و لرعاة البقر أدبهم : قراءة في شعر رعاة البقر الأميركيين /1

تعود أُصول رعاة البقر في الأمريكيتين إلى العام 1519 عندما حط الأسبان رحالهم في المكسيك وقاموا بتأسيس العديد من المزارع التي أكتضت بالخيول و الأبقار، سواء المدجنة او تلك المستوردة من أسبانيا . درب أصحاب المزارع الهنود الحمر على ركوب الخيل و رعاية الماشية و أطلقوا عليهم تسمية فاكيرو ( و تعني بالأسبانية الشخص الذي يمتطي جواداً و يقود الماشية ). و بعد حوالي قرنين وصل إنتشار تلك المزارع الى تكساس و أريزونا في الشمال و الى الأرجنتين في الجنوب .

بُعيد إنتهاء الحرب الأهلية الأميركية ، وجد العديد من الجنود أنفسهم بلاعمل فلجأوا الى العمل في تلك المزارع التي كانت بأمس الحاجة لهم لتلبية الحاجة في الشرق الصناعي الى الكثير من اللحوم و الجلود. وكان على رعاة البقر هؤلاء  سوق قطعان الماشية التي كان يضج بها الغرب الأميركي ، و كما يقول رود ميلر، أحد شعراء رعاة البقر المعروفين ،وهو يتخيل البدايات الأولى لذلك النوع من الشعر  "مع غروب الشمس يجلس أولئك الرجال ليتبادلوا أشعاراً كتبوها هم أو غيرهم ممن إمتهنوا ركوب الخيل .يتردد في تلك الأشعار أصوات الجلود الخشنة التي يرتدونها وقعقة حوافر الخيول والأبقار وطقطقة الحطب المحترق ." ويضيف ميلر أن تلك الأشعار إنتقلت من جيل الى جيل و ما زالت تتردد في الملتقيات التي يعقدها كتاب هذا الشعر و محبيه في مختلف المدن الأميركية .

لكن ما هو، بالضبط ، شعر رعاة البقر؟  شعر موزون ومقفى كما يؤكد البعض؟ هل يجب أن يكون شعراؤه رعاة بقار أو من العاملين في /أو أصحاب مزارع الماشية ؟ وهل هو شعر يكتب من أجل الإلقاء فقط ؟ و هل ما زال شعر رعاة البقر موجوداً ؟ هذه الأسئلة ما زالت تثير الكثير من الجدل في أروقة المهتمين بشعر رعاة البقر

يقول مايكل كورن وهو من المختصين في الأدب الشعبي  وعمل مديراً لمشروع مونتانا للفلكلور" شعر رعاة البقر هو شعر موزون و مقفى كتبه شخص أمضى جزءاً كبيراً من حياته أو حياتها قريبا من ثقافة الماشية في الغرب الأميركي . تعكس الأشعار معرفة عميقة بتلك الطريقة من الحياة والمجتمع الذي تنتمي اليه. قد يكون مؤلفو هذا الشعر مجهولين، الا أن الشعر الذي كتبوه له محتوى و إسلوب محددين يعكسان جماليات تلك الحياة وذلك المجتمع .أن النمط البنيوي لشعر رعاة البقر له سابقة في الشعر الانجليزي ، خاصة قصائد روديارد كبلنغ Kipling."

كتب هال كانون مؤسس مركز الفلكلور الغربي في مقدمته لكتاب " شعر رعاة البقر الجديد : تجمع معاصر "New Cowboy Poetry: A Contemporary Gathering  : "عاش  جميع شعراء رعاة البقر في ريف الغرب الأميركي ، معظمهم على صهوات الجياد يسوقون الماشية من مكان الى مكان . أما اليوم فأن العديد من الشعراء هم من أصحاب المزارع أو زوجاتهم أو من المزايدين أو لاعبي الروديو أو العاملين في المزارع ." .

في عام 1994 نشر وارين ميلر، مؤسس تجمع شعراء رعاة البقر، كتاب مختارات من شعر رعاة البقر تحت عنوان " ماشية وخيول وسماء وعشب: شعر رعاة البقر في نهاية القرن العشرين "Cattle, Horses, Sky, and Grass: Cowboy Poetry of the Late Twentieth Century  . كتب في مقدمة الكتاب يقول :" على الرغم من إنتشار شعر رعاة البقر المطبوع ، إلا أنه لا يزال في الأساس شكل من أشكال الفن الشفوي . مازال محتفظاً بالتقاليد القديمة التي تربطه "بالحكواتي" الذي غنى القصص التي تتحدث عن التأريخ و تنقل الأخبار. أن النمط البنوي لشعر رعاة البقر كان تقليديًا في الأساس  - بحر نظامي ونظام قافية بسيط ، وهي بنية تسهل الحفظ و الإلقاء دون التأثيرعلى تطور الحدث في القصيدة ."

في مقالته "شعر رعاة البقر آنذاك والآن"  في الكتاب الذي حرره مع آلين كلارك  Cowboy Poets and Cowboy Poetry الصادر في العام 2000 كتب ديفيد ستانلي ، أستاذ اللغة الإنجليزية ومدير برنامج الدراسات البيئية في كلية وستمنستر في ولاية يوتا يقول عن تعريف شعر رعاة البقر  : "توسع شعر رعاة البقر على مر السنين بسرعة في إستخدامه للأشكال الشعرية والموضوع  والأسلوب ، منتقلا من القصيدة القصة (BALLAD) @ الى  أشكال أخرى  قريبة من الشعر الحر. وعلى الرغم من أن أكثر شعراء رعاة البقر شهرة  قبل الحرب العالمية الثانية ، خاصة بروس كسكادون وكيرلي فليتشر، كانا راكبي خيول متمرسين ومن مربي الماشية ، الا إن شعراء مثل  جيمس بارتون آدامز ولورانس تشيتدين و تشارلز بادجر كلارك وإي.إي.برينستول وهنري هيربرت كنيبز كانوا بعيدين عن تلك الحياة و درايتهم بالجياد و غيرها من الماشية بسيطة جداً ".

في عام 2010 ، أضافت موسوعة نيفادا الرقمية مدخلاً شاملاً حول شعر رعاة البقر كتبه هال كانون جاء فيه : " شعر رعاة البقر هو شعر نظمه العاملون في المزارع يركز على حياتهم  المهنية ، وهو على العموم شعر موزون و مقفى بنيته قريبة من القصيدة القصة (BALLAD) الإنجليزية. ومع ذلك ، فإن بعض من أرقى قصائد هذا النوع من الشعر، مثلما الحال في الشعر بشكل عام ، لا يلتزم بهذه الامور، خاصة المعاصر منه .الا أن رعاة البقر عادة ما ينتقدون عدم الألتزام هذا و يضعون أهمية قصوى على الحرفنة الشعرية ، على الرغم من أن طرق تقييم  الشعر تختلف تماما عن الشعرية الحديثة ، القائمة على أساس أكاديمي."

يقول بوك رامسي "بما أنه من الصعب تعريف الشعر كذلك الامر بالنسبة لشعر رعاة البقر . لقد توسعت حركة شعر رعاة البقر وكذلك النقاش حول الشعر والشعراء الذين ينتمون إلى هذه الحركة . و إزدادت تجمعات شعراء رعاة البقر لذلك توجب الحديث عمن ينتمي أو لا ينتمي الى هذه الحركة . أن مادة هذا الشعر هي حياة رعاة البقر ، أما اللغة فهي لغة تثبت أن الشاعر هو جزء من تلك الحياة . ويجب أن يكون الشعر موزون ومقفى.لا يوجد مكان في شعر رعاة البقر للشعر الحر أو شعر النثر ، لأنه يجب أن تلتقطه الأذن بسرعة ، ولا ينبغي أن نشم منه رائحة التجربة. بعضهم كتب بالشعر الحر و بشعر النثر ، لكن ذلك ليس شعر رعاة بقر  أصيل . الأمر بسيط ، مثل الماشية فيها الأصيل و فيها الهجين ، لكن لكل واحد مكان و إستخدام . أما لماذا التمييز ضروري لأن هناك تقليد يجب حمايته من إناس مثلي. لقد ضيعنا شعر رعاة البقر التقليدي في نصف القرن الماضي و نحن نحاول أن نجد صوتنا مرة أخرى ، والأشكال التقليدية تعطينا فرصة للعودة من جديد و الإتحاد مع شعر رعاة البقر ".

