تقريض كتاب لغز الهدى والتيه.. سيرة بني اسرائيل في القرآن

أ. د. محسن عبد الحميد احمد

الأستاذ الدكتور محسن عبد الحميد هو أحد أساتذتي الذين نهلت من علمهم وخبرتهم وكتبهم منذ التسعينيات..

وبغض النظر عن الجانب السياسي والظروف التي مر بها بعد الاحتلال.. وكوني باحث اسلامي مستقل وغير منتمي لحزب ما.. لأن جهودي البحثية تركزت في المنهج التربوي الرباني والتنظيم المجتمعي وليس التنظيم السياسي واشكالاته المعروفة. ولقد قام بمراجعة بعض كتبي الإسلامية التي ألفتها سابقا..

فان الدكتور محسن تفضل مشكورا بالموافقة على كتابة مقدمة كريمة وتقريض لكتابي

(لغز الهدى والتيه.. سيرة بني اسرائيل في القران) الذي نشر العام الماضي بطبعة محدودة في بغداد.

وهي شهادة علمية أعتز بها من عالم متخصص قضى عمرا طويلا في مجال الفكر الاسلامي. وهو تقييم له دلالته لهذا الكتاب المهم والذي تناول قضية اساسية في تراث الأنبياء وهي التعريف ببني إسرائيل وقضية الافسادين كما جاء في القرآن واكدته الأبحاث التاريخية والآثارية..

فضلا عن تعريجه في التقريض أدناه وذكره وثنائه لبقية كتبي الإسلامية التي اطلع عليها سابقا..

ولعل ذلك التقييم لأستاذ كبير مشهود له بالعلمية والتخصص في الفكر الاسلامي وعلم التفسير في جامعة بغداد وهو أحد أعضاء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين..

سيدفعني لمزيد من البحوث في مجال علوم القرآن واثره التربوي والاخلاقي في نفوس المسلمين..

والى نشر الكتاب وبقية المجموعة التربوية والفكرية لمؤلفاتي الإسلامية على مستوى العالم العربي لاسيما كتابي لغز الهدى والرؤية الشاملة في طبعتها الجديدة باذن الله..

ومن الله العون والتوفيق

الكتاب

علاء الدين المدرس

############

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على امام المرسلين محمد وعلى اله وصحبه اجمعين.. أما بعد:

فان صاحب هذا الكتاب الذي بين يديك ليس كاتبا مبتدأً في الكتابة كي أقدمه الى القرّاء وأعرف به وبجهوده المتنوعة الرصينة الهادفة في العراق وغيره..

وإنما هو كاتب أثبت وجوده في جولات البحث والفكر والنظر واكتشاف الزوايا العلمية الدقيقة فيها، التي تفيد بلده وتوحد أبناءه, ليعيد أمته الى حياة الاعتزاز بدينها وتاريخها وتراثها المجيد. وذلك من خلال حرصه الدائم على أن يقدّم شيئا مثيرا في الجوانب التي حددها منذ البداية، بعقليته الهندسية المتمرسة، معتمدا على قراءاته المتنوعة في الدين والتاريخ والاحتكاك البصير بحركة العصر وصراعاته وثقافاته لاسيما ما يتصل بهجمة العولمة على البشرية. 

ومع كل ذلك فهو يحمل في كتاباته كلها هموم الاسلام والمسلمين بجد واخلاص.

فهو طورا يتكلم عن محاولة إعادة نسيج الوحدة بين أبناء أمته بتدوين الوثائق عن العلاقة الصميمية التي كانت تربط بين أهل بيت الرسول الأطهار وصحبه الأخيار رضي الله عنهم في كتابه (النسب والمصاهرة بين اهل البيت والصحابة)، تلك التي حاولت عقول الشرك وبقايا المجوس عبر التاريخ أن يفسدوها بالافتراءات ووضع الروايات الكاذبة، وهو بذلك أراد أن يعيد أبناء الشعب العراقي الى وحدته وتحديد جذور الانحراف الطائفي الذي شجعه المستعمرون السابقون ثم اللاحقون.

وفي دراساته القيمة في كتبه المتنوعة الأخرى أراد أن يذكّر أمته بهويتها وانتمائها الحضاري كي لا تلغى في أتون المعركة العولمية غير المتكافئة مع مراكز القوى العالمية. وفي هذا الاتجاه يرجع الى كتاب ربه فيتحدث عن إعجازه ومنطقه في بناء الحضارة والتقدم.

وأما عن محور التربية والاخلاق في الدين والسياسة فقد خصص له المدرس كتابا سماه (الرؤية الشاملة في التربية والاخلاق والسياسة) من أجل إعادة التكاملية التربوية في الحضارة الاسلامية، التي مزقتها الحضارة المادية في ميدان التربية والتعليم التي عممها المستشرق دوجلاس دنلوب, الخبير الإنكليزي في ظل الاحتلال الانكليزي لمصر في عهد حاكمها كريمر في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، ثم عمم المنهج التربوي المادي في العالم العربي كله.

وان كاتبنا من خلال جميع كتاباته يتبنى المنهج الوسطي المعتدل في الاستدلال والحكم، بعيدا عن الغلو والتطرف والانحراف. وهذا هو المنهج القرآني الثابت الذي حفظ وحدة الأمة الاسلامية في توجهها..

قال تعالى: وكذلك جعلناكم أمةً وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا [1].

وأما هذا الكتاب الذي بين أيدينا والموسوم بــــ (لغز الهدى والتيه.. سيرة بني اسرائيل في القرآن) فهو بحث ممتع جدير بالقراءة، لأن فيه تحقيقات متنوعة مسندة بالقرآن الكريم والتحقيقات التاريخية، أراد فيه الكاتب استخلاص الحقائق الثابتة عن بني إسرائيل، وتمييزها عن التراث الأسطوري الذي ورد عن أنبيائهم وتصويرهم بالسقوط والاكاذيب، التي نسجت حولهم من لدن كتّاب التوراة، الذي نسجوا فيه روايات كاذبة حول تنبؤاتهم. هذه الروايات التي سميت بالإسرائيليات التي أدخلها مسلمة اليهود في جوانب غير مدققة في التراث الاسلامي..

وقد أثبت الكتاب إن التاريخ الصحيح لبني إسرائيل لا يوجد إلا في القرآن الكريم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لأنه تنزيل من رب العالمين، ومن خلال فصول متلاحقة يربط بينها أسلوب شيق، وعمل علمي رصين.

والحق أن ما من كتاب صدر للأستاذ علاء الدين إلا وتجد فيه، معرفة جديدة محققة في قضية مهمة تهمّ العلماء والباحثين والمثقفين.

واني أرجوا الله تعالى أن يوفق الكاتب لمزيد من دراسات قيمة، خصبة، مفيدة، تصحح للناس ما دخل في تراثهم وثقافتهم من الانحرافات المشوّهة لأفكارهم  وقناعاتهم، وتضيف لبنات صلبة في بناء ثقافتنا الاسلامية والانسانية المعاصرة..

إنه تعالى سميع مجيب.

وسوم: العدد 827