الثورةُ السورية و رمزيةُ التاريخ

و الثورةُ السورية تطوي سنتها الثامنة، في أطول حراك شعبيّ تشهده المنطقة في العصر الحديث، تذكِّرنا بما كان للدولة الأموية، التي مرّت عليها عشرُ سنوات من الحراك و الاضطراب، حتى آذنت شمسُها بالمغيب، لتشرق عقبها شمس الدولة العباسية، فهل يمكننا أن نشهد ذلك في سورية، لتكون سنة 2021 بداية الانتقال السياسيّ في سورية، عقب انتهاء الفترة الرئاسية الثالثة للرئيس الأسد، و لاسيّما أنّه قد أكّد لوسائل إعلامية عدة بقاءه في منصبه إلى حين انقضائها بشكل طبيعيّ.

و هو أمرٌ قد ألمحت إليه كثيرٌ من الأوراق التي تناولت سبل الحلّ في سورية، و تمسكت به المبادرة الروسية، فضلاً على الأممية، و حتى الأمريكية، حيث أشارت جميعها إلى انتهاء المرحلة الانتقالية في سورية تزامنًا مع انتهاء الفترة الرئاسية الثالثة في: 5/ 6/ 2021.

بعيدًا عن الخوض في هذه الرؤى المستقبلية للحل في سورية، يتوقف المراقبون عند أمرٍ آخر، ذلك هو الحديث عن توقيت مبتدأ الثورة السورية، أهو في: 15/ آذار/ 2011، حيث  تداولت وكالات الأنباء العالمية حينها، خبرَ خروج مظاهرة أمام وزارة الداخلية في العاصمة دمشق، في يوم الثلاثاء، مرددين هتافات تدعو إلى التغيير السياسي، وأظهرت صورًا نشرت على موقع يوتيوب مواطنين في سوق الحميدية في العاصمة، يرددون شعارات تدعو إلى الحرية.، حيث أفاد شاهد عيان بأن المتظاهرين خرجوا بعد صلاة الظهر من المسجد الأموي التاريخي وساروا إلى الشوارع الفرعية، وصولاً إلى مبنى وزارة الداخلية، في تظاهرة سلمية، مطالبين فيها بالاستجابة إلى مطالبهم، في الحرية، و العدالة، و الانتقال السياسي.

أم هو في يوم الجمعة: 18/ من الشهر نفسه، حينما خرجت مظاهرة  في درعا أطلق عليها " جمعة الكرامة "، للمطالبة بإطلاق سراح ثلة من الأطفال، كتبوا على حيطان مدرستهم في: 6 آذار 2011، عبارات تدعو إلى إسقاط النظام، تأثرًا بما شهدتها دول عربية أخرى، فيما بات يطلق عليه " الربيع العربي " المطالب بالتغيير السياسي في بلدان العالم العربي.

نقول: إنّه بعيدًا عن السجال الذي انشغل به السوريون حينًا من الزمن، حول نيل شرف مبتدأ الثورة في سورية؛ فإنّ الأمر قد حسمه القائمون على الحراك الثوري في منطقة حوران، و تحديدًا الثنائي: المحاميد ـ العودة ( في إشارة إلى خالد المحاميد، و صهره أحمد العودة )، أو إلى الثلاثي: المحاميد ـ العودة ـ الزعبي ( مضافًا إليهما بشار الزعبي )؛ و ذلك حينما قرّروا إنهاء الحراك الثوري في منطقة حوران، و تسليمها إلى الضامن الروسيّ، حسبما تمّ الترويج له حينها، و ذلك في الأسبوع الأول من شهر: 7/ 2018.

و بذلك يكون هؤلاء قد قضوا على أحلام الحوارنة في نيل شرف انطلاق الثورة في سورية، و أعادوا الأمور إلى نصابها، في إعطائه لأبناء دمشق، الذين شقوا هذا الطريق في تظاهرة يوم الثلاثاء: الخامس عشر من شهر آذار/ 2011، قبيل ثلاثة أيام من جمعة الكرامة في درعا. 

وسوم: العدد 816