و حول الموضوع عنه كتب سلم ماكنوت يقول " سأل سائل ما الذي يجعل القصيدة قصيدة رعاة بقر ؟ إذا عانيت و انت على صهوة الجواد من برد الشتاء أو من الحروق في كفيك بسبب الحبال أو من بعض عظام مكسرة . أذا تسلقت قمة تل  وشاهدت ذئبة تعلّم صغارها مهارات الصيد ، أوجلست عند شروق الشمس وأنت تتأمل خلق الله العظيم ينبض بالحياة من جديد، أو حاربت حرائق البراري والجفاف محاولا أن تبقي قطيعك حياً و منتجاً ، و فرسك المحببة تضع مولودا ميتاً ،أو تنهمر عليك الأمطار بسيل لا ينقطع ، عندها يمكنك كتابة شعر رعاة بقر. وغير ذلك ستكتب شعراً عن رعاة البقر. هناك شعراء ممتازون في كلتا الفئتين ، ولا ينبغي تفضيل أحدهما على الآخر ." .

يتفق جريف ستريبى مع التعريفات التي وضعتها جمعية تشارلي راسيل لتراث الغرب الأميركي . يقول ستريبي :" شعر رعاة البقر يجب أن يحتفي بمفردات الحياة والثقافة الخاصة بالغرب ومزارع الخيول والماشية، والتي تتضمن، على سبيل المثال لا الحصر، الأعمال في تلك الأماكن والأشخاص الذين يؤدونها والمخاطر الناجمة عنها والقيم المرتبطة بها والممارسات التقليدية الخاصة بها والمكان والتاريخ والتطورات التي طرأت على ذلك المكان ( غرب نهر المسيسيبي ) منذ ثورة تكساس . لا تستبعد هذه المعايير سبل التبادل الثقافي الغني للتقاليد بين ثقافة المزارع المكسيكية وتاريخها ، والثقافة الكندية لرعاة البقر وتاريخها ، ولا تستثني المقارنات بين الثقافات الأميريكية والمكسيكية والكندية وغيرها من مزارع رعاة البقر التي تستخدم ممارسات ومهارات مماثلة ، ثقافة روديو قديمة أو معاصرة ، ولا تستبعد أيضا ثقافة تربية الخيول والماشية كما تمارس في الولايات الشرقية. تهدف المعايير المذكورة أعلاه إلى استبعاد الموضوع الذي يتعلق بشكل أساسي بعمال المناجم و صيادي الفراء والتجار وأوائل المستكشفين ومزارعي المحاصيل الصفراء  وعمال السكك الحديدية وصيادي الجلود وممن شارك في العمليات العسكرية للحرب الاهلية . تستبعد هذه المعايير تقاليد الأمريكيين الأصليين وقيمهم وممارساتهم ومعاركهم  في غرب ولاية مسيسيبي منذ اللقاءات الاولى مع الاوربيين . كما أنها تستثني ثورة تكساس والهجرة عبر المسيسبي لأنها تقع جميعا تحت مظلة الغرب ."

علق الشاعر بوب شيلد في مقدمة كتابه "Pure Bull - Well Organized" "كوني شخصياً أكتب شعر رعاة البقر أتاح لي الفرصة لسماع والمشاركة في المناقشات الودية عادة حول ما يميز شعر رعاة البقر، من هو راعي البقر و من هو الممثل الحقيقي لهذه المجموعة من الناس ؟ حسب رأيي، لا توجد شروط أو حدود أو قواعد. أن شعر رعاة البقر اليوم نادرا ما يحمل رائحة طعام رعاة البقر أو تراب الدروب التي مرت عليها قطعان الماشية في براونزفيل أو تكساس أو براوننج أو مونتانا ، كما أنه لا يصف وقع الحوافر لحشود متعبة من  الخيل في  البراري بعد يوم أو اسبوع من المسيرعلى هدي النجوم أو سلاسل الجبال أو روافد الأنهار . "

يتساءل الشاعر كارل كوندراي  : "ما هو شعر الكاوبوي؟ " أنه التاريخ رسم بالشعر و الصوت .وهو لم ينظم من أجل القراءة فقط . أنه يعج بالصور والحركة . وقد تطورعلى شكل فني من خلال مساهمات الكثيرين كما تطورت رعاية الابقار الذي يحاكيها ". ويضيف "يتبع بعض الشعراء مدرسة الوزن والقافية، وأشعر أن هذا جيد، إلا أنني أميل إلى تفضيل الاستراحة من الروتين، عندما يتطلب موضوع القصيدة ذلك، لإضافة الإهتمام أو التأكيد على الرسالة. بعض الناس يستخدم حبال النايلون و أخرون حبال الجلد في تعاملهم مع الابقار و كذلك الحال مع شعر رعاة البقر الذي تطور وفقا لأساليب مريديه. أنا اضبط قافيتي وبحوري مع وقع حوافر حصاني الذي أركبه. أحيانا تكون الرحلة على ظهر الحصان عادية و سهلة ووقع الحوافر منتظم. في كثير من الأحيان نجد أنفسنا في منطقة جديدة والرحلة ليست عادية . في بعض الأحيان نجد أنفسنا أكثر جرأة وترانا نحرك آذاننا كما يفعل الحصان . تلك هي الطريقة التي نستخدم فيها الوزن و القافية . لكل أسلوب مكان و نستخدمه لإضافة الاهتمام إلى القصيدة أو لجعل القارئ يشعر بما يجري .سواء كنت تفضل المدرسة القديمة أو تميل إلى أختراع إسلوبك الخاص بك، عليك أن تحكي الحكايات و تمررها للأخرين . إذا لم تستطع الأمور أن تنحني ، فإنها ستنكسر وهذا هو السبب في تطور الأمور. ما هو شعر رعاة البقر ؟ إنه تاريخ الحياة ، يتطور!"

في مقالته المعنونة "الحفاظ على شعر رعاة البقر " كتب راي لاشلي يقول " أحد الأهداف الرئيسية ، كما فهمتها في عام 1985 عندما نظم هال كانون و جيم جريفيث وطاقمهما أول تجمع لشعر رعاة البقر في مدينة إلكو (نيفادا)، هو الحفاظ على شعر رعاة البقر. يبدو لي ولأغلب الذين تحدثت معهم ، أننا نغفل عن هذا الهدف. أسمع كثيراً قصائد حول مواضيع قد تكون بعيدة أو لا علاقة لها بما يعرفه رعاة البقر.وتلك القصائد تكتب بالشعر الحر او الشعر المفتوح . ربما يكون أحد الأسباب التي تجعلنا نرى المزيد من الأشياء التي يقدمها الناس الذين يعرفون بشكل بسيط  "ثقافة رعاة البقر " هو أن هناك الكثير من الكتاب / الشعراء الطموحين الذين رأوا في شعبية شعر رعاة البقر فرصة للنشر. لكنهم قد يفتقدون الصبر والانضباط الشاق المطلوب لملائمة بحر من البحور للموضوع  والحفاظ على نظام قافية متدفق و سلس. لذلك يبحث هؤلاء في الانترنت عن رعاة البقر و يقرؤا ما يكتب عنهم ثم ينظموا قصائدهم او كتاباتهم و يقرأونها في التجمعات . حتى الآن أصبح البعض "خبراء" في هذا الموضوع. على هذا النحو غالبا ما يدعى هؤلاء لترأس ورشات العمل حول شعر رعاة البقر. بما أن معظمهم يفضلون الشعر الحر أو الشعر المفتوح ، فأنهم يتسببون في عزل شعر رعاة البقر عن قافيته ووزنه التقليديين مما يجعله أكثر قربا من الأشكال المعاصرة ، وخاصة الشعر الحر أو الشعر المفتوح ." يضيف لاشلي :" بالنسبة لأشكال الشعر الحر أو الشعر المفتوح ، أنا لا أكره تلك الأشكال ، أنا احب الجيد من الشعر سواء كان حرا أو مفتوحا أو موزونا و مقفى . أحب أن أقرأ لغة فعالة وكفوءة فيها  القوة  أو الفكاهة  أو الدراما  أو الرثاء  أو الإغراء و بأي شكل من الأشكال. لدي مشكلة في الربط بين الشعر الحر و شعر رعاة البقر . إن الكثير من القصائد المكتوبة بالشعر الحر ، خاصة عن رعاة البقر ، لا أعتبرها شعرا على الإطلاق. أعتقد من الإنصاف أن نعرف الشعر من خلال مواصفاته و ان لا يقتصر الامر على الشكل الذي ترسمه الكلمات فوق الصفحة ، مثلا غياب التنقيط أو اسطر تتألف من كلمة واحدة و موجودة في كتاب عنوانه شعر و يقرأ في تجمعات للشعر أو أي وسيلة أخرى للتحايل لتنبيه القارئ إلى طبيعته.في العديد من التجمعات ، عندما تقرأ قصائد الشعر الحر  ، أجاهد من اجل الأستماع و الأستمتاع بشيء شعري .أنا لست الوحيد في ذلك . لكن يبدو أن الناس تحاول أن لا يشار اليها بأنها غير متعلمة أو بلا أحساس أو خرقاء . لذا ، و مثل ما يجري في قصة  "ملابس الإمبراطور الجديدة "@ ، فهم قوم لطفاء و يصفقون ."

