سورية بين طغيان نظام سادي وثورة شعب يتوق للحرية 4

الحلقة الرابعة

أحزاب تأتي في الدرجة الثانية من حيث التأثير في الساحة السياسية السورية

الحزب التعاوني الاشتراكي

قام هذا الحزب في دمشق سنة 1940م بزعامة (فيصل العسلي) وقد زاول الحزب نشاطه قبل أن تستقل سورية عن فرنسا، وقد أعلن عن تأسيسه بصورة رسمية سنة 1948م.

أطلق هذا الحزب شعار (التعاون) لأنه جعل التعاون أساساً لنهضة جديدة، وهو يؤمن بالاشتراكية المعتدلة التي أساسها تخفيف الفروق الطبقية وتقريب وجهات النظر بين الملاكين وأرباب العمل والأغنياء من جهة، وبين الفلاحين والعمال والفقراء من جهة ثانية، بما لا يتعارض مع الشريعة السمحاء والدين الإسلامي الحنيف. اعتمد الحزب في نشاطه على عنصر الشباب وانتشر بشكل مكثف في مدينة دمشق وضواحيها، وكان يقيم المهرجانات الدورية والمعسكرات التدريبية لشبابه في الزبداني وبلودان. وكانت للحزب صحيفتان تنطقان باسمه هما (بردى، والإنشاء).(1)

الحزب الوطني

بعد الاستقلال انقسمت الكتلة الوطنية إلى عدة اتجاهات بحسب طموحات قيادييها وتطلعاتهم، ظهر الحزب الوطني سنة 1947م، يدعمه الرئيس (شكري القوتلي). وأسندت رئاسة هذا الحزب إلى (سعد الله الجابري)، وبعد وفاته تسلم قيادة الحزب (نبيه العظمة)، وكان الاثنان من أركان (الكتلة الوطنية). اعتمد الحزب في سياسته الخارجية على أساس إقامة الصلات الودية مع الدول الأجنبية على مبدأ المساواة والمصالح المتقابلة. ونادى بالمحافظة على استقلال سورية مطلقاً، وسعى للذود عنها بجميع الوسائل الممكنة والمتاحة. ومن هنا كان الحزب الوطني يُنعت على أنه حزب يركز على الإقليمية السورية. وفي السياسة الداخلية نادى بشعار رعاية الدستور وتطبيق القوانين دون محاباة أو تمييز. أما من الناحية الاقتصادية فكان يدعو إلى ضرورة استثمار مرافق البلاد وزيادة إنتاجها، ولا يرى أي غضاضة في الاستفادة من رأس المال الأجنبي، والخبرة الأجنبية، على أن لا يكون ضمن شروط تمس المصلحة الوطنية أو يخل باستقلال البلاد. كانت للحزب الوطني صحيفتان تنطقان باسمه، الأولى تصدر في دمشق باسم (القبس) والثانية تصدر في حلب باسم (الشباب).(2)

حزب الشعب

كان معظم أعضاء حزب الشعب من مدينة حلب ومحافظتها.. لذلك قيل إن الحزب إقليمي وإقطاعي، بمعنى أنه تعبير عن مصالح إقليم حلب خاصة، وعن طبقة كبار الملاكين الزراعيين الذين ينتشرون في شمال سورية ووسطها، وكان الحزب ينزع إلى (الملكية) لذا نجد أن أكثر أعضائه كانوا يناصرون مشروع (الهلال الخصيب). وقد أعلن عن قيام هذا الحزب في شهر آب من عام 1948م.(3)

عمل الحزب على مقاومة تغلغل النفوذ الأجنبي في شتى أشكاله وصوره على أي جزء من أجزاء الوطن العربي.

وفي الميدان الدولي يرى الحزب أن تسير سياسة سورية الخارجية على أساس المصلحة المتقابلة بين الدول، وعدم تفضيل دولة على أخرى إلا بالقدر الذي تقتضيه المصلحة القومية.

وفي السياسة الداخلية يحث الحزب على تحقيق التوازن بين السلطات لتوحيد النظام الجمهوري والحكم الشعبي.

وفي السياسة الاجتماعية يرى الحزب العمل على رفع مستوى المواطن وتسهيل سبل العيش للمواطنين بمكافحة الغلاء وتوفير أسباب الكسب ويؤيد الحركة النقابية العالمية ويطالب بوضع تشريع لضمان حقوق الفلاح. وفي السياسة الثقافية يسعى الحزب إلى نشر التعليم وإشاعة فوائده في طبقات الأمة وفي اتخاذ الأسباب الموجبة للتهذيب القومي الصحيح وعلى الأخذ من التراث العربي والتوفيق بينه وبين الحاجة إلى التطور.

