متى نقول شكراً؟

قبل أسبوعٍ على وجه التحديد، زُرت أحد الأحبة في "وكره" كما يُحب أن يُسميه، فدارت بيننا الأحاديث، بين فسائل النخيل الباسقة، وشُجيرات التوت المُتدلية، وتغنج أغصان (البوبي) بحملها وتمايلاها..

إلى أن حطَّ بنا المقام نحوم "التكريم"، فسألته حينها: لماذا لا تُشعل فتيل الاحتفاء بأبناء أُسرتك وعشيرتك؛ فأنتم أهل الجدارة والمهارة بذلك؟

فتبسم ساعتها وقال: صدقت؛ ولكن الأغلب منا لم يحظى على الشهادات العليا!

فأجبته: وهل هذا مقام تُقاس به الأمم وإبداعها، فأدرت الكلام نحوه بالاسترسال، حول عمله كمُعلمٍ ومُربٍ.. بهل الإبداع الحقيقي له مربط فرسٍ بالشهادات العليا؛ ومن كرمك أنت يا غالي تلك السنة ساعة تفوق ثلاث تلاميذ من طلابك؟!

من هُنا يأتي التساؤل:

هل هناك رابطة بين الإبداع؛ والمستوى العلمي؟

وهل كل من يحمل الشهادة يحمل الكفاءة الوافية؛ والعكس أحق أن يُقال ويُقدم؟

هذا من جانبٍ، والجانب الآخر نُشاهد بين الآونة والأخرى ما أكثر من يصل (للعلالي)، ويتناسى التوالي..  وأقرب شيء على ذلك "الأب والأُم" في ظل العولمة، وتحصل أولادهم على أعلى الشهادات، لا يُحسنون القراءة والكتابة؛ لرعايتهم، وتحملهم مشاق عتبات الدنيا وتقلباتها.. في سبيل إيصال فلذات أكبادهم على ضفاف النجاة، وعدم رؤية النقيصة بأعينهم؛ فهل تم تكريم سخاء عطيتهم؟!

الجانب الثالث

ما أكثر من يعيش بيننا بتجاهل قدره وأفضليته، وما أن يموت تحركت الطواحين، وتعالت (المواعين)، حيال مدحه، وكيف نحكم وتحكمون؟!

الجانب الرابع

الكثير منا يرى بأم عينه من يُجهز مكان تجمع الناس طيلة العام، سواءً في الفرح أو الحزن بالمآتم أو غيرها.. دون كللٍ أو مللٍ، مُنذ الصباح الباكر إلى ساعات مُتأخرةٍ، وابتساماتٍ شاهرة، وأيادٍ مُعطرة، والنتيجة لا يُلتفت إليهم بأدنى تقديرٍ يُذكر، أو مرسولٍ يُصور!

نعم، فقد امتدحنا ولا نزال نصدح برواية الخبر بأن "خادم القوم سيدهم"!!

الجانب الخامس

هُنالك من يرتكز باللوم، ويُجاهر بالصوم، حيال كل أمرٍ يقوم به، وعلى حساب غيره، ومن جيب ضيره، حتى بات في البعض أن يُظهر نفسه على رُفاة (فواتح الموتى)..

كما أورده لنا تبر الأخبار: (من لم يحترم فاسه، كيف يحلق راسه)؟!

الجانب السادس

ما أكثر من يحتلب جهود غيره، حتى أضحت كل فكرة تظهر تُصبح كالمُسجاة على مغتسل الوهم القائل، واللسان المائل: "مطروحة هذه الفكرة من قبل"، وحاول مرة أُخرى؛ لتتأتى الأعوام، ويأخذها الأقوام!!

الجانب السابع

ثمة أعينٍ تُمارق في الليّن، وتُداهن بالبيّن، وتُجاري بالفيّن، وتدس (بالصيّن)، ناحية من يقف أمام مآربها بحديث حقٍ يُراد منه الباطل!

دامك تقول الزين لا تلتفت زين

مثل النحل والورد وهذا شعاره

ختاماً:

 

ــ أكرم دارك، وأحسن جوارك، فكم باسقةٍ تغنى بها الفلاح وأسقطها الجُنَّاح..

ــ الوقت مهزوم، والعمر مضموم، والعظم مزموم، وكما كبرنا صغرنا؛ فالبقاء للعافية، وحُسن الختام..

ــ لا يُفترس الذكاء بالادعاء، فكم صغيرٍ عبر، وكم كبيرٍ سخر، فالقوارب الحقة لا تُحركها كلمة الصواري..

ــ عشْ يومك، ولون همومك، فالسماء خُلقت بأيامٍ، وتشكلت بالغمام..

دام الـذي جــاري لا اتجيب طــاري

عتبي على اللي ينتشي بكل الغواري

واعـول عـويل اللـيل والتالي معلوم

وباقـي نهـارك ينعـرف في العواري

وسوم: العدد 817