في كتابه  المعنون Rhyming Dictionary ، يتجنب كليمنت وود محاولة تقديم تعريف دقيق  للشعر الحر بقوله أنه ليس كذلك، أي إنه ليس "شعراً أو نثراً موزوناً و مقفى "  ويمضي إلى القول "لا تكتب النثر ، حتى لو في اسطر صغيرة مقطعة و تسميه شعرا حرا ". الا أن  كليمنت وود لا يقول لنا ماهو الفرق  . لذا يبدو أن الشعر الحر هو كل ما يعتبره الشاعر شعراً حراً ولا يتوقع منا أن نعترض على ذلك .إن محاولة العثور على تعريف جيد وشامل لـ "الشعر" هو أمر مربك مثله مثل محاولة العثور على قصيدة مكتوبة بالشعر الحر . أعتقد أن أفضل التعريفات تلك التي وجدتها في قاموس التراث الأمريكي ، الطبعة الثالثة ، عام 1992. تقول  ، "الشعر – هو فن وعمل الشاعر". و "الشاعر – هو كاتب القصائد". يواصل كليمنت وود "بما أنني لم أستطع العثورعلى أي تعريف أوضح للشعرمن ذلك، فقد قررت إستخدام ما أعتبره تعريفاً عاماً وواضحاً للغة في تعريفي لشعر رعاة البقر . اللغة ، هنا ، هي مجموعة مختارة من الأصوات التي تنطق و يكون لها معنى بالاتفاق المتبادل ضمن مجموعة معينة. لذا ، بالنسبة لي ، فإن مصطلح "شعر رعاة البقر " ، بالاتفاق المتبادل داخل المجموعة الأكثر تحديدًا، رعاة البقر، هو الشعرالذي يقرر رعاة البقر إنه شعر رعاة البقر. وأود أن أضيف  أن ما سوف يعترفون به كشعر رعاة البقر سوف يكون شعراً موزوناً و مقفى كتب من قبلهم أو لهم أو عنهم أو عن همومهم و أهتماماتهم . إن همي هنا ، وإهتمام معظم الذين ناقشت معهم الأمر، هو أن هذا الاتجاه المتنامي الظاهر لكتابة شعر رعاة البقر بأشكال معاصرة ، خاصةً الشعر الحر أو المفتوح ، سوف ينتقص من الجاذبية البسيطة والصادقة اللتين كانتا وراء النجاح الذي حققه شعر رعاة البقر. إذا أصبح من الصعب تمييز شعر رعاة البقر في الشكل والمضمون من الأشكال المعاصرة ، أعتقد أن الناس الذين يتقاطرون لسماعها الآن سيشعرون بالملل من ذلك كما هو الحال مع الشعر الآخر ، بغض النظر عن الأحذية والقبعات التي يرتديها ملقو القصائد في الملتقى  .البعض قد يقول أن علينا قبول التغيير لأن علينا  "توسيع آفاقنا" أو "تحرير وعينا" وما إلى ذلك. لا معنى لها الهراء. أعتقد أن الإنضباط المطلوب والكتابة بالقافية و الوزن المطلوبين هو الذي سيطور عملنا. إنتهزت الفرصة في هذا التجمع لمناقشة هذا الموضوع مع أكبر عدد ممكن ووجدت أن معظمهم يشعرون بالطريقة التي أفعلها حيال ذلك. البعض لا يريدون قول أي شيء ، على ما يبدو لخوفهم من عدم دعوتهم لقراءة أشعارهم في تجمعات أخرى . (قال البعض أن هذا قد حدث بالفعل). والبعض الآخر لا يريد أن "يضر بمشاعر الاخرين ". بالطبع هناك أسباب أخرى أيضا. ولكن يبدو لي أنه ينبغي لنا التحدث عن هذا الموضوع الآن. بالتأكيد أن تجاهل الموضوع لن يفيدنا شيئا و لا نقصد ايذاء احد بالحديث عن الموضوع . أعتقد أن جميع المشاركين هنا هم أشخاص أسمى من ذلك."

ماري مارغريت دوجيرتي كامبل الأكاديمية و الشاعرة  شككت بجدوى الشروط التي فرضها البعض وكتبت "لماذا يجب أن يكون شعر رعاة البقر موزون و مقفى ؟" ولماذا يجب أن يكتب للألقاء فقط ؟  و لماذا يجب ان يكتب من قبل رعاة البقر انفسهم او المزارعون ؟ أعتقد أن هذه القيود ليست ضرورية.للشعر الحر أوزانه و له أيضا دفق خاص به لا يختلف عن الشعر المقفى ، ربما قد يفتقد الى الغنائية . مرة قال لي احد الناشرين إنه لم يلحظ إنه كان يقرأ شعراً حراً الى ان إنتهى من القصيدة .أن الوزن و الدفق موجودان في الداخل . يجب كتابة شعر رعاة البقر من قبل شخص معني بشكل مباشر بحياة رعاة البقر او الحياة في المزارع . هذا الشخص ليس بالضرورة أن يكون راعي بقر أو مزارع. كتب الكثير من الزوجات شعرًا رائعًا. كتبت شعري من ذاكرتي التي ترعرت في مزرعة. أنه عما يقوم به الرجال في المزارع. هل هذا يعني أن شعري لا يعتبر شعر رعاة بقر ؟ بعض الشعر لا يصلح للالقاء . في بعض الأحيان ، يجب أن يقرأ الشعر بخصوصية و تأملية  ليكون موضع تقدير حقيقي. أن الألقاء ، في رأيي ، لا ينبغي أن يكون الهدف المطلق لشعر رعاة البقر ."

و يتفق الشاعر غاري كروم مع ماري مارغريت حيث يقول "شعر رعاة البقر ليس "قصيدة كتبها راعي بقر حقيقي" كما يدعي البعض. إن ما يجعل القصيدة شعر رعاة بقر يرتبط بموضوع القصيدة وليس بمؤلفها من الرجال/النساء الذين عاشوا حياة رعاة البقر ، ولهم ميزة كبيرة في كتابة هذا الشعر. أضافة الى ذلك، شعر رعاة البقر ليس فقط الشعر المكتوب في قافية و بحور، على الرغم من أن ذلك شائع في معظم قصائد رعاة البقر. ربما يميل شعر رعاة البقر إلى إستخدام بنية أدبية بسيطة لأن راعي البقر  ليس أستاذا للأدب الإنجليزي. سواء كان راعي بقر من الغرب القديم أو الحديث ، أو من بلد آخر حيث يتجول رعاة البقر ، فإنه لم يتعلم الحكمة من الكتب و لكن من المراقبة الدقيقة للعالم و من الجلوس عند أقدام والديه وغيرهما من الاشخاص القدوة. لذلك يبدو أن الشعر حوله سيكون غريبا عن موضوعه اذا كتب بالشعر الحر أو أي نمط حديث ، على الرغم من وجود قصائد رعاة بقر ممتازة تستخدم مثل هذه الأشكال. قد يكون التعريف العملي الجيد لشعر رعاة البقر هو أي شعر يحتفل بأسلوب الحياة الفريد وشخصية رعاة البقر."

يحاول الشاعر توماس فوغان جونز أن يجد طريقه في الجدل المتصاعد حول هوية شعر رعاة البقر و يقول "ما هو شعر رعاة البقر ؟ أنه موضوع مثير للجدل. أن الشعر الحر موجود في كل مكان. أنا اعتبره سيمفونية موزونة و مقفاة تحافظ على ديمومة شخصية رعاة البقر  كما نعرفها. مزيج من الفكاهة والرثاء والشجاعة والتصميم على تشريف نمط حياة معين . هذا الحب للشكل لا يقتصر على الغرب الأميريكي. هناك أعداد ضخمة من الكتاب والقراء الدوليين الذين يحبون ركوب الخيل و الرياح تضرب وجوههم. دعونا لا نكون إنعزاليين. إن الأنعزالية تولد عقلية ضيقة ، وهذا سيؤثر حتما على تدفق ذلك الشعر  الثمين."

