ملاحم تحتاج إلى رجال

بات من المعلوم سياسيا و استراتيجيا بالضرورة أن هناك حرب تجهز للإنقضاض على تركيا بضوء أخضر أمريكي و بقيادة الحلف السعودي الإماراتي المصري للإجهاز على تركيا و أردوغان و تجربة العدالة و التنمية في تركيا .

و في وسط معمعة المعركة المشتعلة و طبول الحرب العالية فمن المتوقع أن يحاولوا كذلك انهاء ملف قطر سواء بالاجتياح أو تفجير الأوضاع داخليا - لا قدر الله ذلك - و خصوصا أن القوى الناعمة القطرية كانت القوى الضاربة في حملة انهاء بن سلمان سياسيا و حرقه دوليا .

و عليه وسط هذه المخاطر الجمة و التحديات التي تستهدف آخر معقلين داعمين لثورات الربيع العربي في المنطقة يفضل أولياء أمور ثورتنا البقاء في موقع الفرجة و في أحسن الأحوال ينضموا إلى قافلة المحللين للأوضاع كأن دورهم هو التحليل و ليس الفعل و التخطيط و بناء المواقف .

إن تركيا و قطر الآن يحتاجان لكل دعم ممكن في المعركة القادمة و هي معركتنا قبل أن تكون معركتهما ، فحتى بمنطق الأنانية و المصلحة الشخصية يجب على الجميع الاصطفاف معهما و الا ستنتهي حقبة ثورات الربيع العربي و ستدخل أمتنا في عشرية سوداء و فتن و محن لا تنتهي .

أعلم جيدا أن النصر قادم لا محالة بإذن الله ، و أنّ هناك جيل تبنيه المحنة و يقويه الألم و ترعاه عناية الخالق يستوي على سوقه الآن ، لكن هذا الجيل لن يأتي و نحن في موضع الفرجة بل في موقع العمل و البذل الا لو نحن اخترنا لأنفسنا أن نكون من الجيل الذي تجري عليه سنة الاستبدال من الذين أخلدوا إلى الأرض و اتبعوا أهوائهم .

هناك عمل كثير يجب أن يعمل ، و هناك مهام تحتاج إلى عزائم الرجال و اخلاص الصحابة و همم كالجبال و لا يزال في الوقت متسع و لا تزال المعركة قائمة لم تضع أوزارها بعد .

سنزاحم بإذن الله و توفيقه الصحابة على الحوض و نسابقهم إلى الجنة و سنعمل لنكون من الثلة الآخرة التي بشّر بها القرآن ( و قليل من الآخرين ) ، لن ننشغل بحياتنا و أموالنا و أولادنا عن أمتنا و ديننا و عزّتنا ، لن نرفع راية أنا و من بعدي الطوفان ، لا سنتصدى للطوفان و سنصنع السفينة و سنركب فيها و سنصل بأمتنا إلى بر السلامة .

قد لا يأتي النصر في جيلنا ، و لكني عاهدت الله ألا اسلّم الراية قدر استطاعتي و جهدي للجيل القادم الا و هي عالية ترفرف في كل مكان و كل حين ، راية الحق و الحرية و العدالة.

لم أكتب هذه الكلمات لتنال إعجاب البعض و تمضي كما يمضي غيرها ، و لكنها رسالة لأخوتي و أحبّتي و أمّتي نتعاهد فيها على نصرة أمتنا و ديننا ، دعونا نوحد الجهود و نرص الصفوف و نرسم الطريق و نشحذ الهمم و نصرخ في الغافلين و اليائسين و المحبطين و نقول لهم استيقظوا أفيقوا أنتم الأمل فلا تنكسروا و أنتم المستقبل فلا تنهزموا ، اللهم قد بلّغت اللهم فاشهد .

وسوم: العدد 808