حزن العرب والمسلمين لرحيل مرسي " انتخاب ثانٍ " له

clip_image002_9b64a.jpg

اجتاح العرب والمسلمين حزن عارم لرحيل الرئيس مرسي يوم الاثنين أثناء محاكمته بتهمة " التخابر " مع قطر ، وتدفق تيار الثناء عليه رئيسا وإنسانا وزعيما مصريا وعربيا وإسلاميا ما بدا  " انتخابا ثانيا " له .  وأعاد الإجماع في الحزن عليه إلى القلوب والعقول ذكريات الحزن على عبد الناصر عند رحيله في 28 سبتمبر 1970 . ويبقى لمرسي في كبر الحزن عليه ميزة واتساعه مزية أنه لم يتولَ الرئاسة إلا عاما واحدا حفل بالمنغصات والمضايقات والمعارضات من قوى العسكر والاتجاهات العلمانية في مصر تمهيدا لإقصائه من الرئاسة الذي تم فعلا في 3 يوليو 2013 بيد وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي الذي اختاره مرسي بنفسه لهذا المنصب السيادي ، فرد إليه الجميل غدرا وانقلابا  على شرعيته الانتخابية والدستورية . وتلا الإقصاء توجيه التهم إليه ، ومنها فراره من السجن ، و"التخابر" مع حماس وقطر ! وبهذا الانقلاب وئد في مصر انتخاب أول رئيس مدني استبشرت به الشعوب العربية والإسلامية بحسبانه درجة أولى نحو الارتقاء إلى نظم سياسية ديمقراطية قد تتسع مع الزمن لتسود العالم العربي والإسلامي . وتوقع كثيرون أن تعود مصر إلى مركز القيادة في العالم العربي والعالم الإسلامي الذي أخرجت منه بعد معاهدة سلامها مع إسرائيل ، ونجاح المخطط الأميركي الإسرائيلي في حبسها في دائرة همومها وقضاياها الداخلية كأن هذه الهموم والقضايا يمكن أن تنفصل وتنعزل عن دائرة الهموم العربية والإسلامية . وخسر توقع تلك الأكثرية المتفائلة حين دحره التآمر الأميركي والإسرائيلي والسعودي والإماراتي لإبقاء مصر في دائرة الانعزالية والهامشية ، فصنعوا الانقلاب على رئاسة مرسي ، وتلاه تصنيف القضاء المصري حركة الإخوان المسلمين في مصر حركة إرهابية  . وبدت إسرائيل والنظام السعودي والنظام الإماراتي في أعلى حالات الانتشاء والانتصار ،  واتسع الهجوم المنسق مصريا سعوديا وإماراتيا على الإخوان المسلمين ، ونسبت لهم كل صنوف العيوب في شيطنة باطلة مضللة تكشف في الحقيقة عظم أهميتهم عربيا وإسلاميا . والمكر السيء لا يحيق إلا بأهله ، وهو يبور ، وها هو رحيل مرسي المريب يجتاح العالم العربي والإسلامي ، بل العالم بموجات من الحزن العارم ، والاستنكار للظلم الذي أنزل به بانتزاع رئاسته منه ، ولظروف اعتقاله الفادحة السوء ، وإهماله  نفسا وعلاجا وغذاء ، وها هي الشهادات  تتدفق تيارا قويا بأنه كان إنسانا عظيما ، ورئيسا سرقت شرعيته بقوة الانقلاب ، وهذا الحزن العارم ، وهذه الشهادات الأمينة الصادقة إدانات للنظام الانقلابي ، ونقمة عليه ، وعلى من ناصروه في انقلابه ، وعلى ما جلبه لمصر من شقاء وتقزيم قامة وقيمة ، وما أبانه من فساد منظومة القضاء المصري الخاضعة خضوعا مطلقا لإرادة النظام  السياسي  وأهوائه ، وكان محتوما أن يظهر تصنيف نزاهة هذه المنظومة  دائما  في ذيل دول العالم . ولن تأتي أجواء الحزن العربي والإسلامي والعالمي لرحيل مرسي على نظام الانقلاب إلا بزخم من الكشف عن مفاسده ، وعسكريته القاتلة لطاقات مصر وقدراتها ، وأنها في زمنه صارت مبرمجة لكل ما فيه مصالح أميركا وأمن إسرائيل ، وديمومة حكم الأنظمة القبلية العربية في الخليج الوثيقة الالتصاق التبعي  بالمصالح الأميركية والأمن الإسرائيلي ، والتي ترى في كل توجه إسلامي حقيقي ، وعربي قومي خطرا مهددا لها . وكشف الحزن الواسع على مرسي ، والغضب الكبير لسوء معاملته أن العرب والمسلمين يشعرون شعبيا بأنهم أمة واحدة ، وأن الانقسامات والخلافات من صنع الأنظمة المستبدة التي ترعاها أميركا وإسرائيل ، وهو ما سيكون صدمة لإسرائيل  التي صارت تتحدث في جو تقارب بعض الأنظمة العربية معها عن زوال الشعور بالوحدة بين العرب . كبار الحوادث تكشف عن كبار الحقائق ، وهذا ما فعله رحيل مرسي المصري وطنية ، والمسلم عقيدة ، والعربي قومية ، والعبسي قبيلة ، وما فتئت توابع رحيله تتعاقب في قوة .

وسوم: العدد 829