يحاول الشاعر جيم جون الألتفاف حول الموضوع من خلال التركيز على الأشياء غير الموجودة فشعر رعاة البقر "كما فعل العديد من الكتاب ربما من الأفضل الحديث عن الأمور التي لا نجدها في شعر رعاة البقر . أولاً ، أعتقد أن شعر رعاة البقر ليس تمرينًا فكريًا. أعتقد أن شعر رعاة البقر هو نتاج التراث ، من الارض، يرتبط إرتباطا وثيقا بتجارب العيش والعمل . إنه شعر تأملي يحوم حول أساسيات الحياة من ضحك و فرح وعمل و عرق و حب و خوف و غضب .أنه شعر عاطفي في جوهره .ينمو شعر رعاة البقر من نفس التراث الذي يولد النكات و القصائد الفكاهية والأساطير والخرافات. أكتب أيضا بعض الشعر الملحمي عن أواخر عصر النهضة ، وألاحظ وجود قواسم مشتركة في المواضيع والاهتمامات تكون قريبة من الرجل العادي (أو الحقيقي) الذي يشكل له الغذاء والمأوى والملبس والأسرة والكفاح والفرص جميعا أساس الشعر.قد يتناول شعر رعاة البقر المعاني الكامنة وراء رحلة المرء منذ الولادة إلى الموت. لكن ، بشكل عام ، هو أكثر ارتباطاً بالفعل منه بالتحليل. إنه يعترف أننا لسنا أبداً بعيدين جداً عن الأساسيات :عن الأرض و الماء و النار والهواء ، وكل المخلوقات التي نتقاسم معها المكان   وننافسها من أجل البقاء فيه.

تراث هذا الشعر هو التقليد الشفوي، اي تناقل القصص شفاهاً ، هو شعر مقفى و موزون يكتب من أجل أن يكون سهل الحفظ لأن الطريقة المعتادة للإتصال كانت الإلقاء .لكن الآن  معظم شعر رعاة البقر هو مكتوب ولم تعد الشفاهية شرطا صارما .

أود أن أضيف أنني أجد أنه يتطور أيضًا في طريقة التقديم . الكثيرون يقرأون اشعارهم و هذا قريب جدا من الألقاء.و يقدم أحياناً بشكل درامي و أحياناً مع التفسير في محاولة لألتقاط المشاعر الكامنة وراء كلمات القصائد المقروءة . هذا أيضاً يضفي الحياة على الكلمات بنفس الطريقة التي يمكن بها لعدد من الممثلين أن يقدموا عدة تفسيرات لكلمات المؤلف أو الشاعر . لم يعد شعر رعاة البقر مجرد حفلة إلقاء ، لقد أصبح وليمة للعيون (صفحة مطبوعة ودرامية) بالإضافة إلى الأذنين. كما أنه لم يعد مجرد قافية بسيطة وبحر مباشر، بالرغم من إن الأثنين موجودان .

كثيرا ما يدرك شعراء رعاة البقر الذين كتبوا لفترة من الوقت أن قافيتهم وبحورهم أصبحت أكثر معيارية و أنهم بدأوا في الكتابة في أشكال أخرى مثل الكوبليه و القوافي الداخلية في سطر السطر الواحد  من القصيدة ، إلخ. ذلك يتطور مع استمرارية الشاعر. ومع ذلك أجد أننا جميعاً نمتلك القوافي والبحور التي تناسبنا بشكل جيد وأننا نميل إلى العودة اليها دائما ."

و يناقش الشاعر جيم جون علاقة شعر رعاة البقر و الشعر الحر"الشعر الحر هو شكل كنت دائما أجد صعوبة في فهمه كشعر. أعتقد أنه ملجأ للكثيرين الذين لا يرغبون في الصراع مع الشكل أو البحور أو القوافي ، لذا فقد وضعوا سلسلة من الأفكار التي تبدو ذات مغزى ، لكنها غالبًا ما تكون مفككة. ولكن مع ذلك هناك قصائد جميلة جداً مكتوبة بالشعر الحر.لكن هذا الشكل بالنسبة لي يبدو تمرينًا فكريًا حتى في أفضل الظروف. وهذا يجعلها غير مناسبة لمباشرية شعر رعاة البقر. لكني لست متأكدا تماما أنها لا تناسب شعر رعاة البقر. إنه ( الشعر الحر)  نادرًا ما يرضيني شخصيًا لكن هذا ليس سببًا كافيًا لأستبعاده. أما مسألة أن يكتب شعر رعاة البقر فقط من قبل الذين يعملون في المزارع فلا أتفق معه .لم يضل شعر رعاة البقر طريقه الا أنه يتطور ، لكن علينا أن نتذكر أن مفهوم التطور يفترض وجود  العديد من البدايات الخاطئة والنهايات المسدودة. و ينطبق الأمر على شعر رعاة البقر.  لكن، بشكل عام، إحساسه ( شعر رعاة البقر )  بالمباشرية و القرب من الحياة و الأضحاك و أن الحياة مليئة بالطيبين الحقيقين و الأشرار الحقيقين و التصميم على محاولة سلك طريق الخير هي أمور تجعله ينمو و ينتشر و يتطور و يتغير ."

يركز الشاعر هال سويفت  على مواضيع شعر رعاة البقر عندما يقول " يتحدث شعر رعاة البقر عما يفكر به رعاة البقر ويشعرون ويؤمنون به ويفعلونه. إنه يتحدث عن الخيول والماشية والناس وكيف ينسجمون أو لا ينسجمون. يتحدث شعررعاة البقرعن الأشخاص الذين يهتمون برعاة البقر و زوجاتهم و أزواجهم ،و عن رؤساءهم و حلاقيهم  وعمد مدنهم و موسيقييهم و حداديهم - كل الناس الذين يمكنون رعاة البقر من القيام بعملهم وعيش حياتهم.في تعريفي لشعر رعاة البقر ، يهزم الأخيار الأشرار ، يميل الناس والحيوانات إلى أن يكونوا شخصيات مثيرة للاهتمام وأحياناً غريبة ، والحب يغمرهم جميعا  ، والموت ليس هو الحل النهائي.إذا كان هذا هو ما تكتبه ، فأنك تكتب شعر رعاة البقر."

قد يشكل الشاعر جيمس جون خاتمة جيدة لهذا الجدل . في قصيدة " حقيقة أم خيال " يقول جون :

"الدقة التاريخية" هي العبارة التي يستخدمونها

متجاهلين الأسطورة والسحر.

راعي البقر بالنسبة لهم مجرد عامل قوي

يقود الماشية عبر الدروب الموحلة .

إليكم بعض الحقائق البسيطة إذا كنتم تريدون معرفتها ،

راعي البقر والغرب القديم لم يعودا موجودين منذ أمد بعيد .

ما يعيش في قلوبنا وأرواحنا وعقولنا

هي تلك  الحكايات التي ما تزال عالقة في أذهاننا.

------

--------

مثل قصص فرسان الملك آرثر ،

إنها الأسطورة التي تعيش طوال الوقت.

التي ترتقي بنا و تلهم شبابنا

بمواعظها المؤثرة.

هناك مكان لجميع المؤرخين

مكان يفصل الأسطورة عن الحقيقة.

وحتى بعد رحيلها تعيش الأسطورة

لتعين الجميع على الحياة .

