مثل من مجاني الأدب...

رجل وقُبّرة

وهو مثل من يكون وابصةَ سمعٍ ينخدع لكل شيء

رجل صاد قبرة، فقالت له: ما تُريد أن تصنع بي؟

 قال: أذبحكِ وآكلكِ.

 قالت: والله إني لا أُسمن ولا أُغني من جوع. ولا أُشفي من قَرَمٍ. ولكني أُعلمك ثلاث خصال هي خير لك من أكلي. أما الواحدة فأُعلمك إيّاها وأنا على يدك. والثانية إذا صرت على الشجرة. والثالثة إذا صرت على الجبل.

 قال: نعم.

 فقالت وهي على يده: لا تأسفن على ما فاتك.

 فخَلّى عنها. فلما صارت على الشجرة قالت له:

-لا تُصدّق بما لا يكون.

فلما صارت على الجبل قالت:

-يا شَقيُّ لو ذبحتني لوجدت في حوصلتي دُرّةً وزنها عشرون مثقالاً.

قال: فعضّ على شفتيه وتلهف ثم قال: هاتي الثالثة.

قالت: قد نسيت الثنتين الأوليين فكيف أُعلمك الثالثة.

قال: وكيف ذلك. قالت: ألم أقل لك: لا تأسفن على ما فاتك، وقد تأسفت عليّ وأنا فُتُّكَ.

وقلت لك: لا تصدق بما لا يكون وقد صدّقت، فإنك لو جمعت عظامي ولحمي وريشي لم يبلغ عشرين مثقالاً فكيف يكون في حوصلتي دُرّة ووزنها كذلك!

مجاني الأدب في حدائق العرب

وسوم: العدد 804