وفي السياسة الاقتصادية يعتبر الزراعة واسطة الرزق والمورد الرئيس للبلاد، لذلك فإن الحزب يعتمد في سياسته الاقتصادية في الناحية الزراعية على زيادة الإنتاج الزراعي بتحرير الفلاح وتشجيع العمل في الريف وترويج الملكية الصغيرة. كان للحزب خمس جرائد تنطق باسمه وتعبر عن آرائه وهي: (الشعب) وكانت تصدر بمدينة دمشق يومية سياسية، و(السوري الجديد) في حمص، و(الوعي القومي)، و(نداء البلاد) في اللاذقية، و(النداء) في حلب.

حركة القوميين العرب

تعتبر كتائب الفداء العربي التي أسست سنة 1949م في سورية بداية تأسيس (حركة القوميين العرب) في سورية شارك في تأسيسها (جهاد ضاحي وهاني الهندي) فكانت الكتائب في نظر رواد الحركة سلاحاً سياسياً مصمماً للضغط على الحكام العرب بالتهديد والإرهاب إذا اقتضى الأمر، من أجل التهيؤ لجولة أخرى تتم فيها تصفية إسرائيل.(4). وكان (جورج حبش ووديع حداد وهاني الهندي وأحمد الخطيب) المؤسسين الفعليين لهذه الحركة، التي انطلقت من الجامعة الأمريكية في بيروت. وكانت الحركة تستقطب طلاب الجامعة الذين يؤمنون بالقومية العربية بعد أن استطاعوا السيطرة على جمعية (العروة الوثقى) من خلال تسلمهم للجنة الإدارية فيها. ثم بدأوا يشكلون تنظيمات جديدة باسم (شباب الثأر) و(جماعة الثأر). ثم تطور الاسم فصار (الشباب القومي العربي). وقد انبثقت من (شباب الثأر) هيئة سميت (هيئة مقاومة الصلح مع إسرائيل) أصدرت سنة 1949-1950م نشرة هي الأولى للمقاومة الفلسطينية في لبنان تحت اسم (الثأر) وكانت تعارض شعارات حزب البعث العربي الاشتراكي (وحدة، حرية، اشتراكية)، وترفع شعار (وحدة، تحرير، ثأر).(5) وفي عام 1968م أصدرت الحركة منشور (الفجر الجديد) تعلن فيه اعتناقها للمذهب الماركسي الشيوعي.

حزب التحرير

حزب التحرير (الإسلامي) حزب سياسي، مبدؤه الإسلام، وغايته استئناف الحياة الإسلامية بإقامة (خلافة إسلامية) تنفذ نظم الإسلام وتحمل دعوته إلى العالم. وقد هيأ الحزب ثقافة حزبية ضمنها أحكاماً إسلامية في شؤون الحياة. والحزب يدعو إلى الإسلام قيادة فكرية تنبثق عنها الأنظمة التي تعالج مشاكل الإنسان جميعها سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية وغير ذلك.

وهو حزب سياسي يضم إلى عضويته النساء كما يضم الرجال، ويدعو جميع الناس إلى الإسلام ولتبني مفاهيمه ونظمه، وينظر إليهم مهما تعددت قومياتهم ومذاهبهم نظرة الإسلام.

ويعتمد الحزب على التفاعل مع الأمة للوصول إلى غايته، ويكافح الاستعمار بجميع أشكاله ومسمياته لتحقيق تحرير الأمة من قيادته الفكرية واجتثاث جذوره الثقافية والسياسية والعسكرية والاقتصادية وغيرها من تربة البلاد الإسلامية، وتغيير المفاهيم المغلوطة التي أشاعها الاستعمار من قصر الإسلام على العبادة والأخلاق. بدأ هذا الحزب نشاطه في سورية بصورة سرية في أوائل الخمسينيات، ومؤسس هذا الحزب هو الشيخ تقي الدين النبهاني.(6)

-المراجع-

1-الأحزاب السياسية في سورية_ دار الرواد_ ص)51-53(.

2-الأحزاب والجمعيات السياسية في القطر السوري _عبد الجبار حسن الجبوري _ ص)227(.

3-الأحزاب السياسية في سورية_ دار الرواد_ ص)191(.

4-الوطن العربي بعد الحرب العالمية الثانية_ د.إلياس فرح_ ص)83(.

5-موسوعة السياسة ط1_ بيروت_ المؤسسة العربية للدراسات والنشر 1981م_ عبد الوهاب الكيالي _ ص)231/2(.

6-الفكر الإسلامي المعاصر غازي توبة ص)294(.

وسوم: العدد 794