حُقوقُ الدْوَّلَةِ .. وَ حُقوقُ الإنْسَانِ

د. حامد بن أحمد الرفاعي

عَظَّمَ النِظَامُ الليبرالي الرأسمالي من قيمة الفرد على حساب قيمة المجتمع ..فقامت في ثقافتهم مسألة تَعظِّيمِ حُقوقِ الإنْسَانِ ..وَعَظَّمَ النِظَامُ الشيوعي الاشتراكي من قيمة المجتمع على حساب قيمة الفرد .. فتنامت في ثقافتهم مسألة تَعَّظيمِ حُقوقِ الدَّوْلةِ .. أمَّا الإسْلامُ فقد أقام توازناً وتكاملاً بين قيمةِ الفردِ وقيمةِ المجتمع .. فأسس بذلك ثَقافَةَ تَعْظِّمِ حُقوقِ الدَّوْلةِ وحُقوقِ الإنْسِانِ وَواجِبَاتِهِ سواء بسواء وخصَّ الدَّوْلةَ بدرجات من التَّعظيمِ والإجلالِ .. لِما ..؟..لأنَّ الدَّوْلَةَ هي السكنُ والمَلاذ والهويَّةُ والهيّْبةَ والسيادة وَالإنْسَانُ مِنْهَا وإليهَا .. ولقد عَظَّم الله تعالى قِيمَةِ الوَطنِ فجعل قيمة الخروج منه وهجرانه تعدل قيمة قتل النفس فقال سبحانه : " وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوْا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوْا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوْهُ إِلاَّ قَلِيْلٌ مِنْهُمْ " وَعظَّمَّ جلَّ شأنه من قِيمَةِ الدَّوْلَةِ فقال : " وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ " أي يقيمون الدَّوْلَةَ فَبِها يَقومُ العدلُ والأمانُ ..وذات مرة سُئلَ الحَكيمُ الصينيُّ المشهور كونفوشيوس : إنَّك تُصِّر على أنَّ مقومات الدَّوْلَةِ ثَلاثةٌ : النظامُ والغذاءُ والجيشُ فَإنْ خُيِّرت عنْ أيِّهنَّ تتخلى ..؟ فقال : أتخلى عن الجيش والغذاء ليبقى النظام .. فما قيمة الجيش والغذاء مع سقوط هيبة النظام ..! أجل : فقيمةُ الدَّوْلةِ وهيبةُ النِظَامِ أجلُّ وأقّْدسُ مما سواهما.. وبعد فأين تجد حقوق الإنسان إذا انتُهكت حقوقُ الدَّوْلَةِ واعتُديَّ على هيبتها وسيادتها ..؟ وهل يبقى لأحدٍ من حقوق وحصانة إذا اعتدى هو على حُقوقِ الدَّوْلَةِ وانتهكَ هيبتها ..؟؟؟ أجل: فَمَنْ استهانَ بِحُقوقِ الدَّوْلَةِ وهيبتِها فَهو حقيق ومن ينتصر له بالاستِهانَةِ وَالإهانَةِ.

-----------------------------------------------------

وبهذه المناسبة فإنني أحيي خادم الحرمين الشريفين - سلمه الله تعالى لما اتخذه من قرارات حازمة وحاسمة بشأن انتهاك المسؤولين الكنديين لسيادة الممَّلكة العربيَّة السعوديَّة والتدخل في شؤونها وانتصارهم لمن تطاولوا على هيبة الدولة وانتهكوا حقوقها ..وهنا أسأل الحكومة الكندية : ما هو موقفكم ممَّن يَخرجُ عليكم يطالبكم بتغيير عَلَمَ بلادكم ومُسمى دولتكم ومنهجكم السياسي والاجتماعي ..؟ وبصفتي رئيساً للمؤتمر الدَوليِّ للقيادات من أجل العدل والسلام أدعو العقلاء والحكماء من أبناء الشعب الكندي للحوار بهذا الشأن  في المكان والزمان الذي يرغبون.

وسوم: العدد 785