العبد الذي يحكم شعباً ، يَمسخه قطيعاً ، من العبيد !

من الشروط ، التي وضعها فقهاء المسلمين ، للحاكم المسلم ، أن يكون حرّاً ؛ لأن العبد ، لايملك أمر نفسه ، فكيف يتولّى حكم أمّة !؟

استبداد الحكّام ، عادة عريقة ، في حياة البشر، عامّة ، بسائرأجناسهم وأوطانهم ، منذ قيام المجتمعات الإنسانية ! فأكثر الحكّام ، كانوا ملوكاً ، وقد يمتدّ حكمهم ، إلى شعوب أخرى ، فيسمّوا أباطرة ، أو سلاطين ، أو نحو ذلك !

لكن الحكام ، عامّة ، كانوا أحراراً ، يحكمون الشعوب ، بإراداتهم ، هم ، لابإرادات غيرهم .. إلاّ في حالات قليلة ، نادرة ، أو شاذّة !

 والحكّام ، اليوم ، عرفوا شيئاً ، اسمه : الديموقراطية .. بعد أن قامت ثورات ، عدّة ، في أوروبّا ، ضدّ الاستبداد !

والديموقراطية : ليست صورة جديدة للحكم ، إنّما هي صورة يونانية قديمة، استدعاها الأوروبّيون ، من بطون كتب التاريخ ، ليستطيعوا ، عبرها ، تنظيم حياتهم : السياسية ، والاجتماعية ، وغيرها ! ثمّ نقلوها، إلى بلادنا : العربية والإسلامية .. أو استوردناها منهم ! لكنّ صورتها ، عند تطبيقها ، في بلادنا الإسلامية ، كانت مشوّهة ، أو كان تطبيقها مشوّهاً ، لأسباب كثيرة ، بعضها سياسي ، وبعضها تاريخي ، وبعضها يدخل في علم الاجتماع السياسي !

وتحوّلت الديموقراطية المشوّهة ، إلى حكم عسكري استبدادي ، عبر الانقلابات العسكرية ، التي قام بها بعض الضباط المغامرين ، المتشوّفين ، إلى السلطة والسيادة ، وذلك ، بمؤازرة القوى المستعمرة ، التي احتلّت بلادنا، وخرجت منها، بعد الحرب العالمية الثانية !

لكن القوى الاستعمارية ، فقدت ، في أكثر الدول ، سيطرتها ، على الدول ، التي كانت تحتلّها ؛ لتحلّ محلّها قوى جديدة ، ناهضة ، هي أمريكا : قائدة حلف الناتو، وروسيا ؟ قائدة حلف وارسو!

وكانت الحكومات العسكرية ، التي هيمنت ، على بلادنا ، محكومة ، لمَن ساعدها، على استلام السلطات ، في البلاد ، وهي القوى الدولية ، المتحكّمة ، بالقرار الدولي : أمريكا وروسيا !

وحين سقط حلف وارسو ، وتفكّكت دولُه ، انضمّ بعضها ، إلى الناتو، وعادت روسيا ، مجرّد دولة كبيرة ، قويّة !

وأهمّ مافي المسألة ، أنّ الدولة التي سيطرت ، على أكثر دولنا ، العربية والإسلامية ، وهي أمريكا ، عبر عملائها ، من الحكّام العسكر، الذين ساعدتهم ، في تولّي سلطات بلدانهم .. هي التي تتحكّم ، بقرارات هؤلاء الحكّام ، وتتحكّم ، عبرهم ، بقرارات دولهم وشعوبهم ! وهم خانعون ، مستسلمون لها ؛ لأنهم عبيد لها ، عبر الكراسي ، التي أجلستهم عليها ! فكلّ منهم ، عبد للكرسي ، وعبد ، بالتالي ، لمَن أجلسه عليه ! فسيادتهم مسلوبة ، وأموال بلادهم منهوبة , وشعوبهم خانعة مغلوبة ..!

فهل يُعدّ هؤلاء ، أحراراً : سياسة ، وفقهاً ، وعرفاً ، وقانوناً !؟

وسوم: العدد 800