تيوسّ المَعز: تتناطح ، على العلف , ورئاسة القطيع ! فعلامَ تتناطحُ تيوسُ البشَر؟

نُقل ، عن أحد الصالحين ، قوله : إن حبّ الرئاسة ، هو آخر مايَخرج ، من قلوب الصدّيقين !

وثمّة مصطلحات كثيرة ، تعبّر، عن منازل ، عدّة ، يتنافس عليها الكثير، من البشر، أو يطمحون إليها ، عدا الرئاسة .. منها : الزعامة .. الوجاهة .. السيادة ..!

ونبدأ بالحديث ، عن الرئاسة ، فنقول :

الناس درجات ، في طلب الرئاسة .. وهي متّصلة بالأهداف ؛ كلّ طالب رئاسة ، له هدف:

     بعضهم يطلب الرئاسة ، لمصلحة عامّة ، ضرورية ، وهامّة ، يرى ، من واجبه ، المحافظة عليها .. ويراها مهدورة ، لدى غيره ، أو، هي مهدّدة بالضياع ! فهو يصارع ، لأجل هذا ، ويَعدّ صراعه ، نوعاً من الجهاد ، في سبيل الله ؛ حرصاً ، على مصلحة الأمّة ! وأكثرهم يَزهد بالمنصب ، خوفاً ، من المسؤوليات ، المترتّبة عليه ، يوم القيامة ! وقد قال عمر: لو أنّ بغلة، زلقت على شاطئ دجلة ، لخشيت ، أن يحاسبني الله عليها ، لمَ لمْ أعبّد لها الطريق ؟ وعمرُ بن عبد العزيز، أعاد المنصب ، بعد توليته ، إلى الأمّة ، في المسجد ، فأصرّ الحاضرون ، على توليته الخلافة !  

فهذا نوع ، من نظر الصالحين ، إلى السلطة !

  وبعضهم يطلب الرئاسة ، لمصلحة : شخصية ، أو أسَرية ، أو حزبية ، أو قبَلية .. دون النظر، إلى المصلحة العامّة ، للناس !

فهذا نوع ، من صراع التيوس البشرية !

ونسمي هذا الصراع ، صراع تيوس بشرية ؛ لأنه ، لايبتعد ، كثيراً ، عن أهداف التيوس العادية؛ تيوس المَعز، إلاّ ، في كون التيس ، هنا ، يطلب : لنفسه ومؤيّديه ، أكثر من العلف ورئاسة القطيع ؛ فهو يريد تسلّطا ورفاهية ، دون النظر، إلى المصالح العامّة ، مصالح الأمّة !

أمّا المراتب المختلفة ، غير الرئاسة ، مثل : الزعامة ، والسيادة ، والوجاهة .. فليست مرتبطة، بالضرورة ، بالرئاسة ، وإن كانت الرئاسة ، تحقّق بعضها ، في كثير من الأحيان ! فقد يكون المرء زعيماً حقيقياً ، للناس ، يسمعون كلامه ، ويطيعونه .. دون أن يكون رئيساً ! وكثيراً مايخاف الرؤساء (الرسميون!) ، من هؤلاء الزعماء، الذين ينافسونهم، على سلطاتهم ، عند الناس، وينازعونهم ، على السمع والطاعة ، لدى  الجماهير !

أمّا الوجاهة ، فلا علاقة مباشرة ، لها ، بالرئاسة ! فقد يكون المرء وجيهاً ، في قومه ، بسبب: سموّ أخلاقه ، وكرمه ، وشجاعته ، وحكمته .. ونحو ذلك ! وقد تتحقّق ، للمرء ، الرئاسة ، مع الوجاهة ؛ فيحبّه الناس ، ويحترمونه ، لشخصه ، لا لمنصبه !

والسيادة تشبه الوجاهة ، كذلك ! فهي ، قد تكون بلا رئاسة ، وقد تكون مع الرئاسة ! فالناس يمنحون السيادة ، عليهم ، عادةً ، من يستحقّ السيادة ؛ للصفات المذكورة، آنفاً: كالجود ، والشجاعة ، والحكمة ، وسموّ الأخلاق.. ونحو ذلك !

وهذه المراتب ، كلّها ، لا تدخل ، في دائرة صراع التيوس البشرية ؛ لأن أصحابها ، لا يصارعون أحداً ،  للوصول إليها ، بل يمنحهم الناس ، إيّاها ؛ لِما يملكون ، من مؤهّلاتها !

ولا بدّ ، من التذكير، بأن أكثر التيوس البشرية ، إنّما يُغطّون مصالحهم الخاصّة ، بمصالح عامّة ، عند صراعهم ، على السلطة والزعامة ! وهم محقّون، في هذا؛ لأنهم ، لو كشفوا نيّاتهم، للعامّة ، لَما سار، في ركابهم أحد ، غير الوصوليين والنفعيين ، من أمثالهم !

وسوم: العدد 810