و يعلق على الوضع الحالي قائلا "أتصفح أحياناً مواقع تؤكد أننا بحاجة إلى أن نكون دقيقين في حديثنا عن التاريخ . يجب أن نتجاهل الأسطورة والغموض و السحر ونركز فقط على رعاة البقر كما كانوا في الفترة 1830-1880. بعض تلك المواقع تقول أن لم تمتلك مزرعة أو عملت كراع بقر فأنت لا تعرف شيئاً عن شعر رعاة البقر .تلك المواقع تتجاهل أمراً هاماً حول تأثير رعاة البقر على أميركا .أنها تتجاهل الأسطورة . الأسطورة ليست بالشيء السيء . تقنيا هي قصة أو حكاية تحاول تفسير كيف وصلت الأمور الى ما هي عليه الأن . وأعتقد أن أسطورة رعاة البقر كانت محاولة أخرى ، مثلها مثل الملك آرثر وكاميلوت وفرسان الطاولة المستديرة لتوضح لنا سبب وجود أولئك الذين كرسوا حياتهم من أجل مباديء كي يغدو عالمنا أفضل للجميع . لقد كان رعاة بقر القرن التاسع عشر بخيولهم الكبيرة و قبعاتهم البيض و هم يواجهون المصرفيين والسياسيين ولصوص الخيل وسائقي الماشية أسطورة نستفيد منها اليوم في حياتنا .

أخيرا شكسبير لم يعش في الدنمارك أو روما القديمة. ومع ذلك ، سعى من خلال الكتابة عنهما الى سبر معاني الحياة .أعتقد أن شعراء رعاة البقر ، سواء كانوا قدامى أم جدد ، مثل شكسبير وهيمينغواي وغيرهم كثيرًا ، يحاولون من خلال كلماتهم وذكائهم  و بصيرتهم أن يبرهنوا على أن للحياة معنى وفرحًا وأملًا ، فضلاً عن الألم والخوف و المعاناة . ليس مهما كيف نجد كل ذلك. المهم فعلا أننا نجده دوماً.

++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

@ قصيدة أو أغنية تروي حكاية قصيرة ، في العادة مجهولة المؤلف و تنتقل شفاها من جيل الى أخر .

@ قصة للدانماركي هانز كريستيان أندرسون حول إمبراطور لا يهمه سوى الملابس الجديدة .إستخدم يوما نساجين قالوا له بأنهم يستخدمون قماشًا ناعمًا لا يراه الذين يتقلدون مناصب غير مؤهلين لها أو إنهم أغبياء . أوهم النساجون الجميع أنهم يصنعون تلك الملابس و الجميع صدقوهم كي لا يكونوا "غير مناسبين للمناصب التي يتقلدونها أو أنهم أغبياء ". وأخيرًا جاء الموعد لتجربة الملابس الجديدة . ألبس النساجون الأمبراطور الملابس المزعومة و سار موكب الأمبراطور أمام رعاياه. و لم ينبس أحد ببنت شفة لأنهم خافوا أن يكونوا غير مناسبين للمناصب التي يتقلدونها أو أنهم أغبياء . الا أن طفلا صغيرا كان بين الحشد صاح " الأمبراطور لايلبس شيئا " و صاح معه الأخرون و تأكد للأمبراطور أنه فعلا لا يلبس شيئا الا إنه واصل مسيره .

*******************************

و لرعاة البقر أدبهم : قراءة في شعر رعاة البقر الأميركيين /2

هكذا يتخيل رود ميلر البدايات الأولى لشعر رعاة البقر :

"يحكى إنه في أرض تسمى تكساس ، قام جنود تسرحوا للتو من ’الحرب الأخيرة بين الولايات’ بجمع قطعان الماشية البرية وتوجهوا بها شمالاً لإطعام أمة جائعة. في كل مساء من رحلتهم ، ومع غروب الشمس يتجمع الرجال ليرددوا لبعضهم البعض أشعاراً ، مصحوبة بطقطقة الخشب المحترق وعواء القيوط ، ألفوها وهم على صهوات الجياد ، بقوافي تحاكي صوت الجلد المتهالك الذي يرتدونه و قعقة حوافر الخيول و الأبقار. ولأنهم كانوا لا يعرفون القراءة و الكتابة ، تناقلوا هذه الأشعار شفاها ، من الفم الى الأذن ، ومن الأذن الى الفم ، ومن الفم الى الأذن .ما تزال هذه الأشعار تلقى حيثما يلتقي رجل يرتدون القبعات ذات الحافة العريضة والأحذية العالية ."

يعتقد ديفيد ستانلي أن سهول الغرب الأميركي فرغت من سكانها بعيد الحرب الأهلية الأميركية بسبب الأمراض و الأعتداءات و التهجير القسري ز بدأ الرعاة و مربي الماشية بإستخدام تلك المناطق من أجل الماشية التي كانوا يجلبونها من تكساس و المكسيك و من ثم يتوجهون بها الى الشمال الغربي حيث محطات القطار ، و أحيانا الى المراعي الصيفية أو مخيمات الهنود الحمر. يضيف ستانلي " طوال الطريق كان رعاة البقر يرددون الأشعار و الأغاني  بعد أن يجروا عليها بعض التعديلات . تلك الأغاني و الأشعار كانت في الغالب أنجليزية أو أيرلندية  ممزوجة بأغاني الزنوج و الفاكيرو الأسبان" .

مما لا شك فيه أن الشعر كان له حضور واضح في معسكرات جمع الماشية و كذلك في المزارع التي عمل فيها رعاة البقر. كتب ويل جيمس يقول في  Cow Country  " في الأماسي كان البعض ينشد الأغاني القديمة ، بالأضافة الى إلقاء مجموعة من الأشعار التي تنظم أحيانا في تلك المعسكرات " . يضيف جيمس أن الشعر كان له الأهمية الثانية ، بعد الغناء ، في مثل هذه المناسبات . جاك ثورب وجون لوماكس ، و هما أول من جمع شعر رعاة البقر ، كانا يهتمان في المقام الأول بجمع الأغاني . يمكن القول ، بالطبع ، أن الكثير من الأغاني كانت تلقى كقصائد و الكثير من القصائد كانت تغنى .  يقول ديفيد ستانلي في كتاب Cowboy Poets and Cowboy Poetry   الذي حرره مع إلين كلارك " إن التفريق بين القصيدة والأغنية  لم يكن مهما لرعاة البقر " . و يشير ستانلي إلى نقطة مهمة أخرى مفادها أن رعاة البقر أحبوا كثيرا إلقاء القصائد في تجمعاتهم و منها قصائد معروفة من شكسبير و ستيفن فنسنت بينيت و روديارد كيبلينج وروبرت دبليو سيرفس  ". أن قراءة قصائد هؤلاء الشعراء بالأضافة الى شعراء أخرين ، من أمثالآدجار آلن بو ولينغفيلو وإيمرسون وبيرنز ، يفند الفكرة السائدة بأن رعاة البقر كانوا أميين . يضيف ستانلي أن "العديد من رعاة البقر في القرنين التاسع عشر والعشرين قد قرأوا كثيراً ، وأحياناً أكثر مما هومتوقع " ، وأن "شعر رعاة البقر كان في المقام الأول شعر أشخاص يعرفون القراءة والكتابة منذ أول قصيدة نشرت لهم في الصحف في سبعينيات القرن التاسع عشر. " لذا فأن شعر رعاة البقر ، على الرغم من أنه كان دائمًا  تقليدًا شفهيًا ، وولد في حقبة كان الناس يحبون حفظ الشعر و إلقاءه ، الا أنه كان دائمًا  تقليدًا أدبيًا مكتوبا ً أيضًا.ولولا جهود جاك ثورب وجون لوماكس لضاعت حتى القصائد القليلة الموجودة اليوم من شعر رعاة البقر من القرن التاسع عشر .

نشر ثورب ، في عام 1908 ، مجموعة قصائد في خمسين صفحة قال عنها أنها تضم "معظم الأغاني التي غناها رعاة البقر في ذلك الوقت  و جمعها من معسكراتهم في مختلف الولايات والأقاليم لكنه لم يعرف أسماء مؤلفيها ". نشر لوماكس كتابين مشابهين هما Cowboy Songs and Other Frontier Ballads  في عام 1910 و  and Cow Camp Songs of the Cattle Trail    في عام 1919. أمضى لوماكس وهومن مدينة تكساس و خريج هارفارد عدة أشهر على صهوة الحصان يجمع مواد كتبه. يسرد غاي لوغسدون، فيCowboy Poets and Cowboy Poetry    عددًا من الصحف التي نشرت في ثمانينيات القرن التاسع عشر مجموعة من قصائد رعاة البقر . وفقًا لوغسدون  أن كتاب Western  Travels and Other Rhymes  التي كتبه ليسيوس كوف و هو راعي بقر من تكساس نشر في دالاس عام 1886 هو أول كتاب معروف عن شعر رعاة البقر. ويضيف لوغسدون أن "أول مجموعة كبيرة من شعر رعاة البقر ،" هي تلك التي نشرها وليام لورانس لاري تشيتيندن في 1893 تحت عنوان Ranch Verses  . مازالت بعض قصائد تشيتيندن وبعض القصائد المأخوذة من مختارات ثورب و لوماكس ما زالت تلقى اليوم ، وكذلك عدد قليل من شعراء القرن التاسع عشر ، بما في ذلك دي جي أومالي D. J. O’Malley. لكن معظم شعر رعاة البقرالقديم الذي يلقى في تجمعات اليوم ، والذي نشرفي المختارات الشعرية التي صدرت حديثا هو من فترة متأخرة ، بعد فترة طويلة من العصر الذهبي لرعاة البقر .وعلى غير الشائع فقد كتبت أجمل تلك القصائد على يد رجال لا يربطهم الكثير بعالم رعاة البقر .

