الشهرة : قَيدٌ للكبار ، ووسيلة متنوّعة المنافع ، للصِغار !

حُبّ الشهرة ، نزعة فطرية ، لدى البشر، عامّة ! والشهرةُ ، ذاتُها ، قد تكون قيداً ، لصاحبها، وقد تكون زينةً له ، أو رُخصة مُرور، يَعبُر بها، إلى أمور كثيرة ، لا تُحصّل، إلاّ بالشهرة !

وهي مرتبطة ، في أحيان كثيرة ، بسلوكٍ مذموم مدمّر، اسمه : الرياء !

ومظاهرهذه النزعة الفطرية ، في حياة البشر، كثيرة ، وقد وردت صوَر، عدّة ، لها ، حين تكون سلاحاً ، بيد صاحبها ، يستعمله ، في شتّى المواقف والحالات .. وحين تكون رياء ، ينافي الإخلاص ، في العمل الطيّب ، وهو الذي يثاب عليه المرء ، في الآخرة !

أنواع الشهرة : علمية ، أدبية ، اجتماعية ، سياسية ، دينية ، فنية ..!

قد تأتي الشهرة ، بطلب ، وبلا طلب : قد يكتسب المرء ، شهرة معيّنة ، في مجال ما ، فيُعرف ، لدى الناس، بهذا المجال ، فتكثر زيارته ، من قِبل الناس، أو الاتصال به ، لسؤاله، عمّا لديه ، من علم ، أو أدب .. أو لطلب شيء من ماله ، إذا اشتهر بالكرم ، والثراء !

وقد يزار، أويُتّصَل به ، للاستنجاد به ؛ إذا كان من أصحاب الشجاعة ، والحَميّة ، والنجدة !

 كما قد يزار، أو يُتّصل به ، للتوسط ، لديه ، ببعض الأمور، إذا حقّقت له الشهرة ، بعضَ الوجاهة ، والحظوة ، لدى الناس !

الرياء ، في القول ، أو العمل : وقد تتحوّل الشهرة ، إلى نوع من الرياء ، يمارسه المرء ، طلباً لمزيد من الشهرة ، أو محافظَة ، على الشهرة المكتسبة !

وهذه الأنواع ، من الشهرة المرتبطة بالرياء ، كثيرة ، جدّاً ، في حياة الناس ، في سائر الأزمنة والأمكنة ! وقد وردت أمثلة كثيرة ، لها ، في القرآن الكريم ، والسنّة النبويّة !

فقد عاب القرآن الكريم ، على الذين ينفقون أموالهم ، رئاء الناس !

وثبت ، في الحديث الصحيح ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:إنّ أوّل الناس ، يُقضى ، يوم القيامة ،عليه ، رجلٌ استشهد ، فأُتيَ به فعرَّفه ، نعَمَه ، فعرفها، قال : فما عملتَ فيها؟ قال: قاتلتُ فيك ، حتى استشهدت، قال كذبت، ولكنك قاتلت ؛ لأن يقال : هو جريء، فقد قيل، ثمّ أمر به ، فسُحبَ ، على وجهه ، حتّى ألقي في النار، ورجلٌ تعلَّم العلم ، وعلَّمه ، وقرأ القرآن ، فأتي به ، فعرَّفه نعمَه ، فعرفها، قال : فما عملت فيها؟ قال: تعلّمت العلم ، وعلّمته ، وقرأت فيك القرآن، قال : كذبت، ولكنك تعلّمت  ،ليقال :عالم ، وقرأت القرآن ، ليقال: هو قارئ، فقد قيل ، ثمّ أمر به ، فسُحبَ ،على وجهه ، حتّى ألقي في النار، ورجلٌ وسّع الله عليه، وأعطاه من أصناف المال ، فأتي به ، فعرّفه نعمه ، فعرفها، قال : فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل ، تحبّ أن ينفق فيها ، إلاّ أنفقت فيها لك، قال : كذبت، ولكنك فعلت ، ليقال : هو جواد، فقد قيل ، ثمّ أمر به ، فسُحبَ ، على وجهه ، ثمّ ألقي في النار ) رواه مسلم.

وسيلة الترخّص والاستسهال : وقد تكون الشهرة ، لدى بعض الناس ، وسيلة ، للترخّص والاستسهال ، في المجال الذي تحصّلت فيه الشهرة ؛ فيََغرف الشخصُ المشهور، كلاماً ، غير ذي قيمة ، وينشره ، بين الناس ، ثقة ، بأنّ الناس سيَقبلونه ، أو يُقبلون عليه ؛ لأنه صدر، عن شخص مشهور؛ سواء أكان عالماً ، في مجال ما ، أم أديباً ، أم فنّاناً ، أم نحوذلك ! وقد عُرف كثير، من هؤلاء المشاهير، في القديم والحديث !

 رخصة العبور، إلى مكاسب متنوّعة : وقد يوظّف صاحب الشهرة ، شهرته ، لتحصيل مكاسب متنوّعة ، مادّية ، أو معنوية !

ومن طرائف توظيف الشهرة ، أنّ أحد المرشّحين للانتخابات ، في بلد ما ، كَتبَ ، في بطاقة التعريف ، بنفسه ، والدعاية له ، أنه زوج فلانة ! وذلك ؛ لأن زوجته كانت معروفة ، لعدد كبير من الناس ، بينما كان هو نكرة ، لايعرفه أحد !  

القَيد لصاحب الشهرة : وقد تكون الشهرة ، قيداً ، لصاحبها ؛ فلا يقول كلاماً ، دون مستوى معيّن ، كيلا يَحطّ ، من قيمته ، أمام الناس ، الذين اعتادوا ، على أن يسمعوا منه ، أو أن يقرأوا ، له ، كلاماً في مستوى رفيع : في العلم ، أو الأدب ، أو غير ذلك !

وسوم: العدد 799