صفحات مجهولة من تاريخ العلاقات السورية الأمريكية (الجيش السوري يطيح بالوحدة) 8

الحلقة الثامنة

أطاح الجيش السوري المتذمر من هيمنة المصريين على الإقليم الشمالي، وتصرفات الضباط المصريين تجاه ضباط وأفراد الجيش السوري الفوقية، بقيادة عبد الكريم النحلاوي في 28 أيلول عام 1961م بدولة الوحدة (الجمهورية العربية المتحدة) بدون إراقة نقطة دم واحدة. وأكد أحد أعضاء السفارة الأمريكية في بيروت وهو (المستر لودار)، لعضو القيادة القطرية لحزب البعث الأردني جمال الشاعر أن الولايات المتحدة ساهمت في انقلاب الانفصال لأن النظام المصري تجاوز حدوده، وأنها سترد له اعتباره بانقلاب مضاد يقوم به البعثيون، كما أكد ذلك أيضاً زعيم حزب (الوحدويون الاشتراكيون) جمال الأتاسي مؤكداً على علاقة الحوراني مع الولايات المتحدة لإسقاط الوحدة. أما النظام الذي ساد بعد سقوط الوحدة وهو نظام ناظم القدسي فقد اتسم بمعاداته للسياسة الأمريكية، لأن مصر كانت الكابح لموقف سورية بالنسبة لقضية فلسطين، وقضية تحويل نهر الأردن، لذلك عملت الولايات المتحدة وإسرائيل على إسقاط هذا الوضع في سورية، فكان عصيان جاسم علوان في حلب عام 1962م، إضافة لعلاقة النظام المصري به، فقد وزعت القنصلية الأمريكية في حلب صور الرئيس جمال عبد الناصر على المتظاهرين، وهذا ما حذا برئيس الحكومة خالد العظم إلى المطالبة بطرد القنصل الأمريكي، فرد السفير الأمريكي في دمشق، بأنه لو حدث هذا فإن الولايات المتحدة سترد بقوة، وما يؤكد على دور الولايات المتحدة لإسقاط الوضع القائم في سورية، الذي أعاد الحياة الديمقراطية إليها، إبان حكم ناظم القدسي، ما أكده أحد المسؤولين الأمريكيين لأحد أعضاء الوفد السوري والذي زار الولايات المتحدة عام 1962 بقوله: (إن الولايات المتحدة لا يمكن أن تؤيد أي نظام في العالم الثالث ما لم يكن فيه قائد الجيش ورئيس المخابرات على اتفاق تام مع الولايات المتحدة)، وكان تصريح رئيس الحكومة خالد العظم للسفير الأمريكي عقب تشكيل حكومته قد أثار الولايات المتحدة بشكل كبير، حيث قال: (إننا لا نخدعكم بالقول المستحب عندكم، فلا نعدكم بما يعدكم به غيرنا، فنحن لا نقبل الصلح مع إسرائيل، ولا تحويل نهر الأردن، ولا توطين اللاجئين الفلسطينيين، ولكننا لن نقوم بهجوم على إسرائيل)، وبسبب ذلك عملت الولايات المتحدة منذ سقوط الوحدة على الضغط على البنك الدولي للحيلولة دون إقراض سورية، التي تسلمت خزينة فارغة بعد سقوط الوحدة، إضافة لما صادره النظام المصري من أملاك السوريين واللبنانيين الذين كانت لهم مشاريع ومصانع ورأسمال في مصر، وبعضهم كان موجود فيها منذ عقود طويلة، ووضع مدير البنك الدولي شروطاً كثيرة تهدد استقلال سورية، مما أدى لرفض الحكومة هذه الشروط. وبعد حركة زياد الحريري وبعض الضباط البعثيين والناصريين في 8 آذار عام 1963م، تتالت على النظام الجديد – نظام أمين الحافظ- القروض والمعونات بمبالغ ضخمة بحيث بلغت 40 مليون دولار.

يتبع

وسوم: العدد 819