يعتبر النصف الاول من القرن العشرين "العصر الذهبي" أو "العصر الكلاسيكي" لشعر رعاة البقر عندما كان اشهر الشعراء مازالوا على قيد الحياة ، من أمثال برينينستول E. A. Brininstool الذي كتب الآلاف من قصائد رعاة البقر ، بعضها تم جمعها في كتاب Trail Dust of a Maverick الذي صدر عام 1914. ولد الشاعر في نيويورك عام 1870 ، وأمضى معظم حياته في لوس أنجلوس كصحفي وكاتب مستقل ومؤرخ للغرب الأميركي . أما أرثر تشابمان Arthur Chapman   فقد ولد في ولاية إلينوي في عام 1873 ، وعرف عن رعاة البقر الكثير و كتب عنهم الكثير خلال سنواته الطويلة في العمل كصحفي في دنفر. في قصيدته المعروفة " هناك حيث يبدأ الغرب"و هي قصيدة لم يكتبها تشابمان و هو على صهوة جواد:

هناك حيث تكون المصافحة أقوى قليلاً ،

هناك حيث تدوم الابتسامة أطول قليلا ،

             هناك هو المكان الذي يبدأ فيه الغرب

هناك حيث تكون الشمس أكثر إشراقا ،

هناك حيث تكون الثلوج التي تسقط أكثر بياضًا ،

هناك حيث تكون روابط الاٌسرة أكثر قوة  ،

          هناك هو المكان الذي يبدأ فيه الغرب.

هناك حيث السماء أكثر زرقة

هناك حيث الصداقه أكثر صدقا

               هناك هو المكان الذي يبدأ فيه الغرب

هناك حيث يهب نسيم أكثر عذوبة ،

هناك حيث ينطلق الضحك عند كل جدول ،

حيث يكون الحصاد أكثر من البذر ،

            هناك هو المكان الذي يبدأ فيه الغرب.

هناك حيث يتشكل العالم  ،

هناك حيث القلوب اليائسة و المتألمة أقل ،

         هناك هو المكان الذي يبدأ فيه الغرب

هناك حيث المزيد من الغناء والقليل من التنهدات ،

هناك حيث يكثر العطاء ويقل الشراء  ،

والرجل يكون الصداقات دون أي عناء 

هناك هو المكان الذي يبدأ فيه الغرب.

 ترعرع هنري هيربرت نيبز Henry Herbert Knibbs ، المولود في عام 1874 ، في أونتاريو. ومع ذلك ، فهو مؤلف العديد من قصائد رعاة البقر المعروفة ، بما في ذلك قصيدة "حيث تأتي الخيول  لتشرب":

في شمال اريزونا

هناك درب يمر

عبر ربوة ، مثل بحيرة خرافية

تنمو أشجار الصنوبر على حافاتها  ،

وعبر الدرب يمر نهر صغير 

غطته الأعشاب ،

سوى بقعة بدت كالزمرد

حيث تأتي الخيول لتشرب.

تجري عبر الربوة  ،

حيث تتطاير أعرافها  و تتراقص ذؤباتها  ،

خيول سود و سمراء وكستنائية و رقطاء  ،

جامحة  كما النسور ،عيونها تلمع .

من حوافرها تومض الفضة ،

خرز متقدة وسهام سريعة ،

عبر الأعشاب

لتعبر النهر الصغير  .

في الأسفل تتمايل و كأنها تتظاهر  ،

في اضطرابها المنظم ،

أنها توقفت لعقد أجتماع  ،

تستعد للأنطلاق

الى مقربة من غروب الشمس ،

عشرين ميلا عبر الحدود ؛

عندها يشم القائد و يشرب

و أقدامه الأمامية مزروعة في الحافة .

واحداً تلو الآخر يخفض رأسه  ،

و مهير يعض اخر  ،

ويبدأ اللعب

دوامة تسري في الجميع :

صهيل و صراخ و إندفاع ودوران ،

تتجمع في سحابة من الطين المتطاير

لا تتوقف

حتى تصل الى الأرض اليابسة .

حصاني يجري معها :

أطلقته معها للأبد .

ثمانية عشر عاما؛ العمل الشاق ، سجله ،

حصل على راحة قصيرة

وهو يستغلها في اللعب  ،

و التفاخر، ولسبب وجيه ؛

على الرغم من أنه أندفع قليلا إلى الأمام ،

الا أنه يستمتع بها مع الأفضل.

مرة ناديته  ، كدت أمسك به ،

عندما سمع صوت السلاسل

نظر لي معاتبا  ،

كما لو أنه يتخذ قرارا :

بدا و كأنه يقول "حسنا ، إذا كان يجب علي

لكنك تعرف أنني أعيش وحيدا ... "

لذلك ضحكت.

في دقيقة واحدة  أختفى .

بعض الناس لن يفهموا ذلك ، -

كتابة أسطر عن الخيول   ، -

فالحصان هو الحصان ،

لا شيء آخر ، معظم الناس يعتقدون ، -

لكن لمدة ثمانية عشر عاما ، كان شريكاً ،

حكيماً و مخلصاً ، صديقا

 يستحق الانتظار  ، سحراً ،

في الأسفل حيث تأتي الخيول لتشرب.

في نهاية المطاف انتقل نيبز إلى الغرب في عام 1910 ، عاش في ولاية كاليفورنيا ، وقضى وقتا طويلا في التجول للتعرف على حياة رعاة البقر. كتب كنيبز الكثير عن الغرب ، بما في ذلك الشعر ، وكان يتمتع باحترام وإعجاب الكثيرين في أوساط شعر رعاة البقر على الرغم من أنه لم يكن من رعاة البقر . توفي نيبز في عام 1945 ،.

روبرت في كار  Robert V. Carr هو شاعر من العصر الذهبي لشعر رعاة البقر، ولد في داكوتا الجنوبية في 1877 ، عاش لفترة مع سوإكس و هي قبيلة للهنود الحمر وعمل كمنقب للذهب و جندي و مراسل.

ولد بروس كيسكادون Bruce Kiskaddon  في عام 1878 في بنسلفانيا ، وانتقل إلى الغرب وبحلول عام 1898  بدأ العمل مع رعاة البقر . أشتغل مع عدد من المزارع في جميع أنحاء الجنوب الغربي ، ولبعض الوقت ، في أستراليا. كتب معظم شعره بعد أن انتقل كيسكادون إلى كاليفورنيا سعيا وراء الثروة في مجال السينما. الا أنه قضى معظم وقته في العمل في الفنادق وكتابة القصائد ، التي نشرت لسنوات  في Western Livestock Journal  . من قصائده المشهورة "عندما انتهوا من شحن الماشية في الخريف":

عندها تشاهد النجوم تتلألأ

هناك في السماء الزرقاء الناعمة

وأنت تشم الهواء المسائي البارد .

يمكنك سماع زحمة الليل

وذاكرتك تبدأ في الرجوع

إلى القرية الصغيرة حيث ذهبت إلى المدرسة.

بشوارعها الضيقة المكسوة بالحصى

والأولاد الذين اعتدت على اللقاء بهم ،

والساحة حيث كنت تلعب البيسبول.

أنت الآن بعيد و متوجه

إلى المزرعة راكبا العربة

لأنهم انتهوا من شحن الماشية في الخريف.

و يأتي بعد بروس كيسكادون في الشهرة تشارلز بادجر كلارك Charles Badger Clark ، الذي ولد في ولاية ايوا في عام 1883. انتقل عائلته إلى ولاية ساوث داكوتا و هو في عامه الأول وهناك عاش معظم حياته. عمل لفترة من لوقت في مزرعة في ولاية أريزونا في فترة أستجمامه من مرض السل ، لكنه لم يكن راعي بقر على الرغم من أنه أعجب بحياة رعاة البقر . كتب العديد من القصائد المعروفة عن رعاة البقر و حياتهم . عمل كلارك محاضرا وكثيرا ما ضمن الشعر في محاضراته و عروضه.

