نصحو -لا قدّر الله- لنجد أنفسنا خارج التاريخ وخارج الجغرافيا أيضا 

هذه مجرد محاولة لتحفيز العقول على التفكير الهادئ والهادف 

والله يسددكم ويتقبل منا ومنكم ويكتب لنا ولبلدنا الفرج القريب

وسوم: العدد 774