كارمن وليام "كيرلي" فليتشرCarmen William Curly Fletcher  ، مؤلف القصيدة المشهورة التي تحولت إلى أغنية "الحصان بلون الفراولة " ، ولد في سان فرانسيسكو في عام 1892. و هو راعي بقر أصيل ، من ذوي الخبرة في جميع وفي ساحات الروديو ، وعمل كذلك  عامل منجم وموسيقي.هذه بعض مقاطع "الحصان بلون الفراولة "

كنت أتجول بالمدينة أبدد الوقت

لا عمل لي و لا في الجيب نقود

ألتقيت شخصا قال لي " مظهرك يقول

أنك كنت متسابق روديو ؟ "

لم يخفق في ظنه . "و كنت متسابقا جيدا

هل قابلت خيلا صعبة الترويض ؟

قال أن لديه حصانا صعبة الترويض

وأطاحت بالعديد من الفرسان الجيدين.

قال أن حصانه لم يمتطيه أحد أبداً

و أن كل من حاول كان مصيره على الأرض ملقى 

تحمست و قلت له كم ستدفع

أن أمتطيت هذا الحصان في بضعة أيام.

قال "عشرة دولارات". قلت  "أنا من تبحث عنه

ما عاش حصان لا أستطيع ترويضه

و لن يفعل حصان ذلك

و الا كان مصيره الهلاك جوعا ".

قال " هات السرج. سأعطيك فرصة."

ركبنا عربة الى المزرعة

انتظرنا حتى الصباح ، و بعد الفطور مباشرة

خرجت لأرى ما إذا كان ذلك المتمرد يمكن أن يطيح بي .

هنالك في الحظيرة رأيته واقفا وحيدا

حصانا بلون الفراولة

له إذنان مدببان تلتقيان في حافاتهما

ورقم 44 كبير على وركه الايسر .

قام عمر باركر Omar Barker  بتأليف حوالي 1200 مقالة و 1500 قصة قصيرة و 2000 قصيدة. على الرغم من محدودية خبرته كراعي بقر الا أنه عمل كمدرس و أستاذ جامعة ثم كاتب متفرغ قال إنه "نشأ بين رعاة البقر في نيو مكسيكو" ، حيث ولد في عام 1894. لا تزال العديد من قصائده مشهورة بما في ذلك "غزل جاك بوتر" :

"أنا مجرد راعي بقر متواضع ،

            من فضلك يا أنسة كوردي ،

أنا أتقدم طالبا  قلبك ويدك ،

            و أنا أجثو على ركبتي ! "

بدا الأمر بسيطًا جدًا

            وهو يتدرب عليه في الطريق  ،

الا أنه عندما وصل إلى منزل كوردي ،

            ضاعت منه الكلمات

علينا أن نذكر أسمين ، على الرغم من أنهما ليسا رعاة بقر بالمعنى الحرفي للكلمة ، الا أنهما معروفان و هما  أ. ب. "بانجو" باترسونA.B.Banjo Paterson  وويل أوغلفيWill Ogilvie   وكتبوا قصائد مازالت متداولة حتى اليوم . كتب باترسون ، المولود في عام 1864 ، القصيدة المعروفة  "الرجل من النهر الثلجي" . عمل باترسون محاميا وصحفيا ومزارعا . أمضى أوجلفي ، وهو اسكتلندي ولد في عام 1869 ، عقدًا في أستراليا يروض  الخيول ومزارعا . من اشهر قصائده "حوافر الخيول" و "لؤلؤة الجميع" اللتين تقرأن في الكثير من التجمعات.

تنتهي فترة العصر الذهبي لشعر رعاة البقر مع بداية الحرب العالمية الثانية و بدات الموجة بالأنحسار ، و عمل رعاة البقر الذين كتبوا القصائد بشكل كبير في عزلة ، يدعي الكثير منهم أنهم لم يدركوا أبداً أن هناك آخرين يفعلون ما يفعلوه. كانت التجمعات قليلة و الكتب نادرة .

في عام 1985 تغير كل شيء. في ذلك العام نظم فريق من المهتمين بالأداب الشعبية بقيادة  هال كانون وجيم جريفث  اول ملتقى لشعر رعاة البقر في إلكو ، نيفادا. قام المهتمين بالأداب الشعبية في جميع أنحاء الغرب بزيارة مزارع الماشية وساحات الروديو و الحانات بحثا عن رعاة بقر كتبوا أو يحفظون أشعارا عن رعاة البقر و حياتهم . وجهت الدعوة لمجموعة مختارة لألقاء قصائدهم أو القصائد المشهورة للشعراء القدماء في الملتقى .

استحوذت الفكرة على أهتمام الكثيرين ، بضمنهم الكونجرس الذي سمى  الملتقى رسميا  ب "التجمع الوطني الشعري لرعاة البقر " . و كان الحدث دافعا لتنظيم ملتقيات مشابهة في العديد من المدن ، من بينشر كريك إلى بيجون فورج ، سانتا كلاريتا إلى سان أنجيلو ، ميدورا إلى موآب.

لكن  ما هو ، بالضبط ، شعر رعاة البقر؟

ربما يكون الجواب الأبسط هو أنه الشعر الذي ينبع من العالم اليومي لرعاة البقر . لكن هذه الإجابة مبسّطة جدًا.يعرف شعر رعاة البقر بأنه أحد الفنون الألقائية . على الرغم من أن الألقاء كان جزء مهما من تقاليد شعر رعاة البقر ، الا أن الكلمة المطبوعة طغت اليوم. أصبح لدينا اليوم أذاعات مخصصة لرعاة البقر مثل Clear Out West (C.O.W.) Radio و Red Steagall’s Cowboy Corner.بالأضافة الى مجموعة معتبرة من المجلات مثل American Cowboy, Western Horseman, Range  و مازال العديد من الشعراء يطبعون مجاميعهم الشعرية ، ناهيك عن عدد من المواقع على الأنترنت .

بالعودة إلى الشعر نفسه ، جميع شعر رعاة البقر تقريباً من الأيام الأولى والفترة الكلاسيكية كانوا يكتبون بالأنماط التقليدية من قافية ووزن ، و تسهيلا للحفظ و الغناء مال الشعر صوب القصيدة القصة (Ballad ) . من الشائع استخدام مقاطع من اربعة ابيات تقفى بشكل مختلف ، على سبيل المثال  a-b-c-b  ( هنا القافية بين البيت الثاني و الرابع ) أو a-a-b-b ( الاول مع الثاني و الثالث مع الرابع ) أو a-b-a-b ( الأول و الثالث و الثاني و الرابع ) .

من أشهر الشعراء في هذا المجال باكستر بلاك   Baxter Black وريد ستغول Red Steagall ودوريس ديلي  Doris Daley ووالاس مكري Wallace McRae وفرجينيا لاينيت  Virginia Bennett وبات ريتشارسون Pat Richardson وجويل نيلسون  Joel Nelson و  بوب شيلد Bob Schild، الذي كتب قصيدة عنوانها The Maverick Bull كانت الأبيات الأربعة في كل مقطع تتقفى مع بعضها البعض :

 سرعة الثور العجوز تحدت عمره .

 تعقبته بين الصخر و الدغيلة  .

ولكن عندما اعتقدت أني على وشك أصطياده ،

نهض و كر كرة  أخرى .

بينما يولي الكتاب المهرة اهتمامًا دقيقًا بالأوزان  ، فإن العديد من شعراء رعاة البقر - كثيرون جدًا – لا يعرفوا هذا البحر من ذاك لكنهم يستعملوها في قصائدهم ، مما يسبب الأرباك في بعض منها ، وقد يكون مرد ذلك على التأكيد على الكتابة للألقاء ، حيث ينسى المستمع تلك العيوب في القافية أو الوزن بسرعة ، الا أن الكلمة المطبوعة ستجبر الشاعر على الحرص مستقبلا على تجاوز هذه الثغرات .

سرعان ما يتعب أكثر الشعراء مغامرة وموهبة من قيود الشكل "التقليدي" ويجرون إلى المزيد من التعقيد. كان بادجر كلارك Badger Clark  من بين أفضل شعراء العصر الذهبي. تبتعد العديد من قصائده عن أسلوب القصيدة القصة لتكتب في تنويعات مختلفة من الوزن و القافية التي تتماشي مع التغييرات التي تطرأ في القصيدة على الأفكار و النغمة و المشهد و غيرها . كما في قصيدة  "Ridin":

البعض يحبون المدينة -

            العشب المخضب  بالنعومة والخضرة ،

مسارح و ياقات خانقة

            عربات تعمل بالديزل 

ولكن بالنسبة لي هو حصان و سرج

            كل يوم بدون تغيير ،

وشمس صحراء حارقة

            على مائة ميل من المدى.

ممتطيا الحصان فقط ، ممتطيا الحصان -

           الصحراء تتماوج في الشمس ،

الجبال الزرقاء على طول الأفق -

            أنا لا أحسد أحدا

                        عندما أمتطي حصاني

عندما تكون قدماي في الركبان

            وألكز حصاني في صدره

و حوافره تومض و تلمع

           وسط سحابة من الغبار الذهبي ،

و صياح  الماشية

            تحمله  الريح

أ توجد حياة أرقى من ممتطي حصان  ؟

           من الصعب العثورعلى ذلك .

ممتطيا الحصان فقط ، ممتطيا الحصان -

            أشق عنان الهواء  ،

أركب اعصاراً صغيراً ،

          أقطع التين الشوكي

                     و أنا أمتطي الحصان .

لا أحتاج إلى لوحات فنية

            عندما يكون الغروب في أفضل حالاته ،

يرسم المجد الخالد

            على الجبال في الغرب

ويبدو أجمل ما نغني  سخيفا

            عندما يبدأ الطائر الليلي نشيده

وتزدان الصحراء فضة

           تحت ضوء القمر .

ممتطيا الحصان فقط ، ممتطيا الحصان -

            من يحسده الملوك والقياصرة

عندما يغني القيوط أسفل الوادي

            للنجوم ،

           عندما يمتطي جواده ؟

عندما ينتهي دربي الترابي

            وأطوي قطعة اللحم الأخيرة

وتنتهي آخر الجولات الرائعة لجمع الماشية

            في مزرعة العالم

أنا لا أريد أي قيثارة او هالة حول رأسي ،

            بدلة أو غيرها من الملابس

دعوني احلق فوق الجبال المرصعة بالنجوم

على ظهر حصان مرقط ذو اجنحة !

من اروع قصائد رعاة البقر تلك التي كتبها  باك رامسي Buck Ramsey   المعنونة  Grass أو "And As I Rode Out on the Morning". تلك القصيدة الطويلة جداً  لا تعيد فقط سرد قصص رعاة البقر المألوفة بصوت وكثافة جديدتين ، الا انها تفعل ذلك بشكل جديد على شعر رعاة البقر ، هذا مقطع من جزء من القصيدة يسمى "النشيد"Anthem :

في الصباح كنت راكبا

بين صدوع هذا السهل الطويل ،

والجلد يئن وسط الصمت

و تسمعه بين وقع خطوات الحصان .

آلفت مبكرا وقع حوافرالحصان.

 استمعت كثيرا وسمعت النداء

الأرض ، و أمي ، ينادون ،

الا اني ما زلت أمتطي الحصان و انطلق حراً .

وعندما انطلق في الصباح ،

قبل الطائر ، قبل الفجر ،

كنت القصيدة ، كنت الأغنية.

قلبي سيهزم العالم

هؤلاء الفرسان ركبوا معي الآن ،

وكنا جيدين ، وكنا أحرارًا.

كثير من الشعراء الآخرين اليوم يتلاعبون بالبحور، وغالبا ما يستوردون أشكالا من خارج شعر رعاة البقر ويحاكونها أو يقلدونها في كتابة قصائدهم . بعضهم جرب limerick ( مقطع من خمسة ابيات فيه يتقفى البيت الأول و الثاني و الخامس و يتقفى الثالث مع الرابع ) و بعضهم جرب الراب و السوناتا و الهايكو و غيرها .

يبدو أن متابعي شعراء رعاة البقر وشعرهم  يميلون إلى قبول الأوزان التي لا تلتزم بالقواعد  (ربما لجهلهم بالتقطيع الشعري ) طالما أنهم يشعرون بالإيقاع ويسمعون القافية. أن القافية مسألة شائكة في دوائر شعر رعاة البقر.

يصر العديد من الكتاب على أن كل قافية يجب أن تكون قافية كاملة  ، بعدد متساو من الحروف الصامتة و الصائتة في المقطع النهائي لكلمات القفي. لا استثناءات في ذلك كما يقولون ، إن القافية غير الكاملة هي علامة على الكسل أو الكتابة المهملة . ناهيك عن حقيقة أنه من السهل إثبات أن أفضل شعراء العصر الكلاسيكي من شعر رعاة البقر استخدموا قافية غير كاملة بشكل فعال ، حتى في القصائد التي يقدسها هؤلاء المتشددون. هذا الحديث يقودنا الى الشعر الحر .

هناك جدل كبير حول شعر رعاة البقر الحر. عدد جيد من الناس لن يعترف حتى بوجود مثل هذا الشيء. هم يقولون ان الشعر الذي لا قافية فيه ليس شعرًا. بعض الملتقيات لا تسمح لشعراء الشعر الحر بألقاء قصائدهم .ومع ذلك ، يلعب الشعر الحر أدوارًا مهمة في شعر رعاة البقر اليوم ، شئنا أم أبينا . كان جون دوفليمير John Dofflemyer  صاحب مزرعة و شاعر و صحفي و ناشر و من المؤيدين الأوائل للشعر الحر. وحقق ريد شاتلوورث Red  Shuttleworth  نجاحا مبهراً و إشادة كبيرة ، كذلك فعل الكثير والهموا الكثير من شعراء رعاة البقر للحذو حذوهم .

يصف بول  زرزيسكي Paul Zarzyski  في مقالة له في كتاب Cowboy Poetry Matters  خجله عندما ألقى لأول مرة شعراً حراً في أحد ملتقيات إلكو : "فهمت آنذاك ، وما زلت أفهم ، كيف يهتم و يفخر مناصرو شعر رعاة البقر بالتقاليد ، اي بالوزن و القافية . ويروي أيضا كيف أن أحد هؤلاء قال له " لا توجد قافية ، أنه ليس شعرا . الا أنه يضيف أن قصائده قوبلت بترحيب كبير

تقودنا قصة زرزيسكي الى جانب آخر من شعر رعاة البقر يستحق الاهتمام و هو الموضوع. في كثير من الأحيان يدور الموضوع حول الخيول والماشية ، وركوب الخيل و غيرها من الاشياء المشابهة من مزارع و أكواخ و قصص عن الأغنام والرعاة و قصائد عن الايام الغابرة لحياة الغرب الاميركي. والمشاعر العميقة المتدفقة والمرتبطة بتلك الحياة . حياة رعاة البقرغنية بالإمكانيات ، وعندما  تستنزف بعض الموضوعات أحيانا ، فالفرص مواتية لخلق موضوعات جديدة .

لكن شعر رعاة البقر لا ينتهي بقصائد "رعاة البقر". هناك مقولة شهيرة تقول "أي قصيدة يحبها رعاة البقر هي قصيدة رعاة البقر." وهو ما يفسر شعبية القصائد والشعراء التي لا تلتزم بمعايير شعر رعاة البقر . وهو ما يعيدنا إلى زرزيسكي ، الذي كتب عن العنصرية والمحرقة. كتب والاس ماكراي قصائد عن البيئة وقطاع التعدين ، و كتب رود ماكوري  Rod McQueary عن الحرب ، و دي دبليو غروثه  DW Groethe عن العلاقات الروحية الرومانسية ، و بات ريتشاردسون  ، Pat Richardson حول البط ،و ريد شتلورث  Red Shuttleworth حول الأشباح الخارجة عن القانون . غالبًا ما يكون عالم غير رعاة البقر مثيرًا لاهتمامهم  مثل اهتمامهم بعالمهم  ، وهم يحبون القصائد حول تلك المواضيع .

قد يتعرض شعر رعاة البقر  في بعض الأحيان للتشويه و الرفض لأنه مجرد فن شعبي أو لأنه يستخدم العامية و لأنه يستخدم الوزن و القافية ، الا أنه يبقى شعراً يكتب و يقرأ و يلقى في العديد من الملتقيات .

وسوم: العدد 791